«حكمة المصري»: الفرق بين المراجعتين

من دائرة المعارف الفلسطينية
اذهب إلى: تصفح، ابحث
سطر ٨٦: سطر ٨٦:
  
 
==إعداد==
 
==إعداد==
حكمة المصري
+
أ.د. يحيى جبر
 
[[تصنيف:موسوعة علماء فلسطين وأعيانها]]
 
[[تصنيف:موسوعة علماء فلسطين وأعيانها]]

مراجعة ٠٨:٢٧، ٢٤ سبتمبر ٢٠١٨

وًلِد حكمة بن طاهر بن درويش المصري في مدينة نابلس سنة 1907 لأسرة ثرية، والتحق بمدارسها حتى تخرج ‏في مدرسة النجاح (الجامعة اليوم) سنة 1924م، وما لبث والده حتى أرسله إلى الجامعة الأمريكية في بيروت ‏لدراسة العلوم الاقتصادية والتجارية، وتخرج فيها سنة 1929م، وكان من زملائه على مقاعد الدرس سليمان ‏النابلسي.‏

تزوج حكمة يوم زلزال نابلس 11/7/1927م من السيدة وداد أحمد الشكعة، وقد رصد ابراهيم طوقان جانبامن ‏أحداث زفافه ليلة الزلزال (ملحق 4) بقوله:‏

فالتحفنا السماء بعد ستور وشفوف مذالة وحجال

وليالي الأعراس يالهف قلبي عطلتها تقلبات الليالي

وجدير بالذكر أن حفل الزفاف ذلك لم يكن لحكمة وحده، بل كان لإخوته وأبناء عمه، وكانت تلك من عادة ‏الناس، وبعضهم عليها لم يزل، إذ يزفزن غير رجل في ليلة واحدة، سواء كانوا من الأشقاء أم من ذوي القربي ‏والأصدقاء.‏

وقد أنجب حكمة ستة من البنين، وهم كل من سمير، عضو المجلس الوطني ورجل الأعمال المعروف، وبهيج ‏مدير شؤون الموظفين والمساهمين في شركة الزيوت النباتية بنابلس، وهاني؛ وهو رجل أعمال يقيم في الولايات ‏المتحدة، وسامي، وهو مساعد مدير بنك القاهرة عمان بعمان، وصلاح _ رحمه الله _ عضو المجلس الوطني ‏ورجل أعمال، ونائب رئيس مجلس أمناء جامعة النجاح الوطنية ثم رئيسه من بعد، والمهندس المرحوم فواز. ‏

وقد أنجب ستا من البنات هن السيدة جنان، حرم الدكتور هاني عون نزيل القاهرة، وجهان، أرملة الشهيد فريد ‏غنام، وتعمل رئيسة للجمعية الخيرية الثقافية بنابلس، والسيدة نهاية، حرم الدكتور فؤاد‎ ‎الطاهر، وقد كانت تعمل ‏محاضرة في قسم اللغة الإنجليزية بجامعة النجاح، وفاطمة زوجة المرحوم الدكتور فائق المصري، وهيا زوجة ‏الدكتور جمال ناصر، وحنان حرم السيد ولهان المصري وهي صحفية تعمل في عمان. ‏

دوره البارز في المجالات الاجتماعية والسياسية

وكان لحكمة دور بارز في المجالات الاجتماعية والسياسية المختلفة، وسنوضح ذلك في موضعه لاحقا، فلم ‏تفته مناسبة للمشاركة في تلك النشاطات، وكثيرا ماكان والده يصطحبه في المناسبات العامة والمحافل الجامعة، ‏ومن ذلك ما ورد في ديوان فلسطينيات لوديع البستاني (ط بيروت 1946م ص 289،288) من خبر الاحتفال ‏الذي أقيم في مدرسة النجاح سنة 1943م بمناسبة مرور خمسة وعشرين عاما على تأسيسها، إذ ثارت حمّية ‏الحاج طاهر المصري، فأوعز إلى نجله السيد حكمة، فاعتلى المنصة، وأعلن التبرع بخمسمائة جنيه في سبيل ‏إنشاء بناء جديد لهذا المعهد الزاهر, فدوّى المكان بتصفيق الاستحسان، وإذا بتبرع آخر بمئتين، فآخر بمائة، ‏وهلم جرا، فارتجل المؤلف – وديع:‏

للطاهر المصري در الكلام ما قاله حكمة مسك الختام

جاد الفتى والجود من طبعه فسار في الموكب جيش الكرام

فأعلن طاهر عن تقديم مئة دينار لكل من البيتين، وانهالت التبرعات بالخمسين وراء الخمسين، فجاء البيت:‏

بشرى " النجاح" وعاش العلم والأدب قامت بناياتها، والله، يا عرب

وما زاد السيل الا اندفاقا بالعشرين وما فوقها، وذلك كله في مدى ربع ساعة أو نحوها، وعلى المنصة كاتبان ‏يقيدان، فجاء البيت:‏

أرض العروبة هزتها حميتها أم السماء وفيها يهطل المطر

وجمع القلم، فبلغ المجموع خمسة آلاف جنيه، وانتقل المدعوون إلى أكواب الشاي والكل مسرور، لأن جمع ‏التبرعات كان عفو الخاطر، واستمرت بضعة أيام فبلغت رقما كافيا لإنشاء البناء، وبعدها كتب مدير المعهد، ‏السيد قدري طوقان، يشكر لصاحب الكلمة (حكمة) كلمته، ويُعلمه أن الإخوان قد أحصوا فوجدوا أن قيمة ‏القصيدة وذيولها بلغت 3200 جنيه فلسطيني، وكان سر الابتهاج عند القائمين بأمر المعهد، وعند المتبرعين، ‏أن هذه الأريحية العربية جاءت بنت ساعتها، فما كان المقصود بدعوة المدعوين تكليفهم ما تطوعوا له.‏

ومن ذلك أنه – رحمه الله – مثل وجهاء مدينة نابلس في عدد من المناسبات الوطنية والمحلية والعربية، فقد كان ‏في استقبال الزعيم الهندي شوكة علي عند زيارته لمدينة نابلس سنة م1931، إذ ألقى خطبة بالمناسبة رحب به ‏فيها. وكان عضوا في لجنة تأبين الزعيم السوري إبراهيم هنانو، وفي الوفد المنتدب عن مدينة نابلس للمشاركة ‏في تشييع جثمان الشهيد الشيخ عز الدين القسام سنة 1935م.‏ ‏ وشارك في تأبين المرحوم عادل زعيتر سنة 1957م إذ قدِم في وفد كبير من الأردن، وكان عضواً في لجنة ‏التأبين، ومن كلامه يؤبنه " خسر الوطن العربي بوفاة عادل زعيتر وطنياً كبيراً، ومجاهداً فذاً، ومحامياً مثالياً، ‏وعالماً قدم لبلاده أضخم تراث علمي يخلده أبد الدهر " (ذكرى عادل زعيتر ص 102، 109، 198).‏

وفي أعقاب النكسة عام 1967م، بادر مع عدد من أعيان مدينة نابلس إلى تشكيل لجنة لمساعدة المواطنين ‏على الصمود والتشبث بالأرض، وذلك بتوفير المتطلبات الحياتية، والعمل على حل كثير من المشكلات الناجمة ‏عن الاحتلال.‏

وقد تقلَب حكمة في عدد من المناصب، وشغل كثيراً من الوظائف، فقد أسهم في تأسيس جمعية الشبان ‏المسلمين في مدينة نابلس سنة 1928م ونجح في جولة الانتخابات الثالثة مع كل رائد أبوغزالة وقدري طوقان ‏وإبراهيم طوقان وجمال القاسم ومصباح كنعان ومحمد صلاح وماجد القطب (الحوت 862).‏

وفي عام 1931 عقد مؤتمر التسليح بنابلس في 31/7 وشارك فيه مع حكمة كل من محمد عزة دروزة والدكتور ‏صدقي ملحس وأكرم زعيتر وعبد الحميد السائح ومحمد علي دروزة وقدري طوقان وطاهر المصري وواصف كمال ‏وأحمد الشكعة وحلمي الفتياني وعادل كنعان وعبد الرحيم النابلسي وجمال القاسم والدكتور قلسم ملحس (الحوت ‏‏874).‏

وفي عام 1935م، في ذكرى وعد بلفور، عقد في نابلس مؤتمر كبير بتحضير من لجنة كان حكمة واحدا من ‏أعضائها مع كل من واصف كمال، وصدقي ملحس، وممدوح السخن وراشد أبو غزالة وعبد الرحيم محمود ‏وقدري طوقان وعبد الكريم شاهين وعادل تفاحة وعادل التميمي وخليل الخماش وشافع سعد الدين وأكرم زعيتر ‏‏(الحوت 315). وقد تمخَض ذلك الاجتماع عن قرار الإضراب استنكارا لوعد بلفور وما نجم عنه.‏ وفي 19/4/1936م تشكلت اللجنة القومية الأولى في فلسطين من كل من حكمة المصري وعبد اللطيف صلاح ‏وأكرم زعيتر وفريد العنبتاوي وأحمد الشكعة وواصف كمال (الدفاع 28/1/1355هـ- 20/4/1936م والحوت ‏‏334, 749)‏ وأوردت جريدة الدفاع بيان اللجنة حول أحداث يافا، أوضحت فيه الهدف الذي تشكلت من أجله وهو: تأمين ‏تنظيم الحركة الوطنية فيها، واستمرارها يضمن تحقيق الأماني تحقيقا فعليا لا يتجلى إلا في ايقاف الهجرة ‏الصهيونية إيقافا فورياً.‏ وقد قررت اللجنة دعوة المدن الفلسطينية الأخرى لتأليف لجان قومية ممثلة بجميع هيئاتها، تأخذ على عاتقها ‏تأمين استمرار الحركة الوطنية فيها.. كما تضمن دعوة للإضراب الشامل الدائم..‏ واحتدمت البلاد بروح التمرد والثورة، فلم يمض يومان حتى عقد اجتماع حاشد في مدينة نابلس ضم آلافا من ‏الجماهير الغاضبة في الجامع الكبير ومن حوله، وراح حكمة يتلو بيان اللجنة القومية على الناس، وما أن أنهى ‏كلمته حتى خرج هو وعبد اللطيف صلاح وأكرم زعيتر وبقية أعضاء اللجنة يتقدمون الجماهير في مظاهرة ‏حاشدة تضامنا مع يافا في الأيام الأولى من إضراب عام 1936م (الدفاع 30/المحرم 1355 ه - ‏‏22/4/1936 م).‏

ولم تتوقف اللجنة القومية عند حملة التوعية وبث روح الثورة في المواطنين، فوضعت برنامجا مكثفا لهذا ‏الغرض، وخصصت أسبوعا للقرى، إذ توجه مع وفد وفد اللجنة القومية إلى قرى المشاريق (قصرى وما حولها) ‏وذلك في اليوم الرابع من أسبوع القرى، وفي اليوم الخامس توجهوا إلى غور الفارعة حيث اجتمع المواطنون من ‏بيتا إلى جنين. وكانت الدعوة في كل منزل أتوه تنصبَ على الوحدة الوطنية ومقاومة الاستعمار والهجرة ‏اليهودية. (الدفاع 13 صفر 1355 ه - 15/5/1936م).‏

وشارك حكمة مع زملائه أعضاء وفد نابلس في مؤتمر اللجان القومية الذي عقد في القدس يوم 7/5/1936م ‏لتدارس أوضاع البلاد في الإضراب الشامل، ومانجم عنه (الحوت 888).‏

وفي 29 صفر 1355 ه 20/5/1936 م ألقيت في مدينة نابلس أربع قنابل، فلم تحرك اللجنة اللجنة العليا ساكنا ‏إزاء ذلك، مما أثار غضب أعضاء اللجنة القومية، فأبرق حكمة المصري ورفاقه من شباب نابلس المثقف إلى ‏اللجنة العليا يلومونها على تقصيرها إزاء ما جرى. وجدير بالذكر أن القاء القنابل وإطلاق الرصاص كان قد بدأ ‏في نابلس اعتبارا من 6 / ربيع الأول 1355 ه - 17/5/1936 م (الدفاع).‏

وكان الفلسطينيون ينطلقون في نشاطاتهم الثورية من كونهم جزءا من سورية الكبرى، وتتضح هذه الحقيقة في ‏موافق كثيرة فمن ذلك ما نشرته جريدة الجامعة الاسلامية في 27 شوال 1354 ه الموافق 22/1/1936م من ‏خبر تضمن برقية أبرقها السادة الوطنيون إلى سورية نصها:‏

‏"سورية الجنوبية تعتز بقوة كفاحكم، وتعلن تضامنها في قراع الاستعماريين ونضال الظالمين... " وقد وقعها كل ‏من حكمة المصري وعبد الرحيم محمود ووديع تلحوق وأكرم زعيتر والدكتور فريد زين الدين وواصف كمال ‏وممدوح السخن والدكتور صدقي ملحس.‏

وقد أسهمت هذه الأحداث في صقل شخصية حكمة المصري، وتحديد ملامحها وأكسبتها حسا قوميا ووطنيا ‏مميزا مما هيأه للأدوار التي لعبها في الحلبة السياسية على المستويين الوطني والقومي من بعد. أجل، لقد كان ‏حكمة ما يزال يومها شابا قلما ظفر من هو في سنه بمثل ما ظفر به.‏

ويستمر الإضراب، وتتصاعد الفعاليات المناهضة للإنجليز والصهاينة، وقد نظمت اللجنة القومية مهرجانا ‏بمناسبة مرور مئة يوم على الإضراب العام، وقد تلا حكمة المصري كلمة اللجنة يوم ذاك. (الدفاع 8 جمادى ‏الأولى 1355 ه - 27/6/1936م).‏

وبدأ ملفه عند المحتل الإنجليزي يتعاظم، ولما كان يوم السادس عشر من جمادى الأولى سنة 1355 ه الموافق ‏‏14/8/1936م بادرت السلطات الإنجليزية إلى إبعاده هو ورفاقه الدكتور مصطفى بشناق والدكتور صدقي ‏ملحس والشيخ راضي الحنبلي وسبع العقاد إلى صرفند بتهمة التحريض. (الدفاع 16 جمادى الأولى سنة ‏‏1355ه - 14/8/1936م). ومكث في السجن ثلاثة أشهر حتى أفرج عنه يوم 16 شعبان 1355ه الموافق ‏‏12/11/1936م.‏

وفي عام 1947م أسهم حكمة في تأسيس اللجنة القومية العربية بنابلس، وذلك في أعقاب الاعلان عن تقسيم ‏البلاد، كما شارك في اللجان الفرعية الرافدة لهذه اللجنة، كلجنة الأمن والإصلاح ولجنة الاقتصاد والتموين وهيئة ‏المكتب.‏ وفي أعقاب النكبة عام 1948م أسهم حكمة في تأسيس اللجنة العامة للعناية بشؤون النازحين وتوفير المتطلبات ‏الحياتية لهم، وقد كلف بصياغة دستورها.‏

وفي 28/12/1948م عقد مؤتمر في المنشية بمدينة نابلس عرف من بعد باسم (مؤتمر نابلس) ، برئاسة ‏سليمان طوقان، وسكرتارية أحمد طوقان وإدارة لجنة من كل من حكمة المصري، وعادل الشكعة وحمدي كنعان ‏ونعيم عبد الهادي وهاشم الجيوسي وحلمي العبوشي وحافظ الحمدالله، واتخذ المؤتمر قرارا بقيام وحدة بين ‏فلسطين بكاملها وشرق الأردن ليشكلا بلدا واحدا يكون الملك عبد الله ملكا عليها.‏ وقام وفد من ضمنهم حكمة المصري بزيارة عمان لتقديم القرارات للملك عبد الله الذي قال: " إنه سيتم كل شيء ‏كما تريدون ".‏

وفي 20/4/1950م انتخب حكمة نائباً عن قضاء نابلس مع كل من قدري طوقان وعبد المجيد أبو حجلة ‏ومصطفى بشناق، وذلك في الانتخابات التي جرت عقب مؤتمر أريحا (موسى، ص 539).‏

وفي الانتخابات التي جرت في 29/8/1951م نجح حكمة مجددا، وزامله في تمثيل نابلس في مجلس النواب ‏الأردني كل من وليد الشكعة وعبد القادر الصالح وقدري طوقان. وتولى حكمة رئاسة المجلس خلفا لعبد الله ‏الكليب اعتبارا من 1/11/1952م حتى 24/5/1953، وفي هذه الفترة كان الملك حسين بن طلال قد تسلم ‏سلطاته ملكا للبلاد، وأقسم اليمين الدستورية أمامه بصفته رئيسا لمجلس النواب (موسى ص 560).‏

وقد كان ذلك في أعقاب جلسة سرية لمجلس الأمة يوم11/8/1952م للنظر في بيان رئيس الحكومة الأردنية ‏الذي قال إن جلالة الملك طلال لم يعد قادراً على ممارسة القيام بأعباء الحكم بسبب مرضه، إذ اختيرت لجنة ‏للنظر في الأمر من ثلاثة أعيان هم محمد الأمين الشنقيطي، وعبد الله الكليب، وسعيد علاء الدين، وستة نواب هم ‏هزاع المجالي وأنور الخطيب وفلاح المدادحة ووصفي ميرزا وحكمة المصري ومحمد علي بدير (موسى 569). ‏وعين حكمة المصري وزيرا للزراعة في حكومة فوزي الملقي التي قامت مابين 15/5/1953 م وحتى ‏‏2/5/1954م إذ استقالت.‏

وفي أعقاب ذلك كان البعد القومي لدى حكمة المصري وبعض زملائه قد اتخذ منحى جديدا، فبادر مع نفر منهم ‏إلى تأسيس الحزب الوطني الاشتراكي، وذلك في 7/6/1954م وقد ضمنت هيئة التأسيس إلى جانب رئيسه ‏سليمان النابلسي كلا من حكمة المصري، هزاع المجالي، عبد الحليم النمر، أنور الخطيب، شفيق ارشيدات، ‏كمال منكو، جريس الهلسة، سعيد العزة، رشاد الخطيب، وكلهم من النواب، وكان الهدف من تأسيس هذ الحزب ‏مناوأة المد الشيوعي والبعثي. وكان الحزب يمهد للوحدة مع العراق لضم جيشها للجيش العربي في وجه القوات ‏الإسرائيلية. وجدير بالذكر أن هذا الحزب هو الذي حجب الثقة عن وزارة توفيق أبى الهدى في 6/1954م مما ‏أدى إلى حل البرلمان (موسى ص 600).‏

وفي 21/10/1956م حملت الانتخابات كلاً من حكمة المصري وفائق العنبتاوي ووليد الشكعة وعبد القادر ‏الصالح إلى مجلس النواب الذي استمر من 25/10/54 وحتى 30/9/1957م. وقد تولى حكمة المصري رئاسة ‏هذا المجلس حتى قدم استقالته (موسى ص 406) وجدير بالذكر أن جل هذه المجالس كانت تحل حلاً لعدم ‏التعاون مع السلطة التنفيذية.‏

وكان حكمة وسليمان النابلسي يتصدران حركة المد القومي في الأردن آنذاك، وكان لحزبهما نشاط كبير كغيره ‏من الأحزاب التي أخذت تتنامى بسرعة، وصار أثرها كبيراً في الحياة السياسية الأردنية، وفي هذا الصدد تقول ‏ريموندا الطويل " وكان حكمة وسليمان النابلسي قد قادا حركة القوميين العرب... فوضع كل منهما في الإقأمة ‏الجبرية؛ لأنهما كانا جريئين في معارضة السياسة الأردنية التي اتجهت إلى حل الأحزاب... وكان هو وسليمان ‏النابلسي قد نالا اعجاب جيل كامل من الأردنيين والفلسطينيين. " (العودة العدد 152 كانون الثاني 1995 ص ‏‏8).‏

وظل حكمة المصري في الإقأمة الجبرية بمنزله في مدينة نابلس حتى أواخر عام 1957م واستمر ذلك نحوا من ‏ستة أشهر، ولم يعد للعمل في الحلبة السياسية الرسمية إلا في عام 1963م حين عّين عضوا في مجلس ‏الأعيان الأردني وعضوا في لجنة الشؤون الخارجية واللجنة المالية، وظل فيه من 1/11 وحتى 31/10/1967م ‏إذ أعيد تشكيله، فعّين فيه مجددا حتى 1/11/1971م ثم أقصي عنه فترة طويلة من 1971م وحتى 1984م، إذ ‏يبدو أن قرار قمة الرباط الذي نص على أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب ‏الفلسطيني قد أثر على وضع العلاقات الأردنية الفلسطينية، لاسيما أن حكمة المصري كان قد عيّن عضوا في ‏المجلس الوطني الفلسطيني الأول الذي عقد في 28/5/1964م في مدينة القدس، وانتخب نائبا لرئيس هذا ‏المجلس.‏

وفي 11/1/1984م عيّن حكمة المصري عضوا في مجلس الأعيان الأردني من جديد، إذ انتخب نائبا للرئيس، ‏وأعيد تعيينه فيه لمدة ثانية في 12/1/1988م، وظل فيه إلى أن أعفي من منصبه بعد فك الارتباط الاداري ‏والقانوني بين المملكة الأردنية الهاشمية والضفة الغربية في 30/7/1988، وكان حكمة قد منح وسام الكوكب ‏الأردني سنة 1955م وذلك تقديراً لجهوده في خدمة الوطن والمواطنين في مجالات الحياة المختلفة.‏

وعلى الساحة الفلسطينية، فقد ظل حكمة يعمل بشكل متواصل لخدمة القضية والتخفيف من ويلات النكبة ‏وماجرّته على الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات من المصائب. وكيف لا يكون الأمر كذلك وهو من رواد ‏حركة المقاومة والبناء في فلسطين ابتداء من أواخر العشرينات، وهو الذي واكب تصاعد الأحداث على الساحة، ‏وعاشها حدثا حدثا، يرى بعينه ولا يقدر أن يفعل أكثر مما فعل، في ظل ظروف دولية مسعفة للإنجليز واليهود، ‏ومجحفة في حق العرب، وظروف عربية تتذبذب بين المواتاة السطحية في ضوء معطيات محدودة وبين التدابر ‏والتصدع اللذين اعتريا جل المراحل التي مرت بها الأمة العربية في العقود السبعة الأخيرة.‏

إعداد

أ.د. يحيى جبر