«الشهيد باجس أبو عطوان»: الفرق بين المراجعتين

من دائرة المعارف الفلسطينية
اذهب إلى: تصفح، ابحث
(أنشأ الصفحة ب'ولد الشهيد باجس محمود أبو عطران " أبو شنار " في عام 1950م بعد أن فقد أهله أراضيهم التي احتلت عام 19...')
(لا فرق)

مراجعة ١٠:٤٥، ٧ أكتوبر ٢٠١٨

ولد الشهيد باجس محمود أبو عطران " أبو شنار " في عام 1950م بعد أن فقد أهله أراضيهم التي احتلت عام 1948 واضطروا إلى الانتقال إلى أراضيهم الوعرة في خربة الطبقة التي كانت معقلاً لمقاومة الانتداب البريطاني .

تلقى تعليمه الإعدادي في مدرسة دورا الثانوية ولكن الظروف اضطرته إلى الانقطاع عن المدرسة والعمل مع والده في مقهى البلدة .

ومنذ احتلال عام 1967 عمل هو ووالده مع المقاومة الوطنية وانضم إلى حركة التحرير الوطني فتح وكان بيتهم في خربة الطبقة - المشرفة على المنطقة والتي تحيط بها الأودية والجبال الوعرة - ملتقى لرجال المقاومة للتخطيط والتزود بالمؤن والسلاح ، كما كان المقهى الخاص بهما في دورا مركزاً للرصد وتبادل الرسائل والمعلومات وقد لاحظت المخابرات الإسرائيلية ذلك فجعلت البيت والمقهى تحت المراقبة .

سجن أبو باجس وهدم بيته وطلبت السلطات الإسرائيلية باجس إلا أنه رفض تسليم نفسه وانضم إلى مجموعته ، مجموعة " ابخع عمي " في الجبال شارك الشهيد في عدة عمليات عسكرية وحاولت سلطات الاحتلال الإسرائيلي أكثر من مره إيقاعه في المصيدة عن طريق شراء بعض المتعاونين إلا أنهم فشلوا وفي إحدى المرات نصبوا له كميناً في أراضي دورا المحتلة عام 1948م وكاد أن يقضى عليه لولا أنه أحس بالمكيدة وعرف أن صديقه قد خانه ووجد نفسه مطوقاً بإعداد كبيرة من القوات الإسرائيلية المزودة بالأنوار الكاشفة وانه من المستحيل عليه أن يهرب وأنقذه الله من المكيدة بأن هداه إلى تجويف ضيق داخل صخر جيري أدخل جسمه فيه بصعوبة وأغلقه بحجر جيري كبير رفيع فلم يعثر الجنود عليه .

ولما غادروا المنطقة استطاع بصعوبة أن يبعد الحجر الذي آذى ساقيه ورجليه واستطاع العودة إلى قاعدته وهناك أعلم مجموعته بان قاعدته التي يعرفها زميلهم الذي خانهم لم تعد أمنه فانتقلواإلى منطقة الجوف .

وأخيراً تمكنت المخابرات الإسرائيلية بما تملكه من مال ووسائل ودهاء من شراء متعاون آخر واستطاعت بواسطته أن تستغل حاجة المجموعة الفدائية إلى السلاح وأن تقدم لهم صندوق ذخيرة لغمته فانفجر يوم 18/6/1974م ، بينا كان باجس يحاول فتحه داخل قاعدتهم في الجوف فأصابت المتفجرات باجس إصابة مباشرة كما أصيب علي ربعي الذي كان في القاعدة في يده.

وارتمى باجس على كتف علي وظل ينزف إلى أن لفظ أنفاسه الأخيرة ، أما علي فقد نسي جراحه ودمه الذي ينزف ووضع كومه كبيرة من الحجارة الملطخة بدمائه ودماء باجس باب الكهف وانتقل إلى القاعدة الجديدة ليختفي بجروحه التي تنزف بعد أن أخبر خليل العواودة وإبراهيم أولاد محمد عم باجس ووالدته بما حدث لباجس .

أبلغ محمد محمود أبو عطوان ( عم الشهيد ) رئيس بلدية دورا المرحوم محمد موسى عمرو وبمقتل باجس وطلب منه إبلاغ السلطات الإسرائيلية بذلك ولكنه قال بأنه لن يدلهم على مكان وجوده إلا بعد أن يأخذ منه وعداً بعدم احتجاز جثته وبعد الاتفاق على ذلك ذهب أهل الشهيد ورئيس البلدية إلى خربة الجوف الأثرية .

وكانت الجثة في كهف كنعاني قديم يظهر انه كان يستعمل وقت الحروب والطوارئ وقد تحصنت المجموعة في ذلك الكهف الذي آواهم والذي كان بالنسبة إليهم قاعدة حصينة من المستحيل أن تكشفها القوات الإسرائيلية لولا خيانة العميل الذي باع نفسه إلى الشيطان .

ولم يجرؤ الجنود الإسرائيليون على دخول الكهف الذي كان من يريد دخوله أن يزحف زحفاً على بطنه مسافة تقرب من 20م قبل أن يصل إلى الغرف الحصينة المحفورة في الصخر وقد دخل بعض المواطنين للكهف عرف منهم موسى الأطرش ومحمد حسن أبو زنيد ومسيف الأطرش وأخرجوا الجثة ملفوفة في ( بطانية ) ووضعوها أمام قائد الضفة الغربية الذي سأل من هو قريبهم هنا ؟

فقال " أبو مازن " أنا عمه فسأل القائد : " هل هذا باجس ؟ " فرد أبو مازن : " نعم " ويذكر أبو مازن أن القائد الإسرائيلي قال :

" اشهد أنك بطل يا باجس ، وأمين على جيرانك لقد هاجمت الدوريات والمستعمرات ولكنك لم تهاجم المعسكر المجاور لك ، كما انك مقاتل شريف فقد هاجمت العسكريين ولم تعتد على المدنين أبدا ، إننا ناسف لهذا الموقف الذي اضطررنا إليه بعد أن استخدمنا معك كل الوسائل المتاحة لنا من دوريات وطائرات وفشلنا .

أخذت القوات الإسرائيلية جثة الشهيد للتشريح وبعد 24 ساعة أعادوها ، في يوم الخميس الموافق 19/7/1974م حيث نقل الجثمان إلى دورا ولف بالعلم الفلسطيني وسجي في مسجد دورا الكبير حيث أصر الجمهور على وداعه وإلقاء النظرة الأخيرة عليه وسارت الجموع بالجنازة إلى مقبرة النبي نوح عليه السلام حيث دفن الشهيد بجوار مدرسته التي تعلم فيها وعن الجنازة قال الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة .

وجنازة باجس تمشي غاضبة في الأسواق فتهتز نوافذ كل بيوت الأهل وتنطلق الأصوات .

باجس مازال يحاور صخر الوادي يتمختر في الطرقات يتغزل بكروم السفح ينادي أغصان البلوط ويحرض أجداث الموات سأزور القبر قرنفلة حمراء سألقيها .

هذا وعد يا باجس : كل قرانا ومدينتنا تخرج في العيد وتزورك حين تطل عصافير الفجر تكون استيقظت من النوم ومددت يديك لنا تهدينا الزعتر والحنون ، تهدينا دالية وقمر وسنهديك هدايا علماً ، خارطة وجواز سفر . أما الأديب الفلسطيني " معين بسيسو " فيقول عن استشهاد باجس :

" في تلك الليلة التي دفن فيها باجس أبو عطوان رأى الفلاحون في دورتا رؤى عجيبة ، رأوا طيورا في حجم كبير تحمل في مناقيرها عناقيد العنب ، تلقي بها فوق سقوف بيوتهم . أما والدة باجس أبو عطوان فلقد رأت نحلة في حجم طائر الشنار يحط فوق تراب القبر ثم يطير ، فلاح عجوز حينما سمع الرؤيا تطاع إلى السماء وتمتم هذا دم باجس أبو عطوان تحول إلى قرص عسل .. مات البطل عاش البطل .

إعداد

الباحث محمود طلب النمورة/ رئيس بلدية دورا