«أريحا»: الفرق بين المراجعتين

من دائرة المعارف الفلسطينية
اذهب إلى: تصفح، ابحث
سطر ٣٧: سطر ٣٧:
  
 
‏نستطيع القول أن للبيئة اثرا عظيما في الاعمار البشري من حيث التربة والمناخ ‏وفئات السكان أو من حيث التوزيع والتملك ، فالمناخ ‏القاسي في الصيف اوجد نموذجا ‏بشريا متميزا (الريحاويين) ، والدفء في فصل الشتاء ووفرة الماء أوجد اندفاعا من ‏قبل البشر علي ‏المنطقة ، واما الانخفاض عن مستوي سطح البحر فقد أوجد خزانا من ‏المياه في الجبال الغربية ، بجانب التأكيد على أقدمية المدينة ‏واحتوائها على أكثر من ‏‏22 طبقة تاريخية.
 
‏نستطيع القول أن للبيئة اثرا عظيما في الاعمار البشري من حيث التربة والمناخ ‏وفئات السكان أو من حيث التوزيع والتملك ، فالمناخ ‏القاسي في الصيف اوجد نموذجا ‏بشريا متميزا (الريحاويين) ، والدفء في فصل الشتاء ووفرة الماء أوجد اندفاعا من ‏قبل البشر علي ‏المنطقة ، واما الانخفاض عن مستوي سطح البحر فقد أوجد خزانا من ‏المياه في الجبال الغربية ، بجانب التأكيد على أقدمية المدينة ‏واحتوائها على أكثر من ‏‏22 طبقة تاريخية.
 +
==تاريخ المدينة==
 +
إن مدينة أريحا هي أقدم مدن العالم علي الاطلاق كما بينها علم الاثار حتي اليوم، وهي اقدم ‏من مدينة دمشق بخمسة الاف سنة، وقد ‏كانت مأهولة بالسكان قبل أيام أبي  الانبياء ابراهيم ‏الخليل بحوالي ستة الاف سنة ، وقد ثبت بأدلة تاريخية وأثرية إن تدجين الحيوانات ‏ومعرفة ‏الفلاحة والزراعة نشأت في هذه البقعة بالذات وفيها ظهرت أول حكومة منظمة بقيادتها ‏وبضرائبها وبأعمالها الجماعية كبناء ‏السور حولها والبرج ليتولى فيه الحراس مراقبة تحركات ‏الاعداء.
 +
 +
‏أيضا نستطيع القول ان تاريخ أريحا القديمة يبدأ من تل السلطان فهو واحد من أكثر العيون ‏غزارة والتي هي أساس الاستيطان ‏البشري في الموقع ، حيث اظهرت الحفريات الاثرية ‏وجود12 طبقة وسباق حضاري في الموقع ، وكانت الحضارة النطوفية مرحلة ‏العصر الحجري ‏الوسيط والتي اعتمد فيها السكان علي جمع الحبوب البشرية وصيد الحيوانات وسكان هذه ‏المرحلة هم اول من سكن ‏اريحا او تل السلطان ‏ ، يرجع تاريخ المدينة الي العصر الحجري ، ‏أي الي قبل سبعة ألاف عام على مر العصور القديمة ، هذا ‏وكانت عبادة القمر منتشرة هناك ‏واتخذها الهكسوس قاعدة لهم ‏ ، هذا وقد دلت الحفريات الاثرية أن المدينة القديمة سكنت علي ‏اربع ‏فترات متتالية في عصر ما قبل العصر الفخاري او النيوليثي الاول في اريحا 6800ق.م، ‏والعصر ما قبل العصر الفخاري الثاني ‏حوالي 5500ق.م والعصر الينوليثي المتأخر في اريحا ‏ما بين 5000-2000ق.م.‏‎ ‎
 +
 +
‏وجود عوامل الحياة في المدينة بما فيها الزراعة وحرف وضعت الانسان البدائي على اول ‏طريق التمدن ، والذي ادي بدوره الي ‏زيادة عدد السكان في القرية الزراعية وتحويلها الي ‏ورشى عمل في مختلف مجالات الحياة فولدت حرف كثيرة اصبحت مصدر ‏رزق لكثير من ‏الحرفيين كصناعة المناجل والقطن والخشب وبذلك تكون اريحا القرية وضعت حجر الاساس ‏لبنية المدينة القديمة بكل ‏ما تعنيه من معني.
 +
 +
‏أما البيوت والمساكن فقد كانت دائرية الشكل تميل الي الداخل كلما ارتفعت ، مبنية من اللبن ‏، وربما كانت قبابا كالتي ما تزال نراها ‏في ارياف سورية.
 +
 +
‏بدأت عمليات الاستيطان اليهودي في المدينة اوائل القرن الثالث حيث غزا العبرانيون ‏فلسطين بعد خروجهم من تلال مؤاب وأقاموا ‏في مخيم ابل ومن هناك نزحوا الي فلسطين بقيادة ‏يوشع بن نون ‏،  وكانت اريحا من المدن الفلسطينية التي سقطت بأيديهم كما تقول ‏الرواية ‏التوراتية ‏‎ ‎
 +
‏أريحا التي أقامها هيردودس خُربت واعاد الرومان بناءها حيث هي اليوم علي نهر الكلت وفي ‏عهد قسطنطين الكبير انتشرت ‏المسيحية فيها فكانت أريحا مركزا للأسقفية ، وفي عهد البيزنطيين ‏نمت وتقدمت وبني فيها يوستنيا كنيسة ضخمة تحمل اسم السيدة ‏مريم وديرا كبيرا ‏‎ ‎ ‏ومع مجيء الاسلام في القرن السابع تطورت الزراعة المروية، مما اكسب اريحا اسم مدينة ‏النخيل وذلك في الفترة التي شُيد فيها ‏قصر هشام والذي يعتبر من اهم الاثار التي خلفها الامويون ‏في كافة ارجاء فلسطين ، وكانت اريحا في صدر الاسلام أهم مدينة في ‏غور الاردن حيث ‏أُحيطت بمزارع النخيل والموز وقصب السكر والريحان والحنة والبلسم وسكنها قوم من قيس ‏وجماعة من قريش ‏ووصفها ياقوت الحموي فقال( انها ذان نخل وموز وسكر كثير له فضل علي ‏سائر سكر الغور وهي مدينة الجبارين ، وفي اعقاب ‏الفتح الاسلامي اصبحت أريحا جزءا من ‏جند فلسطين والذي كان يضم الرملة والقدس وعسقلان وغزة وأرسوف وقيسارية وأريحا ‏وعمان ‏ويافا وبيت جبرين ، وفي أيام يزيد الاموي جُعلت أريحا من جند قنسرين في القرن العاشر قسمت ‏الشام الي ست كور او ‏اجناد وكانت اريحا تابعة لجند فلسطين ‏ ‏.‏
 +
‏ولما اغار الصليبيون علي فلسطين قُضي علي التقسيم الادارى المذكور جند فلسطين ، وكنت ‏اريحا تابعة لبطريركية القدس وكان ‏الرهبان يفلحون ارضها ، مما جعل ارنولد الصليب ان ‏يدفعها مهرا لابنة أخيه (ايما) من يوستاى حتى تُصبح خاضعة له، وأصبحت ‏المدينة في العهد ‏الايوبي مركزا لصد هجمات الايوبيين المسلمين.
 +
 +
‏وصارت المدينة زمن المماليك قرية صغيرة وهي اقطاع لمن يكون نائبا في القدس الشريف ‏، وهناك الكثير من المور مفقودة عن ‏مدينة أريحا في العصر المملوكى ‏‎ ‎
 +
‏في عام 1910م رفع العثمانيون درجة اريحا من قرية الي ناحية يقيم فيها حاكم يُدعي المدير ‏يتوليا دراتها وادارة البدو والقري ‏المجاورة وتتبع متصرفية القدس ، وبقيت أريحا تحت الحلكم ‏العثماني الي يوم 21 شبطم وهو اليوم الذي دخل فيه البريطانيون البلدة ‏وبقوا فيها الي نهاية يوم ‏‏14 ايار من عام 1918م ‏ ‏.‏
 +
‏وفى عام 1918  أي في العهد البريطاني أصبح فيها مجلس محلي يُدير أربع عشائر وهي : ‏النصيرات، والكعابنة، والعرينات، ‏والسعايدة، وضمت أريحا(العوجا وديوك والنبي موس ‏والنويعمة ، وعرب العوجاء، وعرب الديوك).وبقيت هكذا حتى عام 1948م.‏‎ ‎
 +
  
  

مراجعة ١٠:٠٧، ١٧ أبريل ٢٠١٨

مسميات المدينة

ترتبط مسميات المدن بمميزاتها وخواصها فهي لا تأتي بمحض الصدفة، بل تكون صفة خُلقت مع ‏المدينة وتفوقت بوجودها، هناك من ‏المسميات ما يتم الكشف عنه، وهناك ما يبقي سرا لخاصية لم ‏تُكتشف بعد، أقدمية أريحا اعطتها مسميات مختلفة فالعصور المتعددة ‏التي مرت عليها تركت ‏أثارها وأسمائها علي أرضها، نستطيع القول انه منذ القدم قد وصفها الحميدي في معجمه ‏الجغرافي أنها من ‏أجمل وأجل البلاد في غور الشام، فأريحا تمتاز بمميزات تشُد الغريب اليها ‏فبحرها الميت سُمى ببحر الاسفلت ،هذا وقد وصفها ‏البغدادي في كتابه معجم البلدان فقال : مدينة ‏الجبارين.

هناك مسمى أخر للمدينة يقول بأن الاسم مشتق من (ريحا) بسبب وفرة الياسمين والنيروليا ، ‏هذا بجانب المسمي المتعارف عليه بين ‏الجميع وهو (يريح ) القمر، والذى يرجع ربما الي صفاء ‏سمائها او الي انتشار عبادة القمر بين الكنعانيين.

‏أيضا عُرفت المدينة بلغة سكان الجزيرة العربية (يرخو) أي شهر، وباللغة السريانية تُعنى ‏الرائحة العطرة أو الاريج، وعُرفت ‏بأسماء أخري مثل حديقة الرب وواحة النخيل ‏ ‏ ، أما في ‏لغة جنوب بلاد العرب فإن أريحا مشتقة من الفعل يريحو أو اليرح والتي ‏تُعنى كما ذكرنا أيضا ‏الشهر أو القمر.

إن مسميات المدينة تعددت بجانب المسميات الاخرى التي سيتم ذكرها فهي جميعا تُعطينا معاني ‏شاملة للمميزات المدينة أيضا وتكون ‏شواهد عليها ، فقد قال بعضهم: أريخا لغة عبرانية ، حيث ‏سميت فيما قبل أريحا بن أرفخشد بن سام بن نوح والاسم أريحا هو اسم ‏سامي الاصل ، تلفظه ‏العامة ريحا، في فترة من الفترات سُميت باسم هدية أنطوانيوس لكيلوباترا وأطلق عليها مدينة ‏وادي الصيصبان ‏وتل سلطان او عين اليشع وتعد اريحا من أقدم مدن فلسطين ولا اختلاف بين ‏الاثريين على ذلك.

أطلق عليها اسم وادى الصيصبان نسبة الي شجر الصيبصبان الذي ينتشر في هذه المنطقة، ‏و الذي يلتف حول بساتينها، ومازال حتي ‏يومنا هذا، كما عرفت المدينة باسم رويحه تصغير ‏ريحا وهي علي مسيرة 8 أميال جنوبي شرقي أريحا الحالية.

‏جميع المسميات السابقة ان دلت تدل علي شيء واحد وهو أن اصل التسمية هو سامي الاصل ‏، فهي عند الكنعانيين تعنى القمر وعند ‏العرب تعني أريحاء، أريحا القديمة لم تكن سوي تل ‏صناعي صغير يُدعي تل السلطان وهو اصل التسمية.

نري ان معظم أسماء المدينة كانت عربية خالصة وذات جذور عربية أصيلة يغرق بعضها في ‏القدم ، فنجد اشارات من خلال ‏الاسماء ان هناك لهجات عربية قديمة مما يتطلب منا جميعا الحفاظ ‏على الاسماء العربية خاصة وذلك لان أسماء القري والمدن بشكل ‏عام تكشف وتوضح لنا ‏معلومات تاريخية بعضها كان قد حُرف ايضا من خلال الاسماء نستطيع التعرف على مواقع ‏اماكن ذكرت في ‏المراجع ولم يعرف موضعها.

‏ نستطيع القول ان أريحا تُمثل المحافظة ذات الاثار والحضارة البعيدة والتي لم يُنصفها التاريخ ‏بالرغم من جذوره المتأصلة داخله، ‏أريحا البلدة المعروفة غربي النهر، قال ابن قتيبة كانت مسكن ‏بلعم أريحا والشام.

‏قال المقدسي عنها انها معدن النيل والنخيل، رستاقها الغور وزروعهم تُسقي من العيون ، ‏شديدة الحر ، أيضا معدن الحيات والعقارب ‏أهلها سُمر وسودان ، غير أن ماءها أخف وأفضل ‏ماء في الاسلام.

‏وقد سماها البعض الارض المقلوبة حيث بعدما أهلك الله الاقوام التي فعلت المنكر هناك قلبها ‏الله عزوجل ولم ينبت فيما بعد أي نبات ‏ولمدة طويلة وبقيت بقعة سوداء فرشت فيها حجارة ذُكر ‏أنها الحجارة التي أمطرت عليها وعلى قومها أو بالقرب منها حيث الاغوار، وقد ورد ذكرها ‏في التوراة باسم (اريحة) وهي اول مدينة كنعانية هوجمت من قبل بني اسرائيل ، اذ تمكن قائدهم ‏يوشع بن نون ‏كما تقول بعض الروايات من الاستيلاء علي المدينة واحراق اهلها.

جغرافية المدينة

أريحا مدينة عربية تبعد مساحة 37كم الي الشمال الشرقي من مدينة القدس و تنخفض 276 ‏مترا عن مستوى سطع البحر وبذلك هي ‏المنطقة الاكثر انخفاضا عن سطح البحر في العالم ، ‏وذلك دليل على أقدمية المدينة.

‏تنبع اهمية موقع مدينة أريحا بكونها منطقة عبور بين الاردن وفلسطين وتنفتح شمالا الي ‏بيسان، حيث تقع أريحا علي هضبة سهل ‏الغور المعروف باسمها ‏ ، لموقع مدينة أريحا اهمية ‏اقتصادية كبيرة لان المدينة قابعة في قلب واحة زراعية خصبة حيث انها كانت ‏تُزود المناطق ‏المجاورة لها بالمنتجات الزراعية كالحمضيات والموز، هذا ويؤمها الكثير من السياح لمشاهدة ‏الاثار التاريخية والاديرة ‏حولها ، أيضا للمدينة اهمية عسكرية فهي بوابة طبيعية تُشرف علي ‏الطرق المؤدية الي الاغوار والمرتفعات الجبلية وقد استاءت ‏اسرائيل من هذه المزايا فحرصت ‏على احتلالها ‏ ، أيضا كانت المدينة عقدة مواصلات تربط ارض الرافدين بأرض النيل عبر ‏الشام ‏ ‏، الحديث عن بيئة وموقع أريحا يشبه الحديث عن طبيعة ذات خصائص متكاملة سواء ‏من حيث الموقع او بنيتها أو تربتها والثي تُشكل ‏ما يُسمى بالأرض الرديئة او شبكة مياهها التي ‏عبارة عن نهر عظيم يمر فيها بجانب عيون عديدة جعل منها مكانا للفت الانظار، ‏ومناخها الذي ‏يمتاز بالدفء شتاء والحر اللافح صيفا مع مطر قليل جدا.

‏تطل أريحا علي ثاني أهم بحر في فلسطين وهو البحر الميت ذات الاهمية الاقتصادية ‏والعلاجية والسياحية للمحافظات، بالإضافة الى ‏أن البحر الميت يختزن في باطنه ثروة هائلة ‏لمجموعة كبيرة من الاملاح والمعادن ذات القيمة الاقتصادية العالية لدخولها في العديد ‏من ‏الصناعات الحديثة.

يوجد في أريحا الينابيع التي تُزود المدينة بالمياه ، فمناخها المدارى الصحراوي متوسط الامطار، ‏لم يكن قادر على تلبية احتياجات ‏المدينة من المياه، تبلغ مساحة المدينة العمرانية 6 الاف دونم ‏ويُمارس جزء كبير من سكانها الزراعة حيث بلغت مساحة الاراضي ‏التابعة لها 137.5دونما ‏فيها الزراعات المروية كالحمضيات والموز والزيتون والعنب والنخيل ‏ ، وتشمل محافظة ‏أريحا على ‏التجمعات التالية : مرج نعجة، والزبيدات، ومرج الغزال، والجفتلك، وفصايل، ‏والعوجا، ومخيم عقبة جبر، والنبي موسي ‏ ، وتبعد ‏أريحا عن نهر الاردن 7 كيلو مترات وعن ‏القدس 35 كيلومترا وقد عبدت طريق جديد بين أريحا والقدس وتمر وسط الجبال ‏والوديان ‏وتنحدر كثيرا نحو الشرق.

تقوم اريحا اليوم علي هضبة منبسطة هي احد المدرجات البحرية القديمة التي نشأت ‏بعد انحسار وجفاف البحيرة الاردنية القديمة، ‏وهى في موقعها تشبه مدينة بيسان ‏وبالرغم من ان موقع مدينة أريحا يعتبر من أكثر المناطق انخفاضا بالعالم الا ان ‏مستوى ارض ‏المدينة أكثر ارتفاعا من مستويات الاراضي الممتدة الي الشرق منها نحو ‏نهر الاردن والبحر الميت.

قامت في غور أريحا عدة مجتمعات منها مدينتا الاثم سدوم وعمورة اللتان كفر أهلها ‏لانهم كانوا يأتون الرجال شهوة من دون النساء، ‏ويقطعون السبيل ويأتون في ناديهم ‏المنكر فأهلكم الله بظلمهم.

تجري في أريحا عدة وديان من الشمال الي الجنوب منها وادي العوجا ووادي النويعمة ‏ووادي الكلت ‏.‏ ‏وقد تحدث الرحالة والجغرافيون العرب عن موقعها الجغرافي ، فيقول الاصطخري ‏عن الامتداد الطبيعي لأريحا الواقعة في منطقة ‏الغور : يبدأ الغور من بحيرة طبريا، ‏ويذهب مع الامتداد تجاه بيسان مارا بزغر، فأريحا أسفلا حتي البحر الميت ، أما ابن ‏حوقل ‏فيقول: يقع الغور ما بين جبلين غائرين في الارض جدا ينتهيان الي زغر وأريحا ‏الي الحيرة الميتة.

‏نستطيع القول أن للبيئة اثرا عظيما في الاعمار البشري من حيث التربة والمناخ ‏وفئات السكان أو من حيث التوزيع والتملك ، فالمناخ ‏القاسي في الصيف اوجد نموذجا ‏بشريا متميزا (الريحاويين) ، والدفء في فصل الشتاء ووفرة الماء أوجد اندفاعا من ‏قبل البشر علي ‏المنطقة ، واما الانخفاض عن مستوي سطح البحر فقد أوجد خزانا من ‏المياه في الجبال الغربية ، بجانب التأكيد على أقدمية المدينة ‏واحتوائها على أكثر من ‏‏22 طبقة تاريخية.

تاريخ المدينة

إن مدينة أريحا هي أقدم مدن العالم علي الاطلاق كما بينها علم الاثار حتي اليوم، وهي اقدم ‏من مدينة دمشق بخمسة الاف سنة، وقد ‏كانت مأهولة بالسكان قبل أيام أبي الانبياء ابراهيم ‏الخليل بحوالي ستة الاف سنة ، وقد ثبت بأدلة تاريخية وأثرية إن تدجين الحيوانات ‏ومعرفة ‏الفلاحة والزراعة نشأت في هذه البقعة بالذات وفيها ظهرت أول حكومة منظمة بقيادتها ‏وبضرائبها وبأعمالها الجماعية كبناء ‏السور حولها والبرج ليتولى فيه الحراس مراقبة تحركات ‏الاعداء.

‏أيضا نستطيع القول ان تاريخ أريحا القديمة يبدأ من تل السلطان فهو واحد من أكثر العيون ‏غزارة والتي هي أساس الاستيطان ‏البشري في الموقع ، حيث اظهرت الحفريات الاثرية ‏وجود12 طبقة وسباق حضاري في الموقع ، وكانت الحضارة النطوفية مرحلة ‏العصر الحجري ‏الوسيط والتي اعتمد فيها السكان علي جمع الحبوب البشرية وصيد الحيوانات وسكان هذه ‏المرحلة هم اول من سكن ‏اريحا او تل السلطان ‏ ، يرجع تاريخ المدينة الي العصر الحجري ، ‏أي الي قبل سبعة ألاف عام على مر العصور القديمة ، هذا ‏وكانت عبادة القمر منتشرة هناك ‏واتخذها الهكسوس قاعدة لهم ‏ ، هذا وقد دلت الحفريات الاثرية أن المدينة القديمة سكنت علي ‏اربع ‏فترات متتالية في عصر ما قبل العصر الفخاري او النيوليثي الاول في اريحا 6800ق.م، ‏والعصر ما قبل العصر الفخاري الثاني ‏حوالي 5500ق.م والعصر الينوليثي المتأخر في اريحا ‏ما بين 5000-2000ق.م.‏‎ ‎

‏وجود عوامل الحياة في المدينة بما فيها الزراعة وحرف وضعت الانسان البدائي على اول ‏طريق التمدن ، والذي ادي بدوره الي ‏زيادة عدد السكان في القرية الزراعية وتحويلها الي ‏ورشى عمل في مختلف مجالات الحياة فولدت حرف كثيرة اصبحت مصدر ‏رزق لكثير من ‏الحرفيين كصناعة المناجل والقطن والخشب وبذلك تكون اريحا القرية وضعت حجر الاساس ‏لبنية المدينة القديمة بكل ‏ما تعنيه من معني.

‏أما البيوت والمساكن فقد كانت دائرية الشكل تميل الي الداخل كلما ارتفعت ، مبنية من اللبن ‏، وربما كانت قبابا كالتي ما تزال نراها ‏في ارياف سورية.

‏بدأت عمليات الاستيطان اليهودي في المدينة اوائل القرن الثالث حيث غزا العبرانيون ‏فلسطين بعد خروجهم من تلال مؤاب وأقاموا ‏في مخيم ابل ومن هناك نزحوا الي فلسطين بقيادة ‏يوشع بن نون ‏، وكانت اريحا من المدن الفلسطينية التي سقطت بأيديهم كما تقول ‏الرواية ‏التوراتية ‏‎ ‎ ‏أريحا التي أقامها هيردودس خُربت واعاد الرومان بناءها حيث هي اليوم علي نهر الكلت وفي ‏عهد قسطنطين الكبير انتشرت ‏المسيحية فيها فكانت أريحا مركزا للأسقفية ، وفي عهد البيزنطيين ‏نمت وتقدمت وبني فيها يوستنيا كنيسة ضخمة تحمل اسم السيدة ‏مريم وديرا كبيرا ‏‎ ‎ ‏ومع مجيء الاسلام في القرن السابع تطورت الزراعة المروية، مما اكسب اريحا اسم مدينة ‏النخيل وذلك في الفترة التي شُيد فيها ‏قصر هشام والذي يعتبر من اهم الاثار التي خلفها الامويون ‏في كافة ارجاء فلسطين ، وكانت اريحا في صدر الاسلام أهم مدينة في ‏غور الاردن حيث ‏أُحيطت بمزارع النخيل والموز وقصب السكر والريحان والحنة والبلسم وسكنها قوم من قيس ‏وجماعة من قريش ‏ووصفها ياقوت الحموي فقال( انها ذان نخل وموز وسكر كثير له فضل علي ‏سائر سكر الغور وهي مدينة الجبارين ، وفي اعقاب ‏الفتح الاسلامي اصبحت أريحا جزءا من ‏جند فلسطين والذي كان يضم الرملة والقدس وعسقلان وغزة وأرسوف وقيسارية وأريحا ‏وعمان ‏ويافا وبيت جبرين ، وفي أيام يزيد الاموي جُعلت أريحا من جند قنسرين في القرن العاشر قسمت ‏الشام الي ست كور او ‏اجناد وكانت اريحا تابعة لجند فلسطين ‏ ‏.‏ ‏ولما اغار الصليبيون علي فلسطين قُضي علي التقسيم الادارى المذكور جند فلسطين ، وكنت ‏اريحا تابعة لبطريركية القدس وكان ‏الرهبان يفلحون ارضها ، مما جعل ارنولد الصليب ان ‏يدفعها مهرا لابنة أخيه (ايما) من يوستاى حتى تُصبح خاضعة له، وأصبحت ‏المدينة في العهد ‏الايوبي مركزا لصد هجمات الايوبيين المسلمين.

‏وصارت المدينة زمن المماليك قرية صغيرة وهي اقطاع لمن يكون نائبا في القدس الشريف ‏، وهناك الكثير من المور مفقودة عن ‏مدينة أريحا في العصر المملوكى ‏‎ ‎ ‏في عام 1910م رفع العثمانيون درجة اريحا من قرية الي ناحية يقيم فيها حاكم يُدعي المدير ‏يتوليا دراتها وادارة البدو والقري ‏المجاورة وتتبع متصرفية القدس ، وبقيت أريحا تحت الحلكم ‏العثماني الي يوم 21 شبطم وهو اليوم الذي دخل فيه البريطانيون البلدة ‏وبقوا فيها الي نهاية يوم ‏‏14 ايار من عام 1918م ‏ ‏.‏ ‏وفى عام 1918 أي في العهد البريطاني أصبح فيها مجلس محلي يُدير أربع عشائر وهي : ‏النصيرات، والكعابنة، والعرينات، ‏والسعايدة، وضمت أريحا(العوجا وديوك والنبي موس ‏والنويعمة ، وعرب العوجاء، وعرب الديوك).وبقيت هكذا حتى عام 1948م.‏‎ ‎



إعداد

الباحثة: ايمان خليلأبوهربيد