المسجد الأقصى

من دائرة المعارف الفلسطينية
نسخة ٠٩:٢٩، ٥ أبريل ٢٠١٨ للمستخدم Basheer (نقاش | مساهمات) (أنشأ الصفحة ب'==بناؤه== أن المسجد الأقصى هو ثاني مسجد بني في الأرض‎:‎ لما في حديث الصحيحين عن آبي ذر الغفاري...')
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى: تصفح، ابحث

بناؤه

أن المسجد الأقصى هو ثاني مسجد بني في الأرض‎:‎

لما في حديث الصحيحين عن آبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال: (قلت يا رسول الله أي مسجد وضع في ‏الأرض أول قال: المسجد الحرام. قال: قلت ثم أي؟ قال: المسجد الأقصى. قلت: كم كان بينهما؟ قال: أربعون ‏سنة. ثم أينما أدركتك الصلاة بعد فصل فان الفضل فيه‎).‎

وحول بناء المسجد الأقصى نجد قولين‎ :‎

القول الأول:

أن آدم (عليه السلام ) هو الذى بني المسجد الحرام ، وهو الذى بنى المسجد الأقصى بعده  ‏بأربعين عاما‎ . ‎

القول الثانى أن الذى بنى المسجد الحرام هو إبراهيم ( عليه وعلي نبينا الصلاة والسلام) ، واستدل من قال ‏ذلك بقوله تعالىوَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ{127} رَبَّنَا ‏وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ{128) البقرة

وأن يعقوب ( عليه وعلي نبينا الصلاة والسلام)هو الذى بنى المسجد الأفصى بعد بناء جده للبيت الحرام ‏بأربعين عاما‎ .‎

‎وإذا أردنا ترجيح أحد الرأيين وجدنا أن القول الأول هوالأرجح ؛وذلك لأن إبراهيم ( عليه وعلي نبينا الصلاة ‏والسلام)ذهب إلى مكان البيت ومعه إسماعيل لايزال رضيعا قبل رفع القواعد وهذا ما نستدل عليه من قول الله ‏تعالى (رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ ‏النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ{37} إبراهيم‎ ‎

ولا يعارض هذا ما روى عن عبدالله ابن عمر – رضى الله عنهما – أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: (لما فرغ سليمان ‏بن داود من بناء بيت المقدس سأل الله ثلاثاً: حكماً يصادف حكمه, وملكاً لا ينبغي لأحدٍ من بعده, و ألاّ يأتي ‏هذا المسجدَ أحدٌ لا يريد إلاّ الصلاة فيه إلاّ خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أما إثنتان فقد ‏أعطيهما, وأرجو أن يكون قد أعطي الثالثة‎. ‎

وفى رواية قال: (لما بنى سليمان بن داود بيت المقدس ،قرب القرابين ،وذبح الذبائح ، فأوحى الله إليه قد ‏أرى سرورك ببنيان بيتى فسلنى أعطك فقال سليمان( عليه وعلي نبينا الصلاة والسلام):- أسألك ثلاث ‏خصال: حكماً يصادف حكمه, وملكاً لا ينبغي لأحدٍ من بعده, و ألاّ يأتي هذا المسجدَ أحدٌ لا يريد إلاّ الصلاة ‏فيه إلاّ خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أما إثنتان فقد أعطيهما, وأرجو أن يكون قد أعطي ‏الثالثة. رواه الطبرانى والنسائى وابن حبان وأحمد وابن ماجة‎ وذلك لأن سليمان ( عليه وعلي نبينا الصلاة والسلام)لم يكن مؤسسا ولكن كان مجددا‎.‎

من أول من بنى المسجد الأقصى؟

اختلف العلماء من أهل التفسير والحديث والتاريخ في تعيين أول من وضع المسجد الأقصى, وبتتبع أقوالهم ‏واستقرائها, بدا لي أنها لا تخرج عن ثلاثة آراء‎:‎

الأول: إن آدم عليه السلام هو الذي أسس كلا المسجدين, ذكر ذلك العلامة ابن الجوزي, ومال إلى ترجيح ‏هذا الرأي الحافظ ابن حجر في الفتح, واستدلّ له بما ذكره ابن هشام في كتاب "التيجان" أنّ آدم لما بني الكعبة ‏أمره الله بالسير إلى بيت المقدس وأن يبنيه فبناه ونسك فيه. وبناء آدم عليه السلام الكعبة مشهور وفيه عدة ‏آثار‎:‎

‏1- روى ابن أبي حاتم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص قال: (لمّا كان زمن الطوفان رفع البيت, وكان ‏الأنبياء يحجونه, ولا يعلمون مكانه حتى بوّأه الله لإبراهيم وأعلمه مكانه).‎

‏2- روى البيهقي في "الدلائل" من طريق أخرى عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً : (بعث الله جبريل إلى آدم فأمر ‏ببناء البيت فبناه آدم, ثم أمره بالطواف وقيل له أنت أول الناس, وهذا أول بيت وضع للناس). ‎ ‏3- روى عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء (أن آدم أول من بنى البيت). ‎ وهذا القول أثبت كما قال الحافظ في الفتح وعليه فإنّ الذي أٍسس المسجد الأقصى هو آدم نفسه أو أحد أبنائه ‏لأنّ المدة الفاصلة بين المسجدين أربعون سنة فقط‎.‎ الثاني: أن الخليل إبراهيم عليه السلام هو الذي أٍسس المسجد, لأنّ بناءه للمسجد الحرام مشهور بنص القرآن: ‏‏(وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل) وقوله تعالى : (وإذ بوّأنا لإبراهيم مكان البيت) ، وإذا ثبت ‏بالنص أنه بني الكعبة، فإنّ بناءه لمسجد الأقصى محتمل راجح لقرب العهد بين المسجدين. وممن نصر هذا ‏القول شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال: (والمسجد الأقصى, صلت فيه الانبياء من عهد الخليل), وفي موضع ‏آخر قال: (فالمسجد الأقصى كان من عهد إبراهيم عليه السلام), ولكن يرد على هذا القول إشكالان: أحدهما: ‏أنّ بناء إبراهيم عليه السلام للكعبة لم يكن وضعاً وتأسيساً وإنما كان رفعاً وتجديداً, والثاني, أنّه لم ترد آثار في ‏تأسيسه للمسجد الأقصى, سوى ما عند أهل الكتاب: (أنّه لما قدم الشام أوحى الله إليه إني جاعل هذه الأرض ‏لخلفك من بعدك, فابتنى إبراهيم مذبحاً لله شكراً على هذه النعمة, وضرب قبته شرقي بيت المقدس) ولكن هذا ‏الذي بناه مذبح لس بمسجد, ثم ان هذا كان أول قدومه الشام أي قبل مولد إسماعيل وبناء الكعبة بمدة, وإنما ‏بناء مسجد بيت المقدس كان بعد وضع الكعبة كما في حديث أبي ذر في الصحيحين‎.‎

القول الثالث أن الذي بناه هو يعقوب عليه السلام, ورجّح هذا القول العلامة ابن القيم رحمه الله حيث قال: ‏‏(والذي أسسه هو يعقوب بن اسحق صلى الله عليهما وآلهما وسلم بعد بناء إبراهيم الكعبة بهذا المقدار – أي ‏أربعين سنة-..) وهذا الذي ذكره ابن القيم موجود عند أهل الكتاب كما قال ابن كثير: (ثم مرّ -أي يعقوب- ‏على أورشليم قرية شخيم فنزل في القرية واشترى مزرعة شخيم بن جحور بمائة نعجة فضرب هنالك فسطاطاً، ‏وابتنى ثم مذبحاً فسماه بيت إيل إله إسرائيل وأمر الله بناء المستعلن له فيه وهو بيت المقدس اليوم الذي جدده ‏بعد ذلك سليمان بن داود عليهما السلام) أوجه الآراء الثلاثة, وأدناها إلى الرجحان قول من قال: إنّ الذي ‏أسسه هو آدم عليه السلام أو أحد أبنائه، وأنّ الذي وقع من البناء بعد ذلك إنما هو تجديد لا تأسيس, والآثار ‏المروية تسند هذا القول وتجعله أقرب إلى الصواب والله أعلم, وأمّا حديث أبي ذر: (أي مسجد وضع في ‏الأرض أوّل؟.. ) فليس فيه تعيين الواضع الأول المؤسس، ولا يصلح أن يكون تفسيراً لقوله تعالى : (وإذ يرفع ‏إبراهيم القواعد من البيت), ولذلك فان البخاري رحمه الله أورد الحديث في موضعين من كتاب الأنبياء، الأول ‏في فضائل الخليل إبراهيم عليه السلام، والثاني في فضائل سليمان عليه السلام, فيفهم من صنيعِهِ هذا أنه أراد ‏فضل بناء المسجدين, لا تعيين أول من أسسهما. ولهذا قال القرطبي: (إن الحديث لا يدل على أن إبراهيم ‏وسليمان لما بنيا المسجدين ابتدآ وضعهما لهما.‏