«المسجد الأقصى»: الفرق بين المراجعتين
(←الأحداث التاريخية لضياع فلسطين والمسجد الأقصى) |
|||
سطر ١٦٤: | سطر ١٦٤: | ||
28. وفي سبتمبر 2000م انطلقت الانتفاضة الفلسطينية الثانية إثر زيارة الخنزير إرئيل شارون إلى المسجد الأقصى المبارك.. التي لا تزال مستمرة. | 28. وفي سبتمبر 2000م انطلقت الانتفاضة الفلسطينية الثانية إثر زيارة الخنزير إرئيل شارون إلى المسجد الأقصى المبارك.. التي لا تزال مستمرة. | ||
+ | [[تصنيف:أماكن مقدسة]] |
مراجعة ١١:١٦، ١٦ أبريل ٢٠١٨
محتويات
بناؤه
أن المسجد الأقصى هو ثاني مسجد بني في الأرض:
لما في حديث الصحيحين عن آبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال: (قلت يا رسول الله أي مسجد وضع في الأرض أول قال: المسجد الحرام. قال: قلت ثم أي؟ قال: المسجد الأقصى. قلت: كم كان بينهما؟ قال: أربعون سنة. ثم أينما أدركتك الصلاة بعد فصل فان الفضل فيه).
وحول بناء المسجد الأقصى نجد قولين :
القول الأول:
أن آدم (عليه السلام ) هو الذى بني المسجد الحرام ، وهو الذى بنى المسجد الأقصى بعده بأربعين عاما .
القول الثانى
أن الذى بنى المسجد الحرام هو إبراهيم ( عليه وعلي نبينا الصلاة والسلام) ، واستدل من قال ذلك بقوله تعالىوَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ{127} رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ{128) البقرة
وأن يعقوب ( عليه وعلي نبينا الصلاة والسلام)هو الذى بنى المسجد الأفصى بعد بناء جده للبيت الحرام بأربعين عاما .
وإذا أردنا ترجيح أحد الرأيين وجدنا أن القول الأول هوالأرجح ؛وذلك لأن إبراهيم ( عليه وعلي نبينا الصلاة والسلام)ذهب إلى مكان البيت ومعه إسماعيل لايزال رضيعا قبل رفع القواعد وهذا ما نستدل عليه من قول الله تعالى (رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ{37} إبراهيم
ولا يعارض هذا ما روى عن عبدالله ابن عمر – رضى الله عنهما – أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: (لما فرغ سليمان بن داود من بناء بيت المقدس سأل الله ثلاثاً: حكماً يصادف حكمه, وملكاً لا ينبغي لأحدٍ من بعده, و ألاّ يأتي هذا المسجدَ أحدٌ لا يريد إلاّ الصلاة فيه إلاّ خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أما إثنتان فقد أعطيهما, وأرجو أن يكون قد أعطي الثالثة.
وفى رواية قال: (لما بنى سليمان بن داود بيت المقدس ،قرب القرابين ،وذبح الذبائح ، فأوحى الله إليه قد أرى سرورك ببنيان بيتى فسلنى أعطك فقال سليمان( عليه وعلي نبينا الصلاة والسلام):- أسألك ثلاث خصال: حكماً يصادف حكمه, وملكاً لا ينبغي لأحدٍ من بعده, و ألاّ يأتي هذا المسجدَ أحدٌ لا يريد إلاّ الصلاة فيه إلاّ خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أما إثنتان فقد أعطيهما, وأرجو أن يكون قد أعطي الثالثة. رواه الطبرانى والنسائى وابن حبان وأحمد وابن ماجة وذلك لأن سليمان ( عليه وعلي نبينا الصلاة والسلام)لم يكن مؤسسا ولكن كان مجددا.
من أول من بنى المسجد الأقصى؟
اختلف العلماء من أهل التفسير والحديث والتاريخ في تعيين أول من وضع المسجد الأقصى, وبتتبع أقوالهم واستقرائها, بدا لي أنها لا تخرج عن ثلاثة آراء:
الأول: إن آدم عليه السلام هو الذي أسس كلا المسجدين, ذكر ذلك العلامة ابن الجوزي, ومال إلى ترجيح هذا الرأي الحافظ ابن حجر في الفتح, واستدلّ له بما ذكره ابن هشام في كتاب "التيجان" أنّ آدم لما بني الكعبة أمره الله بالسير إلى بيت المقدس وأن يبنيه فبناه ونسك فيه. وبناء آدم عليه السلام الكعبة مشهور وفيه عدة آثار:
1- روى ابن أبي حاتم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص قال: (لمّا كان زمن الطوفان رفع البيت, وكان الأنبياء يحجونه, ولا يعلمون مكانه حتى بوّأه الله لإبراهيم وأعلمه مكانه).
2- روى البيهقي في "الدلائل" من طريق أخرى عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً : (بعث الله جبريل إلى آدم فأمر ببناء البيت فبناه آدم, ثم أمره بالطواف وقيل له أنت أول الناس, وهذا أول بيت وضع للناس). 3- روى عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء (أن آدم أول من بنى البيت). وهذا القول أثبت كما قال الحافظ في الفتح وعليه فإنّ الذي أٍسس المسجد الأقصى هو آدم نفسه أو أحد أبنائه لأنّ المدة الفاصلة بين المسجدين أربعون سنة فقط. الثاني: أن الخليل إبراهيم عليه السلام هو الذي أٍسس المسجد, لأنّ بناءه للمسجد الحرام مشهور بنص القرآن: (وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل) وقوله تعالى : (وإذ بوّأنا لإبراهيم مكان البيت) ، وإذا ثبت بالنص أنه بني الكعبة، فإنّ بناءه لمسجد الأقصى محتمل راجح لقرب العهد بين المسجدين. وممن نصر هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال: (والمسجد الأقصى, صلت فيه الانبياء من عهد الخليل), وفي موضع آخر قال: (فالمسجد الأقصى كان من عهد إبراهيم عليه السلام), ولكن يرد على هذا القول إشكالان: أحدهما: أنّ بناء إبراهيم عليه السلام للكعبة لم يكن وضعاً وتأسيساً وإنما كان رفعاً وتجديداً, والثاني, أنّه لم ترد آثار في تأسيسه للمسجد الأقصى, سوى ما عند أهل الكتاب: (أنّه لما قدم الشام أوحى الله إليه إني جاعل هذه الأرض لخلفك من بعدك, فابتنى إبراهيم مذبحاً لله شكراً على هذه النعمة, وضرب قبته شرقي بيت المقدس) ولكن هذا الذي بناه مذبح لس بمسجد, ثم ان هذا كان أول قدومه الشام أي قبل مولد إسماعيل وبناء الكعبة بمدة, وإنما بناء مسجد بيت المقدس كان بعد وضع الكعبة كما في حديث أبي ذر في الصحيحين.
القول الثالث
أن الذي بناه هو يعقوب عليه السلام, ورجّح هذا القول العلامة ابن القيم رحمه الله حيث قال: (والذي أسسه هو يعقوب بن اسحق صلى الله عليهما وآلهما وسلم بعد بناء إبراهيم الكعبة بهذا المقدار – أي أربعين سنة-..) وهذا الذي ذكره ابن القيم موجود عند أهل الكتاب كما قال ابن كثير: (ثم مرّ -أي يعقوب- على أورشليم قرية شخيم فنزل في القرية واشترى مزرعة شخيم بن جحور بمائة نعجة فضرب هنالك فسطاطاً، وابتنى ثم مذبحاً فسماه بيت إيل إله إسرائيل وأمر الله بناء المستعلن له فيه وهو بيت المقدس اليوم الذي جدده بعد ذلك سليمان بن داود عليهما السلام) أوجه الآراء الثلاثة, وأدناها إلى الرجحان قول من قال: إنّ الذي أسسه هو آدم عليه السلام أو أحد أبنائه، وأنّ الذي وقع من البناء بعد ذلك إنما هو تجديد لا تأسيس, والآثار المروية تسند هذا القول وتجعله أقرب إلى الصواب والله أعلم, وأمّا حديث أبي ذر: (أي مسجد وضع في الأرض أوّل؟.. ) فليس فيه تعيين الواضع الأول المؤسس، ولا يصلح أن يكون تفسيراً لقوله تعالى : (وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت), ولذلك فان البخاري رحمه الله أورد الحديث في موضعين من كتاب الأنبياء، الأول في فضائل الخليل إبراهيم عليه السلام، والثاني في فضائل سليمان عليه السلام, فيفهم من صنيعِهِ هذا أنه أراد فضل بناء المسجدين, لا تعيين أول من أسسهما. ولهذا قال القرطبي: (إن الحديث لا يدل على أن إبراهيم وسليمان لما بنيا المسجدين ابتدآ وضعهما لهما.
==نظرة فى تاريخه== المسجد الأقصى (قيل له الاقصى لبعد المساحة بينه وبين الكعبة وقيل لان لم يكن وراءه موضع عبادة وقيل لبعده عن الأقذار والنجائس, والمقدس لمطهر عن ذلك فتح الباري 408 ) هو الاسم الذي أطلقه القرآن على مُتعبَّد النبيين في أرض فلسطين، (إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله), ذلك المسجد الذي أٍسس على التقوى من أول يوم بُدئ فيه البناء, تولى إمامته الأنبياء, وتنسك بساحته الأولياء, واتخذ منبره الداعون إلى الإسلام عبر الدهور منارة ترشد السائرين, ومعلماً يهدي الحائرين.
والمسجد الأقصى عند العلماء والمؤرخين أشمل من مجرد البناء الموجود الآن بهذا الاسم, إذ هو اسم لجميع المسجد الذي بناه سليمان عليه السلام, فكل ما هو داخل السور الكبير ذي الأبواب يعتبر مسجداً بالمعنى الشرعي, فيدخل فيه على ذلك مسجد الصخرة ذو القبة الذهبية المنصوبة على المبنى المثمّن, والذي تنصرف اليه الأذهان كلما ذكر اسم المسجد الأقصى: وان كان بعض الناس يسمي الأقصى المصلى الذي بناه عمر بن الخطاب رضي الله عنه في مقدمه، والصلاة في هذا المصلى الذي بناه عمر للمسلمين أفضل من الصلاة في سائر المسجد.. وأمّا "الصخرة" فلم يصل عندها عمر رضي الله عنه ولا الصحابةولا كان على عهد الخلفاء الراشدين عليها قبة, بل كانت مكشوفة في خلافة عمر وعثمان وعلي ومعاوية ويزيد ومروان، ولكن لما تولى ابنه عبد الملك الشام، ووقع بينه وبين ابن الزبير الفتنة، كان الناس يحجون فيجتمعون بابن الزبير، فأراد عبد الملك أن يصرف الناس عن ابن الزبيرفبنى القبة على الصخرة، وكساها في الشتاء والصيف, ليرغب الناس في زيارة بيت المقدس, ويشتغلوا بذلك عن اجتماعهم بابن الزبير وأما أهل العلم من الصحابة والتابعين لهم بإحسان فلم يكونوا يعظمون الصخرة فإنها قبلة منسوخة كما أن يوم السبت كان عيداً في شريعة موسى عليه السلام، ثم نسخ في شريعة محمد صلى الله عليه وسلم بيوم الجمعة فليس للمسلمين أن يخصّوا يوم السبت ويوم الأحد بعبادة كما تفعل اليهود والنصارى, وكذلك الصخرة التي يعظمها اليهود وبعض النصارى.
لقد مر بيت المقدس ومسجده العتيق بعهود تاريخية حافلة بالأحداث نوجزها في السرد التالي:
أولاً: سكن الكنعانيون ساحل بلاد الشام في الألف الثالث ق.م, وعرفوا في الساحل الشمالي باسم الفينيقيين, بينما عرف القسم الجنوبي بأرض كنعان, فابتنوا أهم المدن فيها: أريحا، وأسدوس، وبيرسبع، وعسقلان، وبيسان، ونابلس "شكيم"، والخليل "أربع"، والقدس "يبوس"، وكان اليبوسيون أهم بطون الكنعانيين فبنوا مدينة القدس, وأطلقوا عليها "أورسالم" أي: مدينة سالم, كما أطلقوا عليها أسم "يبوس"، وكانت لغتهم عربية قديمة, ولكنها تختلف عن لغة القرآن التي نتحدث بها اليوم.
ولما تعرضت بلاد اليونان وجزر إيجة لغارات البرابرة اليونان، هربت قبيلة "بلست" من جزيرة "كريت" وغزت أرض كنعان، واستقرت في السهل الساحلي الجنوبي الغربي من يافا إلى غزة, وسمي هذا الجزء باسم فلسطين, وبقي الاسم على جزء من أرض كنعان إلى أن شملها كلها في العصور الحديثة.
ثانيا: تجلت قدسية بيت المقدس وما حوله – تاريخياً- بهجرة الخليل إبراهيم عليه السلام حوالي الألف الثاني ق.م, انتقل إبراهيم عليه السلام من "أور" بالعراق إلى أرض الشام "أرض الكنعانيين" وفي صحبته ابن أخيه لوط, وزوجه سارة بعد أن اعتزل أباه وقومه كما حكى القرآن (وقال إني ذاهب إلى ربي سيهدين) (الصافات آية 9 ) (ونجيناه ولوطاً إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين)( الأنبياء آية 71). قال ابن كثير: وأوحى الله إلى إبراهيم الخليل فأمره أن يمدّ بصره، وينظر شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً، وبشره بأن هذه الأرض كلها سأجعلها لك ولخلفك إلى آخر الدهر، وسأكثر ذريتك حتى يصبروا بعدد تراب الأرض, وهذه البشارة اتصلت بهذه الأمة, بل ما كملت ولا كانت أعظم منها في هذه الأمة المحمدية، يؤيد ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها). فغدا بيت المقدس بلد (إبراهيم) الخليل وموطنه, ومكث بها مدة, ثم خرج منها إلى مصر, إثر قحط دبَّ في الشام, ثم عاد إليها, خوفاً على زوجته من فرعون مصر آنذاك, الذي حاول الظفر بها ولكن الله تعالى أنجاها منه ورد كيد الكافر, فأطلق سراحها وأخدمها (هاجر)، التي ولدت بعد ذلك إسماعيل, فلما غارت (سارة) من (هاجر) وولدها, أمر الله تعالى إبراهيم خليله, أن يرتحل بهاجر وإسماعيل إلى أرض مكة المكرمة, وكانت مكة حين ذاك وادياً لا زرع فيه ولا ضرع، فتركهما هناك بأمر ربه، وعاد إلى أرض التيمن وحفظ الله هاجر والغلام, وفجّر لهما في الوادي ماءً عذباً أبرك من غيث الغمام, فانجفل إلى مكة لسكناه الأنام, وفي إحدى زيارات الخليل إلى مكة من بلاد الشام, بني بمعاونة ابنه إسماعيل الكعبة البيت الحرام, أشرف المساجد في أشرف البقاع, ودعا لأهلها باليمن والبركات وأن يرزقوا من كل الثمرات مع قلة المياه, وعدم الأشجار والزروع والثمار, وهنا ذكر بعض العلماء أنه لما عاد إلى مهاجره بيت المقدس بنى المسجد الأقصى.
تاريخه مع الإسلام
ونوجز تاريخه مع الإسلام فى النقاط التالية: 1- تجلت أهمية بيت ا لمقدس في الإسلام عندما أسري بالرسول صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى, وبذلك وصل ما بين المسجدين العظيمين. فكان ذلك إيذاناً بانتقال الأرض المقدسة والمسجد الأقصى إلى ظل الدين الخاتم والرسالة الأخيرة, وقد كانت صلاته عليه الصلاة والسلام باخوته الأنبياء في تلك الليلة المباركة نحو البقعة المباركة برهاناً ساطعاً على تبعية الشرائع السابقة, وانقيادها طوعاً للإسلام كلمة الله الأخيرة إلى بني الإنسان والجان. وتوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه في صلاتهم شطر بيت المقدس, قبلتهم الأولى قبل المسجد الحرام.
وقد بدأت غزوات وسرايا الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أرض الشام بغزوة دومة الجندل عام 5هـ وسرية مؤته عام 7هـ, وغزوة تبوك آخر غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم عام 9هـ, ثم أخيراً بعث أسامة الذي انقذه ابوبكر رضي الله عنه.
2- الفتح العمري وبناء مسجد الأقصى: بعد المعارك الحاسمة – اجنادين وفحل واليرموك – والتي شهدتها أرض الشام المباركة قدم أبو عبيدة عامر بن الجراح على عمرو رضي الله عنهما وهو محاصر إيلياء (القدس). ثم طلب أهلها الأمان والصلح, على أن يكون الخليفة عمر بن الخطاب هو الذي يتولى بنفسه تسلم بيت المقدس وعقد الصلح, فكتب أبو عبيدة إلى عمر بذلك فقدم عمر فنزل الجابية من دمشق ثم صار إلى إيلياء فأنفذ صلح أهلها, وتسلم بيت المقدس بنفسه من صفرونيوس بطريرك القدس عام 16هـ. وصدرت العهدة العمرية ونص فيها على أن لا يسكن إيلياء أحد من اليهود. ودخل عمر رضي الله عنه القدس عن طريق جبل المكبر(سمي بذلك لأن عمر لما أشرف على بيت المقدس من فوقه كبر وكبر المسلمون معه) ثم أتى موضع المسجد الأقصى فصلى فيه تحية المسجد, ويٌروى أنه صلى في محراب داود, وصلى بالمسلمين فيه صلاة الغداة من الغد فقرأ في الأولى بسورة ص وسجد فيها والمسلمون معه وفي الثانية ببني إسرائيل (الإسراء) وجعل المسجد في قبلة بيت المقدس.
روى الإمام أحمد عن طريق عبيد بن آدم قال: (سمعت عمر بن الخطاب يقول لكعب الأحبار: أين ترى أن أًصلي؟ فقال: إن أخذت عني, صليت خلف الصخرة, وكانت القدس كلها بين يديك, فقال عمر: ضاهيت اليهودية. لا, ولكن أصلي حيث صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, فتقدم إلى القبلة فصلى, ثم جاء فبسط رداءه, فكنس الكناسة في ردائه, وكنس الناس).
وبعد انقضاء عهد الخلفاء الأربعة الراشدين تلى عهد الأمويين ثم عهد العباسيين ثم الطولونيين والاخشيديين, وفي كل تلك العهود كان المسجد الأقصى وبيت المقدس مصاناً معظماً في أيدي المسلمين قروناً طويلة, قام الخلفاء خلالها بإصلاحات وتوسيعات عديدة في مسجد الأقصى.
3- استمر فى عهد المسلمين ثلاثة عشر قرنا من الزمان .
4- مسجد الأقصى في قبضة اليهود حكم الأيوبيون القدس بعد خروج الصليبيين، ثم حكمها المماليك ثم العثمانيون, وفي آخر عهد بني عثمان, كانت بفلسطين جالية يهودية صغيرة جداً لا تتجاوز تسعة آلاف وسبعمائة نسمة موزعين بين القدس والجليل وصفد وطبريا وباسم الامتيازات الأجنبية التي فرضت على الدولة العثمانية الضعيفة من قبل الدول الأوربية, أ قامت بريطانيا أول قنصلية غربية في القدس عام 1255هـ / 1839م, وجهت معظم جهودها لحماية الجالية اليهودية , واستقدامهم من الخارج لاسباب ودوافع استعمارية.
وفي عام 1895م / 1313هـ أصدر اليهودي النمساوي هرتزل كتابه (الدولة اليهودية) قرر فيه (إن المسالة اليهودية ليست مسألة اجتماعية أو دينية, بل هي مسألة قومية لا يمكن حلّها إلاّ عن طريق تحويلها إلى قضية سياسية عالمية يتم تسويتها على يد الدول الكبرى مجتمعة) , وتمكنت الصهيونية في هذه الأثناء من استمالة الأوربيين لأ فكارها: فالمتدين النصراني الأوربي دخلت إلى نفسه فكرة شعب الله المختار وأرض الميعاد وهو يؤمن كنصراني بالعهد القديم, وأما غير المتدين فرغب أن يتخلص من استغلال اليهود وجشعهم عن طريق تأييد الصهيونية في البحث عن أرض يتجمعون فيها, فتستريح أوروبا منهم كما قال وزير خارجية قيصر روسيا وهيرتزل يحدثه ويطلب منه تشجيع الهجرة: (إننا نعطي مثل هذا التشجيع على الهجرة بأن نركلهم بأقدامنا). قدمت جمعية (أحباء صهيون) طلباً للقنصل العثماني في أوديسا (روسيا) , يطلبون الإقامة في فلسطين فكان رد السلطان عن الحميد: (تحيط الحكومة العثمانية علماً جميع اليهود الراغبين في الهجرة إلى تركيا بأنه لا يسمح لهم بالاستقرار في فلسطين) ,فتوالت الضغوط الديبلوماسية عليه حتى تدخل السفير الأمريكي فقال السلطان: (إنني لن أسمح لليهود بالاستقرار في فلسطين ما دامت الإمبراطورية العثمانية قائمة) ,وقابل هيرتزل السلطان عبد الحميد سنة 1896م أي بعد إصداره كتاب (الدولة اليهودية) بسنة, فطلب السماح بإقامة مستعمرة واحدة في القدس, فقال السلطان: (إن الإمبراطورية العثمانية ملك العثمانيين الذين لا يمكن أن يوافقوا على هذا الأمر فاحفظوا أموالكم في جيوبكم) ,نجح هيرتزل بعد هذه المقابلة الفاشلة بسنة بعقد المؤتمر الصهيوني الأول سنة 1897م، وضم 204 مندوباً يمثلون جمعيات صهيونية متناثرة في أرجاء مختلفة من العالم, وحدد المؤتمر أهداف الصهيونية بما يلي: (إن غاية الصهيونية هي خلق وطن للشعب اليهودي في فلسطين يضمنه القانون العام) مما دفع السلطان عبد الحميد أن يصدر قراره المشهور الذي بلّغ به جميع ممثلي دول العالم في استنبول سنة 1900م بمنع الحجاج اليهود من الإقامة في فلسطين أكثر من ثلاثة شهور وعليهم تسليم جوازات سفرهم عند دخولهم أرض فلسطين.. وكل من لا يغادر البلاد خلال هذه المدة سيطرد بالقوة) ثم اصدر قراراً ثانياً سنة 1901م يحرِم فيه اليهود شراء أي قطعة أرض في فلسطين ولكن اليهود لم ييأسوا إذ شكل هيرتزل وفداً مع (قرصو) سنة 1902م وتوجه إلى السلطات بعروض مغرية , وطلب مقابلة السلطان فرفض السلطان عبد الحميد المقابلة, فدفعوا العروض إلى رئيس وزرائه (تحسين باشا), ما هي هذه العروض ؟:
1- مائة وخمسون مليون ليرة إنجليزية لجيب السلطان الخاص.
2- وفاء جميع ديون الدولة العثمانية البالغة 23 مليون ليرة إنجليزية ذهبية.
3- بناء أسطول لحماية الإمبراطورية بتكاليف قدرها مائة وعشرون مليون فرنك ذهبي.
4- تقديم قرض بـ(35) مليون ليرة ذهبية دون فوائد لإنعاش مالية الدولة.
5- بناء جامعة عثمانية في القدس.
فكان جواب السلطان عبد الحميد كما جاء في مذكرات هرتزل: (انصحوا الدكتور هرتزل بألاّ يتخذ خطوات جدية في هذا الموضوع إنني لا أستطيع أن أتخلى عن شبر واحد من الأرض فهي ليس ملك يميني بل ملك شعبي.. فليحتفظ اليهود بملايينهم عندهم، و إذا مزقت إمبراطوريتي يوماً فإنهم يستطيعون آنذاك أن يأخذوا فلسطين بلا ثمن)، فأرسل إليه (قرصو) برقية يقول فيها: (ستدفع ثمن هذه المقابلة من عرشك ونفسك) وقابل هيرتزل المستشار القانوني للحكومة المصرية بهدف الاعداد للتعاقد على استعمار سيناء والعريش لمدة 99سنة, ولكن المشروع فشل بجهود الدولة العثمانية فكان لا بدّ من إزالة هذه الدولة التي أصبحت حجر عثرة في طريق استيطان اليهود في فلسطين, فاتبعوا الأساليب التالية:
1- تشويه سمعة السلطان عبد الحميد واتهامه بالرجعية والاستبداد حتى أصبح ممقوتاً عند شعبه لما تملكه الصهيونية من شبكات وسائل الإعلام.
2- محاولة إثارة النعرات القومية, داخل الدولة العثمانية عن طريق الجمعيات الماسونية التي انضوى إليها بعض الشباب العرب والأتراك في باريس وبقيّة أوروبا, فظهرت فكرة القومية التركية (الطورانية) وفكرة القومية العربية.
3- حاولوا نسف المنصة التي يجلس عليها السلطان في صلاة الجمعة بسيارة متفجرات, فأنجاه الله.
4- اتصلوا بالضباط وكبار الموظفين من خلال المحافل الماسونية فطالبوا بإعلان الدستور والذي فيه (مساواة اليهود والنصارى مع المسلمين) واجبروه على الإعلان في 23 تموز سنة 1908م. وخلال تسعة اشهر في 27ابرايل 1909م أقصى السلطان عبد الحميد الثاني من الحكم على يد( جمعية تركيا الفتاة) و(جمعية الاتحاد والترقي) الماسونيتين وبدأ التمهيد بعد ذلك لهجرة اليهود إلى فلسطين.
ثم وقف زعماء العرب آنذاك وعلى رأسهم الشريف حسين ملك الحجاز بجانب بريطانيا في الحرب العالمية الأولى, وأغمدوا أنصالهم في قلب تركيا مقابل وعود بريطانيا بإعطاء الشريف حسين ملك العرب. يقول لورنس – ملك الصحراء العربية, وضابط المخابرات البريطانية, الذي أغرى بالثورة العربية وقادها ضد تركياً- في مذكراته: (إنني جدُّ فخور أنني في المعارك الثلاثين التي خضتها لم يرق الدم الإنجليزي لأن دم إنجليزي واحد أحب إليّ من جميع الشعوب التي نحكمها , ولم تكلفنا الثورة العربية سوى عشرة ملايين دينار). واتفق اللنبي القائد الإنجليزي مع مصطفى كمال اتاتورك سراً قائد الجيش الثاني في فلسطين أن يسمح لخيالة اللنبي أن يضربوا مؤخرة الجيوش التركية الأربعة مقابل تسليم تركيا فيما بعد لأتاتورك وفعلاً انسحب أتاتورك ووقع مائة ألف من الجيوش التركية في أسر الإنجليز، ودخل اللنبي القدس في 9/11/1917م واطلق كلمته مدوية تعبيراً عن الحقد الصليبي العميق (الآن انتهت الحروب الصليبية). وهكذا تم تمهيد الطريق للاحتلال اليهودي للقدس.
الأحداث التاريخية لضياع فلسطين والمسجد الأقصى
ويمكن سرد الأحداث التاريخية لضياع فلسطين والمسجد الأقصى على النحو التالي:
1. في سنة 1897م مؤتمر بال بسويسرا.
2. في سنة 1907م كان العمل الماسوني المنظم لإسقاط السلطان عبد الحميد من أجل هجرة اليهود.
3. في سنة 1917م وعد لينين ووعد بلفور بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين.
4. في سنة 1927م زيادة بناء المستعمرات وشراء الأراضي من عائلات سرسق وتيانا والإنجليز.
5. في سنة 1937م بدأ إنشاء القوات النظامية لليهود, وأصبح لديهم عصابات إرهابية مسلحة لديها كميات من الأسلحة والذخيرة, اشترك فيلق يهودي مع الحلفاء في الحرب العالمية الثانية لأخذ الخبرة والتدريب.
6. في سنة 1947م قرار التقسيم الذي أقرته هيئة الأمم في 29 نوفمبر ثم حلّت جماعة الأخوان وبعد ذلك بعام تم إعلان دولة إسرائيل سنة 1948م ثم قتلت البنا في 12/2/1949م.
7. في سنة 1956م احتلت سيناء وغزة بعد ضرب الحركات الإسلامية.
8. في سنة 1967م وبعد إعدام سيد قطب الذي كان في أغسطس 1966م وإخوانه كانت النكبة الكبرى واحتلت كل فلسطين والجولان وسيناء.
9. في سنة 1977م الهجوم على لبنان وزيارة السادات للقدس, وبداية ضرب التجمعات الإسلامية على يده ومعاهدة كامب ديفيد والتي وقعت في 26/3/1979م.
10. في سنة 1982م بدأت قوات الاحتلال الصهيوني بغزو لبنان تحت اسم "عملية سلامة الجليل" والتي أسفرت عن تدمير البنية التحتية العسكرية لمنظمة التحرير الفلسطينية.
11. وفي نفس السنة قام الجيش الإسرائيلي بالتعاون مع قوات الكتائب النصرانية بتنفيذ مذبحة صبرا وشاتيلا التي راح ضحيتها أكثر من 200 رجل وامرأة وطفل، والتي كان وراء تنفيذها المجرم أرئيل شارون وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك.
12. وفيها أيضاً خرج ياسر عرفات مع رجاله من بيروت عن طريق البحر على ظهر الباخرة (أتلانتس) التي تحمل العلم اليوناني.
13. 9/12/1987م انطلاق الانتفاضة الفلسطينية المباركة الأولى.
14. 14/12/1987م الإعلان عن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بصدور أول بيان لها في الانتفاضة.
15. نوفمبر 1988م أعلن المجلس الوطني الفلسطيني في دورته الطارئة المنعقدة في الجزائر قيام الدولة الفلسطينية المستقلة في غزة والضفة الغربية وعاصمتها القدس الشريف واعترف ضمنياً "بإسرائيل" وذلك بقبول قراري مجلس الأمن 242، و 338.
16. 14/12/1988م الولايات المتحدة الأمريكية تقرر إقامة حوار مع منظمة التحرير الفلسطينية.
17. 19/5/1989م اعتقال الشيخ أحمد ياسين بتهمة تأسيس حركة المقاومة الإسلامية (حماس). 18. 8/10/1990م استشهاد أكثر من 30 مصلياً وجرح 150 آخرين آثر قيام جنود الاحتلال بإطلاق النار عليهم في ساحات المسجد الأقصى، وبعدها بثلاثة أسابيع افتتاح مؤتمر سلام الشرق الأوسط في مدريد بحضور أطراف الصراع، ورعاية الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي كراعيين للمؤتمر.
19. 17/12/1992م إبعاد 415 شخصاً من أعضاء حركتي حماس والجهاد الإسلامي إلى مرج الزهور في جنوب لبنان.
20. وقع الكيان الصهيوني ومنظمة التحرير الفلسطينية ما يسمى بإعلان المبادئ (اتفاقية أوسلو) في البيت الأبيض بواشنطن.
21. 25/2/1994م وقوع مجزرة (الحرم الإبراهيمي) في مدينة الخليل ضد المصلين أثناء سجودهم في صلاة الفجر يوم الجمعة من شهر رمضان على يد المستوطن الإرهابي باروخ غولدشتاين . 22. 1/7/1994م دخل ياسر عرفات رئيس م.ت.ف إلى غزة وتسلم منصب رئيس سلطة الحكم الذاتي.
23. 26/10/1994م وقع الأردن والكيان الصهيوني معاهدة سلام بينهما في وادي عربة بحضور الرئيس الأمريكي بيل كلينتون.
24. 24/9/1995م التوقيع على اتفاقية طابا (اتفاق المرحلة الانتقالية) بين ياسر عرفات ووزير خارجية الكيان الصهيوني شمعون بيريز في القاهرة، والذي يحدد تفاصيل تنفيذ الحكم الذاتي في معظم الأراضي المأهولة بالفلسطينيين في المدن الرئيسة بالضفة الغربية.
25. 6/1/1996م استشهاد المهندس يحيى عيّاش قائد قوات الإستشهاديين في كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس بعد مطاردة استمرت أربع سنوات بتفجير الهاتف النقال الذي يستخدمه على يد جهاز الشاباك الصهيوني.
26. عقد مؤتمر شرم الشيخ في مصر – لمكافحة الإرهاب! - على خلفية العمليات الاستشهادية النوعية والمفاجئة التي نفذت في شهري فبراير ومارس من نفس العام، وتم فيه اتخاذ القرارات بتفويض من المجتمعين بمطاردة حركات المقاومة في فلسطين.
27. 1/10/1997م إطلاق سراح الشيخ أحمد ياسين من المعتقل الصهيوني.
28. وفي سبتمبر 2000م انطلقت الانتفاضة الفلسطينية الثانية إثر زيارة الخنزير إرئيل شارون إلى المسجد الأقصى المبارك.. التي لا تزال مستمرة.