الإستيطان في القدس

من دائرة المعارف الفلسطينية
نسخة ١٢:١٣، ٣ أكتوبر ٢٠١٨ للمستخدم Basheer (نقاش | مساهمات) (أنشأ الصفحة ب'القدس مدينة عربية اسلامية بنيت منذ قديم الزمن على بقعة جبلية تسمى جبال القدس، فهي ‏تقع على خ...')
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى: تصفح، ابحث

القدس مدينة عربية اسلامية بنيت منذ قديم الزمن على بقعة جبلية تسمى جبال القدس، فهي ‏تقع على خط طول35 ،وخط عرض 31، وترتفع نحو 750 متر عن سطح البحر الابيض المتوسط، ‏كما ترتفع بنحو 1150 متر عن سطح البحر الميت( المركز الجغرافي الفلسطيني، ص11).‏

فالقدس مدينة لها مكانتها الدينية عند المسلمين، فهي البوابة التي صعد منها نبينا المختار ‏الى السماء كما ورد بالقرآن الكريم قال تعالى:"سبحان الذي اسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام الى ‏المسجد الاقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا أنه هو السميع البصير" (سورة الاسراء، الآية رقم 1).‏

كما أن مدينة القدس شكلت ومازالت تشكل مركز الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ‏فبرغم أن الدراسات التاريخية والنصوص أثبتت أن اليهود عبروا الى فلسطين ولم يقيموا فيها الا ‏طارئين، إلا انهم يحاولون تثبيت حقهم في فلسطين باختلاق الذرائع، وبرغم أنها تعرضت لغزوات بما ‏يزيد عن 25 غزوة، إلا أن الغزاة ينتهون بانتهاء الغزوة، وتبق الأرض لملاكها الاصليين(حبيب، ص9).‏ عند الحديث عن مساحة مدينة القدس، فكانت داخل حدود البلدية بما يقدر ب (20,131 ‏دونم)، تشكل مساحة البلدة القديمة منها(868 دونم)، أما الباقي فهو خارج الأسوار ويقدر حوالي ‏‏(19,263 دونم)، ولكن بوجود الاحتلال الإسرائيلي على ارض فلسطين تغيرت جغرافية المدينة بعد ‏خوض حربين (1948م و1967م) وأصبحت القدس تقسم لنصفين( المركز الجغرافي الفلسطيني، ص13):‏ ‏-‏ القدس الشرقية: تبلغ نسبتها من مساحة المدينة حوالي 11,48%، وما يسمى بالمنطقة الحرام تعادل ‏‏4,39% التي احتلتها اسرائيل عام 1967م، كما وأصدر الكنيست قراراً بتوسيع القدس على حساب ‏الاراضي الفلسطينية، وذلك بهدف تهويدها(عودة، وموسى ،2002).‏ ‏-‏ ‏ القدس الغربية: احتلت اسرائيل الجزء الغربي بعد حرب عام 1948م، وسيطرت على ما يقارب ‏‏(16,261 دونم) أي ما يعادل 84,13% من مساحة مدينة القدس، وبدأت تُغير في شكل هذا الجزء ‏من حيث أعداد السكان والبناء والمعالم العمرانية العربية، واستبدالها ببناء حديث مثل حي المغاربة، ‏وزرعت أبنية حيوية مثل مبنى الكنيست، والبنك المركزي، ومتحف إسرائيل لتحول التركيز من القدس ‏الشرقية الى القدس الغربية ( المركز الجغرافي الفلسطيني، ص14).‏

أهداف استيطان القدس وتهويدها( أمنية ودينية وسياسية واقتصادية)‏

يمثل الدافع الأمني من أهم الاهداف التي قامت اسرائيل بمصادرة الاراضي الفلسطينية وبناء ‏المستوطنات عليها، فكانت هذه المستوطنات بمثابة نقطة ارتكاز أولى في الصراع الفلسطيني ‏الإسرائيلي، فتعتبر المستوطنات المقامة على الطرق الرئيسية الواصلة بين المدن الفلسطينية حواجز ‏لإذلال المواطنين الفلسطينيين، لاستخدامها نقاط مراقبة وانطلاق لحملات عسكرية تشنها لاجتياح ‏وقصف المدن الفلسطينية، كما شكلت أوكاراً للمخابرات الإسرائيلية لرصد تحركات المناضلين ‏الفلسطينيين ومتابعتهم.‏

تأتي أهمية مدينة القدس عند المسلمين أنها مسرى الرسول (صلعم) من المسجد الحرام الى ‏المسجد الاقصى، وأتى ذكرها بالقرآن الكريم، ولكن يدعي اليهود أن القرآن لم يذكر لفظ القدس إلا مرة ‏واحدة، بينما التوراة ذكرت لفظ القدس عشرات المرات، وعليه فإن أهمية القدس والخليل الروحية عند ‏اليهود هي أكثر بكثير من أهميتها عند المسلمين وفق إدعائهم، فكان تركيزهم على إنشاء الهيكل ‏الثالث اليهودي في القدس، وفي نفس موقع المسجد الأقصى المبارك(نجم،ص222)، وجعله المركز ‏الأول للعبادة عند يهود العالم الذين يدعون أن حقهم فيه هو حق تاريخي وأزلي، كما جاء في توراتهم ‏في العهد الذي قطعه الرب لإبراهيم وذريته كما جاء في النص: " في ذلك اليوم قطع الرب مع أبرام ‏ميثاقاً، قائلاً: لنسلِك أعطي هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات، القينيين ‏والفنزيين والقدمونيين والحيثيين والفرزيين والرفائيين والأموريين والكنعانيين والجرشاشيين واليبوسيين)( ‏التوراة، النصوص 18_21).‏ فهذا النص حقيقياً وواضح أي أن كل من ذكروا من الشعوب ومنهم الكنعانيون واليبوسيون ‏مؤسسي مدينة القدس، ومنهم الحوثيين سكان مدينة الخليل الاصليين، وذلك قبل الإستيطان اليهودي ‏فيهما بألفي عام، فبحكم قيمة القدس الدينية والوجدانية لدى العرب وموقعها الاستراتيجي الذي يفصل ‏شمال الضفة الغربية عن جنوبها، وقربها من التجمعات الإستيطانية المركزية في الاراضي المحتلة ‏عام 1948م، ضاعف الصهاينة جهدهم في عملية الإستيطان لتحويلها إلى كتلة استيطانية تتمدد في ‏كل الاتجاهات، كما ظهر المزج بين "المقدس" و"السياسي" و"دواعي الأمن" واضحاً جلياً فهنا تكمن أهم ‏مكونات الفكر الصهيوني تجاه القدس، كما وأنه يوجد إجماع عند كافة الأحزاب والكتل السياسية ‏الإسرائيلية على ضم القدس وتهويدها كاملة، بكافة الوسائل وفي طليعتها الإستيطان الهادف لخلق ‏وقائع جديدة، والغاء الطابع العربي والاسلامي للقدس. (أبو حسنة،،ص29)‏

يقول ثيودور هيرتزل:" إذا حصلنا يوماً على القدس، وكنت لا أزال حياً وقادراً على القيام بأي ‏شي، فسوف أزيل كل شي ليس مقدساً لدى اليهود فيها، وسوف أحرق الآثار التي مرت عليها قرون"، ‏أما بن غوريون فلخص الهدف بقوله:" لا معنى لإسرائيل بدون القدس، ولا معنى للقدس بدون الهيكل" ‏‏(الخطيب، ص75) ‏

إلى جانب دوافع سياسية وهي عدم قيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس المقسمة بفعل ‏المستوطنات، المتواصلة ذات الكثافة السكانية التي تسعى الحكومة الإسرائيلية لزيادتها باستمرار، ‏ليخدم هدفها السياسي الاستراتيجي، وهو قيام دولة اسرائيل الكبرى بعاصمتها القدس الموحدة، والابقاء ‏على الضفة الغربية مقسمة الى كنتونات يستحيل معها قيام دولة فلسطينية.‏

كما أن هناك دوافع اقتصادية تسعى إليها أيضاً، تتمثل بالمدخولات المالية للأماكن المقدسة ‏من السياحية، حيث أن القدس مهد الديانات الثلاثة وتعتبر مزار للحجيج من كل بقاع الأرض سواء ‏كانوا مسلمين أو مسيحين أو يهود. ‏

ظهور فكرة الإستيطان الصهيوني

الإستيطان الصهيوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة هو أحد الوسائل الرئيسية التي يتبعها ‏الكيان الصهيوني لتحقيق أهدافه، والهدف الأساسي هو ترسيخ أقدام إسرائيل في فلسطين، والتخلي ‏عنه يعتبر النهاية للكيان الصهيوني الذي يعتبر أرض فلسطين هي أرض إسرائيل التي رحل منها ‏اليهود وعليهم العودة لها لاستئناف تاريخهم، وذلك من خلال مفهوم الإستيطان التي تؤمن به الحركة ‏الصهيونية منذ أواسط القرن الثامن عشر، والذي تطور بعد الحرب العالمية الأولى، وظهر ذلك جلياً ‏بعد وعد بلفور في 2/11/1917م، والذي كان بالشكل التالي ( إن حكومة صاحب الجلالة تنظر ‏بعطف إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، وسوف تبذل جهودها لتسهيل الوصول الى هذا الهدف، ‏وقد أصبح واضحاً تماماً أن ذلك لن يؤثر على الحقوق المدنية والدينية لسكان فلسطين من غير ‏اليهود)، والذي كان يعتبر الاشارة الأولى للبدء بالعمل على قيام دولة لليهود في فلسطين.‏

‏ ‏ كما أن الإستيطان هو فكرة لها بعد توراتي ديني عند اليهود، ووظفت الفكرة سياسياً لاقامة ‏دولة لليهود، ويعتبر اقامة هذا المشروع على أساس إحلال شعب مكان شعب حسب المقولة" أرض بلا ‏شعب لشعب بلا أرض" وعمل جابوتنسكي على ترسيخ أفكار الإستيطان للأجيال اليهودية، وكانت ‏أفكاره "أن الصهيونية هي الإستيطان، وهي تحيا وتموت مع قضية القوة"، ومن ثم توارث هذه الأفكار ‏مناحيم بيجين واسحاق شامير وشارون ونقلوها للأجيال التي تلتهم، وأصبح الإستيطان يؤثر على ‏الفكر السياسي الصهيوني، ليمتد ليشمل كافة اشكال الخطاب السياسي والحزبي والأمني والإعلامي، ‏ويأتي في مقدمة برامج كافة الاحزاب الصهيونية.‏

توالت الحكومات الإسرائيلية اليمينية منها واليسارية التي عقدت الاتفاقات على مصادرة ‏الأراضي وبناء المستوطنات عليها بحجة مسألة أمنية للكيان الإسرائيلي، رغم أنها حظيت بالإدانات ‏الدولية دون أن تهتم إسرائيل لها، واستمرت بذلك رغم عملية السلام" أوسلو"، وتوقيع اتفاقيات للتسوية ‏السياسية ومنها خارطة الطريق(2003م)، التي لم تصمد في وجه التعنت الإسرائيلي والأعمال ‏العدوانية على الاراضي الفلسطينية كإنشاء الطرق الالتفافية وضم المستوطنات للكيان الإسرائيلي ‏لصالح نقل المهاجرين اليهود من دول العالم الى المناطق الفلسطينية في عملية إحلال تؤكد على ‏عملية التطهير العرقي الى جانب بناء جدار الفصل العنصري، فكانت اسرائيل دوماً تسعى لجعل ‏الإستيطان بعيدا عن طاولة المفاوضات أو ضمن نصوص المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي أبرمتها ‏مع بعض الدول في المنطقة كمصر والأردن.‏

شكل المستوطنون كتلة سكانية انتشرت بين التجمعات السكانية الفلسطينية، وأصبحت تتمركز ‏في مواقع استراتيجية فوق أكبر تجمعات مياة جوفية في الضفة الغربية وتستهلك هذه المياه على ‏حساب الفلسطينيين، كما أصبحت هذه البؤر الإستيطانية تتحول الى قلاع ومعسكرات مسلحة ونقاط ‏إرهاب واعتداء وهجوم على السكان الفلسطينيين، لتشكل تهديداً لأمن المواطنين الفلسطينيين ‏وممتلكاتهم.‏

بلغ عدد المستوطنيين ما يزيد عن أربعمائة ألف مستوطن موزعين على ما يقارب المائة ‏وسبعون مستوطنة، وهذه المستوطنات تتمركز في ثلاثة محاور رئيسية وهي المرتفعات الشرقية في ‏وادي الاردن، ومنطقة القدس، والمرتفعات الغربية بمحاذاة ما يسمى الخط الاخضر، الى جانب ‏مستوطنات قطاع غزة سابقاً. ‏

مراحل تطور الإستيطان الصهيوني في مدينة القدس

بدأ الإستيطان في مدينة القدس على يد (منتفيوري) الذي بنى حياً كاملاً في الجانب الغربي ‏من المدينة، وأطلق عليه (حي منتفيوري) وكان ذلك في بداية مرحلة الإنتداب البريطاني1917م، أي ‏أن المخطط الإستيطاني لتهويد القدس قد بدأ قبل قيام الدولة العبرية بربع قرن من الزمان، إن أول ‏مستوطنة اسرائيلية انشئت في منطقة القدس كانت عام 1924م وهي مستوطنة (كفار عفري) في قرية ‏بيت حنينا، ودمرها المتظاهرون الفلسطينيون ثلاثة مرات عام 1929م، 1936م، 1948م، وبلغت ‏نسبة عقاراتهم في البلدة القديمة في سنة 1948م، 4% فقط، والعرب يملكون الباقي، ونجحوا في ‏إطلاق اسم (الحي اليهودي) على هذه البقعة الإستيطانية، ورغم أن القدس وضواحيها إضافة لبيت ‏لحم وضعت تحت الادارة الدولية، وذلك حسب قرار الجمعية العمومية الصادر عن الامم المتحدة عام ‏‏1947م، قرار رقم 181، الا أن العصابات اليهودية لم تهتم بهذا القرار وقامت بطرد السكان العرب ‏من القدس الغربية أثناء حرب 1948م، ومارست عليهم كل أنواع الارهاب والعنف ومثال على ذلك ‏مجزرة دير ياسين 9/4/1948م. ‏ إن الإستيطان في فلسطين هو الوجه الحقيقي للحركة الصهيونية منذ نشوئها في القرن التاسع ‏عشر، فكافة المستوطنات المقامة على ارض فلسطين هي في حقيقتها مقامة على ارض فلسطينية ‏ملك لآبائنا وأجدادنا صادرتها الحركة الصهيونية قبل قيام ما يسمى بالدولة، ثم أكملت الحكومات ‏مخطط الإستيطان عبر سنوات احتلالها لفلسطين، فمنذ احتلال فلسطين عام ‏‎1948‎م، عمدت ‏الحكومات الإسرائيلية إلى تهجير الفلسطينيين من أراضيهم مستخدمة القوة، لذلك أعطيت ‏الصلاحيات لضباط الجيش لاستخدام أقصى القوة الممكنة من تحقيق الهدف (الجرباوي ،ص‎7‎‏) .‏ في أعقاب حرب 1967م كتب (رؤوفين إفينوعام): " شعرت بأن فصلاً جديداً من الكتاب ‏المقدس هو قيد الكتابة هناك، فصلاً عظيماً ورائعاً وخيالياً متل الفصول السابقة، القدس، أريحا، ‏الخليل، نابلس، أصبحت الارض الموعودة بأكملها بين أيدينا... شعور رائع بالمجد القديم يلده الذهاب ‏والاياب عبر البلاد، وتوسيع حدودها إلى أماكن كان يجب أن نكون قاطنين فيها منذ زمن بعيد، أرض ‏إسرائيل، أرض الأجداد، تكتسب أهميتها الحقيقية" ( افينوعام، بدون)‏

في هذه الفترة بدا واضحاً للحكومات الإسرائيلية أن تكرار تهجير الفلسطينيين لم يعد ممكناً ‏كما حدث عام ‏‎1948‎م، وذلك يعود لوعي الفلسطينيين وتمسكهم بأرضهم، كما أن الظروف ‏الموضوعية العالمية تختلف عن تلك التي وافقت الحرب عام ‏‎1948‎م، فالإعلام مثلاً له دورا كبيرا في ‏فضح السياسات الإستيطانية الإسرائيلية. إلا أن ذلك لم يمنعها من تهجير وطرد الفلسطينيين من ‏مناطق سكناهم، كما حدث لسكان القدس القاطنين في الإحياء المحيطة بالحرم القدسي الشريف، ثم ‏ليتم طردهم من هناك بالقوة (بابيه،ص‎10‎‏)، بدواعي الأمن كما يقول شارون:" يجب أن يكون أمن ‏‏(اسرائيل) هو العنصر الأساسي في الموقف الإسرائيلي حيال المناطق المحتلة، وأن أمن ( اسرائيل) ‏يفرض عدم التخلي عن الضفة الغربية، كما تتداخل عوامل الامن والاعتبارات التاريخية والتوراتية في ‏عمليات الإستيطان في القدس والخليل على سبيل المثال. (أبو حسنة ،ص20)‏

التغيرات الديمغرافية في القدس

إن لعملية السيطرة على مدينة القدس وعزلها عن محيطها الديموغرافي والجغرافي في الضفة ‏الغربية بعدين رئيسيين:‏ البعد الأول: يتعلق بعزل المدينة جغرافياً من خلال استكمال بناء الأحياء الإستيطانية على ابواب ‏ومداخل المدينة والتي كان آخرها حي جبل أبو غنيم لاغلاق جنوب المدينة وفصلها عن مدينة بيت ‏لحم، إضافة الى قرار مخطط البوابة الشرقية الذي يهدف الى إمكانية السيطرة على المدينة من الجهة ‏الشمالية الشرقية من خلال منع اي تواصل جغرافي بين الأحياء العربية خارج المدينة وداخلها، وتحد ‏من اي امتداد جغرافي لهذه الأحياء بالاضافة الى ان تنفيذ هذا المخطط يعتبر تمهيدا لايصال معاليه ‏ادوميم بمدينة القدس من خلال مخطط (‏E1‎‏).‏

والبعد الثاني: عزل المدينة عن محيطها العربي، فيتمثل في عزل المدينة ديموغرفياً من خلال قائمة ‏طويلة من الاجراءات ضد السكان التي بدأت من خلال سحب بطاقات الهوية من أبناء القدس ‏المقيمين في محيطها، ثم جاءت الخطوة التالية بمنع وصول سكان الضفة الغربية الى المدينة من ‏خلال تصاريح تصدرها السلطات الإسرائيلية لاسباب تتعلق بالدراسة والعمل او العلاج، وهي تصاريح ‏سارية المفعول لمدة أقصاها 3 أشهر(صحيفة هارتس 31/3/2005). ‏

كما أن الحكومة الإسرائيلية قررت بشهر يوليو 2004م، تطبيق قانون ( أملاك الغائبين ) ‏على الاملاك والاراضي في شرقي القدس والتي تعود لفلسطينيين يسكنون خارج حدود المدينة، والقرار ‏يسمح لحارس الاملاك مصادرة هذه الاراضي وبيعها لجهات يهودية، وبعد أن اثيرت ضجة وتدخل ‏الولايات المتحدة الأمريكية ومعارضة القرار، أصدر المستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية قراراً ‏يقضي بعدم استخدام قانون املاك الغائبين الفلسطينيين الا في حالات خاصة وبعد مصادقته، ورغم ‏ذلك قامت وزارة المالية بمصادرة اراضي فلسطينيين بجوار مستوطنة جيلو(صحيفة معريف 2/2/2005) ‏‏(صحيفة القدس 18/5/2005).‏ كل هذه الاجراءات والقرارات بالاضافة لاغلاق مكاتب منظمة التحرير في القدس عام ‏‏2001م، وقرار هدم 88 بيت في حي البستان في سلوان، ومزيد من الاجراءات منها إعداد خطة في ‏عام 2005م، لتنمية مدينة القدس الموحدة وتعزيز سيطرة اسرائيل عليها والبالغ قيمتها (280 مليون ‏شيكل) وهذا سيجعل مدينة القدس تجذب السياح والمستثمرين والسكان الجدد(صحيفة الايام ‏‏2/6/2005)، أيضاً كان لبناء جدار الفصل العنصري دوراً في تغيير جغرافية المدينة، وضم ‏مستوطنات يهودية وأراضي خالية بحيث سيتم عزل مساحة قدرها ( 234 كم مربع) داخل الجدار اي ‏ما مساحته 4.1% من مساحة الضفة الغربية، ويضم بالاضافة للقدس الشرقية ثلاثة تجمعات ‏استيطانية رئيسية تحتوي على 20 مستوطنة وهي(صحيفة هارتس 12/4/2005):‏

‏-‏ تجمع مستوطنات أدوميم ويضم ( 30.500 مستوطن) وتسيطر على مساحة قدرها (62 الف ‏دونم) .‏

‏-‏ تجمع مستوطنات كفار عتسيون ويضم ( 37.700 مستوطن) تسيطر على مساحة قدرها (71 ‏كم مربع).‏

‏-‏ تجمع مستوطنات جبعون ويضم (14.600 مستوطن) وتسيطر على مساحة وقدرها (31 كم ‏مربع).‏

وبذلك اخرج نحو (100 الف) فلسطيني خارج حدود المدينة وحرمانهم من حق الاقامة فيها، الى ‏جانب عزل باقي الفلسطينيين اللذين يعيشون داخل المدينة عن محيطهم الفلسطيني، ومنع وصول ‏اي فلسطيني من الضفة الغربية او قطاع غزة الى القدس.‏

الخطر الديموغرافي للاستيطان الإسرائيلي حيث أنه حدث اختراق وخلخلة بنسبة ‏الاعداد السكانية العربية في مدينة القدس:‏ ‏-‏ في نهاية عهد الانتداب بلغ عدد سكان مدينة القدس نحو (146,5 ألفاً)، منهم ( 65 ألف) عربي، ‏و(99,5 الف) يهودي.‏ ‏-‏ ‏ عام 1922م، بلغ نحو 40,7% من المهاجرين اليهود استوطنوا في مدينة القدس، أي كان عدد ‏سكان مدينة القدس في عام 1922م نحو 62 ألف نسمة، منهم 28 ألفاً من العرب و 34 ألفاً من ‏اليهود.‏ ‏-‏ عام 1930م بلغ نحو 30,1% من المهاجرين استوطن في مدينة القدس، أي كان عدد سكان مدينة ‏القدس في عام 1930م نحو 90 ألف نسمة، منهم 39 ألفاً من العرب و 51 ألفاً من اليهود.‏ ‏-‏ بلغ عدد سكان مدينة القدس في عام 1944م نحو 157 ألف نسمة، منهم 60 ألفاً من العرب و 97 ‏ألفاً من اليهود. حسب الاحصاءات البريطانية.‏ ‏-‏ بلغ عدد سكان مدينة القدس القديمة في عام 1947م نحو 36 ألف نسمة، منهم 33,6 ألفاً من العرب ‏و 2400 من اليهود. (رشاد، ع65)‏ ‏-‏ بعد ضم القسم العربي من القدس الجديدة 39 ألف نسمة، منهم 30 ألفاً من العرب، و 9آلاف من ‏اليهود، أما القسم اليهودي 89,5 ألف نسمة، منهم 1500 من العرب، و88ألف من اليهود (العارف، ‏ص430).‏ ‏-‏ وزير الحرب الإسرائيلي موشيه دايان أمر بهدم حي المغاربة وجزء من حارة الشرف وحارة السريان، ‏ورحل ما يقارب من 1000 عربي لكشف حائط المبكى، وعمل ساحة أمامه، وبناء حي يهودي مكان ‏الحي العربي واسكان نحو 600 اسرة يهودية فيه.‏ ‏-‏ أما في عام 1968م تمت اعادة بناء الحي اليهودي ليستوعب 270 اسرة يهودية ليصبح اليهود ‏يملكون 84% من عقارات القدس القديمة.‏ ‏-‏ استمر التوسع بالمستوطنات تحت شعار " تسمين القدس" حسب إحصائيات صحيفة "يوروشلايم ‏الإسرائيلية" بلغ عدد سكان القدس في تشرين الأول عام 1990م (493 ألفاً) منهم 71,7% منهم يهود ‏‏(مقالة بصحيفة يوروشلايم نشرت ترجمتها في الدستور الاردنية، 22/10/1990م) ، وحسب وكالة رويتر فأنه ‏حتى بعد عام 1967 وحتى عام 1989م بلغ عدد المستوطنن في القدس (290 ألف) مستوطن ‏‏(صحيفة البعث الدمشقية، 3/10/1990م)‏

‏-‏ أما صحيفة القدس المقدسية في عددها الصادر في 12/7/1990م، أشارت الى أن القدس الشرقية ‏تضم (210 ألف) نسمة منهم (120 الف) يهودي من مجموع (500 ألف) نسمة هم سكان القدس.‏ ‏-‏ أشارت احدى الدراسات الى انه ما بين عام 1967م وعام 1993م، على الاقل هناك خمسون الف ‏فلسطيني هاجروا أو هجروا من القدس، حيث صنف هؤلاء المهجرين على النحو التالي: (16917) ‏هاجروا خارج الوطن، (12080) أجبرتهم الاوضاع الصعبة والعراقيل التي فرضت من قبل اسرائيل، ‏على البحث عن أماكن للعيش خارج حدود بلدية القدس، (12500) يعيشون في منطقة شمال القدس، ‏وهي منطقة اعتبرت خارج حدود بلدية القدس، و(7630) شخص كانوا خارج القدس إبان حرب ‏‏1967م، ولم تعترف اسرائيل بحقهم في العيش فيها.(دائرة شؤون القدس،ص54)‏ ‏-‏ وحسب مركز الدراسات العربية في القدس، كان عدد المستوطنين في الأراضي الفلسطينية المحتلة عند ‏توقيع اتفاق "أوسلو" (105 آلاف) مستوطن، وفي 2013م، بلغوا نحو (600 ألف) مستوطن. كما بلغ ‏عدد المستوطنين في القدس الشرقية المحتلة في العام نفسه أكثر من (200 ألف)، وهو عدد يقترب ‏من عدد المقدسيين الذي يبلغ (280 ألفاً). وتفيد البيانات نفسها بشأن نسب النمو الطبيعي ‏للمستوطنين في الضفة الغربية، أن هذه النسب أعلى بثلاث مرات من نسبة اليهود في الدولة العبرية، ‏وأكثر من نسبة الزيادة في صفوف الفلسطينيين في الضفة الغربية، حيث وصلت نسبة النمو في ‏صفوفهم إلى 5.8% عام 2012، في حين تبلغ نسبة النمو الطبيعي في إسرائيل 1.8%، وفي ‏صفوف الفلسطينيين 2.9%، أي ضعف نسبة النمو في صفوف الفلسطينيين، ما يؤشر إلى حجم ‏الاستهداف الذي تتعرض له أراضي الضفة الغربية والقدس الشرقية.( عدوان، 2015)‏