«فارس الحوّاري العزّوني»: الفرق بين المراجعتين

من دائرة المعارف الفلسطينية
اذهب إلى: تصفح، ابحث
(أنشأ الصفحة ب'==لمحة في جغرافية وتاريخ عزون== نشأ الثائر “فارس” محمد الحواري في قرية عزون، وهي تقع على المر...')
 
 
(مراجعتان متوسطتان بواسطة نفس المستخدم غير معروضتين)
سطر ٣٩: سطر ٣٩:
 
عرف عنه ولعه المبكر بالسلاح، وقد اعتقل مرات عديدة قبل بلوغه سن الرشد،، وحينما بلغ سن السادسة عشرة من عمره، توجه إلى قرية المزيرعة من قرى قضاء اللد مع صديقه مصطفى غزال سويدان، الذي يكبره سنا بهدف شراء بندقية، حيث وجد شخصا تعّود بيع بندقيته للباحثين عن سلاح.
 
عرف عنه ولعه المبكر بالسلاح، وقد اعتقل مرات عديدة قبل بلوغه سن الرشد،، وحينما بلغ سن السادسة عشرة من عمره، توجه إلى قرية المزيرعة من قرى قضاء اللد مع صديقه مصطفى غزال سويدان، الذي يكبره سنا بهدف شراء بندقية، حيث وجد شخصا تعّود بيع بندقيته للباحثين عن سلاح.
  
وكان يبيعها ومعها طلقات مغشوشة، ثم يفاجئ من يشتريها بعمل كمين، وتحت تهديد السلاح يقوم باستردادها، ويسلبه ما لديه من مال وتكرر هذا الأسلوب مع عدة أشخاص(9).
+
وكان يبيعها ومعها طلقات مغشوشة، ثم يفاجئ من يشتريها بعمل كمين، وتحت تهديد السلاح يقوم باستردادها، ويسلبه ما لديه من مال وتكرر هذا الأسلوب مع عدة أشخاص(9).
 
سمع “فارس” الحواري وصديقه مصطفى غزال بقصة هذا الرجل، وحكاية سلاحه فخططا للحصول عليها فتجهزا بطلقات احتياطية وذهبا إلى المزيرعة وحدث معهما كما يحدث مع الآخرين، واعترضهما خارج القرية فحّذراه من مغبة صنيعه، ولكنه لم يتراجع عندها أردياه قتيلا (10).
 
سمع “فارس” الحواري وصديقه مصطفى غزال بقصة هذا الرجل، وحكاية سلاحه فخططا للحصول عليها فتجهزا بطلقات احتياطية وذهبا إلى المزيرعة وحدث معهما كما يحدث مع الآخرين، واعترضهما خارج القرية فحّذراه من مغبة صنيعه، ولكنه لم يتراجع عندها أردياه قتيلا (10).
  
سطر ٨٥: سطر ٨٥:
 
فكر في طريقة ملائمة للهرب فهداه تفكيره بالتعاون مع رفاق السجن وأقام علاقات وطيدة مع السجّانين العرب، وبفضل هذه العلاقة نجح في الهرب.
 
فكر في طريقة ملائمة للهرب فهداه تفكيره بالتعاون مع رفاق السجن وأقام علاقات وطيدة مع السجّانين العرب، وبفضل هذه العلاقة نجح في الهرب.
 
حدثتنا أرملة الثائر “فارس”: "بعد إعدام صديقه مصطفى وقضائه مدة في المعتقل، طلب نقوداً من أمه لشراء أسلاك ومنشارة حديد، وقام برشوة السّجانين
 
حدثتنا أرملة الثائر “فارس”: "بعد إعدام صديقه مصطفى وقضائه مدة في المعتقل، طلب نقوداً من أمه لشراء أسلاك ومنشارة حديد، وقام برشوة السّجانين
وكانوا عرباً، وفي الليل قطع قضبان الشباك، وتدلى بحبل من الأسلاك الشائكة،  وشاركه بعض المسجونين من العرب، ونجح “فارس” بالقفز خارج الخندق المحيط بالسجن لكن يديه انسلخت من الأسلاك أثناء الهبوط بينما وقع أحد أصدقائه في الخندق وكسر ظهره، و وقع آخر وكسرت يده، أما “فارس” فقد وصل لأقرب منزل إلى السجن، حيث قام أهل البيت بعلاجه  بعدها بقليل طرق الجيش باب البيت، وقامت ست البيت ولفّت “فارس” بالحصيرة، وأوقفته في زاوية الدار كأنه جزء من أثاث البيت. بحثوا عنه في جميع أنحاء الدار ولكن لم يجدوه، بعد يوم أو يومين  توجه “فارس” إلى منطقة طولكرم واختبأ عند صديقه الثائر عبد الله الأسعد من عتيل، الذي كان مسجوناً معه وبقي عنده قرابة عشرة أيام. وفي الليل اتجه “فارس” لغابة عزون وانتظر في موقع سيل الماء عند بيارتهم حتى حضر أخوه حامد وأعمامه يوسف وعبد الجليل "(1).
+
 
 +
وكانوا عرباً، وفي الليل قطع قضبان الشباك، وتدلى بحبل من الأسلاك الشائكة،  وشاركه بعض المسجونين من العرب، ونجح “فارس” بالقفز خارج الخندق المحيط بالسجن لكن يديه انسلخت من الأسلاك أثناء الهبوط بينما وقع أحد أصدقائه في الخندق وكسر ظهره، و وقع آخر وكسرت يده، أما “فارس” فقد وصل لأقرب منزل إلى السجن، حيث قام أهل البيت بعلاجه  بعدها بقليل طرق الجيش باب البيت، وقامت ست البيت ولفّت “فارس” بالحصيرة، وأوقفته في زاوية الدار كأنه جزء من أثاث البيت. بحثوا عنه في جميع أنحاء الدار ولكن لم يجدوه، بعد يوم أو يومين  توجه “فارس” إلى منطقة طولكرم واختبأ عند صديقه الثائر عبد الله الأسعد من عتيل، الذي كان مسجوناً معه وبقي عنده قرابة عشرة أيام. وفي الليل اتجه “فارس” لغابة عزون وانتظر في موقع سيل الماء عند بيارتهم حتى حضر أخوه حامد وأعمامه يوسف وعبد الجليل "(1).
  
 
وتتفق رواية الحاج محمد كايد مع رواية أرملة الشهيد لكنه يذكر تفاصيل أخرى  حدثنا:ـ
 
وتتفق رواية الحاج محمد كايد مع رواية أرملة الشهيد لكنه يذكر تفاصيل أخرى  حدثنا:ـ
سطر ١٤٤: سطر ١٤٥:
 
لم يقتصر العمل الثوري على هذا الكمين فقد جرت اشتباكات أخرى كان منها اشتباك جرى عام 1938 على جانبي وادي عزون الجنوبي حيث وقف الإنجليز شرقي قرية عِسلة في شمال وادي عزون، في حين رابط الثوار إلى الجنوب بجوار "خربة الخراب"من أراضي كفر ثلث، وجرت اشتباكات سقط خلالها  الثائر يوسف عوده من قرية بديا شهيدا.
 
لم يقتصر العمل الثوري على هذا الكمين فقد جرت اشتباكات أخرى كان منها اشتباك جرى عام 1938 على جانبي وادي عزون الجنوبي حيث وقف الإنجليز شرقي قرية عِسلة في شمال وادي عزون، في حين رابط الثوار إلى الجنوب بجوار "خربة الخراب"من أراضي كفر ثلث، وجرت اشتباكات سقط خلالها  الثائر يوسف عوده من قرية بديا شهيدا.
  
حدثنا توفيق أبو صفية: " كنت إصغير يوم استشهاد يوسف عودة من بديا، وقد جاء أهله وحملوه على جمل    وتحمست نساء القرية وقلن في الأفراح:ـ
+
حدثنا توفيق أبو صفية: " كنت إصغير يوم استشهاد يوسف عودة من بديا، وقد جاء أهله وحملوه على جمل    وتحمست نساء القرية وقلن في الأفراح:ـ
 
يوم معركة الخراب      انقتل يوسف شيخ الشباب "
 
يوم معركة الخراب      انقتل يوسف شيخ الشباب "
 
ومن أعمال " فصيل الموت " القيام بوضع ألغام في خط سكة حديد حيفا ـ رأس العين بالقرب من جلجولية التي أدت إلى انحراف القطار عن مساره وانقلابه. وقد تخصص فرح عوده من سنيريا في وضع الألغام، حيث استفاد مما تبقى من أسلحة وقنابل العثمانيين، التي كانت مخبأة في مغارة قريبة من خربة خريش، وظل عودة يضع الألغام حتى جاءت قوة بريطانية إلى خريش وتوجهت إلى مغارة قريبة منها، وجمعت القنابل المخبأة بها منذ عهد الأتراك والتي اعتاد الثوار استخدامها كلما دعت الحاجة لوضع الألغام (12).
 
ومن أعمال " فصيل الموت " القيام بوضع ألغام في خط سكة حديد حيفا ـ رأس العين بالقرب من جلجولية التي أدت إلى انحراف القطار عن مساره وانقلابه. وقد تخصص فرح عوده من سنيريا في وضع الألغام، حيث استفاد مما تبقى من أسلحة وقنابل العثمانيين، التي كانت مخبأة في مغارة قريبة من خربة خريش، وظل عودة يضع الألغام حتى جاءت قوة بريطانية إلى خريش وتوجهت إلى مغارة قريبة منها، وجمعت القنابل المخبأة بها منذ عهد الأتراك والتي اعتاد الثوار استخدامها كلما دعت الحاجة لوضع الألغام (12).
  
كما اعترض “فارس” وعدد من رفاقه  إلى دورية إنجليزية مرت بالقرب من رأس العين، التي قتل فيها 8ـ12 إنجليزيا، ومما قام به الثوار الهجوم على بنك باركليز البريطاني في مدينة يافا وحرقه، وقام “فارس” بمهمات سرية واستطلاعية وتكليف أشخاص باغتيال سماسرة في مدينة يافا، حيث أرسل قاسم الشايب لاغتيال أحد السماسرة فيها و قام فصيل “فارس” بتصفية عدد من العملاء والجواسيس وسماسرة الاحتلال البريطاني في منطقة رام الله ( 13).
+
كما اعترض “فارس” وعدد من رفاقه  إلى دورية إنجليزية مرت بالقرب من رأس العين، التي قتل فيها 8ـ12 إنجليزيا، ومما قام به الثوار الهجوم على بنك باركليز البريطاني في مدينة يافا وحرقه، وقام “فارس” بمهمات سرية واستطلاعية وتكليف أشخاص باغتيال سماسرة في مدينة يافا، حيث أرسل قاسم الشايب لاغتيال أحد السماسرة فيها و قام فصيل “فارس” بتصفية عدد من العملاء والجواسيس وسماسرة الاحتلال البريطاني في منطقة رام الله ( 13).
  
 
لم يقتصر نضال فصيل “فارس” العزوني على العمليات المذكورة بل شارك في معركة الهجوم على القدس لتحريرها برفقة الثوار وقادتهم، ومنهم: عارف عبد الرازق" أبو فيصل "، ومحمد عبدالكريم النوباني "ابو شوكت"، وحمد داود زواتا " أبو فؤاد "، وآخرين كانوا داخل المدينة المقدسة.
 
لم يقتصر نضال فصيل “فارس” العزوني على العمليات المذكورة بل شارك في معركة الهجوم على القدس لتحريرها برفقة الثوار وقادتهم، ومنهم: عارف عبد الرازق" أبو فيصل "، ومحمد عبدالكريم النوباني "ابو شوكت"، وحمد داود زواتا " أبو فؤاد "، وآخرين كانوا داخل المدينة المقدسة.
سطر ١٧٠: سطر ١٧١:
  
 
حدثنا الثائر أسعد القاسم: " ذهبنا إلى قرية قريبة من طوباس، وكنا قرابة عشرين وكان قائد المجموعة من قرية جلبون من أصدقاء “فارس”،  واستضافنا شيخ قبيلة الزيناتي لمدة يومين، وأراد “فارس” القضاء على كلوب باشا، وكان يساعده رجل من الأردن، عمل كدليل له، واستطلعوا المنطقة فوجدوها ملغومة ويستحيل الوصول إليه، حيث يحيط به حراسه، ووجدنا من الصعوبة بمكان قتله، وقوتنا لا تعادل قوته، ورجعنا من هناك ووجدنا عارف عبدا الرازق، وحمد زواتا قد قاموا بقتل حسن أبو نجيم، ربما بسبب تفوقه عليهم،  وقد شعر “فارس” بالانقباض وتأثر تأثراً شديداً " (18).
 
حدثنا الثائر أسعد القاسم: " ذهبنا إلى قرية قريبة من طوباس، وكنا قرابة عشرين وكان قائد المجموعة من قرية جلبون من أصدقاء “فارس”،  واستضافنا شيخ قبيلة الزيناتي لمدة يومين، وأراد “فارس” القضاء على كلوب باشا، وكان يساعده رجل من الأردن، عمل كدليل له، واستطلعوا المنطقة فوجدوها ملغومة ويستحيل الوصول إليه، حيث يحيط به حراسه، ووجدنا من الصعوبة بمكان قتله، وقوتنا لا تعادل قوته، ورجعنا من هناك ووجدنا عارف عبدا الرازق، وحمد زواتا قد قاموا بقتل حسن أبو نجيم، ربما بسبب تفوقه عليهم،  وقد شعر “فارس” بالانقباض وتأثر تأثراً شديداً " (18).
 +
 
هوامش الفصل الثالث:
 
هوامش الفصل الثالث:
 
1) مقابلة أجريت بتاريخ سابق ذكره.
 
1) مقابلة أجريت بتاريخ سابق ذكره.
سطر ١٩١: سطر ١٩٣:
 
18) المرجع السابق نفسه.
 
18) المرجع السابق نفسه.
 
   
 
   
+
==محاكمة “فارس” وإعدامه==
+
 
+
الفصل الثالث
+
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
الفصل الرابع
 
محاكمة “فارس” وإعدامه
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
معركة الوادات ونهاية "فصيل الموت":
 
معركة الوادات ونهاية "فصيل الموت":
 
جرت معركة الوادات في موقع غير بعيد عن قرية عزون، و يقع على بعد 2كم إلى الغبرب من القرية ويطلق عليه أيضا واد اسحق، تعد هذه المعركة الأخيرة بين فصيل “فارس” والإنجليز، قبل أن يقرر”فارس”  الرحيل مرةً ثانية إلى  سوريا، وينتهي دور فصيله، وقد جاءت في ظل غياب القائد عارف عبدالرازق عن ساحة فلسطين، ومعه عدد من الثوار الذين توجهوا إلى سوريا واستشهاد القائد العام للثورة الفلسطينية الشهيد عبدالرحيم الحاج محمد، ووصول الثورة الفلسطينية إلى حالة من الاختناق إضافة إلى سوء الأوضاع العربية والدولية.
 
جرت معركة الوادات في موقع غير بعيد عن قرية عزون، و يقع على بعد 2كم إلى الغبرب من القرية ويطلق عليه أيضا واد اسحق، تعد هذه المعركة الأخيرة بين فصيل “فارس” والإنجليز، قبل أن يقرر”فارس”  الرحيل مرةً ثانية إلى  سوريا، وينتهي دور فصيله، وقد جاءت في ظل غياب القائد عارف عبدالرازق عن ساحة فلسطين، ومعه عدد من الثوار الذين توجهوا إلى سوريا واستشهاد القائد العام للثورة الفلسطينية الشهيد عبدالرحيم الحاج محمد، ووصول الثورة الفلسطينية إلى حالة من الاختناق إضافة إلى سوء الأوضاع العربية والدولية.
 +
 
حدثنا أسعد القاسم عن ظروف المعركة:
 
حدثنا أسعد القاسم عن ظروف المعركة:
 
" كنت في لبنان ومعي “فارس” العزوني، ونمر القنبر أوائل عام 1939 و زرنا القائد عبد الرحيم الحاج محمد في مكتب اللجنة المركزية للجهاد، والتقينا من أعضاءها محمد عزة دروزة، وداود الحسيني، و سليم أبو لبن.
 
" كنت في لبنان ومعي “فارس” العزوني، ونمر القنبر أوائل عام 1939 و زرنا القائد عبد الرحيم الحاج محمد في مكتب اللجنة المركزية للجهاد، والتقينا من أعضاءها محمد عزة دروزة، وداود الحسيني، و سليم أبو لبن.
 +
 
وكان “فارس” يقيم في بيت خاص به وزوجته، وذهبنا إلى بيت داود الحسيني ورحب بنا وسلم الواحد منا أكثر من مائة دينار. بعدها فكرنا بالرجوع مع الشهيد عبد الرحيم الحاج محمد إلى البلاد، إلا أن داود الحسيني عارض ذهابنا معه، فسألته عن السبب فقال: إنك من رجالي وأخشى عليك أن تقتل إذا رافقت عبد الرحيم الحاج محمد وسأؤمن وصولك إلى كور أقرب بلد إليك.
 
وكان “فارس” يقيم في بيت خاص به وزوجته، وذهبنا إلى بيت داود الحسيني ورحب بنا وسلم الواحد منا أكثر من مائة دينار. بعدها فكرنا بالرجوع مع الشهيد عبد الرحيم الحاج محمد إلى البلاد، إلا أن داود الحسيني عارض ذهابنا معه، فسألته عن السبب فقال: إنك من رجالي وأخشى عليك أن تقتل إذا رافقت عبد الرحيم الحاج محمد وسأؤمن وصولك إلى كور أقرب بلد إليك.
 
وحّملني رسائل لعدة أشخاص ودعمنا برسائله وتوصياته في هذه البلاد، حيث رتب لنا في القرى من نتوجه إليه، وملأ الُخرجين بما يلزم من الأكل، و وصلنا إلى بلدنا عِسلة ونمنا خارج القرية تحسبا من عملاء الإنجليز وحدث ما توقعنا حيث جاء الإنجليز يبحثون عنا.
 
وحّملني رسائل لعدة أشخاص ودعمنا برسائله وتوصياته في هذه البلاد، حيث رتب لنا في القرى من نتوجه إليه، وملأ الُخرجين بما يلزم من الأكل، و وصلنا إلى بلدنا عِسلة ونمنا خارج القرية تحسبا من عملاء الإنجليز وحدث ما توقعنا حيث جاء الإنجليز يبحثون عنا.
 +
 
نام الإنجليز ليلتهم على سطوح الدور بانتظار رجوعنا للبيت. بعدها سمعنا أن “فارس” رجع إلى البلاد، ولم التحق به مرةً أخرى ، حيث عملت بحصاد الأرض غربي  حبلة.
 
نام الإنجليز ليلتهم على سطوح الدور بانتظار رجوعنا للبيت. بعدها سمعنا أن “فارس” رجع إلى البلاد، ولم التحق به مرةً أخرى ، حيث عملت بحصاد الأرض غربي  حبلة.
توجه “فارس” إلى رأس العين ورابط قرب شجرة صبار قريبة من سكة الحديد بانتظار مرور دورية إنجليزية لينقض عليها ومعه مجموعة من فصيله، ومرت سيارة تنقل عربا حكم عليهم بالعمل الشاق في كسارات قرية المجدل، ومن خلفهم كانت تحرسهم سيارة عسكرية بريطانية تحمل ثمانية جنود أو أكثر قام “فارس” بإطلاق النار على الجنود وتبعه رفاقه، وصعد “فارس” إلى الدورية وأكمل على من بقي حياً .
+
 
 +
توجه “فارس” إلى رأس العين ورابط قرب شجرة صبار قريبة من سكة الحديد بانتظار مرور دورية إنجليزية لينقض عليها ومعه مجموعة من فصيله، ومرت سيارة تنقل عربا حكم عليهم بالعمل الشاق في كسارات قرية المجدل، ومن خلفهم كانت تحرسهم سيارة عسكرية بريطانية تحمل ثمانية جنود أو أكثر قام “فارس” بإطلاق النار على الجنود وتبعه رفاقه، وصعد “فارس” إلى الدورية وأكمل على من بقي حياً .
 +
 
 
وقال “فارس”: دعوني فأنا من سيقضي على الناجين منهم ومن مسدسه أطلق النار على سائقها الذي كان  أمامه مدفع رشاش، و قفز بداخلها وقضى على الباقين منهم. لكنه أصيب بطلقة في فخذه، وقد شعر بها بعد وصوله إلى خريش، وأسعفه مختار كفر ثلث أحمد الخطيب، وجاء به رفاقه إلى أرض الوادات من أراضي عزون القريبة من جيوس، لحقه الإنجليز يبحثون عنه ويريدون القضاء عليه بأي ثمن، وقاموا بتعذيب بعض أقاربه حتى يعرفوهم عن مكأنه، وقد اعترف أحدهم عن مخبأه من شدة القتل والتعذيب، وأشار إلى أنه في "أرض الزايدة" من أراضي عزون.
 
وقال “فارس”: دعوني فأنا من سيقضي على الناجين منهم ومن مسدسه أطلق النار على سائقها الذي كان  أمامه مدفع رشاش، و قفز بداخلها وقضى على الباقين منهم. لكنه أصيب بطلقة في فخذه، وقد شعر بها بعد وصوله إلى خريش، وأسعفه مختار كفر ثلث أحمد الخطيب، وجاء به رفاقه إلى أرض الوادات من أراضي عزون القريبة من جيوس، لحقه الإنجليز يبحثون عنه ويريدون القضاء عليه بأي ثمن، وقاموا بتعذيب بعض أقاربه حتى يعرفوهم عن مكأنه، وقد اعترف أحدهم عن مخبأه من شدة القتل والتعذيب، وأشار إلى أنه في "أرض الزايدة" من أراضي عزون.
 +
 
جرت هذه العملية حينما كان عارف عبد الرازق خارج البلاد، في حين أستشهد عبد الرحيم الحاج محمد في صانور، وظل “فارس” وحيدا في الميدان ربما جرى هذا الحادث في أول أيار صيف عام  1939("1).
 
جرت هذه العملية حينما كان عارف عبد الرازق خارج البلاد، في حين أستشهد عبد الرحيم الحاج محمد في صانور، وظل “فارس” وحيدا في الميدان ربما جرى هذا الحادث في أول أيار صيف عام  1939("1).
 
   
 
   
 
حدثني جدي عبدالهادي عرار:"  
 
حدثني جدي عبدالهادي عرار:"  
 
"جرح “فارس” في معركة رأس العين ونقل على نقالة إسعاف وسار به رفاقه إلى قرية سلمان ومنها توجه إلى  مغارة تقع في أرض "حريقة أبو فارة " من أراضي كفرثلث، و حضر لمعالجته طبيب العيون الدكتور رفعت عودة من بلدة بديا " (2).
 
"جرح “فارس” في معركة رأس العين ونقل على نقالة إسعاف وسار به رفاقه إلى قرية سلمان ومنها توجه إلى  مغارة تقع في أرض "حريقة أبو فارة " من أراضي كفرثلث، و حضر لمعالجته طبيب العيون الدكتور رفعت عودة من بلدة بديا " (2).
 +
 
وتذكر زوجته نقلاً عنه أنه: نقل بعد العملية إلى أرض "حريقة السيد " شمال كفرثلث، واعتنى به مختار كفرثلث وخربها، وصارت معركة الزايدة و اعتنى به مختار جيوس محمد عمر الذي وضعه في مغارة بأرض محمد النوفل، وقمت مع والدته بزيارته  في خربة نوفل من أراضي جيوس، و رفض الكشف عنه حتى تأكد أنها أمه وأني زوجته. مرت أيام وحصلت المعركة وبعدها قرر التوجه إلى لبنان وسوريا (3)
 
وتذكر زوجته نقلاً عنه أنه: نقل بعد العملية إلى أرض "حريقة السيد " شمال كفرثلث، واعتنى به مختار كفرثلث وخربها، وصارت معركة الزايدة و اعتنى به مختار جيوس محمد عمر الذي وضعه في مغارة بأرض محمد النوفل، وقمت مع والدته بزيارته  في خربة نوفل من أراضي جيوس، و رفض الكشف عنه حتى تأكد أنها أمه وأني زوجته. مرت أيام وحصلت المعركة وبعدها قرر التوجه إلى لبنان وسوريا (3)
 
أما كيف حدثت معركة الزايدة، وكيف انتهى مصير فصيل “فارس” العزوني، فقد أجمع الرواة الذين قابلتهم على أن مجموعة من الثوار يقارب عددها عشرون ثائراَ كانوا يجتمعون بين قريتي عزون وجيوس في وادي عزون، بمكان يدعى " الزايدة " ـ كما يعرفها أبناء عزون ـ ، وبينما كانوا يجتمعون كانت الطائرات الإنجليزية تحلق بعلو منخفض، وقد رصدت تجمع الثوار ومعهم خيولهم، وقد اختاروا الاشتباك مع الإنجليز فأطلق أحدهم طلقة على الطائرة التي تحلق في سماء المنطقة، مما سهل انكشافهم، وأمطرت الطائرات الثوار بقذائفها الملتهبة ، وجوبهت بسلاح ناري بسيط، يمتلكه الثوار، وكانت المنطقة مكشوفة بشكل جيد للطائرات البريطانية، مما أدى إلى استشهاد ثماني أشخاص، ولم يخسر البريطانيون أحداً منهم.
 
أما كيف حدثت معركة الزايدة، وكيف انتهى مصير فصيل “فارس” العزوني، فقد أجمع الرواة الذين قابلتهم على أن مجموعة من الثوار يقارب عددها عشرون ثائراَ كانوا يجتمعون بين قريتي عزون وجيوس في وادي عزون، بمكان يدعى " الزايدة " ـ كما يعرفها أبناء عزون ـ ، وبينما كانوا يجتمعون كانت الطائرات الإنجليزية تحلق بعلو منخفض، وقد رصدت تجمع الثوار ومعهم خيولهم، وقد اختاروا الاشتباك مع الإنجليز فأطلق أحدهم طلقة على الطائرة التي تحلق في سماء المنطقة، مما سهل انكشافهم، وأمطرت الطائرات الثوار بقذائفها الملتهبة ، وجوبهت بسلاح ناري بسيط، يمتلكه الثوار، وكانت المنطقة مكشوفة بشكل جيد للطائرات البريطانية، مما أدى إلى استشهاد ثماني أشخاص، ولم يخسر البريطانيون أحداً منهم.
 +
 
حول هذه المعركة حدثنا محمد كايد سويدان:  
 
حول هذه المعركة حدثنا محمد كايد سويدان:  
 
بعد ستة شهور من اعتقالنا في مزرعة عكا التي كان بها حوالي ألفين شخص معتقلين عند شط البحر.روحَّنا وسَّلمنا على “فارس” في البلد من شامى، وثاني يوم جابوا خيل، ونزلوا على خربة خريش من شامى وربطوا الخيل في البيارات القريبة منها، ومرت دورية إنجليزية وبها ما لا يقل عن ثمانية أشخاص، باغتهم الثوار ونجحوا في قتلهم وأخذ سلاحهم وركبوا الخيل وهربوا، وفيها جرح “فارس” بطلقة في فخذه، ويقال أنها أطلقت من أحد مرافقيه، وبعد وصولهم خريش قال لهم “فارس”: أصبت.
 
بعد ستة شهور من اعتقالنا في مزرعة عكا التي كان بها حوالي ألفين شخص معتقلين عند شط البحر.روحَّنا وسَّلمنا على “فارس” في البلد من شامى، وثاني يوم جابوا خيل، ونزلوا على خربة خريش من شامى وربطوا الخيل في البيارات القريبة منها، ومرت دورية إنجليزية وبها ما لا يقل عن ثمانية أشخاص، باغتهم الثوار ونجحوا في قتلهم وأخذ سلاحهم وركبوا الخيل وهربوا، وفيها جرح “فارس” بطلقة في فخذه، ويقال أنها أطلقت من أحد مرافقيه، وبعد وصولهم خريش قال لهم “فارس”: أصبت.
 +
 
حّطوه في "واد اسحق " شمال عزون، وأخذ الإنجليز يبحثون عنه، وكشف الجواسيس مكأنه ، وحلقت طائرة حول عزون فكشفت من معه في " أرض الوادات "، وكان بعضهم يشكو من الجوع، مثل نمر القنبر، وقذفت الطائرة على عزون المناشير التي كتبت باللغة الإنجليزية لغرض فرض منع التجول، وهجم الجيش الإنجليزي بدباباته وطائراته على الثوار.بينما كان أبناء عزون يتعرضون للتعذيب.
 
حّطوه في "واد اسحق " شمال عزون، وأخذ الإنجليز يبحثون عنه، وكشف الجواسيس مكأنه ، وحلقت طائرة حول عزون فكشفت من معه في " أرض الوادات "، وكان بعضهم يشكو من الجوع، مثل نمر القنبر، وقذفت الطائرة على عزون المناشير التي كتبت باللغة الإنجليزية لغرض فرض منع التجول، وهجم الجيش الإنجليزي بدباباته وطائراته على الثوار.بينما كان أبناء عزون يتعرضون للتعذيب.
 
بعد استشهاد رفاقه وجرح عدد منهم اختار “فارس” الإنسحاب من الجهة الغربية لا من الجهة الشرقية، حيث يتوقع الإنجليز ذلك، وتسلل من بين الدبابات البريطانية، وفعل مثله عبد الرحيم عثمان زيد، حيث رجع إلى بلده قلقيلية. وقف “فارس” في "أرض العابد" قرب النبي الياس وهو منهك، وقد أعياه التعب والعطش ونادى على قريب له بأعلى صوته وطلب ماءً للشرب، وتأسف “فارس” لاستشهاد رفاقه. حضر أبناء جيوس لرفع الشهداء، ونقلوهم ودفنوهم في مقبرة القرية وبعدها نقلوا لعزون وخسرت عزون ثمانية شهداء منهم: ـ نمر القنبر،  كامل البعنة، أحمد أبو خديجة، وشهيدين من سوريا أحدهما جميل السوري (4).
 
بعد استشهاد رفاقه وجرح عدد منهم اختار “فارس” الإنسحاب من الجهة الغربية لا من الجهة الشرقية، حيث يتوقع الإنجليز ذلك، وتسلل من بين الدبابات البريطانية، وفعل مثله عبد الرحيم عثمان زيد، حيث رجع إلى بلده قلقيلية. وقف “فارس” في "أرض العابد" قرب النبي الياس وهو منهك، وقد أعياه التعب والعطش ونادى على قريب له بأعلى صوته وطلب ماءً للشرب، وتأسف “فارس” لاستشهاد رفاقه. حضر أبناء جيوس لرفع الشهداء، ونقلوهم ودفنوهم في مقبرة القرية وبعدها نقلوا لعزون وخسرت عزون ثمانية شهداء منهم: ـ نمر القنبر،  كامل البعنة، أحمد أبو خديجة، وشهيدين من سوريا أحدهما جميل السوري (4).
 +
 
وعن المعركة يتحدث أسعد القاسم الذي يقيم في قرية عِسلة المجاورة لقرية عزون والمطلة على موقع المعركة
 
وعن المعركة يتحدث أسعد القاسم الذي يقيم في قرية عِسلة المجاورة لقرية عزون والمطلة على موقع المعركة
 
حدثنا أسعد : يوم المعركة كنت غير بعيد عنها، ولكنني لم أشارك فيها. قام الإنجليز بتطويق عزون، وشًددوا الخناق عليها بدهم يعرفوا وين راح “فارس”، وقد اعترف عن مكان وجوده  بعض أقاربه من القتل والتعذيب وقالوا أنه بين عزون وجيوس، أخذت الطيارات تحلق وتحوم على طيران منخفض، و كشفت الثوار مجتمعين في الزايدة.و أطلق أحدهم طلقة على الطيارة و صارت معركة من الظهر حتى المساء، واستشهد فيها مجموعة من رفاقه، وبعد انتهاء المعركة وقد قارب الوقت على المغيب قرر “فارس” ترك المكان واتجه غربا جنوب ً الطريق العام في الاتجاه الذي وقفت فيه الدبابات، وقيل أنه تخبى في عرق بلوطة وأن ضابط إنجليزي كان بالقرب منه، و “فارس” متخبي فيها، ولم يراه الضابط، وبعدها توجه إلى جهة النبي الياس وصار ينادي على عبد البري حتى يسقيه ويطعمه، و فيما بعد توجه إلى مختار حبلة محمد القدورة ( 5).
 
حدثنا أسعد : يوم المعركة كنت غير بعيد عنها، ولكنني لم أشارك فيها. قام الإنجليز بتطويق عزون، وشًددوا الخناق عليها بدهم يعرفوا وين راح “فارس”، وقد اعترف عن مكان وجوده  بعض أقاربه من القتل والتعذيب وقالوا أنه بين عزون وجيوس، أخذت الطيارات تحلق وتحوم على طيران منخفض، و كشفت الثوار مجتمعين في الزايدة.و أطلق أحدهم طلقة على الطيارة و صارت معركة من الظهر حتى المساء، واستشهد فيها مجموعة من رفاقه، وبعد انتهاء المعركة وقد قارب الوقت على المغيب قرر “فارس” ترك المكان واتجه غربا جنوب ً الطريق العام في الاتجاه الذي وقفت فيه الدبابات، وقيل أنه تخبى في عرق بلوطة وأن ضابط إنجليزي كان بالقرب منه، و “فارس” متخبي فيها، ولم يراه الضابط، وبعدها توجه إلى جهة النبي الياس وصار ينادي على عبد البري حتى يسقيه ويطعمه، و فيما بعد توجه إلى مختار حبلة محمد القدورة ( 5).
 +
 
وحول عملية رأس العين، التي حدثت أواخر ربيع عام 1939، التي أثارت سخط المسؤولين الإنجليز واليهود معاً.
 
وحول عملية رأس العين، التي حدثت أواخر ربيع عام 1939، التي أثارت سخط المسؤولين الإنجليز واليهود معاً.
 +
 
يسود الاعتقاد أن بعض الأشخاص اغتنموا فرصة حدوث المعركة المكشوفة مع البريطانين في معركة الوادات وراحوا ينتهزون الفرصة في معاونة الجيش البريطاني.
 
يسود الاعتقاد أن بعض الأشخاص اغتنموا فرصة حدوث المعركة المكشوفة مع البريطانين في معركة الوادات وراحوا ينتهزون الفرصة في معاونة الجيش البريطاني.
 
ووجد المعارضون للثورة فرصتهم فيها، واتخذوها وسيلة لتصفية الحساب والقضاء على مجموعة من أعضاء الفصيل، وقام بعضهم بملاحقة الثوار ودلوا البريطانيين عليهم و كانت حصيلة المعركة استشهاد كوكبة من الثوار المرافقين ل”فارس” خاصةً من أقاربه والقوة الثورية التي اعتمد عليها مما قلل من حماسه لتجديد العمل الثوري، وأخذ يعد العدة للرحيل عن البلاد ريثما تتغير الأحوال وتنجلي الأمور.
 
ووجد المعارضون للثورة فرصتهم فيها، واتخذوها وسيلة لتصفية الحساب والقضاء على مجموعة من أعضاء الفصيل، وقام بعضهم بملاحقة الثوار ودلوا البريطانيين عليهم و كانت حصيلة المعركة استشهاد كوكبة من الثوار المرافقين ل”فارس” خاصةً من أقاربه والقوة الثورية التي اعتمد عليها مما قلل من حماسه لتجديد العمل الثوري، وأخذ يعد العدة للرحيل عن البلاد ريثما تتغير الأحوال وتنجلي الأمور.
بعد ان شفي “فارس” من جرحه بمدة تقارب الشهر قرر الرجوع إلى لبنان، وقد رتب خروج زوجته معه، وقد أصابه اليأس، وذلك للأسباب الأتية:
+
 
 +
بعد ان شفي “فارس” من جرحه بمدة تقارب الشهر قرر الرجوع إلى لبنان، وقد رتب خروج زوجته معه، وقد أصابه اليأس، وذلك للأسباب الأتية:
 +
 
 
أولا: بعد أن أستشهد الأهل والأصحاب وتفرق عنه رفاق الثورة والسلاح.
 
أولا: بعد أن أستشهد الأهل والأصحاب وتفرق عنه رفاق الثورة والسلاح.
 +
 
ثانيا:ـ سوء الأوضاع العربية الداخلية والخارجية والدولية المحيطة، حيث تحالفت قوى الردة الداخلية "عصابات السلام " العميلة مع الاحتلال البريطاني، كما تحالف الفرنسيون مع البريطانيين نمع اقتراب الحرب العالمية الثانية.
 
ثانيا:ـ سوء الأوضاع العربية الداخلية والخارجية والدولية المحيطة، حيث تحالفت قوى الردة الداخلية "عصابات السلام " العميلة مع الاحتلال البريطاني، كما تحالف الفرنسيون مع البريطانيين نمع اقتراب الحرب العالمية الثانية.
 
   
 
   
سطر ٢٥٣: سطر ٢٤٣:
 
   
 
   
 
تضايق الاحتلال من أعمال الثوار، وقرر القضاء عليهم بأي ثمن، فماذا فعل لتحقيق هذه الغاية ؟
 
تضايق الاحتلال من أعمال الثوار، وقرر القضاء عليهم بأي ثمن، فماذا فعل لتحقيق هذه الغاية ؟
 +
 
قام الإنجليز بسلسلة من المضايقات للسكان والأعمال التعسفية، فتارةً يقذفون المناشير من الطائرات، التي كانت تحرض الأهالي ضد الثورة، وتارةً يقومون بفرض منع التجوال على السكان ولمرات عديدة خاصةً في قريتي عزون وكفرثلث اللتين اعتبرتا حاضنتين لفصيل الموت ثم سائر القرى التي تؤويه مثل قرى: حبلة، وصير، وقلقيلية والزاوية من قرى جبل نابلس وقد فرض حظر التجوال ثماني مرات على قرية كفرثلث لوحدها، وقد رافقتها حملة قمع وممارسات تعسفية راح ضحيتها عدد من الشهداء والجرحى .
 
قام الإنجليز بسلسلة من المضايقات للسكان والأعمال التعسفية، فتارةً يقذفون المناشير من الطائرات، التي كانت تحرض الأهالي ضد الثورة، وتارةً يقومون بفرض منع التجوال على السكان ولمرات عديدة خاصةً في قريتي عزون وكفرثلث اللتين اعتبرتا حاضنتين لفصيل الموت ثم سائر القرى التي تؤويه مثل قرى: حبلة، وصير، وقلقيلية والزاوية من قرى جبل نابلس وقد فرض حظر التجوال ثماني مرات على قرية كفرثلث لوحدها، وقد رافقتها حملة قمع وممارسات تعسفية راح ضحيتها عدد من الشهداء والجرحى .
 +
 
كانت سلطات الاحتلال البريطاني حريصةً كل الحرص على القضاء على فصيل “فارس”، وقد أتخذت سبلاً للضغط عليه وكلفت أشخاصاً للتوسط بينه وبين سلطات الاحتلال البريطاني حتى من أقرب الناس إليه ولكن الثائر “فارس” رفض هذه الوساطات أو أن يخدم أغراضها، أوأن يكون طوع إرادتها، ورفض التساهل أو التجاوب مع السلطات الاستعمارية والتخلي عن مواصلة أسلوبه في الكفاح المسلح.
 
كانت سلطات الاحتلال البريطاني حريصةً كل الحرص على القضاء على فصيل “فارس”، وقد أتخذت سبلاً للضغط عليه وكلفت أشخاصاً للتوسط بينه وبين سلطات الاحتلال البريطاني حتى من أقرب الناس إليه ولكن الثائر “فارس” رفض هذه الوساطات أو أن يخدم أغراضها، أوأن يكون طوع إرادتها، ورفض التساهل أو التجاوب مع السلطات الاستعمارية والتخلي عن مواصلة أسلوبه في الكفاح المسلح.
 
حدثنا فضل عبدالجليل  نقلاًعن أبيه أن أحد أخوته ُطلب للحاكم العسكري البريطاني، وأن الحاكم عرض عليه أن تقوم بريطانيا بدعم الفصيل بالمال على أن لا يتعرض للإنجليز بالقتل وأن يسير وفق ما تمليه السياسة البريطانية، ولكن “فارس” طلب من أخيه أن لا يعود للحديث معه بمثل هذا، وطلب منه أن لا يلبي طلبهم إذا أرسلوا مرة ثانية في طلبه وإذا فاتحه بهذا الحديث مرة أخرى سيقتله بمسدسه ( 6).
 
حدثنا فضل عبدالجليل  نقلاًعن أبيه أن أحد أخوته ُطلب للحاكم العسكري البريطاني، وأن الحاكم عرض عليه أن تقوم بريطانيا بدعم الفصيل بالمال على أن لا يتعرض للإنجليز بالقتل وأن يسير وفق ما تمليه السياسة البريطانية، ولكن “فارس” طلب من أخيه أن لا يعود للحديث معه بمثل هذا، وطلب منه أن لا يلبي طلبهم إذا أرسلوا مرة ثانية في طلبه وإذا فاتحه بهذا الحديث مرة أخرى سيقتله بمسدسه ( 6).
وعن الإجراءات التعسفية مع أبناء القرى التي تؤويه قام الجيش البريطاني في يوم الثالث من آذار عام 1939 بفرض منع التجوال على كفرثلث، حيث منع فيه السكان من الخروج، وجمعوا في جامع القرية رجالاً ونساءً وأطفالا، وأعلن المحتلون في مناشير قذفوها من طائراتهم أن على السكان أن يلتزموا بقرار منع التجوال. وأخذت طائراتهم تحلق في سماء القرية ومحيطها، في حين كانت مجموعة من رجال القرية ونساؤها يعملون في الحقول.أخذت طائرات الإنجليز تسقط المناشير، التي تحذرهم وتطلب منهم العودة إلى القرية، وعدم خرق حظر التجوال
+
 
 +
وعن الإجراءات التعسفية مع أبناء القرى التي تؤويه قام الجيش البريطاني في يوم الثالث من آذار عام 1939 بفرض منع التجوال على كفرثلث، حيث منع فيه السكان من الخروج، وجمعوا في جامع القرية رجالاً ونساءً وأطفالا، وأعلن المحتلون في مناشير قذفوها من طائراتهم أن على السكان أن يلتزموا بقرار منع التجوال. وأخذت طائراتهم تحلق في سماء القرية ومحيطها، في حين كانت مجموعة من رجال القرية ونساؤها يعملون في الحقول.أخذت طائرات الإنجليز تسقط المناشير، التي تحذرهم وتطلب منهم العودة إلى القرية، وعدم خرق حظر التجوال.
 +
 
 
سمع أبناء القرية بمنع التجوال، فعاد بعضهم إلى القرية، ومنهم: عبدالله القصاص، وأحمد حامد شواهنة، وفاطمة حامد عوده، وصديقه إبراهيم موسى شواهنة، وكان هؤلاء قد رجعوا للقرية عند سماعهم خبر منع التجوال فعادوا عبر وادي العجمي (وادي حامد) عند ظاهرها الشمالي، لكن طائراتالعدو حلقت فوق رؤوسهم استعداداً لإطلاق قذائفها عليهم. لقد إختبأوا في جذوع "الزيتون الرومي "، وقام طيار بريطاني بتصويب قذائفه باتجاههم، فاستشهد عبدالله قصاص، بعد أن احترق جذع الزيتون الذي اختبأ فيه فخر شهيداً.استشهد عبد الله بينما كان في طريقه إلى مدينة يافا، وقد توجه لإحضار ملابس الزفاف لعروسه وكان خروجه من السجن قبل فترة وجيزة  من استشهاده، حيث اعتقل في معتقل عتليت مع آخرين من كفر ثلث وعزون وجرح يومها عدد من أبناء القرية الذين كانوا يعملون في حقولهم.
 
سمع أبناء القرية بمنع التجوال، فعاد بعضهم إلى القرية، ومنهم: عبدالله القصاص، وأحمد حامد شواهنة، وفاطمة حامد عوده، وصديقه إبراهيم موسى شواهنة، وكان هؤلاء قد رجعوا للقرية عند سماعهم خبر منع التجوال فعادوا عبر وادي العجمي (وادي حامد) عند ظاهرها الشمالي، لكن طائراتالعدو حلقت فوق رؤوسهم استعداداً لإطلاق قذائفها عليهم. لقد إختبأوا في جذوع "الزيتون الرومي "، وقام طيار بريطاني بتصويب قذائفه باتجاههم، فاستشهد عبدالله قصاص، بعد أن احترق جذع الزيتون الذي اختبأ فيه فخر شهيداً.استشهد عبد الله بينما كان في طريقه إلى مدينة يافا، وقد توجه لإحضار ملابس الزفاف لعروسه وكان خروجه من السجن قبل فترة وجيزة  من استشهاده، حيث اعتقل في معتقل عتليت مع آخرين من كفر ثلث وعزون وجرح يومها عدد من أبناء القرية الذين كانوا يعملون في حقولهم.
 
ومن الإجراءات  التعسفية المتبعة في هذا العهد سن قانون  الاعتقال الإداري، الذي يجيز لسلطات الاحتلال البريطاني اعتقال وحجز وسجن أي شخص تتهمه بالخطر على أمن الدولة دون محاكمة، وقد طبقت السلطات هذا القرار وراحت تعتقل من تشاء في منطقة قلقيلية، وقد اقتيد عدد كبير منهم إلى  سجن عتليت، بهدف عزل الثوار عن الفلاحين، وفي عام 1938 قام الإنجليز بهدم بيت الثائر “فارس” العزوني، وقد صادف يوم عيد الأضحى المبارك، وقاموا باعتقال زوجته ووالدته في محاولة واضحة للانتقاص من معنوياته القتالية  (7).
 
ومن الإجراءات  التعسفية المتبعة في هذا العهد سن قانون  الاعتقال الإداري، الذي يجيز لسلطات الاحتلال البريطاني اعتقال وحجز وسجن أي شخص تتهمه بالخطر على أمن الدولة دون محاكمة، وقد طبقت السلطات هذا القرار وراحت تعتقل من تشاء في منطقة قلقيلية، وقد اقتيد عدد كبير منهم إلى  سجن عتليت، بهدف عزل الثوار عن الفلاحين، وفي عام 1938 قام الإنجليز بهدم بيت الثائر “فارس” العزوني، وقد صادف يوم عيد الأضحى المبارك، وقاموا باعتقال زوجته ووالدته في محاولة واضحة للانتقاص من معنوياته القتالية  (7).
 +
 
وتعرضت أسرة الشهيد لمختلف الضغوط للانتقاص من عزيمته التي لا تلين ومن قوته الفولاذية، وقد صمم على مواصلة الكفاح مهما كانت الصعاب.
 
وتعرضت أسرة الشهيد لمختلف الضغوط للانتقاص من عزيمته التي لا تلين ومن قوته الفولاذية، وقد صمم على مواصلة الكفاح مهما كانت الصعاب.
 +
 
حدثتنا عيشة جودة أرملة الشهيد:ـ
 
حدثتنا عيشة جودة أرملة الشهيد:ـ
 
تزوجت قبل العيد الصغير، وبعد العيد بثلاثة شهور نسفوا الدار، أي بعد العيد الكبير، وهي دار اشتراها من حسن حمد الشبيطة  ب600 دينار. حضر الجيش البريطاني الساعة العاشرة ليلا، وقد جاءه مكتوب من الثوار وهو في البيت معنا، وقد أوعز له شخص بالخروج قبل تطويق المكان، عندها أرسل “فارس” شخصا لأحد أفراد المجموعة  في واد أبو شعر شرقي عزون، طالبا اللحاق به غرب عزون، قام الجنود بطرق الباب وركلوه بأرجلهم وقد طوقت المنزل قوة كبيرة من جنود  الإنجليز وفتحوه بالقوة وفاجأني القائد بتسليط المسدس علي، ولم يجد أحد.
 
تزوجت قبل العيد الصغير، وبعد العيد بثلاثة شهور نسفوا الدار، أي بعد العيد الكبير، وهي دار اشتراها من حسن حمد الشبيطة  ب600 دينار. حضر الجيش البريطاني الساعة العاشرة ليلا، وقد جاءه مكتوب من الثوار وهو في البيت معنا، وقد أوعز له شخص بالخروج قبل تطويق المكان، عندها أرسل “فارس” شخصا لأحد أفراد المجموعة  في واد أبو شعر شرقي عزون، طالبا اللحاق به غرب عزون، قام الجنود بطرق الباب وركلوه بأرجلهم وقد طوقت المنزل قوة كبيرة من جنود  الإنجليز وفتحوه بالقوة وفاجأني القائد بتسليط المسدس علي، ولم يجد أحد.
 
سألني أين زوجك ؟
 
سألني أين زوجك ؟
 +
 
قلت:ـ ليس لي زوج، وسألني من معك ؟
 
قلت:ـ ليس لي زوج، وسألني من معك ؟
 +
 
قلت:ـ هي أمى .
 
قلت:ـ هي أمى .
 +
 
أخذونا غصبا عنا إلى قلقيلية ومعي حماتي التي أصيبت بالاغماء وقبضوا على أشخاص كانوا قرب المنزل ومنهم كامل القنبر من عزون وأحمد عبدالرحمن من نابلس  واتجهوا بنا غربا.
 
أخذونا غصبا عنا إلى قلقيلية ومعي حماتي التي أصيبت بالاغماء وقبضوا على أشخاص كانوا قرب المنزل ومنهم كامل القنبر من عزون وأحمد عبدالرحمن من نابلس  واتجهوا بنا غربا.
 
قام “فارس” بوضع بعض حراسه عند النبي الياس، و في هذه الأثناء نادى أحد الثوار وقال: سر الليل.
 
قام “فارس” بوضع بعض حراسه عند النبي الياس، و في هذه الأثناء نادى أحد الثوار وقال: سر الليل.
 
سمع الجنود البريطانيون هذا الصوت، فانبطحوا أرضا واشتبك الثوار معهم ، وأخذ الإنجليز يجرون اتصالاتهم  حتى تأتيهم  قوة أكبر ولحقوا الثوار إلى عِسلة دون القبض عليهم، وواصلوا المسير فينا حتى وصلنا مركز بوليس قلقيلية وقد وصلنا عند أذان الصبح، ولم يحصلوا منا على إفادة، وأخذونا على مستعمرة نتانيا.وجاءت شرطية تطلب منا الإمضاء أنه لم يحدث للدار شيْ فرفضت فادخلوا حماتي ووقعوها على الإمضاء وأفرج عنا وروحنا إلى عزون(8).
 
سمع الجنود البريطانيون هذا الصوت، فانبطحوا أرضا واشتبك الثوار معهم ، وأخذ الإنجليز يجرون اتصالاتهم  حتى تأتيهم  قوة أكبر ولحقوا الثوار إلى عِسلة دون القبض عليهم، وواصلوا المسير فينا حتى وصلنا مركز بوليس قلقيلية وقد وصلنا عند أذان الصبح، ولم يحصلوا منا على إفادة، وأخذونا على مستعمرة نتانيا.وجاءت شرطية تطلب منا الإمضاء أنه لم يحدث للدار شيْ فرفضت فادخلوا حماتي ووقعوها على الإمضاء وأفرج عنا وروحنا إلى عزون(8).
 +
 
القبض على “فارس”، وتسليمه للسلطات البريطانية
 
القبض على “فارس”، وتسليمه للسلطات البريطانية
 
   
 
   
سطر ٢٧٤: سطر ٢٧٤:
 
   
 
   
 
وإذا كان “فارس” قد نجا في المرة الأولى من العملاء والجواسيس؛ حيث كان قد رحل إلى لبنان وسوريا، إلا أن قدر الشهادة رافقه هذه المرة. فقد قامت مجموعة من العملاء والحاقدين بمتابعته إلى  لبنان ورصد حركاته فيها، وكانوا ككلاب الصيد يقتفون آثاره، ويراقبون تحركاته، وقد عرفوا بالحقد على الثورة والثوار، حيث اندفعوا يطالبون بثأرهم أو لارتباطهم بحزب المعارضة العميل لبريطانيا.
 
وإذا كان “فارس” قد نجا في المرة الأولى من العملاء والجواسيس؛ حيث كان قد رحل إلى لبنان وسوريا، إلا أن قدر الشهادة رافقه هذه المرة. فقد قامت مجموعة من العملاء والحاقدين بمتابعته إلى  لبنان ورصد حركاته فيها، وكانوا ككلاب الصيد يقتفون آثاره، ويراقبون تحركاته، وقد عرفوا بالحقد على الثورة والثوار، حيث اندفعوا يطالبون بثأرهم أو لارتباطهم بحزب المعارضة العميل لبريطانيا.
 +
 
حدثنا فضل حواري نقلا  عن محمد مصطفى شريم الذي يقيم في عمان أن “فارس” العزوني أرسل شخصين إلى مدينة قلقيلية لاغتيال محمد قاسم أحد أبناء القرية، وقد شعر محمد قاسم  بقدوم الثائرين الذين وجها له رصاصةً فرمى بنفسه في حضن نمر السبع فسقط مضرجاً بدمه، وراح المرحوم نمر ضحية الحادث، بينما نجا محمد من القتل وتشافى بعد فترة من الزمن، وقد أرسل “فارس” لآل شريم يعتذر لهم عما جرى، وأعرب عن استعداد فصيله لدفع دية مقابل ما حدث، ولكن طرأ ما هو جديد، فقد ُقتل أحمد الشطارة ـ أحد أبناء العائلة ـ الذي ساعد “فارس” في الخروج من سجن عكا، وعرفت سلطات الاحتلال أنه وراء هروبه من السجن، فضغطت عليه، وخّيرته بين السجن والإعدام أو اغتيال “فارس”، فخضع لابتزازهم، والتحق ب”فارس” وفصيله وحاول أن يتصيده ويطلق النار عليه من الخلف، وتذرع أنها بالغلط، وشجع هذا العمل “فارس” على تصفيته، وأرسل “فارس” إلى  آل شريم يطلب مالاً للثورة، فاجتمعوا في ديوان العائلة، وكان رأي شيوخ العشيرة وبحضور محمد مصطفى شريم أن يشتروا سلاحاً بهذا المال على أن لا ينصاعوا لفصيل “فارس” مستهزئين بهذا الدور الذي يقوم به ، وقد تعمقت الخلافات وشعر الإنجليز بهذه الحركة وغذوها من طرفهم حتى عرف بعضهم بمكان “فارس” في طرابلس ـ لبنان راحوا يجرون اتصالاتهم مع شيف وهو ضابط يهودي في البوليس البريطاني، وضغطوا على إبراهيم النصار المرافق ل”فارس” حيث أعلمهم بمكأنه  وكان ذلك مقابل الوعد بالإفراج عنه، واتصلت السلطات البريطانية مع الفرنسيين وطالبتهم بتسليمه باعتباره (مجرماً فاراً) من فلسطين، وقد أراد الضابط اليهودي شيف الانتقام من مقتل  "الشرطة الإضافية" من اليهود الذين قتلوا عند رأس العين، وقبض الفرنسيون  على “فارس” وسلموه للسلطات البريطانية (9 ).
 
حدثنا فضل حواري نقلا  عن محمد مصطفى شريم الذي يقيم في عمان أن “فارس” العزوني أرسل شخصين إلى مدينة قلقيلية لاغتيال محمد قاسم أحد أبناء القرية، وقد شعر محمد قاسم  بقدوم الثائرين الذين وجها له رصاصةً فرمى بنفسه في حضن نمر السبع فسقط مضرجاً بدمه، وراح المرحوم نمر ضحية الحادث، بينما نجا محمد من القتل وتشافى بعد فترة من الزمن، وقد أرسل “فارس” لآل شريم يعتذر لهم عما جرى، وأعرب عن استعداد فصيله لدفع دية مقابل ما حدث، ولكن طرأ ما هو جديد، فقد ُقتل أحمد الشطارة ـ أحد أبناء العائلة ـ الذي ساعد “فارس” في الخروج من سجن عكا، وعرفت سلطات الاحتلال أنه وراء هروبه من السجن، فضغطت عليه، وخّيرته بين السجن والإعدام أو اغتيال “فارس”، فخضع لابتزازهم، والتحق ب”فارس” وفصيله وحاول أن يتصيده ويطلق النار عليه من الخلف، وتذرع أنها بالغلط، وشجع هذا العمل “فارس” على تصفيته، وأرسل “فارس” إلى  آل شريم يطلب مالاً للثورة، فاجتمعوا في ديوان العائلة، وكان رأي شيوخ العشيرة وبحضور محمد مصطفى شريم أن يشتروا سلاحاً بهذا المال على أن لا ينصاعوا لفصيل “فارس” مستهزئين بهذا الدور الذي يقوم به ، وقد تعمقت الخلافات وشعر الإنجليز بهذه الحركة وغذوها من طرفهم حتى عرف بعضهم بمكان “فارس” في طرابلس ـ لبنان راحوا يجرون اتصالاتهم مع شيف وهو ضابط يهودي في البوليس البريطاني، وضغطوا على إبراهيم النصار المرافق ل”فارس” حيث أعلمهم بمكأنه  وكان ذلك مقابل الوعد بالإفراج عنه، واتصلت السلطات البريطانية مع الفرنسيين وطالبتهم بتسليمه باعتباره (مجرماً فاراً) من فلسطين، وقد أراد الضابط اليهودي شيف الانتقام من مقتل  "الشرطة الإضافية" من اليهود الذين قتلوا عند رأس العين، وقبض الفرنسيون  على “فارس” وسلموه للسلطات البريطانية (9 ).
 +
 
لقد تبسم الحظ للثائر “فارس” أكثر من مرة، وقد نجح في الإنسحاب أو التخفي ولم تنجح أعمال منع التجول في القبض عليه، الا أنه في هذه المرة قبض عليه كمغنم كبير.
 
لقد تبسم الحظ للثائر “فارس” أكثر من مرة، وقد نجح في الإنسحاب أو التخفي ولم تنجح أعمال منع التجول في القبض عليه، الا أنه في هذه المرة قبض عليه كمغنم كبير.
 
جاء قبض السلطات الفرنسية على “فارس” ليشكل النهاية المحتمة لكفاحه. لقد اقتيد في أغلاله إلى سجن عكا ومعه عدد من الثوار الذين قبض عليهم في فلسطين، ومنهم إسماعيل أبو هنية (كفرثلث)، ومحمود قرعوش (ديربلوط) وعمر طبنجة (سنيريا) وآخرين من كفرالديك وقرى رام الله.
 
جاء قبض السلطات الفرنسية على “فارس” ليشكل النهاية المحتمة لكفاحه. لقد اقتيد في أغلاله إلى سجن عكا ومعه عدد من الثوار الذين قبض عليهم في فلسطين، ومنهم إسماعيل أبو هنية (كفرثلث)، ومحمود قرعوش (ديربلوط) وعمر طبنجة (سنيريا) وآخرين من كفرالديك وقرى رام الله.
 
وحول الطريقة التي اتبعتها بريطانيا للقبض عليه، ثم إعدامه حدثنا الحاج محمد عواد: " هرب إلى سوريا ومعه إبراهيم النصار قبض الفرنسيون على إبراهيم حطوه في السجن، وضغطوا عليه، ثم قبضوا على “فارس” ثم هرب إبراهيم إلى فلسطين وضغط عليه بعض الأشخاص في قلقيلية كي يعرفهم بمكان “فارس”  مقابل العفو عنه من قبل سلطات الاحتلال البريطاني، وعرف بمكأنه الضابط اليهودي شيف رئيس قسم المباحث الجنائية، وسلمه الفرنسيون للإنجليز، جاءوا به إلى عكا، واتهم إسماعيل أبو هنية بمساعدته وذهب صالح عبدالهادي عيسى لحضور جلسة المحكمة، وقال: " والله يا “فارس” لو أن الرجال تفدى بالمال لفديتك الآن " (10).
 
وحول الطريقة التي اتبعتها بريطانيا للقبض عليه، ثم إعدامه حدثنا الحاج محمد عواد: " هرب إلى سوريا ومعه إبراهيم النصار قبض الفرنسيون على إبراهيم حطوه في السجن، وضغطوا عليه، ثم قبضوا على “فارس” ثم هرب إبراهيم إلى فلسطين وضغط عليه بعض الأشخاص في قلقيلية كي يعرفهم بمكان “فارس”  مقابل العفو عنه من قبل سلطات الاحتلال البريطاني، وعرف بمكأنه الضابط اليهودي شيف رئيس قسم المباحث الجنائية، وسلمه الفرنسيون للإنجليز، جاءوا به إلى عكا، واتهم إسماعيل أبو هنية بمساعدته وذهب صالح عبدالهادي عيسى لحضور جلسة المحكمة، وقال: " والله يا “فارس” لو أن الرجال تفدى بالمال لفديتك الآن " (10).
 +
 
وحول محاكمته، وموقف “فارس” من جلاوزة الاحتلال البريطاني، حدثنا الراوي السابق عن محاكمته
 
وحول محاكمته، وموقف “فارس” من جلاوزة الاحتلال البريطاني، حدثنا الراوي السابق عن محاكمته
" سألوه يا”فارس” من قتل الإنجليز في رأس العين ؟
+
 
 +
" سألوه يا”فارس” من قتل الإنجليز في رأس العين ؟
 
قال:أنا من قتلهم.
 
قال:أنا من قتلهم.
 +
 
ـ أين ذهب الذين كانوا معك ؟
 
ـ أين ذهب الذين كانوا معك ؟
 +
 
ـ غادروا إلى بلادهم أو انتقلوا للرفيق الأعلى.
 
ـ غادروا إلى بلادهم أو انتقلوا للرفيق الأعلى.
 +
 
ـ ماهي علاقتك بإسماعيل أبو هنية، ومحمد قرعوش وعمر طبنجة ؟
 
ـ ماهي علاقتك بإسماعيل أبو هنية، ومحمد قرعوش وعمر طبنجة ؟
 +
 
“فارس”: هؤلاء أولاد، وانا لم أتخذ غير السوريين أصحاب.
 
“فارس”: هؤلاء أولاد، وانا لم أتخذ غير السوريين أصحاب.
 +
 
وسأله المدعي العام البريطاني : الا تطلب الاسترحام ؟
 
وسأله المدعي العام البريطاني : الا تطلب الاسترحام ؟
 +
 
ضحك “فارس” وقهقه: لا لن أطلب الاسترحام .
 
ضحك “فارس” وقهقه: لا لن أطلب الاسترحام .
 +
 
القاضي: وهل تفضل الموت على الحياة ؟
 
القاضي: وهل تفضل الموت على الحياة ؟
 +
 
ـ “فارس”: نعم وسأبقى أحارب الاستعمار من داخل قبري، ولوكان معي مسدس لأفرغته في رأسك الاّن.
 
ـ “فارس”: نعم وسأبقى أحارب الاستعمار من داخل قبري، ولوكان معي مسدس لأفرغته في رأسك الاّن.
 +
 
وردد “فارس” قول الخالق عز وجل "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل احياء عند ربهم يرزقون " ( 11).
 
وردد “فارس” قول الخالق عز وجل "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل احياء عند ربهم يرزقون " ( 11).
 +
 
أعدم “فارس” بعد أسبوع، بقرار فاجأ الأهل والأحباب حتى أن زوجته لم تتوقع إعدامه، وحكم على رفاقه بأحكام مختلفة، حيث حكم على إسماعيل أبو هنية بالسجن سبع سنوات، وسجن عمر طبنجة من سنيريا بالحكم المؤبد، واستأنف قرار المحكمة، فجاء إعدامه في المرة الثانية، وحكم على محمود قرعوش بالسجن عشرة أعوام وأفرج عنه، وخرج للعمل في الولايات المتحدة الأميركية. وأعدم الأخوين حافظ، ومحفوظ عبدالمجيد من كفر الديك، وبإعدام هؤلاء الثوار انتهت الثورة في جنوب طولكرم(12 ) وبقي بعض الثوار يتنقلون من مكان لآخر، ولكن دون فعاليات تذكر، وقد لاذوا بالتخفي عن العيون .
 
أعدم “فارس” بعد أسبوع، بقرار فاجأ الأهل والأحباب حتى أن زوجته لم تتوقع إعدامه، وحكم على رفاقه بأحكام مختلفة، حيث حكم على إسماعيل أبو هنية بالسجن سبع سنوات، وسجن عمر طبنجة من سنيريا بالحكم المؤبد، واستأنف قرار المحكمة، فجاء إعدامه في المرة الثانية، وحكم على محمود قرعوش بالسجن عشرة أعوام وأفرج عنه، وخرج للعمل في الولايات المتحدة الأميركية. وأعدم الأخوين حافظ، ومحفوظ عبدالمجيد من كفر الديك، وبإعدام هؤلاء الثوار انتهت الثورة في جنوب طولكرم(12 ) وبقي بعض الثوار يتنقلون من مكان لآخر، ولكن دون فعاليات تذكر، وقد لاذوا بالتخفي عن العيون .
 
كان الثائر حمد زواتا أوفرهم حظا ولكن سلطات الاحتلال البريطاني قبضت عليه صيف عام 1941، حيث أنهكه الجوع والتعب ونام في بيادر قرية حجة، وبعد سنوات أفرج عنه بوساطة مجموعة من الشخصيات الفلسطينية.
 
كان الثائر حمد زواتا أوفرهم حظا ولكن سلطات الاحتلال البريطاني قبضت عليه صيف عام 1941، حيث أنهكه الجوع والتعب ونام في بيادر قرية حجة، وبعد سنوات أفرج عنه بوساطة مجموعة من الشخصيات الفلسطينية.
 +
 
وقام الإنجليز بحملة قمع شرسة استخدموا فيها سلاح الطيران، وقبض على الأخوين الثائرين حافظ ومحفوظ بعد أن غدر البعض  بهما وقبض عليهما بخيانة، ونقلوا إلى سلفيت، وسجنوا في بيت أحد المعارضين للثورة، وجاءت نسائهم يولولن، ويصحن، وأعربن عن استعدادهن لإعطاء حليهن وأساورهن مقابل الإفراج عنهما، لكن مجموعة المعارضة كانوا يشددون الخناق عليهما وقيدوهما، وحضرت دوريات الإنجليز التي نقلتهما إلى سجن عكا، وتحركت "عصابات السلام " العميلة للاحتلال البريطاني لمضايقة السكان، والبحث عن الثوار، وقادها في المنطقة عزيز بلاطة، ولم يبق في منطقة غربي نابلس مشردا وثائراً غير الثائر أحمد عوده (كفرالديك)، الذي اختبأ في الكهوف، والمغارات المهجورة، وبين الصخور العالية، وقد حفّته الرعاية الإلهية، وساعدته خفة حركاته ونشاطه ويقظته وسهره الدائم، ومساعدة الفلاحين على النجاة، وكان ذكياً لايقيم في مكان واحد.
 
وقام الإنجليز بحملة قمع شرسة استخدموا فيها سلاح الطيران، وقبض على الأخوين الثائرين حافظ ومحفوظ بعد أن غدر البعض  بهما وقبض عليهما بخيانة، ونقلوا إلى سلفيت، وسجنوا في بيت أحد المعارضين للثورة، وجاءت نسائهم يولولن، ويصحن، وأعربن عن استعدادهن لإعطاء حليهن وأساورهن مقابل الإفراج عنهما، لكن مجموعة المعارضة كانوا يشددون الخناق عليهما وقيدوهما، وحضرت دوريات الإنجليز التي نقلتهما إلى سجن عكا، وتحركت "عصابات السلام " العميلة للاحتلال البريطاني لمضايقة السكان، والبحث عن الثوار، وقادها في المنطقة عزيز بلاطة، ولم يبق في منطقة غربي نابلس مشردا وثائراً غير الثائر أحمد عوده (كفرالديك)، الذي اختبأ في الكهوف، والمغارات المهجورة، وبين الصخور العالية، وقد حفّته الرعاية الإلهية، وساعدته خفة حركاته ونشاطه ويقظته وسهره الدائم، ومساعدة الفلاحين على النجاة، وكان ذكياً لايقيم في مكان واحد.
 +
 
وفاء أرملة الشهيد “فارس”: رحل “فارس”، وقذف الإنجليز جثته في وسط القرية دون بلاغ مسبق، وأخذ أهله الجثة، وقبل أن يدفن  ودعته زوجته الوداع الأخير قبل أن يوارى جثمأنه ويدفن في ساحة بيته، وتقدم العديد لخطبة أرملته بعد بضعة شهور من استشهاده  لكنها رفضت الزواج منهم، وأخلصت لزوجها في حياته  وأصاب والدته مس من الجنون، حيث مات ابنها الذي كان يحظى بنصيب وافر من محبتها وتقديرها ولقد  انفعل الناس بهذا الحادث الجلل وعز على نساء عزون وكفرثلث وخريش وسائر قرى قلقيلية، استشهاده بعد إعدامه، فبكت النساء وقلن هذه البكائية:
 
وفاء أرملة الشهيد “فارس”: رحل “فارس”، وقذف الإنجليز جثته في وسط القرية دون بلاغ مسبق، وأخذ أهله الجثة، وقبل أن يدفن  ودعته زوجته الوداع الأخير قبل أن يوارى جثمأنه ويدفن في ساحة بيته، وتقدم العديد لخطبة أرملته بعد بضعة شهور من استشهاده  لكنها رفضت الزواج منهم، وأخلصت لزوجها في حياته  وأصاب والدته مس من الجنون، حيث مات ابنها الذي كان يحظى بنصيب وافر من محبتها وتقديرها ولقد  انفعل الناس بهذا الحادث الجلل وعز على نساء عزون وكفرثلث وخريش وسائر قرى قلقيلية، استشهاده بعد إعدامه، فبكت النساء وقلن هذه البكائية:
 
قلن انكسر ريح المراكب            وانكسر مركب نحاسي
 
قلن انكسر ريح المراكب            وانكسر مركب نحاسي
سطر ٣٠٢: سطر ٣١٨:
 
وقال فيه إبن بلدته محمد سليم ناصر مرثية قال فيها:
 
وقال فيه إبن بلدته محمد سليم ناصر مرثية قال فيها:
 
تبا للدهر لايوافً زماما   
 
تبا للدهر لايوافً زماما   
أجرى مداد المقلات سجاما
+
أجرى مداد المقلات سجاما
 
حزنا على شهم توافى دّمه
 
حزنا على شهم توافى دّمه
 
جسما ولكن المنايا سهاما
 
جسما ولكن المنايا سهاما
سطر ٣٥٠: سطر ٣٦٦:
 
14) نقلها لنا عبدالخالق سويدان.
 
14) نقلها لنا عبدالخالق سويدان.
 
   
 
   
+
 
+
==تقييم التجربة الثورية==
 
 
 
 
 
 
 
الفصل الخامس
 
الفصل الخامس
تقييم التجربة الثورية
 
 
 
 
 
 
 
 
 
   
 
   
 
مسيرة فصيل الموت تحت المجهر:
 
مسيرة فصيل الموت تحت المجهر:
 +
 
سُجلت على هذا الفصيل عدد من المآخذ مما حمل البعض للقول أن “فارس” يمثل سلوك "مجرم " أكثر منه ثائراً، وقد وصفه الكاتب الصهيوني سمسار الأراضي عزرا دنين والحاقد على الثورة الفلسطينية 1936ـ 1939 بهذا الوصف ويظهر أن العديد من الفلاحين تأثروا بهذه الرواية، كما أن المتضررين أشاعوا بين الناس هذا القول رغم بطولته النادرة ومقارعته لقوات الاحتلال.
 
سُجلت على هذا الفصيل عدد من المآخذ مما حمل البعض للقول أن “فارس” يمثل سلوك "مجرم " أكثر منه ثائراً، وقد وصفه الكاتب الصهيوني سمسار الأراضي عزرا دنين والحاقد على الثورة الفلسطينية 1936ـ 1939 بهذا الوصف ويظهر أن العديد من الفلاحين تأثروا بهذه الرواية، كما أن المتضررين أشاعوا بين الناس هذا القول رغم بطولته النادرة ومقارعته لقوات الاحتلال.
 +
 
وقد وجد الباحث أن الانتقادات تتمحور حوله في المسائل الآتية:
 
وقد وجد الباحث أن الانتقادات تتمحور حوله في المسائل الآتية:
 +
 
1) لم يكن فصيل “فارس” يمتلك وعياً ثورياً كافياً أو نظرية ثورية تحدد توجيه بوصلة الثورة، وتكشف الطريق المناسب للعمل. كان عمله عفوياً وفردياً يقوم على ردة الفعل المباشرة مصحوباً بهاجس أمني كبير، وذلك بسبب كثرة العملاء والجواسيس الذين لاحقوة وفصيله، كما أن “فارس” كان صغير السن قياساً بغيره من الثوار، ومنهم: عبدالرحيم الحاج محمد وحمد زواتا، وعارف عبدالرازق.
 
1) لم يكن فصيل “فارس” يمتلك وعياً ثورياً كافياً أو نظرية ثورية تحدد توجيه بوصلة الثورة، وتكشف الطريق المناسب للعمل. كان عمله عفوياً وفردياً يقوم على ردة الفعل المباشرة مصحوباً بهاجس أمني كبير، وذلك بسبب كثرة العملاء والجواسيس الذين لاحقوة وفصيله، كما أن “فارس” كان صغير السن قياساً بغيره من الثوار، ومنهم: عبدالرحيم الحاج محمد وحمد زواتا، وعارف عبدالرازق.
 
2) يظهر أن  بعض العملاء والممشبوهين استطاعوا التسلل في الفصيل، ويشاع أنهم من اليهود ومنهم: محمد الحاج مسلم الحجازي الذي التحق بفصيل عارف عبدالرازق ثم انضم إلى فصيل “فارس” لاحقاً، وكان هذا الشخص قاسياً في ردة فعله تجاه أي مشكلة تعترض الفصيل أو تُهم توجه للبعض وضد رجال المعارضة  الموالين للبريطانيين، ووصفت ممارساته بالابتزاز والقسوة بذريعة العمل لمصلحة الثورة. وكأنه كان يُسعر نار الخلافات العائلية و كان حضوره قوياً في اغتيال عدد من قادة حزب المعارضة والمخاتير، وحوله دارت شبهات  عديدة، وهو يقوم بتعذيب الأشخاص وابتزازهم إذا ما تأخروا عن دفع المال، ويجلدهم  بسوطه بطول مترين وبه رصاصة في مقدمته وله قصص عديدة رواها لنا أشخاص في حبلة وكفرثلث ورأس عطية وطيرة بني صعب وخريش وغيرها، ويبدو أنه على علاقة باغتيال حسن صدقي الدجاني وربما اخترق فصيل “فارس” ومن قبله فصيل عارف عبدالرازق واستغل تكليفه ببعض المهمات وراح يعمق الشرخ بين العائلات الفلسطينية لمصلحة الاستعمار البريطاني والصهيونية وقد تصرف محمد الحاج مسلم بتصرفات قاسية أوحت للكثيرين على أن يده غير نظيفة، بل اتهموه بأن يهودي مندس في الثورة، ولقد كان عنواناً للاستياء العام، ومثالاً صارخاً للقسوة في تعامله مع الجماهير التي كرهت الثورة  لوجود أمثاله في صفوفها.   
 
2) يظهر أن  بعض العملاء والممشبوهين استطاعوا التسلل في الفصيل، ويشاع أنهم من اليهود ومنهم: محمد الحاج مسلم الحجازي الذي التحق بفصيل عارف عبدالرازق ثم انضم إلى فصيل “فارس” لاحقاً، وكان هذا الشخص قاسياً في ردة فعله تجاه أي مشكلة تعترض الفصيل أو تُهم توجه للبعض وضد رجال المعارضة  الموالين للبريطانيين، ووصفت ممارساته بالابتزاز والقسوة بذريعة العمل لمصلحة الثورة. وكأنه كان يُسعر نار الخلافات العائلية و كان حضوره قوياً في اغتيال عدد من قادة حزب المعارضة والمخاتير، وحوله دارت شبهات  عديدة، وهو يقوم بتعذيب الأشخاص وابتزازهم إذا ما تأخروا عن دفع المال، ويجلدهم  بسوطه بطول مترين وبه رصاصة في مقدمته وله قصص عديدة رواها لنا أشخاص في حبلة وكفرثلث ورأس عطية وطيرة بني صعب وخريش وغيرها، ويبدو أنه على علاقة باغتيال حسن صدقي الدجاني وربما اخترق فصيل “فارس” ومن قبله فصيل عارف عبدالرازق واستغل تكليفه ببعض المهمات وراح يعمق الشرخ بين العائلات الفلسطينية لمصلحة الاستعمار البريطاني والصهيونية وقد تصرف محمد الحاج مسلم بتصرفات قاسية أوحت للكثيرين على أن يده غير نظيفة، بل اتهموه بأن يهودي مندس في الثورة، ولقد كان عنواناً للاستياء العام، ومثالاً صارخاً للقسوة في تعامله مع الجماهير التي كرهت الثورة  لوجود أمثاله في صفوفها.   
 +
 
وهذه بعض الأعمال التي شارك فيه الحاج مسلم وأثارت الاستياء الشعبي:
 
وهذه بعض الأعمال التي شارك فيه الحاج مسلم وأثارت الاستياء الشعبي:
 +
 
أولاً: تجريد وتصفية حسن أبو نجيم قائد فصيل قلقيلية:
 
أولاً: تجريد وتصفية حسن أبو نجيم قائد فصيل قلقيلية:
 +
 
نسب إلى “فارس” تصفية أبو نجيم، فهل كانت له علاقة بهذه التصفية ؟
 
نسب إلى “فارس” تصفية أبو نجيم، فهل كانت له علاقة بهذه التصفية ؟
كانت البداية الأولى للخلاف بين قادة فصائل الثورة في منطقة قلقيلية قد ظهرت في الخلاف الذي حدث بين حسن علي ابونجيم قائد فصيل في مدينة قلقيلية، والقائد العام عارف عبدالرازق في صيف عام 1938. ضم فصيل أبو نجيم عددا من شباب قلقيلية وشباب كفر ثلث كان منهم:بركات يوسف عودة، وسلامة عودة، و يونس عبدالله أبو خالد وغيرهم. وقد تحدث عن هذا الخلاف وأسبابه رواه عديدون.
+
 
 +
كانت البداية الأولى للخلاف بين قادة فصائل الثورة في منطقة قلقيلية قد ظهرت في الخلاف الذي حدث بين حسن علي ابونجيم قائد فصيل في مدينة قلقيلية، والقائد العام عارف عبدالرازق في صيف عام 1938. ضم فصيل أبو نجيم عددا من شباب قلقيلية وشباب كفر ثلث كان منهم:بركات يوسف عودة، وسلامة عودة، و يونس عبدالله أبو خالد وغيرهم. وقد تحدث عن هذا الخلاف وأسبابه رواه عديدون.
 
  وتذكر هذه الروايات أن حسن اتهم بسلب فرس من قرية مجدل الصادق، وأن الناس فيها اشتكوا لقائد الثورة العام عارف عبدالرازق، وبناءً عليه تقرر الاجتماع به في كفرثلث، لبحث الشكاوى الموجهة ضده (1 ).
 
  وتذكر هذه الروايات أن حسن اتهم بسلب فرس من قرية مجدل الصادق، وأن الناس فيها اشتكوا لقائد الثورة العام عارف عبدالرازق، وبناءً عليه تقرر الاجتماع به في كفرثلث، لبحث الشكاوى الموجهة ضده (1 ).
عندما شعر حسن أبو نجيم أنه سيحاسب من قبل القائد العام عارف عبدالرازق ومن معه من قادة الثورة أمثال: حمد زواتا و”فارس” العزوني. بيَّت خطة للانقضاض عليهم، بحسب المثل الشعبي القائل: " بتغدى فيهم قبل ما يتعشوا فيي "، ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن
+
 
كتب فيصل عبدالرازق نقلاً عن القائد حمد داود زواتا وآخرين حول الأحداث التي أوصلت لتجريد قائد الفصيل  أبو نجيم " إن حسن من قلقيلية عين وسلح من قبل عارف وفصيله، وصلت إلى عارف تعديات قام بها في منطقة قلقيلية لأسباب شخصية ليس لها علاقة بالثورة.
+
عندما شعر حسن أبو نجيم أنه سيحاسب من قبل القائد العام عارف عبدالرازق ومن معه من قادة الثورة أمثال: حمد زواتا و”فارس” العزوني. بيَّت خطة للانقضاض عليهم، بحسب المثل الشعبي القائل: " بتغدى فيهم قبل ما يتعشوا فيي "، ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن.
 +
 
 +
كتب فيصل عبدالرازق نقلاً عن القائد حمد داود زواتا وآخرين حول الأحداث التي أوصلت لتجريد قائد الفصيل  أبو نجيم " إن حسن من قلقيلية عين وسلح من قبل عارف وفصيله، وصلت إلى عارف تعديات قام بها في منطقة قلقيلية لأسباب شخصية ليس لها علاقة بالثورة.
 +
 
 
ثم جمع أموالاً وتصرف بها لحسابه الخاص، شكاه الناس لعارف فأرسل في طلبه ولكنه بدلا من الحضور أرسل من يتوسط له فوسط سيف أبو كشك، حضر سيف ومعه وجهاء آخرون إلى القيادة، قبل عارف الوساطة على أن يمتنع أبو نجيم عن القيام بأعمال مماثلة... عاد يتصرف كالسابق فاستدعاه عارف. عند ذلك تآمر أبو نجيم مع فصيله لاغيتال عارف... ففي أثناء وجود عارف وقسم من مساعديه في قرية كفرثلث وكان حمد زواتا أحدهم. توجه أبو نجيم  إلى كفرثلث ومعه فصيله المكون من ستين ثائراً، ولكن قبل أن يدخل القرية أمر فصيله بالاختفاء في بقعة أرض مغطاة بالزيتون تابعة للقرية، وقد أمر ثوار الفصيل أنه عند سماعهم ثلاث طلقات عليهم التقدم نحو البيت الذي يتواجد فيه عارف ومن معه، وعند وصولهم للبيت عليهم تطويق البيت ثم القضاء على كل من بداخله من جماعة عارف... جلس أبو نجيم مقابل عارف وكان عارف في تلك الأثناء مشغولاً بأمور تتعلق بالثورة. كان بالغرفة حمد... و”فارس” العزوني...أخذ الثلاثة بالحديث، ولكن الشكوك جعلت حمد يهتم بمراقبة أبو نجيم بدقة، لاحظ حمد أن أبو نجيم يحاول فك أزرار سرواله العسكري فارتاب بالأمر وامسك بكلتا يديه خلف ظهره بينما شق حمد سروال أبو نجيم وأمسك “فارس” باليد الأخرى...(2 )
 
ثم جمع أموالاً وتصرف بها لحسابه الخاص، شكاه الناس لعارف فأرسل في طلبه ولكنه بدلا من الحضور أرسل من يتوسط له فوسط سيف أبو كشك، حضر سيف ومعه وجهاء آخرون إلى القيادة، قبل عارف الوساطة على أن يمتنع أبو نجيم عن القيام بأعمال مماثلة... عاد يتصرف كالسابق فاستدعاه عارف. عند ذلك تآمر أبو نجيم مع فصيله لاغيتال عارف... ففي أثناء وجود عارف وقسم من مساعديه في قرية كفرثلث وكان حمد زواتا أحدهم. توجه أبو نجيم  إلى كفرثلث ومعه فصيله المكون من ستين ثائراً، ولكن قبل أن يدخل القرية أمر فصيله بالاختفاء في بقعة أرض مغطاة بالزيتون تابعة للقرية، وقد أمر ثوار الفصيل أنه عند سماعهم ثلاث طلقات عليهم التقدم نحو البيت الذي يتواجد فيه عارف ومن معه، وعند وصولهم للبيت عليهم تطويق البيت ثم القضاء على كل من بداخله من جماعة عارف... جلس أبو نجيم مقابل عارف وكان عارف في تلك الأثناء مشغولاً بأمور تتعلق بالثورة. كان بالغرفة حمد... و”فارس” العزوني...أخذ الثلاثة بالحديث، ولكن الشكوك جعلت حمد يهتم بمراقبة أبو نجيم بدقة، لاحظ حمد أن أبو نجيم يحاول فك أزرار سرواله العسكري فارتاب بالأمر وامسك بكلتا يديه خلف ظهره بينما شق حمد سروال أبو نجيم وأمسك “فارس” باليد الأخرى...(2 )
 +
 
ويحفظ عدد كبير من الرواة الذين قابلتهم قصة أبو نجيم ويتفق سردها، مع اختلافات وتلاوين بسيطة من شخص إلى آخر.
 
ويحفظ عدد كبير من الرواة الذين قابلتهم قصة أبو نجيم ويتفق سردها، مع اختلافات وتلاوين بسيطة من شخص إلى آخر.
حدثني عدد من الرواة، ومنهم: الثائر أسعد قاسم الذي كان مرافقاً ل”فارس” العزوني يومذاك حدثنا: صعد حسن  أبو نجيم إلى الطابق الثاني في دار داود حسين شواهنة في كفرثلث، أحد أقارب “فارس”، وترك أعضاء الفصيل خارج الدار وقال لهم: إذا سمعتم إطلاق نار قوموا بتجريد الفصائل الأخرى من السلاح واستعد لمقابلتهم، و قد عقد العزم على تصفيتهم، وخبأ مسدسه بين لباسه وحذائه الطويل .
+
 
جرى نقاش بين القادة الثلاثة وهم:عارف عبدالرازق وحمد زواتا، وحسن أبو نجيم، بينما كان “فارس” العزوني مختبئًا في شباك الغرفة، والمغطى بقماش رقيق وأثناء نقاشهما معه وتوجيه بعض الأسئلة له، وقد اتهموه بسرقة فرس في قرية مجدل يابا والإساءة للثورة، واتهمه عارف بالتقصير تجاهه حينما طوقه الجيش البريطاني ومن معه في أحد المعارك ولم يحاول تخليصهم. حاول حسن أن يلتقط مسدسه في محاولة منه لتصفية عارف وحمد،  فأسرع “فارس” بتحذيرعارف عبدالرازق الذي اصفر لون وجهه و تعارك معه،  وقبضوا على يديه وجردوه من سلاحه وأخذوه خارج البيت، وأمروا أعضاء فصيله بالتخلي عنه وترك بعضهم الثورة منذ ذلك اليوم وانضم الباقون ل”فارس” وطلب عارف من “فارس” أن يتولى مهمة تصفيته ، لكن “فارس” همس في أذن أسعد القاسم، ونمر القنبر أن يتظاهروا بأنه هرب ويطلقوا عليه رصا صات طائشة في الهواء، ونجح حسن أبو نجيم بالهرب و ُقبض عليه مرة ثانية في قرية سمسم من قرى غزة، وسلم مرة أخرى إلى عارف عبدالرازق الذي أمر فضيل حمد زواتا بتصفيته بعد أن جلدوه وعروه وعذبوه ثم أطلقوا النارعليه حيث وصلوا به إلى كفر لاقف، وبقيت جثته في العراء المكشوف أياما وليال، وبعدها حضر أهله ودفنوه في أحدى المغارات الأثرية ( 3) .
+
حدثني عدد من الرواة، ومنهم: الثائر أسعد قاسم الذي كان مرافقاً ل”فارس” العزوني يومذاك حدثنا: صعد حسن  أبو نجيم إلى الطابق الثاني في دار داود حسين شواهنة في كفرثلث، أحد أقارب “فارس”، وترك أعضاء الفصيل خارج الدار وقال لهم: إذا سمعتم إطلاق نار قوموا بتجريد الفصائل الأخرى من السلاح واستعد لمقابلتهم، و قد عقد العزم على تصفيتهم، وخبأ مسدسه بين لباسه وحذائه الطويل .
 +
 
 +
جرى نقاش بين القادة الثلاثة وهم:عارف عبدالرازق وحمد زواتا، وحسن أبو نجيم، بينما كان “فارس” العزوني مختبئًا في شباك الغرفة، والمغطى بقماش رقيق وأثناء نقاشهما معه وتوجيه بعض الأسئلة له، وقد اتهموه بسرقة فرس في قرية مجدل يابا والإساءة للثورة، واتهمه عارف بالتقصير تجاهه حينما طوقه الجيش البريطاني ومن معه في أحد المعارك ولم يحاول تخليصهم. حاول حسن أن يلتقط مسدسه في محاولة منه لتصفية عارف وحمد،  فأسرع “فارس” بتحذيرعارف عبدالرازق الذي اصفر لون وجهه و تعارك معه،  وقبضوا على يديه وجردوه من سلاحه وأخذوه خارج البيت، وأمروا أعضاء فصيله بالتخلي عنه وترك بعضهم الثورة منذ ذلك اليوم وانضم الباقون ل”فارس” وطلب عارف من “فارس” أن يتولى مهمة تصفيته ، لكن “فارس” همس في أذن أسعد القاسم، ونمر القنبر أن يتظاهروا بأنه هرب ويطلقوا عليه رصا صات طائشة في الهواء، ونجح حسن أبو نجيم بالهرب و ُقبض عليه مرة ثانية في قرية سمسم من قرى غزة، وسلم مرة أخرى إلى عارف عبدالرازق الذي أمر فضيل حمد زواتا بتصفيته بعد أن جلدوه وعروه وعذبوه ثم أطلقوا النارعليه حيث وصلوا به إلى كفر لاقف، وبقيت جثته في العراء المكشوف أياما وليال، وبعدها حضر أهله ودفنوه في أحدى المغارات الأثرية ( 3) .
 
أثار قتل حسن في أهله مشاعر التذمر والتقزز من هذا العمل ؛ خاصة وأن حسن أبو نجيم سبق له أن شارك في أعمال جهادية ومنها:عملية قتل بضعة أشخاص من الشرطة الإضافية البريطانية في قرية عزون وهي عملية راح فيها ما لا يقل عن 6 أشخاص، وكان ثائرا تطارده القوات البريطانية للقبض عليه بعد أن قام بعمليات جريئة في السهل الساحلي الفلسطيني وهاجم فصيله عددا من المستعمرات القريبة من مدينة قلقيلية مثل كلمانيا وهكوفيش، ورعنانيا، وسكة حيفا ـ رأس العين.
 
أثار قتل حسن في أهله مشاعر التذمر والتقزز من هذا العمل ؛ خاصة وأن حسن أبو نجيم سبق له أن شارك في أعمال جهادية ومنها:عملية قتل بضعة أشخاص من الشرطة الإضافية البريطانية في قرية عزون وهي عملية راح فيها ما لا يقل عن 6 أشخاص، وكان ثائرا تطارده القوات البريطانية للقبض عليه بعد أن قام بعمليات جريئة في السهل الساحلي الفلسطيني وهاجم فصيله عددا من المستعمرات القريبة من مدينة قلقيلية مثل كلمانيا وهكوفيش، ورعنانيا، وسكة حيفا ـ رأس العين.
 +
 
عن هذه العملية التي حدثت في عزون يروي الحاج محمد عواد " تمركزت الشرطة الإضافية في دواوين عزون منها: ديوان رضوان، و ديوان عدوان، ودار سليم، وكان مطلوب من الناس خدمتهم، واطعام خيولهم عندها قرر الثوار وعلى راسهم عارف عبد الرازق الهجوم بغتة وهجمة رجل واحد، ووزعهم في مجموعات منها: مجموعة حسن أبو نجيم تتوجه لديوان رضوان، ومجموعة علي الهنطش (من صير ) تهاجم ديوان دار سليم، وتوجه حمد داوود زواتا إلى ديوان العدوان ومجموعهم ثلاثون ثائرا موزعين في ثلاث مجموعات، ولكن حسن أبو نجيم  عاجلهم بإطلاق النار قبل الباقين وطوقهم، وأخذ الثوار سلاحهم وقتلوا من الشرطة البريطانية بضعة أفراد مع خيولهم وهرب الباقون.
 
عن هذه العملية التي حدثت في عزون يروي الحاج محمد عواد " تمركزت الشرطة الإضافية في دواوين عزون منها: ديوان رضوان، و ديوان عدوان، ودار سليم، وكان مطلوب من الناس خدمتهم، واطعام خيولهم عندها قرر الثوار وعلى راسهم عارف عبد الرازق الهجوم بغتة وهجمة رجل واحد، ووزعهم في مجموعات منها: مجموعة حسن أبو نجيم تتوجه لديوان رضوان، ومجموعة علي الهنطش (من صير ) تهاجم ديوان دار سليم، وتوجه حمد داوود زواتا إلى ديوان العدوان ومجموعهم ثلاثون ثائرا موزعين في ثلاث مجموعات، ولكن حسن أبو نجيم  عاجلهم بإطلاق النار قبل الباقين وطوقهم، وأخذ الثوار سلاحهم وقتلوا من الشرطة البريطانية بضعة أفراد مع خيولهم وهرب الباقون.
 +
 
وبعد ذلك قام  الجيش الإنجليزي بضرب الناس وتعذيبهم حتى جاء شوقي عبد الهادي أحد ضباط الشرطة، وقال: " اللي بمد يده على عزون بورية، ويا فواز الهواش كفى "
 
وبعد ذلك قام  الجيش الإنجليزي بضرب الناس وتعذيبهم حتى جاء شوقي عبد الهادي أحد ضباط الشرطة، وقال: " اللي بمد يده على عزون بورية، ويا فواز الهواش كفى "
 
ويضيف الراوي بأنهم حملوا القتلى الذين كان عددهم ثمانية، وصادر الثوار سلاحهم وانسحبوا بعد مقاومة وعلى أثر الحادثة نسف الإنجليز محلات شطارة، ودار “فارس”، وعددا من الدور ومجموعها 10 دور (4).
 
ويضيف الراوي بأنهم حملوا القتلى الذين كان عددهم ثمانية، وصادر الثوار سلاحهم وانسحبوا بعد مقاومة وعلى أثر الحادثة نسف الإنجليز محلات شطارة، ودار “فارس”، وعددا من الدور ومجموعها 10 دور (4).
 +
 
كانت هذه العملية الثورية الجريئة عنواناً رئيساً لصحيفة الدفاع التي كان يحررها ابراهيم الشنطي، وجاء في صدر صفحتها الأولى  "مقتل 6 من البوليس الإضافي وأخذ 11 بندقية ومسدسين. مسلحون يطوقون قرية كفرثلث لمدة طويلة " وأشارت الصحيفة إلى ان تطويق قرية عزون تم في الساعة الثانية صباحاُ حيث طوقت عزون بما يقرب من مئة مسلح، ثم دخل فريق منهم إلى القرية، حيث طوقوا ديوان اّل رضوان الذي كان فيه أحد عشر نفرا من البوليس الإضافي، ودخل المضافة ثلاثة مسلحين وطلبوا من البوليس الذي كان جالسا مع أهل المضافة الخروج خارج المضافة ثم أخذوا يطلقون النار عليهم وعلمنا أنه قتل منهم ستة انفار، وجرح اثنان وأخذ المسلحون أحدى عشرة بندقية، كما جاء في إخبارية وكيل المختار للبوليس، وعلمنا ان المسلحين قتلوا ثلاثة رؤوس خيل للبوليس الإضافي واستمر إطلاق النار بين الطرفين مدة ثلاث ساعات(5 ).
 
كانت هذه العملية الثورية الجريئة عنواناً رئيساً لصحيفة الدفاع التي كان يحررها ابراهيم الشنطي، وجاء في صدر صفحتها الأولى  "مقتل 6 من البوليس الإضافي وأخذ 11 بندقية ومسدسين. مسلحون يطوقون قرية كفرثلث لمدة طويلة " وأشارت الصحيفة إلى ان تطويق قرية عزون تم في الساعة الثانية صباحاُ حيث طوقت عزون بما يقرب من مئة مسلح، ثم دخل فريق منهم إلى القرية، حيث طوقوا ديوان اّل رضوان الذي كان فيه أحد عشر نفرا من البوليس الإضافي، ودخل المضافة ثلاثة مسلحين وطلبوا من البوليس الذي كان جالسا مع أهل المضافة الخروج خارج المضافة ثم أخذوا يطلقون النار عليهم وعلمنا أنه قتل منهم ستة انفار، وجرح اثنان وأخذ المسلحون أحدى عشرة بندقية، كما جاء في إخبارية وكيل المختار للبوليس، وعلمنا ان المسلحين قتلوا ثلاثة رؤوس خيل للبوليس الإضافي واستمر إطلاق النار بين الطرفين مدة ثلاث ساعات(5 ).
 +
 
حول مصير حسن أبو نجيم حدثني كايد عواد حدثنا:هرب أول مرة من قبل عبد الله القنبر، وجاسر سليمان وتظاهروا بأنه فر منهم، وقد أطلقوا النار عليه في الهواء وفي يوم من الايام قام شخص من قرية سمسم من قرى غزة بتقييده وأحضاره للثائر حمد زواتا الذي أعدمه على طريق عزون كفر لاقف(6).
 
حول مصير حسن أبو نجيم حدثني كايد عواد حدثنا:هرب أول مرة من قبل عبد الله القنبر، وجاسر سليمان وتظاهروا بأنه فر منهم، وقد أطلقوا النار عليه في الهواء وفي يوم من الايام قام شخص من قرية سمسم من قرى غزة بتقييده وأحضاره للثائر حمد زواتا الذي أعدمه على طريق عزون كفر لاقف(6).
 +
 
أدى قتل حسن إلى كراهية بعض أقاربه ومؤيديهم للثوار، وافتراق عدد كبير من أعضاء فصيله عن الثورة، وقد نسب إلى “فارس” مسؤوليته عن قتل حسن أبو نجيم وهي رواية ثبت للباحث عدم صحتها.
 
أدى قتل حسن إلى كراهية بعض أقاربه ومؤيديهم للثوار، وافتراق عدد كبير من أعضاء فصيله عن الثورة، وقد نسب إلى “فارس” مسؤوليته عن قتل حسن أبو نجيم وهي رواية ثبت للباحث عدم صحتها.
 +
 
ثانياً: قتل أحمد شطارة من مدينة قلقيلية:
 
ثانياً: قتل أحمد شطارة من مدينة قلقيلية:
 
ومما نسب إلى “فارس” العزوني من ممارسات وأخطاء قيامه بقتل أحمد أبو شطارة من عائلة شريم في مدينة قلقيلية، وهو شخص ساعد “فارس” في هربه من سجن عكا، وتم تصوير “فارس” على أنه شخص ناكر للجميل ومجرم بحق أصحابه.
 
ومما نسب إلى “فارس” العزوني من ممارسات وأخطاء قيامه بقتل أحمد أبو شطارة من عائلة شريم في مدينة قلقيلية، وهو شخص ساعد “فارس” في هربه من سجن عكا، وتم تصوير “فارس” على أنه شخص ناكر للجميل ومجرم بحق أصحابه.
حدثنا أسعد القاسم: " التحق أحمد الشطارة مع الثورة وقالوا ل”فارس” إنه يريد اغتيالك قال: هذا صاحبي.
+
 
 +
حدثنا أسعد القاسم: " التحق أحمد الشطارة مع الثورة وقالوا ل”فارس” إنه يريد اغتيالك قال: هذا صاحبي.
 +
 
 
ولكنهم في أحدى الليالي كانوا سائرين، وأحمد شطارة معهم وأخذ أحمد شطارة يطلق النار على “فارس”، وتظاهر “فارس” بعدم الاهتمام بما حدث، وقال لجماعته: إنسحبوا وتوجهوا لمروج عِسلة.
 
ولكنهم في أحدى الليالي كانوا سائرين، وأحمد شطارة معهم وأخذ أحمد شطارة يطلق النار على “فارس”، وتظاهر “فارس” بعدم الاهتمام بما حدث، وقال لجماعته: إنسحبوا وتوجهوا لمروج عِسلة.
وقال له أحمد شطارة: لا تؤاخذني يمكن جاء الرصاص بالخطأ تجاهك.
+
 
“فارس” لم يحتمل الموقف أخذه  لعيون كفرقرع شرقي كفر ثلث وأطلق عليه النار فأرداه قتيلا، وأوصى بعد فترة من قتله  بقدوم أخيه وابن عمه، وقام لطفي محمد عبد الرحمن عيسى وخليل أبو هنية من كفرثلث بنقله على جمل مقابل الحصول على خمسة دنانير بعد أن تركه “فارس” في العراء المكشوف ( 7).
+
وقال له أحمد شطارة: لا تؤاخذني يمكن جاء الرصاص بالخطأ تجاهك.
 +
 
 +
“فارس” لم يحتمل الموقف أخذه  لعيون كفرقرع شرقي كفر ثلث وأطلق عليه النار فأرداه قتيلا، وأوصى بعد فترة من قتله  بقدوم أخيه وابن عمه، وقام لطفي محمد عبد الرحمن عيسى وخليل أبو هنية من كفرثلث بنقله على جمل مقابل الحصول على خمسة دنانير بعد أن تركه “فارس” في العراء المكشوف ( 7).
 +
 
 
ثالثاً: إعدام أربعة نساء وقتل مختار من قرية عزون:
 
ثالثاً: إعدام أربعة نساء وقتل مختار من قرية عزون:
 
يرى الباحث أن إعدام بضعة نساء من قرية عزون يعد من الأخطاء الجسيمة، التي ارتكبت وأساءت للثورة برغم المسوغات والمبررات التي ساقها البعض  ممن تحدثوا عن إعدامهن، حيث تم إعدامهن رمياً بالرصاص بتهمة الإساءة للأخلاق والشرف أثناء حصار الإنجليز المتكرر لبلدة عزون، وقد طالت أربع نساء متزوجات.
 
يرى الباحث أن إعدام بضعة نساء من قرية عزون يعد من الأخطاء الجسيمة، التي ارتكبت وأساءت للثورة برغم المسوغات والمبررات التي ساقها البعض  ممن تحدثوا عن إعدامهن، حيث تم إعدامهن رمياً بالرصاص بتهمة الإساءة للأخلاق والشرف أثناء حصار الإنجليز المتكرر لبلدة عزون، وقد طالت أربع نساء متزوجات.
وحول مسوغات قتل مجموعة النسوة توجهت بسؤال إلى المعلم المتقاعد والكاتب في تارخ عزون عبد الخالق يحيى، فأجابني: "أن مسوغات، ومبررات قتلهن لم تكن منطقية، وغير مقبولة خاصة وأن بعضهن طالبن بميراثهن من الأهل، فاشتكوا ل”فارس” واتهموهن بإساءة الأخلاق " ( 8).
+
 
 +
وحول مسوغات قتل مجموعة النسوة توجهت بسؤال إلى المعلم المتقاعد والكاتب في تارخ عزون عبد الخالق يحيى، فأجابني: "أن مسوغات، ومبررات قتلهن لم تكن منطقية، وغير مقبولة خاصة وأن بعضهن طالبن بميراثهن من الأهل، فاشتكوا ل”فارس” واتهموهن بإساءة الأخلاق " ( 8).
 
   
 
   
 
حول الأسباب والطريقة التي تم فيها إعدامهن، حدثتني أرملة الشهيد “فارس” فقالت: " جاء “فارس” من قرية الزاوية على دار رضوان، وقد وقعت مجموعة كبيرة من رجال عزون ورقة بهذا الخصوص وفيها توقيع شيخ كبير من البلد ومعه مجموعة من أهالي البلد، وطالبوا بمحاكمتهن واتهمن بالعلاقة مع الإنجليز وطلب إحضارهن وأخذ أبنائهن من بين أيديهن وأمر بإحضار أزواجهن، الذين شهدوا على سوء أخلاقهن، وقام “فارس” وصفّهن في صف واحد، وأعطاهن طلقا واحدا، وأغلق عليهن الباب وخرج وكانت أمه قد نصحته  بأن لا يقتلهن.
 
حول الأسباب والطريقة التي تم فيها إعدامهن، حدثتني أرملة الشهيد “فارس” فقالت: " جاء “فارس” من قرية الزاوية على دار رضوان، وقد وقعت مجموعة كبيرة من رجال عزون ورقة بهذا الخصوص وفيها توقيع شيخ كبير من البلد ومعه مجموعة من أهالي البلد، وطالبوا بمحاكمتهن واتهمن بالعلاقة مع الإنجليز وطلب إحضارهن وأخذ أبنائهن من بين أيديهن وأمر بإحضار أزواجهن، الذين شهدوا على سوء أخلاقهن، وقام “فارس” وصفّهن في صف واحد، وأعطاهن طلقا واحدا، وأغلق عليهن الباب وخرج وكانت أمه قد نصحته  بأن لا يقتلهن.
 +
 
وقالت: هذا حرام يا بني.
 
وقالت: هذا حرام يا بني.
 +
 
رد عليها هذا في رقبة الشيخ (...) والذين شهدوا ضدهن (9).
 
رد عليها هذا في رقبة الشيخ (...) والذين شهدوا ضدهن (9).
 +
 
كانت عمليات القتل والتصفية التي  طالت أيضاً أشخاصاً من قرى بيتلو وديرنظام قرب رام الله واغتيال حسن صدقي الدجاني و تعذيب آخرين سببا في نشرالرعب  الذي طال أفئدة المخاتير والمعارضين والموالين لبريطانيا ويظهر أن المعارضين في منطقة رام الله نالهم قسط وافر من التصفيات والبطش، وما من شك أن قرارات التصفية التي قام بها فصيل “فارس”  كانت تقف خلفها  قيادة عليا توجه له التعليمات ولأوامر، وليس من المعقول أن تكون جميعها وليدة قرارات يتخذها “فارس” في غضون شهور من حياته الكفاحية.
 
كانت عمليات القتل والتصفية التي  طالت أيضاً أشخاصاً من قرى بيتلو وديرنظام قرب رام الله واغتيال حسن صدقي الدجاني و تعذيب آخرين سببا في نشرالرعب  الذي طال أفئدة المخاتير والمعارضين والموالين لبريطانيا ويظهر أن المعارضين في منطقة رام الله نالهم قسط وافر من التصفيات والبطش، وما من شك أن قرارات التصفية التي قام بها فصيل “فارس”  كانت تقف خلفها  قيادة عليا توجه له التعليمات ولأوامر، وليس من المعقول أن تكون جميعها وليدة قرارات يتخذها “فارس” في غضون شهور من حياته الكفاحية.
 +
 
و يميل الباحث للرأي القائل أن اللجنة المركزية للجهاد كانت تعطي تعليمات للثوار للقيام بهذه الاغتيالات وكان الحاج أمين الحسيني على علم بها.
 
و يميل الباحث للرأي القائل أن اللجنة المركزية للجهاد كانت تعطي تعليمات للثوار للقيام بهذه الاغتيالات وكان الحاج أمين الحسيني على علم بها.
ومما يجدر ذكره أن أعمال الاغتيال والدس والتخريب جرت في مناطق أخرى
+
 
وقد اتفق سلوك يوسف  أبو درة الذي اغتال أكثر من 42 مختاراً اتهموا بالعمالة، وكان أبو درة يحبسهم في أحد الآبار، واذا أشار بإيماءة وقال: "ريحوه " فمعنى ذلك أنه قتل وراح في غيابة الجب، كذلك الحال غرق عبدالله الأسعد في قرى الشعراوية في عمليات قتل نساء وتصفية أشخاص اتهموا بالعمالة والجاسوسية ، وقد انتقدت الصحافة المقربة من المعارضة سياسةالاغتيالات والقتل لأكثر من سبعين رجلاً وامرأة قتلوا بمبررات ومسوغات شتى وهاجمت عارف عبدالرازق باعتباره اليد اليمنى للذراع المتطرف الذي يقوده مفتي فلسطين الحاج أمين الحسيني ( 10).
+
ومما يجدر ذكره أن أعمال الاغتيال والدس والتخريب جرت في مناطق أخرى وقد اتفق سلوك يوسف  أبو درة الذي اغتال أكثر من 42 مختاراً اتهموا بالعمالة، وكان أبو درة يحبسهم في أحد الآبار، واذا أشار بإيماءة وقال: "ريحوه " فمعنى ذلك أنه قتل وراح في غيابة الجب، كذلك الحال غرق عبدالله الأسعد في قرى الشعراوية في عمليات قتل نساء وتصفية أشخاص اتهموا بالعمالة والجاسوسية ، وقد انتقدت الصحافة المقربة من المعارضة سياسةالاغتيالات والقتل لأكثر من سبعين رجلاً وامرأة قتلوا بمبررات ومسوغات شتى وهاجمت عارف عبدالرازق باعتباره اليد اليمنى للذراع المتطرف الذي يقوده مفتي فلسطين الحاج أمين الحسيني ( 10).
 
   
 
   
 
كانت حادثة قتل مختار عزون  وهو أحد أقربائه مدعاةً للتساؤل وفيها قيل وسمع الباحث قول كثير، وقد تراوحت بين اتهام “فارس” له بالعمالة للبريطانيين وبعضهم اعتبره دسا وافتراء راح “فارس” ضحيته، ومنهم من نسب قرار تصفيته للحاج مسلم المتهم بيهوديته ، وآخرون قالوا إن “فارس” قام بإعدامه عن سابق تصميم ولم تنجح شفاعة أمه فيه، وأجال الباحث النظر في مصادر عديدة فلم يجد أية وثيقة عربية أو إنجليزية تنفي أو تثبت صحة هذا الموضوع.
 
كانت حادثة قتل مختار عزون  وهو أحد أقربائه مدعاةً للتساؤل وفيها قيل وسمع الباحث قول كثير، وقد تراوحت بين اتهام “فارس” له بالعمالة للبريطانيين وبعضهم اعتبره دسا وافتراء راح “فارس” ضحيته، ومنهم من نسب قرار تصفيته للحاج مسلم المتهم بيهوديته ، وآخرون قالوا إن “فارس” قام بإعدامه عن سابق تصميم ولم تنجح شفاعة أمه فيه، وأجال الباحث النظر في مصادر عديدة فلم يجد أية وثيقة عربية أو إنجليزية تنفي أو تثبت صحة هذا الموضوع.
ويظهر أن “فارس” أخذ بالشبهة ودون التحقق الكافي من خبر الوشاة. ففي كفرثلث أخذ قرارا بتصفية عشرة أشخاص من حامولة عودة بتهمة الخيانة وبيع الأراضي ولولا توسط  الثائر حمد زوتا وتصديه ومجيئه إلى
+
 
كفر ثلث في اللحظة المناسبة ومنعه لعملية التصفية؛ لوقعت عملية سفك دماء غير محمودة العواقب وكانت التهمة من دس أشخاص منافسون من عائلات أخرى، وقال حمد: "بهذه الطريقة ستخرب الثورة يا “فارس”، وتجلب الأعداء " ( 11).
+
ويظهر أن “فارس” أخذ بالشبهة ودون التحقق الكافي من خبر الوشاة. ففي كفرثلث أخذ قرارا بتصفية عشرة أشخاص من حامولة عودة بتهمة الخيانة وبيع الأراضي ولولا توسط  الثائر حمد زوتا وتصديه ومجيئه إلى كفر ثلث في اللحظة المناسبة ومنعه لعملية التصفية؛ لوقعت عملية سفك دماء غير محمودة العواقب وكانت التهمة من دس أشخاص منافسون من عائلات أخرى، وقال حمد: "بهذه الطريقة ستخرب الثورة يا “فارس”، وتجلب الأعداء " ( 11).
 +
 
 
أثارعمل “فارس” الغضب لدى عائلة عودة في خريش، ومنهم: عضو الفصيل حسن أبو عمر، الذي أبدى امتعاضه مما حدث من قتل وسواه من تعذيب لعدد من الأشخاص من أقاربه  فقرر أن لا يعمل تحت لوائه.
 
أثارعمل “فارس” الغضب لدى عائلة عودة في خريش، ومنهم: عضو الفصيل حسن أبو عمر، الذي أبدى امتعاضه مما حدث من قتل وسواه من تعذيب لعدد من الأشخاص من أقاربه  فقرر أن لا يعمل تحت لوائه.
 
حضر “فارس” إلى خريش وطلب من حسن أبو عمر تصنيع كبسولات للثورة فاعتذر بأنه مشغول في بعض الأعمال الخاصة به .عندها استشاط “فارس” غضبا وهدده بالموت، وتعارك الاثنان أمام جمع من الناس.
 
حضر “فارس” إلى خريش وطلب من حسن أبو عمر تصنيع كبسولات للثورة فاعتذر بأنه مشغول في بعض الأعمال الخاصة به .عندها استشاط “فارس” غضبا وهدده بالموت، وتعارك الاثنان أمام جمع من الناس.
 
حدثنا حسن أبو عمر: " كنا في دار رشيد عبد حسن وحضر “فارس” ومعه سليم عيسى حط فيه جلد، وتوسط له رشيد ويعقوب إسماعيل، فطلب منهم أن يدفع مالاً للثورة، وقد طلب خمسين جنيهاً، توسطوا حتى نزلها إلى عشرة، ثم طلب مني “فارس” أن أصنع كبسولات فأعتذرت، لكنه حاول أن يغصبني فرفضت واسودت الدنيا في ناظري وتخانقنا وتعاركنا، وحاول الحاج محمد مسلم أن يقتلني، لكنني دفعت “فارس” أمامه، والناس تحاول الفصل بيننا، وقلت أعطيني الأمان وأعطاني، وأصلحونا وعاد يطلب أن أعمل كبسولات.
 
حدثنا حسن أبو عمر: " كنا في دار رشيد عبد حسن وحضر “فارس” ومعه سليم عيسى حط فيه جلد، وتوسط له رشيد ويعقوب إسماعيل، فطلب منهم أن يدفع مالاً للثورة، وقد طلب خمسين جنيهاً، توسطوا حتى نزلها إلى عشرة، ثم طلب مني “فارس” أن أصنع كبسولات فأعتذرت، لكنه حاول أن يغصبني فرفضت واسودت الدنيا في ناظري وتخانقنا وتعاركنا، وحاول الحاج محمد مسلم أن يقتلني، لكنني دفعت “فارس” أمامه، والناس تحاول الفصل بيننا، وقلت أعطيني الأمان وأعطاني، وأصلحونا وعاد يطلب أن أعمل كبسولات.
 +
 
قلت:سأعمل خمسين كبسولة، ولكن بعدين. فقال “فارس”: إسمعوا يا الحاضرين لو أنكم جميعا بجرأة هذا الرجل لانتصرنا على العدو " (12).
 
قلت:سأعمل خمسين كبسولة، ولكن بعدين. فقال “فارس”: إسمعوا يا الحاضرين لو أنكم جميعا بجرأة هذا الرجل لانتصرنا على العدو " (12).
 +
 
وعن الأسلوب الفظ الذي عومل به الناس من قبل فصيل الموت، حدثني حسن حسين فقال: " أحضر فصيل “فارس” إلى بلدنا ثلاثة أشخاص من كفر قاسم اتهموا بالعمالة، واقتادهم في وسط القرية قرب المدرسة القديمة عند ساحة التوته، وجاء الطلاب من المدرسة لمشاهدتهم وكانت آثار التعذيب بادية ًفي وجوههم ، وراح يجلدهم في سوطه " ( 13).
 
وعن الأسلوب الفظ الذي عومل به الناس من قبل فصيل الموت، حدثني حسن حسين فقال: " أحضر فصيل “فارس” إلى بلدنا ثلاثة أشخاص من كفر قاسم اتهموا بالعمالة، واقتادهم في وسط القرية قرب المدرسة القديمة عند ساحة التوته، وجاء الطلاب من المدرسة لمشاهدتهم وكانت آثار التعذيب بادية ًفي وجوههم ، وراح يجلدهم في سوطه " ( 13).
 +
 
رغم ذلك كانت للثائر “فارس” مواقف صارمة تجاه الذين يحاولون التلاعب بالثورة، ومن النوادر التي نسبت لرفاقه في السلاح أن أحدهم يدعى مصطفى البدوي من شرق الأردن كان حراثا ًيعمل عند اّل قزمار من كفرثلث وقد انضم إلى عناصر فصيل “فارس” العزوني، وقد دعي هؤلاء  إلى وجبة طعام في بيت داود عرار وعندما وضعت المائدة، اشترط البدوي الثائر إحضار ملعقة طعام ليتناول طعامه.
 
رغم ذلك كانت للثائر “فارس” مواقف صارمة تجاه الذين يحاولون التلاعب بالثورة، ومن النوادر التي نسبت لرفاقه في السلاح أن أحدهم يدعى مصطفى البدوي من شرق الأردن كان حراثا ًيعمل عند اّل قزمار من كفرثلث وقد انضم إلى عناصر فصيل “فارس” العزوني، وقد دعي هؤلاء  إلى وجبة طعام في بيت داود عرار وعندما وضعت المائدة، اشترط البدوي الثائر إحضار ملعقة طعام ليتناول طعامه.
فصاح داود قائلاً: يا “فارس” من أين أحضرت هؤلاء الثوار ؟
+
 
 +
فصاح داود قائلاً: يا “فارس” من أين أحضرت هؤلاء الثوار ؟
 +
 
 
نظر إليه “فارس” وسأله ما الأمر؟.
 
نظر إليه “فارس” وسأله ما الأمر؟.
 +
 
رد عليه: مصطفى لا يأكل دون ملعقة.
 
رد عليه: مصطفى لا يأكل دون ملعقة.
فجرده “فارس” من سلاحه وأرجعه، يرعى غنم سيده عبد الرحمن قزمار "( 14).
+
 
 +
 
 +
فجرده “فارس” من سلاحه وأرجعه، يرعى غنم سيده عبد الرحمن قزمار "( 14).
 +
 
 
وعن تدخل الثورة في حياة الناس ومفرداتها، وتأليه الفرد القائد وأن من يسب القائد يعذب ويجلد أو يعاقب.
 
وعن تدخل الثورة في حياة الناس ومفرداتها، وتأليه الفرد القائد وأن من يسب القائد يعذب ويجلد أو يعاقب.
حدثنا مصطفى عبدالوهاب الحامد عن أبيه أنه قال " التقيت بابن خالة “فارس” حسين داود من كفرثلث.
+
 
 +
 
 +
حدثنا مصطفى عبدالوهاب الحامد عن أبيه أنه قال " التقيت بابن خالة “فارس” حسين داود من كفرثلث.
 +
 
 
فسأله عنه: فرد عليه، لقد أصبح قائد فصيل.
 
فسأله عنه: فرد عليه، لقد أصبح قائد فصيل.
 +
 
فقال عبدالوهاب مستهزئاً: والله يا فروستي صار قائد ثورة !.
 
فقال عبدالوهاب مستهزئاً: والله يا فروستي صار قائد ثورة !.
 +
 
وصل استهزاءه إلى “فارس” الذي غضب وهدده بسوطه وفرض عليه خمسون جلده، فتدخل الحاضرون، وقالوا لن يتحمل بهذا الجسم النحيل، وتوسطوا له أن يدفع خمس جنيهات للثورة وفعل ذلك " (15).
 
وصل استهزاءه إلى “فارس” الذي غضب وهدده بسوطه وفرض عليه خمسون جلده، فتدخل الحاضرون، وقالوا لن يتحمل بهذا الجسم النحيل، وتوسطوا له أن يدفع خمس جنيهات للثورة وفعل ذلك " (15).
 
كانت أحد الأخطاء التي ارتكبها قادة الفصيل هي التدخل في تفاصيل حياة الناس، واستخدام أسلوب التصفيات لأشخاص من حزب المعارضة مما أذكى روح التمرد والعصيان لديهم، وقد ارتمى هؤلاء في أحضان العدو وبدأت الثورة تخسر جماهيرها شيئاً فشيئا خاصةً أن الروح العصبوية والعائلية المستشرية بين الناس لا تقبل بالإساءة لأي من أبناء العائلة حتى وإن كان عميلاً لأن الشعب كان يعاني من التخلف ولم يرتق بعد لمستوى الوعي الوطني والقومي ولم يحاكم الأمور بهذا المعيار.
 
كانت أحد الأخطاء التي ارتكبها قادة الفصيل هي التدخل في تفاصيل حياة الناس، واستخدام أسلوب التصفيات لأشخاص من حزب المعارضة مما أذكى روح التمرد والعصيان لديهم، وقد ارتمى هؤلاء في أحضان العدو وبدأت الثورة تخسر جماهيرها شيئاً فشيئا خاصةً أن الروح العصبوية والعائلية المستشرية بين الناس لا تقبل بالإساءة لأي من أبناء العائلة حتى وإن كان عميلاً لأن الشعب كان يعاني من التخلف ولم يرتق بعد لمستوى الوعي الوطني والقومي ولم يحاكم الأمور بهذا المعيار.
لقد بات قائد الفصيل يتدخل في مفردات كثيرة، وهو الحاكم في منطقته، وقد تم تخطي دور المحاكم البريطانية وصارت ترفع إليه عدة قضايا للحكم فيها سواءً في عزون أو كفرثلث أو كفرقاسم وغيرها، وقد شكل لجنة إصلاح في عزون كان رئيسها يحيى سويدان.
+
 
 +
لقد بات قائد الفصيل يتدخل في مفردات كثيرة، وهو الحاكم في منطقته، وقد تم تخطي دور المحاكم البريطانية وصارت ترفع إليه عدة قضايا للحكم فيها سواءً في عزون أو كفرثلث أو كفرقاسم وغيرها، وقد شكل لجنة إصلاح في عزون كان رئيسها يحيى سويدان.
 +
 
 
رغم ذلك كانت للثائر مآثر عبر فيها عن إنسانيته فحينما جرب أحد الأشخاص من عزون أن يأخذ على عاتقه عمل قاضي للثورة في قرية بديا ودون أن يكلف بذلك وقد انتحل تكليفا من “فارس”، وعلم “فارس” بأمره، قام بجلده ومعاقبته.
 
رغم ذلك كانت للثائر مآثر عبر فيها عن إنسانيته فحينما جرب أحد الأشخاص من عزون أن يأخذ على عاتقه عمل قاضي للثورة في قرية بديا ودون أن يكلف بذلك وقد انتحل تكليفا من “فارس”، وعلم “فارس” بأمره، قام بجلده ومعاقبته.
 +
 
كما أن “فارس” وضع حدا لبعض أعضاء  أحد الفصائل في رام الله، الذي ضايق أحد القساوسة المسيحيين في عابود، وسرق مالا باسم الثورة وادعى أنه “فارس” العزوني واشتكى له القسيس هذا العمل الذي جرى باسمه عندها قام “فارس” بعرض عدد من أعضاء الفصيل عليه، وتبين أنه شخص من فصيل آخر فقام بعاقبته.
 
كما أن “فارس” وضع حدا لبعض أعضاء  أحد الفصائل في رام الله، الذي ضايق أحد القساوسة المسيحيين في عابود، وسرق مالا باسم الثورة وادعى أنه “فارس” العزوني واشتكى له القسيس هذا العمل الذي جرى باسمه عندها قام “فارس” بعرض عدد من أعضاء الفصيل عليه، وتبين أنه شخص من فصيل آخر فقام بعاقبته.
 
   
 
   
 
رابعاً: اتهام فصيل “فارس” باغتيال حسن صدقي الدجاني.
 
رابعاً: اتهام فصيل “فارس” باغتيال حسن صدقي الدجاني.
 +
 
حسن أحد الشخصيات الفلسطينية البارزة. كان سكرتيراً لحزب الدفاع، عرف كمعارض للحاج أمين الحسيني، عرف بدوره في إضراب سائقي السيارات. كان على صلة وثيقة مع القائد عارف عبدالرازق واجتمع معه مراراً، وتدارس معه شؤون الثورة، وقدم العون للثوار من ملابس ومال، و في يوم 12/ 10/ 1938 اجتمع مع عارف و أثناء عودته إلى القدس تعرض للاغتيال، وكان عارف أكثر الناس حزناً وتأسفاً على اغتياله خاصة أن مصرعه يرتبط بزيارته له، واعتبر أنه عمل جبان وغادر، وأنهم سيقولون إن عارف مسؤول عن اغتياله، ولم يكن هذا العمل بعيدا عن عملاء المخابرات البريطانية والصهيونية، وقد سبب هذا العمل فسادا في البلاد، ولقد أخذ فخري الننشاشيبي يوزع منشورات في فلسطين وخارجها وفيه يتهم "عارف" بأنه وراء حادثة قتله، وأخذ يثير أحقادا مختلفة في منشوراته (16 ).
 
حسن أحد الشخصيات الفلسطينية البارزة. كان سكرتيراً لحزب الدفاع، عرف كمعارض للحاج أمين الحسيني، عرف بدوره في إضراب سائقي السيارات. كان على صلة وثيقة مع القائد عارف عبدالرازق واجتمع معه مراراً، وتدارس معه شؤون الثورة، وقدم العون للثوار من ملابس ومال، و في يوم 12/ 10/ 1938 اجتمع مع عارف و أثناء عودته إلى القدس تعرض للاغتيال، وكان عارف أكثر الناس حزناً وتأسفاً على اغتياله خاصة أن مصرعه يرتبط بزيارته له، واعتبر أنه عمل جبان وغادر، وأنهم سيقولون إن عارف مسؤول عن اغتياله، ولم يكن هذا العمل بعيدا عن عملاء المخابرات البريطانية والصهيونية، وقد سبب هذا العمل فسادا في البلاد، ولقد أخذ فخري الننشاشيبي يوزع منشورات في فلسطين وخارجها وفيه يتهم "عارف" بأنه وراء حادثة قتله، وأخذ يثير أحقادا مختلفة في منشوراته (16 ).
 +
 
كان اغتيال حسن من أكثر أعمال القتل سببا لحدوث الفتنة والفوضى في فلسطين، وتسعير الخلافات العائلية، والعصبيات الحزبية، و ثارت الاسئلة الكثيرة حول اغتياله وظل السر مجهولاً، وتضاربت الأقوال في هذا الاغتيال ومن المسؤول عنه، وقد ألصقها البعض بعارف عبدالرازق وأخرون قالوا إن داود الحسيني كان وراء الاغتيال، ونسبها البعض إلى  عملاء دوائر بريطانية ويهودية.
 
كان اغتيال حسن من أكثر أعمال القتل سببا لحدوث الفتنة والفوضى في فلسطين، وتسعير الخلافات العائلية، والعصبيات الحزبية، و ثارت الاسئلة الكثيرة حول اغتياله وظل السر مجهولاً، وتضاربت الأقوال في هذا الاغتيال ومن المسؤول عنه، وقد ألصقها البعض بعارف عبدالرازق وأخرون قالوا إن داود الحسيني كان وراء الاغتيال، ونسبها البعض إلى  عملاء دوائر بريطانية ويهودية.
بعد البحث والتقصي وسماع روايات من مصادر مختلفة رجح الباحث أن أعضاء من فصيل الموت بقيادة “فارس” العزوني كانوا على علاقة باغتياله ويظهر أنه كان من عمل الحاج محمد مسلم الحجازي، ومشاركه اثنين من أعضاء الفصيل، وشاع في منطقة قلقيلية أن أحدهما من قرية عِسلة والآخر من قرية عزون، ويرجح أن أوامر القتل جاءتهما من  داود الحسيني، مع مباركة ضمنية من المفتي الحاج أمين الحسيني ومعرفة مسبقة من قائد الفصيل “فارس” العزوني، وكان خروج حسن بعد اجتماعه بعارف عبدالرازق مدعاةً للظن به واتهامه وأنه لا يوجد ما يبرىء عارف عبدالرازق منها إلا أن الخلق العربي المسلم يرفض الغدر بالضيف، حيث قتل بعد اجتماعه معه وإعرابه عن  مد يد العون للثورة والثوار !.
+
 
 +
بعد البحث والتقصي وسماع روايات من مصادر مختلفة رجح الباحث أن أعضاء من فصيل الموت بقيادة “فارس” العزوني كانوا على علاقة باغتياله ويظهر أنه كان من عمل الحاج محمد مسلم الحجازي، ومشاركه اثنين من أعضاء الفصيل، وشاع في منطقة قلقيلية أن أحدهما من قرية عِسلة والآخر من قرية عزون، ويرجح أن أوامر القتل جاءتهما من  داود الحسيني، مع مباركة ضمنية من المفتي الحاج أمين الحسيني ومعرفة مسبقة من قائد الفصيل “فارس” العزوني، وكان خروج حسن بعد اجتماعه بعارف عبدالرازق مدعاةً للظن به واتهامه وأنه لا يوجد ما يبرىء عارف عبدالرازق منها إلا أن الخلق العربي المسلم يرفض الغدر بالضيف، حيث قتل بعد اجتماعه معه وإعرابه عن  مد يد العون للثورة والثوار !.
 +
 
 
لقد اتهم عارف بأنه وراء اغتياله رغم نفيه لهذه التهمة ولكن كيف اغتيل حسن ؟
 
لقد اتهم عارف بأنه وراء اغتياله رغم نفيه لهذه التهمة ولكن كيف اغتيل حسن ؟
 +
 
تذكر بعض الروايات التي تناولها أحد الباحثين أن حسن صدقي الدجاني دعي إلى  عارف عبدالرازق و بناءً على طلب القائد عارف للبحث في وضع الثورة والحاجة للمساعدة، وتقديم ملابس للثوار، وقد جرى اجتماع ودي بينهما، وفي الوقت الذي كان يجتمع فيه عارف مع حسن، كان يتواجد  ثلاثة من الرجال يلبسون ألبسة شامية هم الدكتور داود الحسيني وسليم حسين الحسيني ومحمد سليم أبو لبن؛ كانوا في مهمة تتعلق بالثورة ومبعوثين من اللجنة المركزية للجهاد في دمشق وبيروت وعند وصول حسن صدقي دخلوا إلى غرفة أخرى، ولم يشاهدهم حسن وعارف عبدالرازق ، وغادر هؤلاء المكان قبل تناول حسن العشاء مع عارف.
 
تذكر بعض الروايات التي تناولها أحد الباحثين أن حسن صدقي الدجاني دعي إلى  عارف عبدالرازق و بناءً على طلب القائد عارف للبحث في وضع الثورة والحاجة للمساعدة، وتقديم ملابس للثوار، وقد جرى اجتماع ودي بينهما، وفي الوقت الذي كان يجتمع فيه عارف مع حسن، كان يتواجد  ثلاثة من الرجال يلبسون ألبسة شامية هم الدكتور داود الحسيني وسليم حسين الحسيني ومحمد سليم أبو لبن؛ كانوا في مهمة تتعلق بالثورة ومبعوثين من اللجنة المركزية للجهاد في دمشق وبيروت وعند وصول حسن صدقي دخلوا إلى غرفة أخرى، ولم يشاهدهم حسن وعارف عبدالرازق ، وغادر هؤلاء المكان قبل تناول حسن العشاء مع عارف.
 +
 
كان محور السؤال أين ذهب هؤلاء ؟ ومع من اجتمعوا بعد ذلك وماذا فعلوا ، وهل كان لهم صلة بمصرع حسن صدقي ؟
 
كان محور السؤال أين ذهب هؤلاء ؟ ومع من اجتمعوا بعد ذلك وماذا فعلوا ، وهل كان لهم صلة بمصرع حسن صدقي ؟
 +
 
وهل كان للصهاينة والاستعمار البريطاني ضلع في هذه المسألة؟ (17).
 
وهل كان للصهاينة والاستعمار البريطاني ضلع في هذه المسألة؟ (17).
 +
 
ما أن خرج حسن من اجتماعه مع عارف وقاربت الشمس على المغيب، واقترب  من قرية  رأس ابن سمحان (راس كركر) حتى التقى به ثلاثة أشخاص وقتلوه وفوجئ عارف عبد الرازق في اليوم التالي بالصحف وأقلام حزب المعارضة التي دقت طبولها في طول البلاد وعرضها، والتي اتهمته بقتله، وكان على رأس هذه الأقلام فخري النشاشيبي.
 
ما أن خرج حسن من اجتماعه مع عارف وقاربت الشمس على المغيب، واقترب  من قرية  رأس ابن سمحان (راس كركر) حتى التقى به ثلاثة أشخاص وقتلوه وفوجئ عارف عبد الرازق في اليوم التالي بالصحف وأقلام حزب المعارضة التي دقت طبولها في طول البلاد وعرضها، والتي اتهمته بقتله، وكان على رأس هذه الأقلام فخري النشاشيبي.
 
أنكر  عارف ما نسب إليه وراح فخري يغذي مشاعر الحقد والكراهية ضد الثورة ونشط في إقامة صلاته مع البريطانيين واليهود، وأصدر منشورات تهاجم عارف ونشرها في كتيب سماه (صوت من قبور فلسطين )، واعتبر الحاج أمين شخصا يغذي الأعمال الهدامة ويعتمد فيها على عارف الذي باع نصف أراضي طولكرم لليهود والذي انحصرت جهوده في الفتك بزعماء البلاد، وأنه كان وراء تشتتيت الفلاحين بعد أن سمسر وباع الأرض لليهود، وأن أوامر القتل جاءت من الشام، وقد رد عليه عارف بمنشور ثوري كذب ادعاءاته ووصفه بخائن الأمة والخارج عن دينها ووصفه " بالأدون فخريوش " تعبيرا عن يهوديته(18).
 
أنكر  عارف ما نسب إليه وراح فخري يغذي مشاعر الحقد والكراهية ضد الثورة ونشط في إقامة صلاته مع البريطانيين واليهود، وأصدر منشورات تهاجم عارف ونشرها في كتيب سماه (صوت من قبور فلسطين )، واعتبر الحاج أمين شخصا يغذي الأعمال الهدامة ويعتمد فيها على عارف الذي باع نصف أراضي طولكرم لليهود والذي انحصرت جهوده في الفتك بزعماء البلاد، وأنه كان وراء تشتتيت الفلاحين بعد أن سمسر وباع الأرض لليهود، وأن أوامر القتل جاءت من الشام، وقد رد عليه عارف بمنشور ثوري كذب ادعاءاته ووصفه بخائن الأمة والخارج عن دينها ووصفه " بالأدون فخريوش " تعبيرا عن يهوديته(18).
شاع بين الناس في منطقة قلقيلية أن ثلاثة أشخاص من فصيل “فارس” كان لهم دور في اغتيال حسن بناءً على أوامر جاءتهم من داود الحسيني، ومنهم: الشهيد نمر القنبر من قرية عزون، والثائر المرحوم أسعد القاسم، ومحمد الحاج مسلم، حتى أن السلطات البريطانية أرسلت في طلبهم وسجنوا وأنكروا ذلك. اهتم الباحث بسماع عدد من الروايات وقابل الأشخاص المتهمين وسواهم وهذه عدد من الروايات التي قيلت حول مصرع حسن:
+
 
حدثنا الثائر الشيخ عبدالفتاح المزعاوي قائد فصيل رام الله وغور الأردن في مقابلة جرت معه بمنزله عام 1993في قرية المزرعة الشرقية أن فصيل “فارس” ومعه الحاج محمد المسلم كان وراء اغتيال حسن صدقي
+
شاع بين الناس في منطقة قلقيلية أن ثلاثة أشخاص من فصيل “فارس” كان لهم دور في اغتيال حسن بناءً على أوامر جاءتهم من داود الحسيني، ومنهم: الشهيد نمر القنبر من قرية عزون، والثائر المرحوم أسعد القاسم، ومحمد الحاج مسلم، حتى أن السلطات البريطانية أرسلت في طلبهم وسجنوا وأنكروا ذلك. اهتم الباحث بسماع عدد من الروايات وقابل الأشخاص المتهمين وسواهم وهذه عدد من الروايات التي قيلت حول مصرع حسن:
الد جاني و بأوامر من الدكتور داود الحسيني، وأن عدد الذين نفذوا مهمة الاغتيال كانوا ثلاثة أشخاص وقد رجاهم أن يتركوه وشأنه ويدفع لهم مالاً لكنهم رفضوا.
+
 
 +
حدثنا الثائر الشيخ عبدالفتاح المزعاوي قائد فصيل رام الله وغور الأردن في مقابلة جرت معه بمنزله عام 1993في قرية المزرعة الشرقية أن فصيل “فارس” ومعه الحاج محمد المسلم كان وراء اغتيال حسن صدقي الد جاني و بأوامر من الدكتور داود الحسيني، وأن عدد الذين نفذوا مهمة الاغتيال كانوا ثلاثة أشخاص وقد رجاهم أن يتركوه وشأنه ويدفع لهم مالاً لكنهم رفضوا.
 
وتوجه الباحث ومعه عبدالخالق يحيى وولده جهاد بسؤال الثائر أسعد القاسم إن كانت له علاقة بمصرع حسن فأنكر ثم لم يقدم معلومات عن القاتل.
 
وتوجه الباحث ومعه عبدالخالق يحيى وولده جهاد بسؤال الثائر أسعد القاسم إن كانت له علاقة بمصرع حسن فأنكر ثم لم يقدم معلومات عن القاتل.
حدثنا أسعد أنه سجن ومعه نمر القنبر لمدة شهر في سجن طولكرم وعذبوا تعذيباً شديدا، حيث اتهموا باغتيال حسن صدقي الدجاني وأنكروا بعد تعذيب شديد، وأفرج عنهم دون اعتراف، وبسبب ذلك شاع بين الناس أنهما مسؤولان عن اغتياله (19).
+
 
 +
حدثنا أسعد أنه سجن ومعه نمر القنبر لمدة شهر في سجن طولكرم وعذبوا تعذيباً شديدا، حيث اتهموا باغتيال حسن صدقي الدجاني وأنكروا بعد تعذيب شديد، وأفرج عنهم دون اعتراف، وبسبب ذلك شاع بين الناس أنهما مسؤولان عن اغتياله (19).
 +
 
 
حدثنا أحمد البدوان من قرية عزون الذي كان عضواً في فصيل “فارس”:" قام الحاج مسلم وأسعد القاسم، ونمر القنبر بقتل حسن الدجاني، وأخذت من أسعد القاسم القلم الذي أخذه من حسن بعد اغتياله، وكانوا قد أخذوا قلمه وساعته وخاتمه " (20).
 
حدثنا أحمد البدوان من قرية عزون الذي كان عضواً في فصيل “فارس”:" قام الحاج مسلم وأسعد القاسم، ونمر القنبر بقتل حسن الدجاني، وأخذت من أسعد القاسم القلم الذي أخذه من حسن بعد اغتياله، وكانوا قد أخذوا قلمه وساعته وخاتمه " (20).
 +
 
حدثنا عبدالعزيز إسماعيل عودة عن مختار كفرثلث أحمد عبدالرحمن الخطيب صديق “فارس” في زمن الثورة أنه قال " لقد كلفني “فارس” ان أحمل خاتم حسن صدقي، وتوجهت به إلى لبنان إلى  دار مفتي فلسطين، واجتمعت به بعد أن فوجىء حراسه بي، ومنعوني من الدخول ولكن حينما اطمأن المفتي وعرف سبب قدومي سمح لي بالدخول، وقلت له “فارس” يهديك السلام ويقول هذه علامة قتل حسن، وكان الخاتم هو العلامة "(21).
 
حدثنا عبدالعزيز إسماعيل عودة عن مختار كفرثلث أحمد عبدالرحمن الخطيب صديق “فارس” في زمن الثورة أنه قال " لقد كلفني “فارس” ان أحمل خاتم حسن صدقي، وتوجهت به إلى لبنان إلى  دار مفتي فلسطين، واجتمعت به بعد أن فوجىء حراسه بي، ومنعوني من الدخول ولكن حينما اطمأن المفتي وعرف سبب قدومي سمح لي بالدخول، وقلت له “فارس” يهديك السلام ويقول هذه علامة قتل حسن، وكان الخاتم هو العلامة "(21).
وحول هذا الموضوع أورد فيصل عارف تقارير لجواسيس عرب محفوظة في الأرشيف الصهيوني المركزي في القدس تحت رقم 10098/ 25 س
+
 
وفيه: لقد كان حسن صدقي أكثر رجال المعارضة مقاومة للمفتي، لم يترك أي مناسبة بدون أن يتحداه سواء في داخل البلاد وخارجها. حاول المفتي عدة مرات مصالحته ولكن بدون جدوى... ومع ازدياد الإرهاب في القدس ومنطقتها طلب من عائلة الدجاني عدة مرات مساعدة العصابات ماليا فاستجابت لذلك الطلب. عائلة الدجاني طلبت من حسن أن يكون الوسيط بين العائلة والإرهابيين وبدأ حسن بالتقرب من عارف عبدالرازق وأقام صداقة معه وكان عارف يدعوا حسن لمقابلته كلما كان في منطقة القدس ويتشاور معه، هذه الأمور وصلت المفتي فأثارت غضبه فطلب المفتي من عارف أن يستغل زيارة حسن صدقي إليه ويقتله، ولكن عارف أجل الموضوع من يوم لآخر وفي النهاية ازداد ضغط المقتي عليه فرفض وطلب إيضاح الأسباب لقتله وتكرر طلب المفتي. بعث المفتي مواد كثيرة تتهم حسن صدقي ولكن ذلك لم يساعد في اقناع عارف، ونتيجة لذلك توجه المفتي لعبد الرحيم الحاج محمد... أصر عبد الرحيم على عارف فوافق عارف على اغتيال حسن صدقي ولكن بشرط ان لايتم تنفيذ ذلك على يده أو على يد أحد من الثوار التابعين له..."(22).
+
وحول هذا الموضوع أورد فيصل عارف تقارير لجواسيس عرب محفوظة في الأرشيف الصهيوني المركزي في القدس تحت رقم 10098/ 25 س وفيه: لقد كان حسن صدقي أكثر رجال المعارضة مقاومة للمفتي، لم يترك أي مناسبة بدون أن يتحداه سواء في داخل البلاد وخارجها. حاول المفتي عدة مرات مصالحته ولكن بدون جدوى... ومع ازدياد الإرهاب في القدس ومنطقتها طلب من عائلة الدجاني عدة مرات مساعدة العصابات ماليا فاستجابت لذلك الطلب. عائلة الدجاني طلبت من حسن أن يكون الوسيط بين العائلة والإرهابيين وبدأ حسن بالتقرب من عارف عبدالرازق وأقام صداقة معه وكان عارف يدعوا حسن لمقابلته كلما كان في منطقة القدس ويتشاور معه، هذه الأمور وصلت المفتي فأثارت غضبه فطلب المفتي من عارف أن يستغل زيارة حسن صدقي إليه ويقتله، ولكن عارف أجل الموضوع من يوم لآخر وفي النهاية ازداد ضغط المقتي عليه فرفض وطلب إيضاح الأسباب لقتله وتكرر طلب المفتي. بعث المفتي مواد كثيرة تتهم حسن صدقي ولكن ذلك لم يساعد في اقناع عارف، ونتيجة لذلك توجه المفتي لعبد الرحيم الحاج محمد... أصر عبد الرحيم على عارف فوافق عارف على اغتيال حسن صدقي ولكن بشرط ان لايتم تنفيذ ذلك على يده أو على يد أحد من الثوار التابعين له..."(22).
 +
 
 
وفي تقرير آخر قدمه أحد الجواسيس العرب للصهاينة ويسمى حسن والمرقم برقم 150 / 281 الموجود في ارشيف الهجانا في تل أبيب "... كان في الاجتماع لجنة قضاة جرى تركيبها في سوريا، أعضاؤها كانوا الدكتور داوود الحسيني، عارف الجاعوني، عزالدين الشوا، أبو ابراهيم الكبير وكان رئيس اللجنة الكتور داود الحسيني ( قتلوا حسن صدقي الذي حكم عليه بالموت من قبل اللجنة المذكورة التي حضرت من سوريا، وكان ذلك في قرية رأس كركر، عندما حضر اليها حسن صدقي وأخوه  داوود وابن عمه عزيز الداودي بناء على دعوة من عارف تتعلق بقضية شكوى قدموها على أحد الثوار، ارسلوا وراءهم شخص يدعى الحاج محمد المسلم ومعه بعض المسلحين وعندما لحق المسلحون بحسن صدقي ومرافقيه قرب الحرش قتلوا حسن صدقي... ثم ذهبوا إلى بديا، حيث قاموا بهدم بيت طاهر أبو حجلة وبيت رفيق أبو حجلة " (23).
 
وفي تقرير آخر قدمه أحد الجواسيس العرب للصهاينة ويسمى حسن والمرقم برقم 150 / 281 الموجود في ارشيف الهجانا في تل أبيب "... كان في الاجتماع لجنة قضاة جرى تركيبها في سوريا، أعضاؤها كانوا الدكتور داوود الحسيني، عارف الجاعوني، عزالدين الشوا، أبو ابراهيم الكبير وكان رئيس اللجنة الكتور داود الحسيني ( قتلوا حسن صدقي الذي حكم عليه بالموت من قبل اللجنة المذكورة التي حضرت من سوريا، وكان ذلك في قرية رأس كركر، عندما حضر اليها حسن صدقي وأخوه  داوود وابن عمه عزيز الداودي بناء على دعوة من عارف تتعلق بقضية شكوى قدموها على أحد الثوار، ارسلوا وراءهم شخص يدعى الحاج محمد المسلم ومعه بعض المسلحين وعندما لحق المسلحون بحسن صدقي ومرافقيه قرب الحرش قتلوا حسن صدقي... ثم ذهبوا إلى بديا، حيث قاموا بهدم بيت طاهر أبو حجلة وبيت رفيق أبو حجلة " (23).
 +
 
توجه الباحث بسؤال للثائر عبدالفتاح المزرعاوي فككانت روايته أقرب للرواية الأخيرة حيث أكد أن اجتماعا جرى مع عارف وأن “فارس” والحاج مسلم وداود الحسيني كانوا قريبين من المكان وربما خططوا لاغتياله.
 
توجه الباحث بسؤال للثائر عبدالفتاح المزرعاوي فككانت روايته أقرب للرواية الأخيرة حيث أكد أن اجتماعا جرى مع عارف وأن “فارس” والحاج مسلم وداود الحسيني كانوا قريبين من المكان وربما خططوا لاغتياله.
 +
 
يبدو أن هناك مجموعة من الرعاع أو المستعربين نجحت في دخول الثورة ويمكن الاستدلال على دورها الواضح من خلال الدور الذي لعبه الحاج محمد المسلم، الذي قام بتعذيب العديد من الأشخاص، حيث طلب منهم تارةً المال لحساب الثورة أو سارع بقتل البعض بتهمة العمالة للاحتلال البريطاني، ومنها حادثة قتل حسن صدقي الدجاني، وقتل حسن علي أبو نجيم وقتل علي بدوان، وتعذيب أحمد صالح خروب من قرية حبلة، وإجباره على دفع مال لحساب الثورة رغم فقره المدقع  إلى الحد الذي اضطر فيه أن يرسل ولده الشاعر الشعبي محمد خروب إلى كفر ثلث عند أخواله من آل عرار للاستدانة ودفع الضريبة للثورة ويظهر أن الشبهات راجت حول شخصية الحاج مسلم كيهودي تسلل لصفوف الثورة حدثني عبد الخالق سويدان: "ولقد أثارت اللكنة الغريبة عن اللغة العربية عند الحاج مسلم استهجان  الفلاح أحمد خروب من حبلة  الذي صاح بين الحاضرين، وقال: "بيقولوا حاج ومسلم والله ما هو مسلم هو  من خور الواوي ( أي مستعمرة رعنانيا )" (24 ).
 
يبدو أن هناك مجموعة من الرعاع أو المستعربين نجحت في دخول الثورة ويمكن الاستدلال على دورها الواضح من خلال الدور الذي لعبه الحاج محمد المسلم، الذي قام بتعذيب العديد من الأشخاص، حيث طلب منهم تارةً المال لحساب الثورة أو سارع بقتل البعض بتهمة العمالة للاحتلال البريطاني، ومنها حادثة قتل حسن صدقي الدجاني، وقتل حسن علي أبو نجيم وقتل علي بدوان، وتعذيب أحمد صالح خروب من قرية حبلة، وإجباره على دفع مال لحساب الثورة رغم فقره المدقع  إلى الحد الذي اضطر فيه أن يرسل ولده الشاعر الشعبي محمد خروب إلى كفر ثلث عند أخواله من آل عرار للاستدانة ودفع الضريبة للثورة ويظهر أن الشبهات راجت حول شخصية الحاج مسلم كيهودي تسلل لصفوف الثورة حدثني عبد الخالق سويدان: "ولقد أثارت اللكنة الغريبة عن اللغة العربية عند الحاج مسلم استهجان  الفلاح أحمد خروب من حبلة  الذي صاح بين الحاضرين، وقال: "بيقولوا حاج ومسلم والله ما هو مسلم هو  من خور الواوي ( أي مستعمرة رعنانيا )" (24 ).
 +
 
وحول شخصية الحاج محمد مسلم لم يؤيد أسعد القاسم أن يكون يهودياً مستعرباً، ولكنه أقر بأنه عمل لمصلحته الخاصة.
 
وحول شخصية الحاج محمد مسلم لم يؤيد أسعد القاسم أن يكون يهودياً مستعرباً، ولكنه أقر بأنه عمل لمصلحته الخاصة.
 +
 
حدثنا أسعد القاسم:" كنا مع بعض نتمازح فوجدت أنه يلف حول وسطه زنار من الذهب المرصع داخل التمر سألته لمن يجمع هذا.
 
حدثنا أسعد القاسم:" كنا مع بعض نتمازح فوجدت أنه يلف حول وسطه زنار من الذهب المرصع داخل التمر سألته لمن يجمع هذا.
 +
 
قال: لأهلي في السعودية، وقد غادر برفقة عارف عبد الرازق إلى العراق، ومنها توسط له عارف عند قنصل السعودية، وعاد إليها “ ( 25).
 
قال: لأهلي في السعودية، وقد غادر برفقة عارف عبد الرازق إلى العراق، ومنها توسط له عارف عند قنصل السعودية، وعاد إليها “ ( 25).
 +
 
لقد أجمع رواة كثيرون على أن الثورة اخترقت من قبل مجموعة يهود كان أحدهم الحاج مسلم، وقد سمعت روايات شتى عن مصيره، فالبعض أشار أنه توجه للسعودية، وآخرين شاهدوه في مستعمرة رأس العين بعد حرب 1967.
 
لقد أجمع رواة كثيرون على أن الثورة اخترقت من قبل مجموعة يهود كان أحدهم الحاج مسلم، وقد سمعت روايات شتى عن مصيره، فالبعض أشار أنه توجه للسعودية، وآخرين شاهدوه في مستعمرة رأس العين بعد حرب 1967.
 +
 
يميل الباحث للقول أن الحاج محمد المسلم وأمثاله أساءوا للثورة، سواء أكان مندسا أو يعمل لحسابه الشخصي وليس من الغرابة في شيء أن يندسوا في الثورة التي كان ينقص أصحابها الوعي الكافي، ويظهر أن “فارس” استجاب لرغبة الحزب العربي في اغتيال وتصفية عدد من معارضيهم، خاصة وأن “فارس” كان معجبا إلى حد كبير بالمفتي ويضع صورة المفتي على صدره، وربما أعطى داود الحسيني تعليماته بالاغتيال بعد أن رافقهم بذريعة أنه مفتش ثورة وأحيانا كثائر سوري يلبس ملابس شامية بلحية كثيفة ويميل للتخفي حسبما روى أسعد القاسم، وقد يتطابق هذا مع اتهامات لمصادر عديدة من أن مفتي فلسطين الحاج أمين الحسيني كان على علاقة بالاغتيالات والقتل لمعارضيه أو بمحاولته شراء الذمم بالمال.
 
يميل الباحث للقول أن الحاج محمد المسلم وأمثاله أساءوا للثورة، سواء أكان مندسا أو يعمل لحسابه الشخصي وليس من الغرابة في شيء أن يندسوا في الثورة التي كان ينقص أصحابها الوعي الكافي، ويظهر أن “فارس” استجاب لرغبة الحزب العربي في اغتيال وتصفية عدد من معارضيهم، خاصة وأن “فارس” كان معجبا إلى حد كبير بالمفتي ويضع صورة المفتي على صدره، وربما أعطى داود الحسيني تعليماته بالاغتيال بعد أن رافقهم بذريعة أنه مفتش ثورة وأحيانا كثائر سوري يلبس ملابس شامية بلحية كثيفة ويميل للتخفي حسبما روى أسعد القاسم، وقد يتطابق هذا مع اتهامات لمصادر عديدة من أن مفتي فلسطين الحاج أمين الحسيني كان على علاقة بالاغتيالات والقتل لمعارضيه أو بمحاولته شراء الذمم بالمال.
 
   
 
   
سطر ٤٦٣: سطر ٥٣٢:
 
   
 
   
 
أصدر عارف أمراً باعتقال “فارس” العزوني بعد أن كثرت الشكاوى ضد فصيله وتمرده على القائد العام عارف عبدالرازق ورفضه تطبيق بعض أوامره، وقررعارف القبض عليه وتجريده سلاحه ومحاكمته ولكن كيف تمت هذه الخطوة؟
 
أصدر عارف أمراً باعتقال “فارس” العزوني بعد أن كثرت الشكاوى ضد فصيله وتمرده على القائد العام عارف عبدالرازق ورفضه تطبيق بعض أوامره، وقررعارف القبض عليه وتجريده سلاحه ومحاكمته ولكن كيف تمت هذه الخطوة؟
 +
 
يذكر فيصل عارف عبدالرازق نقلاً عن الثائرين حمد زواتا وذياب المرجان في مقابلاته معهما أن عارف أرسل صديقه حمد ومعه ثلاثة ثوار إلى كفرثلث حيث كان يتواجد “فارس” وفصيله. وقد وصل حمد إلى كفرثلث وتحدث مع “فارس” وأظهر له تجاهله لخلافه مع عارف، وذكر له أن مكاتيب جاءت من دمشق.
 
يذكر فيصل عارف عبدالرازق نقلاً عن الثائرين حمد زواتا وذياب المرجان في مقابلاته معهما أن عارف أرسل صديقه حمد ومعه ثلاثة ثوار إلى كفرثلث حيث كان يتواجد “فارس” وفصيله. وقد وصل حمد إلى كفرثلث وتحدث مع “فارس” وأظهر له تجاهله لخلافه مع عارف، وذكر له أن مكاتيب جاءت من دمشق.
 +
 
مرت هذه الحيلة على “فارس” ووافق الذهاب معه. توجه “فارس” ومعه ما يقارب خمسة عشر ثائراً واتجهوا إلى سرطة وحينما وصلها “فارس” ومن معه كان متعباً فنزلوا في بيت. نام “فارس” في غرفة ونام حمد في الغرفة الأخرى، ونام الثوار المرافقين ل”فارس” في غرفة ثالثة وصل عارف إلى البيت الذي يقيم فيه “فارس” وكان يغط في نوم عميق. جلس حمد وعارف على جانبي “فارس” وبعد التحية أخرج عارف بعض الرسائل وقال إنها من دمشق، وقبل أن يتم عارف حديثه كانت أيدي عارف وحمد قد سبقت “فارس” على الأمساك به قبل أن يدخلها لجيبه حيث كان يحمل مسدسين، وحوكم “فارس” في محكمة الثورة وصدر بحقه حكم تلاه عبد المنان الجبالي حيث حكم عليه بالإعدام، ولكن رصيد أعماله الثورية غطت على أعماله وشفعت له (26)
 
مرت هذه الحيلة على “فارس” ووافق الذهاب معه. توجه “فارس” ومعه ما يقارب خمسة عشر ثائراً واتجهوا إلى سرطة وحينما وصلها “فارس” ومن معه كان متعباً فنزلوا في بيت. نام “فارس” في غرفة ونام حمد في الغرفة الأخرى، ونام الثوار المرافقين ل”فارس” في غرفة ثالثة وصل عارف إلى البيت الذي يقيم فيه “فارس” وكان يغط في نوم عميق. جلس حمد وعارف على جانبي “فارس” وبعد التحية أخرج عارف بعض الرسائل وقال إنها من دمشق، وقبل أن يتم عارف حديثه كانت أيدي عارف وحمد قد سبقت “فارس” على الأمساك به قبل أن يدخلها لجيبه حيث كان يحمل مسدسين، وحوكم “فارس” في محكمة الثورة وصدر بحقه حكم تلاه عبد المنان الجبالي حيث حكم عليه بالإعدام، ولكن رصيد أعماله الثورية غطت على أعماله وشفعت له (26)
 
   
 
   
 
هذه لائحة بالاتهامات الموجهة ل”فارس” كما جاءت في منشور وزعه عارف عبد الرازق.
 
هذه لائحة بالاتهامات الموجهة ل”فارس” كما جاءت في منشور وزعه عارف عبد الرازق.
 +
 
مكتب الثورة الكبرى في فلسطين
 
مكتب الثورة الكبرى في فلسطين
 
   
 
   
سطر ٤٨٤: سطر ٥٥٦:
 
2-            إرجاع الممتلكات التي اغتصبها من السكان.
 
2-            إرجاع الممتلكات التي اغتصبها من السكان.
 
" الله مولانا وناصرنا... آمين "
 
" الله مولانا وناصرنا... آمين "
                                  التوقيع: رئيس محكمة العدل العليا للثورة في فلسطين  
+
 
        المتوكل على الله عارف عبدالرازق
+
التوقيع: رئيس محكمة العدل العليا للثورة في فلسطين  
    ختم قيادة الثورة في سوريا الجنوبية "(27)
+
 
 +
المتوكل على الله عارف عبدالرازق
 +
 
 +
ختم قيادة الثورة في سوريا الجنوبية "(27)
 +
 
 
انظر: وثائق وشخصيات: عزرا دنين، ص 79ـ 80 )
 
انظر: وثائق وشخصيات: عزرا دنين، ص 79ـ 80 )
 +
 
وحول الطريقة التي استدرج بها القائد العام عارف عبدالرازق قائد فصيل الموت العزوني . حدثنا أسعد القاسم، فقال: " أرسل عارف ل”فارس” بواسطة رفيقه حمد زواتا كتابا يدعوه للقدوم إلى قراوة بني حسان للاطلاع على مكاتيب جاءت من سوريا وأمره بأن لا يأتي برجاله ومن الأفضل أن يجردهم من سلاحهم لأنهم سيغادرون إلى دمشق فانطلت الحيلة على “فارس” وخبأ السلاح شرق قرية عزون، وأبقى معه مسدسين.
 
وحول الطريقة التي استدرج بها القائد العام عارف عبدالرازق قائد فصيل الموت العزوني . حدثنا أسعد القاسم، فقال: " أرسل عارف ل”فارس” بواسطة رفيقه حمد زواتا كتابا يدعوه للقدوم إلى قراوة بني حسان للاطلاع على مكاتيب جاءت من سوريا وأمره بأن لا يأتي برجاله ومن الأفضل أن يجردهم من سلاحهم لأنهم سيغادرون إلى دمشق فانطلت الحيلة على “فارس” وخبأ السلاح شرق قرية عزون، وأبقى معه مسدسين.
رفضت ومعي نمر القنبر أن نخلع سلاحنا، وراودنا الشك فيما قاله حمد، وتوجهنا  إلى قراوة بني حسان ووصلها “فارس” وهو متعبً واستلقى على الأرض ونام، عندها جاء إليه عارف عبدالرازق وحمد داود واشهروا عليه سلاحهما، وطلبا منه أن يمتثل لأوامر محكمة الثورة ووقف “فارس” أمام المحكمة الشعبية ليوجه له عبد المنان الجبالي بعض التهم، منها: التمرد على أوامر القائد العام عارف عبدالرازق وارتكاب أعمال جرائم وقتل وقبل بدء المحاكمة، قال عارف: إن من يحاكم أمام محكمة ثورية عليه أن يخلع لباسه العسكري، والبسوه بدلا منها ملابس ممزقة، وكانت حالته تثير الشفقة، ونحن نراقب الموقف وقد أحضروا طاولةَ لمحاكمته ومدعيا عاما وشهودا، بعد أن أخذوا مسدسه وسألوا “فارس” أن يسلم قيادة الفصيل وزعامته لنمر القنبر فوافق، لكن القنبر رفض، وبعدها أركبوه فرسه، وساروا به إلى سرطة، وحينما أبعدوا عن الطريق قذفوا به عنها،  وأركبوه جحشاً خوفا من أن يراه الناس، وفي الطريق حاول ذيب المرجان من قرية بديا أن يأخذ سلاحي فاستحكمت، وهددت من يقترب مني فقال عارف يا أخي ليس لنا حاجة عند أسعد، ووصلوا سرطة، وهناك في وسط القرية جمعهم عارف، وخطب فيهم، وقال: أصبحت نمرودا يا “فارس” !و تقتل فلاناً وفلانا.
+
 
فرد “فارس”:هذا بأمرك، وهذا بأمرك.
+
رفضت ومعي نمر القنبر أن نخلع سلاحنا، وراودنا الشك فيما قاله حمد، وتوجهنا  إلى قراوة بني حسان ووصلها “فارس” وهو متعبً واستلقى على الأرض ونام، عندها جاء إليه عارف عبدالرازق وحمد داود واشهروا عليه سلاحهما، وطلبا منه أن يمتثل لأوامر محكمة الثورة ووقف “فارس” أمام المحكمة الشعبية ليوجه له عبد المنان الجبالي بعض التهم، منها: التمرد على أوامر القائد العام عارف عبدالرازق وارتكاب أعمال جرائم وقتل وقبل بدء المحاكمة، قال عارف: إن من يحاكم أمام محكمة ثورية عليه أن يخلع لباسه العسكري، والبسوه بدلا منها ملابس ممزقة، وكانت حالته تثير الشفقة، ونحن نراقب الموقف وقد أحضروا طاولةَ لمحاكمته ومدعيا عاما وشهودا، بعد أن أخذوا مسدسه وسألوا “فارس” أن يسلم قيادة الفصيل وزعامته لنمر القنبر فوافق، لكن القنبر رفض، وبعدها أركبوه فرسه، وساروا به إلى سرطة، وحينما أبعدوا عن الطريق قذفوا به عنها،  وأركبوه جحشاً خوفا من أن يراه الناس، وفي الطريق حاول ذيب المرجان من قرية بديا أن يأخذ سلاحي فاستحكمت، وهددت من يقترب مني فقال عارف يا أخي ليس لنا حاجة عند أسعد، ووصلوا سرطة، وهناك في وسط القرية جمعهم عارف، وخطب فيهم، وقال: أصبحت نمرودا يا “فارس” !و تقتل فلاناً وفلانا.
 +
 
 +
فرد “فارس”:هذا بأمرك، وهذا بأمرك.
 +
 
 
وسأله عارف: من أمرك بقتل نساء عزون.
 
وسأله عارف: من أمرك بقتل نساء عزون.
 +
 
ـ هذا بأمري .
 
ـ هذا بأمري .
 +
 
وبأمر من قتلت مختار عزون  ؟
 
وبأمر من قتلت مختار عزون  ؟
 +
 
ـ قتلته بأمري.
 
ـ قتلته بأمري.
 +
 
وقد قرأ فيها لوائح الاتهام التي صاغتها محكمة الثورة وجاءت على لسان  أحد مساعديه المدعو عبدالمنان الجبالي، الذي أدان “فارس” بالحكم شنقا.
 
وقد قرأ فيها لوائح الاتهام التي صاغتها محكمة الثورة وجاءت على لسان  أحد مساعديه المدعو عبدالمنان الجبالي، الذي أدان “فارس” بالحكم شنقا.
 +
 
وحكم عليه عارف عبدالرازق بصفته القائد العام المسؤول عن محكمة الثورة بالإعدام.
 
وحكم عليه عارف عبدالرازق بصفته القائد العام المسؤول عن محكمة الثورة بالإعدام.
 +
 
قابل الناس هذا الحكم بالهتاف والتهليل، وهتفوا بصوت مدو قائلين: الله أكبر ألله أكبر فليحيا العدل.
 
قابل الناس هذا الحكم بالهتاف والتهليل، وهتفوا بصوت مدو قائلين: الله أكبر ألله أكبر فليحيا العدل.
 +
 
وسار عارف و رفاقه و “فارس”. وعبروا وادي قانا متجهين  إلى ديراستيا، وحاول عارف أن يغير طريقه واتجاهه حتى لا نعرف وجهته، ولأني كنت أعرف أساليبه اتجهت نحو دير استيا، ونزلنا في بيت "أبو معروف " من دار منصور، وتسائل قائلاً: مالكم شو صار لكم.
 
وسار عارف و رفاقه و “فارس”. وعبروا وادي قانا متجهين  إلى ديراستيا، وحاول عارف أن يغير طريقه واتجاهه حتى لا نعرف وجهته، ولأني كنت أعرف أساليبه اتجهت نحو دير استيا، ونزلنا في بيت "أبو معروف " من دار منصور، وتسائل قائلاً: مالكم شو صار لكم.
 +
 
ونزلو ا ب”فارس” في دار زعيم القرية مصطفى موسى أبو حجلة وتضايق عارف من وجودي وما هي سوى لحظات وإذا بالإنجليز قادمون.
 
ونزلو ا ب”فارس” في دار زعيم القرية مصطفى موسى أبو حجلة وتضايق عارف من وجودي وما هي سوى لحظات وإذا بالإنجليز قادمون.
 +
 
فقال عارف: أنت أخبرت عنا، أنت جاسوس.
 
فقال عارف: أنت أخبرت عنا، أنت جاسوس.
 +
 
قلت: هذا ليس عملي، وأنا جئت بالصدفة.
 
قلت: هذا ليس عملي، وأنا جئت بالصدفة.
 +
 
ولما اقتربوا من البلد توجهنا إلى كفل حارس بناءً على أوامر عارف، وبعدها بساعات أرسل لنا مصطفى أبو حجلة تعالوا وأكلنا معه الحلوى حيث جاء الإنجليز اليه لتهنئته بالعيد عندها زالت عني الشبهة العاطلة، وفي اليوم الثاني حضر من عزون الشيخ رشيد عبدالسلام، ووجهاء البلد وأصدروا عريضة بتوقيع جميع أبناء عزون وهددوا عارف أنه اذا حصل ل”فارس” أي مكروه فستكون حرب بين قريتي عزون والطيبة الصعبية بلد عارف واتجهوا به ثاني يوم إلى قرية صير، وهناك تصالحوا، وأرجع له عارف مسدسه، فقال “فارس” هذا مسدس النجس حمد وليس مسدسي، وكان سلاح “فارس” جديد وبيلمع "(28).
 
ولما اقتربوا من البلد توجهنا إلى كفل حارس بناءً على أوامر عارف، وبعدها بساعات أرسل لنا مصطفى أبو حجلة تعالوا وأكلنا معه الحلوى حيث جاء الإنجليز اليه لتهنئته بالعيد عندها زالت عني الشبهة العاطلة، وفي اليوم الثاني حضر من عزون الشيخ رشيد عبدالسلام، ووجهاء البلد وأصدروا عريضة بتوقيع جميع أبناء عزون وهددوا عارف أنه اذا حصل ل”فارس” أي مكروه فستكون حرب بين قريتي عزون والطيبة الصعبية بلد عارف واتجهوا به ثاني يوم إلى قرية صير، وهناك تصالحوا، وأرجع له عارف مسدسه، فقال “فارس” هذا مسدس النجس حمد وليس مسدسي، وكان سلاح “فارس” جديد وبيلمع "(28).
 
أبدى أبناء عزون أسفهم، وتعاطفهم معه حدثني عبدالخالق يحيى سويدان، أن أبيه قال بهذه المناسبة :
 
أبدى أبناء عزون أسفهم، وتعاطفهم معه حدثني عبدالخالق يحيى سويدان، أن أبيه قال بهذه المناسبة :
 
" فخر الرجال سلاسل وقيود
 
" فخر الرجال سلاسل وقيود
                      وفخر النساء أساور وعقود " (29).
+
 
 +
وفخر النساء أساور وعقود " (29).
 
يبدو أن وقفة أبناء عزون القوية كانت سبباً في العفو عنه وترجح على رأي فيصل عبدالرازق الذي ذهب إلى القول إن والده عفى عنه بسبب سِّجله وأعماله الثورية كما أن مصطفى الموسى زعيم ديراستيا لم يرض هو الآخر عن عمل عارف عبدالرازق وتخطيطه لتصفية الثائر “فارس” العزوني ، بينما كان حمد زواتا ميالاً للتخلص منه، كما حدث مع حسن أبو نجيم.
 
يبدو أن وقفة أبناء عزون القوية كانت سبباً في العفو عنه وترجح على رأي فيصل عبدالرازق الذي ذهب إلى القول إن والده عفى عنه بسبب سِّجله وأعماله الثورية كما أن مصطفى الموسى زعيم ديراستيا لم يرض هو الآخر عن عمل عارف عبدالرازق وتخطيطه لتصفية الثائر “فارس” العزوني ، بينما كان حمد زواتا ميالاً للتخلص منه، كما حدث مع حسن أبو نجيم.
 
ويظهرأن يقظة أبناء عزون ومنهم: نمر القنبر وأسعد القاسم وغيرهم حالت دون الاستفراد ب”فارس” وإعدامه. ويجدر الذكر أن “فارس” خرج إلى  سوريا وتغيّب قرابة شهرين بناءً على أوامر من عارف عبدالرازق، وعاد إلى البلاد بعد أن رحل عارف عنها.
 
ويظهرأن يقظة أبناء عزون ومنهم: نمر القنبر وأسعد القاسم وغيرهم حالت دون الاستفراد ب”فارس” وإعدامه. ويجدر الذكر أن “فارس” خرج إلى  سوريا وتغيّب قرابة شهرين بناءً على أوامر من عارف عبدالرازق، وعاد إلى البلاد بعد أن رحل عارف عنها.
 
كانت هذه المسلكيات تبرز طبيعة الشروخات العميقة في داخل الثورة وضعف سيطرة القيادة على رجالاتها، وأنها سلبية تضاف إلى سلبيات الثورة.
 
كانت هذه المسلكيات تبرز طبيعة الشروخات العميقة في داخل الثورة وضعف سيطرة القيادة على رجالاتها، وأنها سلبية تضاف إلى سلبيات الثورة.
 
 
 
 
 
 
 
 
   
 
   
 
هوامش الفصل الخامس:
 
هوامش الفصل الخامس:
1)     مقابلات أجريت مع أسعد القاسم، وبركات يوسف عوده، وتوفيق أبوصفية في تواريخ مختلفة.
+
1) مقابلات أجريت مع أسعد القاسم، وبركات يوسف عوده، وتوفيق أبوصفية في تواريخ مختلفة.
 +
 
 
2) مقابلة أجريت معه بتاريخ سابق ذكره.
 
2) مقابلة أجريت معه بتاريخ سابق ذكره.
 +
 
3) المرجع السابق بتاريخ سابق.
 
3) المرجع السابق بتاريخ سابق.
 +
 
4) مقابلة أجريت بتاريخ سابق ذكره.
 
4) مقابلة أجريت بتاريخ سابق ذكره.
 +
 
5) جريدة الدفاع الصفحة الأولى صحيفة الدفاع، 12/5/ 1938ـ الجمعة، ع 11145
 
5) جريدة الدفاع الصفحة الأولى صحيفة الدفاع، 12/5/ 1938ـ الجمعة، ع 11145
 +
 
6) مقابلة أجريت معه بتاريخ سابق ذكره.
 
6) مقابلة أجريت معه بتاريخ سابق ذكره.
 +
 
7) مفابلة أجريت مع أسعد القاسم بتاريخ سابق ذكره.
 
7) مفابلة أجريت مع أسعد القاسم بتاريخ سابق ذكره.
 +
 
8) مقابلة أجريت مع عبدالخالق بتاريخ سابق ذكره.
 
8) مقابلة أجريت مع عبدالخالق بتاريخ سابق ذكره.
 +
 
9)مقابلة أجريت مع عيشة جودة بتاريخ سابق ذكره.
 
9)مقابلة أجريت مع عيشة جودة بتاريخ سابق ذكره.
 +
 
10) جريدة الجهاد ص3 ـ بدون عدد وتاريخ ـ
 
10) جريدة الجهاد ص3 ـ بدون عدد وتاريخ ـ
 +
 
11) مقابلة أجريت مع عبدالهادي عرار 1978.
 
11) مقابلة أجريت مع عبدالهادي عرار 1978.
 
   
 
   
 
12) مقابلة أجريت معه في قرية جلجولية سنة 1993.
 
12) مقابلة أجريت معه في قرية جلجولية سنة 1993.
 +
 
13) مقابلة أجريت معه ببتاريخ سابق ذكره.
 
13) مقابلة أجريت معه ببتاريخ سابق ذكره.
 
   
 
   
 
14) مقابلة أجريت مع مصطفى عبدالوهاب عوده بتاريخ 10/ 11/ 2002
 
14) مقابلة أجريت مع مصطفى عبدالوهاب عوده بتاريخ 10/ 11/ 2002
 +
 
15) المرجع السابق نفسه، ورواية أمين الحاج موسى بتاريخ 5/6/ 2001
 
15) المرجع السابق نفسه، ورواية أمين الحاج موسى بتاريخ 5/6/ 2001
 +
 
16) عزرا دنين، وثائق وشخصيات، مطبعة مغنيس 1944، ص 79ـ 80.
 
16) عزرا دنين، وثائق وشخصيات، مطبعة مغنيس 1944، ص 79ـ 80.
 +
 
17) المرجع نفسه، ص79 ـ80.
 
17) المرجع نفسه، ص79 ـ80.
 +
 
18) عبدالرازق، عارف فيصل، أمجاد ثورية، ص
 
18) عبدالرازق، عارف فيصل، أمجاد ثورية، ص
 +
 
19) مقابلة أجريت مع أسعد القاسم بتاريخ سابق ذكره.
 
19) مقابلة أجريت مع أسعد القاسم بتاريخ سابق ذكره.
 +
 
20) مقابلة أجريت معه في عام 1999.
 
20) مقابلة أجريت معه في عام 1999.
 +
 
21) مقابلة أجريت معه بتاريخ سابق ذكره.
 
21) مقابلة أجريت معه بتاريخ سابق ذكره.
 +
 
22) عارف، فيصل، أمجاد ثورية، ص
 
22) عارف، فيصل، أمجاد ثورية، ص
 +
 
23) المرجع نفسه.
 
23) المرجع نفسه.
 +
 
24)مقابلة أجريت مع عبد الخالق سويدان بتاريخ سابق ذكره.
 
24)مقابلة أجريت مع عبد الخالق سويدان بتاريخ سابق ذكره.
25) مقابلة أجريت معه بتاريخ سابق ذكره.
+
 
 +
25) مقابلة أجريت معه بتاريخ سابق ذكره.
 +
 
 
26) المرجع نفسه.
 
26) المرجع نفسه.
 +
 
27) عزرا، دنين، شخصيات ووثائق، ص
 
27) عزرا، دنين، شخصيات ووثائق، ص
 +
 
28) مقابلة أجريت مع أسعد القاسم بتاريخ سابق ذكره.
 
28) مقابلة أجريت مع أسعد القاسم بتاريخ سابق ذكره.
 +
 
29) مقابلة أجريت مع عبدالخالق سويدان بتاريخ سابق ذكره.
 
29) مقابلة أجريت مع عبدالخالق سويدان بتاريخ سابق ذكره.
 
   
 
   
+
==خاتـمة==
 
 
 
خاتـمة
 
 
   
 
   
 
كان “فارس” العزوني شجاعاً إلى أبعد حد، وجريئاً  إلى درجة التهور، وكان صلباً لا يعرف المهادنة ولا المرونة في علاقاته مع الجماهير ، ولما كان شابا في قمة تطوره وعطائه، حيث كان عمره 27 عاماً يوم إعدامه، وفي هذا السن كان ينقصه الحكم الرصين الهادئ، ويظهر أنه تسرع في قبول الأحكام وتأثر بالمسموعات، وكانت دائرة المحيطين به ممن يستمرئون القتل ويأخذون بالشبهة.
 
كان “فارس” العزوني شجاعاً إلى أبعد حد، وجريئاً  إلى درجة التهور، وكان صلباً لا يعرف المهادنة ولا المرونة في علاقاته مع الجماهير ، ولما كان شابا في قمة تطوره وعطائه، حيث كان عمره 27 عاماً يوم إعدامه، وفي هذا السن كان ينقصه الحكم الرصين الهادئ، ويظهر أنه تسرع في قبول الأحكام وتأثر بالمسموعات، وكانت دائرة المحيطين به ممن يستمرئون القتل ويأخذون بالشبهة.
كما أن ولاءه لقيادة وحزب الحاج أمين الحسيني أدى إلى قبوله تعليمات القيادة التي دفعته لاغتيال أشخاص معارضين، وهذا يفسر سبب مرافقة داود الحسيني للثوار والسير معهم، وربما يقدم أسباب إعدام “فارس” لعدة أشخاص من قرى رام الله ويافا ومنطقة رام الله وقلقيلية وطوباس.
+
 
 +
كما أن ولاءه لقيادة وحزب الحاج أمين الحسيني أدى إلى قبوله تعليمات القيادة التي دفعته لاغتيال أشخاص معارضين، وهذا يفسر سبب مرافقة داود الحسيني للثوار والسير معهم، وربما يقدم أسباب إعدام “فارس” لعدة أشخاص من قرى رام الله ويافا ومنطقة رام الله وقلقيلية وطوباس.
 +
 
 
ورغم أن بعضهم عرض عليه المال ليطلق سراحه إلا أن “فارس” كان يرفض الارتشاء ويحكم بإعدام البعض ممن شهدوا على صلاته بالبريطانيين أو دارت حولهم الشبهات.
 
ورغم أن بعضهم عرض عليه المال ليطلق سراحه إلا أن “فارس” كان يرفض الارتشاء ويحكم بإعدام البعض ممن شهدوا على صلاته بالبريطانيين أو دارت حولهم الشبهات.
 
لقد اتهم العديد من قادة الثورة بأعمال الاغتيال والمنافية للعمل الثوري العقلاني ورغم أن بعضهم رفض التورط في قتل واغتيال أشخاص ومنهم المجاهد عبدالرحيم الحاج محمد لكنه اتهم باغتيال أخوين من آل ارشيد، ومثله عارف عبدالرازق، وكذلك رفيقه عبد الله الأسعد.
 
لقد اتهم العديد من قادة الثورة بأعمال الاغتيال والمنافية للعمل الثوري العقلاني ورغم أن بعضهم رفض التورط في قتل واغتيال أشخاص ومنهم المجاهد عبدالرحيم الحاج محمد لكنه اتهم باغتيال أخوين من آل ارشيد، ومثله عارف عبدالرازق، وكذلك رفيقه عبد الله الأسعد.
 +
 
لقد توصل الباحث عبر الاستقراء والتقصي إلى أن عدداً من المشبوهين والمندسين وبعض المخاتير الموالين لبريطانيا حاولوا تخريب مسار الثورة وذلك بالتقرب من قادتها والتأثير عليهم. ومثل ذلك فعل يعض مخاتير القرى القريبة من عزون، وقد أثبتت الأيام أن بعضهم كان على اتصال مع بريطانيا وحزب المعارضة.
 
لقد توصل الباحث عبر الاستقراء والتقصي إلى أن عدداً من المشبوهين والمندسين وبعض المخاتير الموالين لبريطانيا حاولوا تخريب مسار الثورة وذلك بالتقرب من قادتها والتأثير عليهم. ومثل ذلك فعل يعض مخاتير القرى القريبة من عزون، وقد أثبتت الأيام أن بعضهم كان على اتصال مع بريطانيا وحزب المعارضة.
 +
 
في رأي الباحث أن “فارس” كان ابن مرحلته، حيث لم تسلم الثورة من أعمال الاغتيال، وكان هذا التصرف دأب الكثيرين منهم. ومما يؤسف له أن شراع الثورة أخذ يغرق في الاغتيالات في عام 1939، بينما اتجهت المعارضة وجهة سافرة وشكلت "عصابات السلام" المتعاونة مع البريطانيين التي راحت تلاحق الثوار وتهاجم القرى التي تحتضن القادة مما استنزف القوى الثورية وأنهكها وقوى جبهة الأعداء من بريطانيين وصهاينة.
 
في رأي الباحث أن “فارس” كان ابن مرحلته، حيث لم تسلم الثورة من أعمال الاغتيال، وكان هذا التصرف دأب الكثيرين منهم. ومما يؤسف له أن شراع الثورة أخذ يغرق في الاغتيالات في عام 1939، بينما اتجهت المعارضة وجهة سافرة وشكلت "عصابات السلام" المتعاونة مع البريطانيين التي راحت تلاحق الثوار وتهاجم القرى التي تحتضن القادة مما استنزف القوى الثورية وأنهكها وقوى جبهة الأعداء من بريطانيين وصهاينة.
 +
 
وفي ظل غياب الرؤية الثورية و النظرية الثورية الواضحة، كان لابد لقائد فصيل الموت الشاب “فارس” أن يمارس العمل الفردي الذي يهوى وأن يتورط في أعمال منافية للثورية، وهي أعمال كانت نتائجها سلبية ومخاطرها جسيمة على الثورة والثوار.
 
وفي ظل غياب الرؤية الثورية و النظرية الثورية الواضحة، كان لابد لقائد فصيل الموت الشاب “فارس” أن يمارس العمل الفردي الذي يهوى وأن يتورط في أعمال منافية للثورية، وهي أعمال كانت نتائجها سلبية ومخاطرها جسيمة على الثورة والثوار.
 +
 
ورغم كل الأخطاء المذكورة إلا أن أبناء المنطقة لم ينسوا آن “فارس” كان شجاعا وجريئا ، ولم يتورط أثناء الثورة في قضايا تسيء للشرف والأخلاق ، كما أنه حاول جهده إحياء الثورة في ظل تراجع الآخرين من القادة، وهذا سر قيامه بعملية رأس العين بعد أن رجع من سوريا إلى فلسطين في أواخر شهر نيسان 1939 بينما كان قائده عارف عبد الرازق قد شد الرحال خارج فلسطين ووصلت أخبار عبوره إلى دمشق في 12/4/ 1939.
 
ورغم كل الأخطاء المذكورة إلا أن أبناء المنطقة لم ينسوا آن “فارس” كان شجاعا وجريئا ، ولم يتورط أثناء الثورة في قضايا تسيء للشرف والأخلاق ، كما أنه حاول جهده إحياء الثورة في ظل تراجع الآخرين من القادة، وهذا سر قيامه بعملية رأس العين بعد أن رجع من سوريا إلى فلسطين في أواخر شهر نيسان 1939 بينما كان قائده عارف عبد الرازق قد شد الرحال خارج فلسطين ووصلت أخبار عبوره إلى دمشق في 12/4/ 1939.
 +
 
لقد تميز “فارس” برفضه الارتشاء ولم يتصالح مع البريطانيين وحزب المعارضة العميل للبريطانيين وما كانت بندقيته مأجورة لحسابهم في حين  كانت بعض الفصائل مأجورة وتعمل لحساب البريطانيين. كان المأخذ عليه تسرعه في الأحكام وتنفيذه الأصم لما يأتيه من تعليمات من القيادة، ومما لا شك فيه أن لكل ثائر دائرة وعيه، وهذا هو الوعي الذي حكم سير وسلوك الثوار باستثناء القلائل منهم.
 
لقد تميز “فارس” برفضه الارتشاء ولم يتصالح مع البريطانيين وحزب المعارضة العميل للبريطانيين وما كانت بندقيته مأجورة لحسابهم في حين  كانت بعض الفصائل مأجورة وتعمل لحساب البريطانيين. كان المأخذ عليه تسرعه في الأحكام وتنفيذه الأصم لما يأتيه من تعليمات من القيادة، ومما لا شك فيه أن لكل ثائر دائرة وعيه، وهذا هو الوعي الذي حكم سير وسلوك الثوار باستثناء القلائل منهم.
+
 
+
==المصادر والمراجع==
 
 
 
 
 
 
 
 
المصادر والمراجع
 
 
-        الحنبلي، مجير الدين: الأنس الجليل في تاريخ القدس الجليل جزآن، مكتبة المحتسب، عمان الأردن، سنة1973
 
-        الحنبلي، مجير الدين: الأنس الجليل في تاريخ القدس الجليل جزآن، مكتبة المحتسب، عمان الأردن، سنة1973
 +
 
-    الدباغ، مراد مصطفى، بلادنا فلسطين، الديار النابلسية، القسم الثالث، دار الهدى- ام الفحم، سنة 1990
 
-    الدباغ، مراد مصطفى، بلادنا فلسطين، الديار النابلسية، القسم الثالث، دار الهدى- ام الفحم، سنة 1990
- الساريسي، عمر عبد الرحمن: الحكاية الشعبية في المجتمع الفلسطيني دراسة ونصوص، مؤسسة الدراسات العربية والنشر، ط1، سنة 1980.
+
 
 +
- الساريسي، عمر عبد الرحمن: الحكاية الشعبية في المجتمع الفلسطيني دراسة ونصوص، مؤسسة الدراسات العربية والنشر، ط1، سنة 1980
 
-    النمر، إحسان: قضية فلسطين في دورها البلدي، مطبعة جمعية العمال التعاونية، نابلس، سنة1975.
 
-    النمر، إحسان: قضية فلسطين في دورها البلدي، مطبعة جمعية العمال التعاونية، نابلس، سنة1975.
 +
 
-  حسين، أحمد خليل كايد، من سلسلة القرى الفلسطينية المدمرة ( رقم 22) قرية بيت نبالا، منششورات جامعة بيرزيت مركز دراسة وتوثيق المجتمع الفلسطيني، بيرزيت، سنة 1998 .
 
-  حسين، أحمد خليل كايد، من سلسلة القرى الفلسطينية المدمرة ( رقم 22) قرية بيت نبالا، منششورات جامعة بيرزيت مركز دراسة وتوثيق المجتمع الفلسطيني، بيرزيت، سنة 1998 .
 +
 
-      دنين، عزرا: شخصيات ووثائق 1913666ـ 1939، ط11، مطبعة مغنيس ن الجامعة العبرية، سنة 1944.
 
-      دنين، عزرا: شخصيات ووثائق 1913666ـ 1939، ط11، مطبعة مغنيس ن الجامعة العبرية، سنة 1944.
 +
 
-      زعيتر، أكرم، الحركة الوطنية الفلسطينية 1930ـ 1939، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، ط1، بيروت، سنة 1980.
 
-      زعيتر، أكرم، الحركة الوطنية الفلسطينية 1930ـ 1939، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، ط1، بيروت، سنة 1980.
 +
 
-                    عبد الرازق، فيصل عارف: أمجاد ثورية فلسطينية وحياة بطل من أبطالها، الطيبة، دار ابن خلدون، ط1، سنة 1995.
 
-                    عبد الرازق، فيصل عارف: أمجاد ثورية فلسطينية وحياة بطل من أبطالها، الطيبة، دار ابن خلدون، ط1، سنة 1995.
 +
 
-    عرار، عبد العزيز،  ومقبل، زياد:الفرية الفلسطينية بين المتحول والثابت، منشورات دار الفلم رام الله، سنة 1985.
 
-    عرار، عبد العزيز،  ومقبل، زياد:الفرية الفلسطينية بين المتحول والثابت، منشورات دار الفلم رام الله، سنة 1985.
 +
 
- سرحان، نمر وكبها، مصطفى: سلسلة دراسات التاريخ الشفوي لفلسطين، وعبد الرحيم الحاج محمد القائد العام لثورة 1936-1939، رام الله، ط1، عام 2000.
 
- سرحان، نمر وكبها، مصطفى: سلسلة دراسات التاريخ الشفوي لفلسطين، وعبد الرحيم الحاج محمد القائد العام لثورة 1936-1939، رام الله، ط1، عام 2000.
 +
 
-    الجمعية العلمية الفلسطينية، الشيخ رشيد عبد السلام 1907-1994، الموسوعة التربوية الفلسطينية، منشورات الدار الوطنية للترجمة والنشر والتوزيع، نابلس، سنة 1995.
 
-    الجمعية العلمية الفلسطينية، الشيخ رشيد عبد السلام 1907-1994، الموسوعة التربوية الفلسطينية، منشورات الدار الوطنية للترجمة والنشر والتوزيع، نابلس، سنة 1995.
 +
 
*-  الصحف:
 
*-  الصحف:
 
-    صحيفة الدفاع- 12/5/1938-الجمعة-عدد1145-5
 
-    صحيفة الدفاع- 12/5/1938-الجمعة-عدد1145-5
 +
 
-    جريدة الجهاد ـ 1939ـ بدون عدد ـ ص 3.
 
-    جريدة الجهاد ـ 1939ـ بدون عدد ـ ص 3.
 +
 
المقابلات الميدانية:
 
المقابلات الميدانية:
 +
 
أجرى الباحث مقابلات شفوية مع الأشخاص التالية:
 
أجرى الباحث مقابلات شفوية مع الأشخاص التالية:
 +
 
ـ أحمد بدوان: عزون
 
ـ أحمد بدوان: عزون
 +
 
ـ أسعد القاسم:قرية عِسلة
 
ـ أسعد القاسم:قرية عِسلة
 +
 
ـ أمين موسى عرار:كفرثلث
 
ـ أمين موسى عرار:كفرثلث
 +
 
ـ توفيق أبو صفية: كفرثلث
 
ـ توفيق أبو صفية: كفرثلث
ـ حامد حسن عودة:كفرثلث
+
 
 +
ـ حامد حسن عودة:كفرثلث
 +
 
 
ـ حسن عبدالهادي عرار:كفرثلث
 
ـ حسن عبدالهادي عرار:كفرثلث
 +
 
ـ حسن عمر مصطفى عوده:كفرثلث
 
ـ حسن عمر مصطفى عوده:كفرثلث
 +
 
ـ داود أحمد الأشقر: كفرثلث
 
ـ داود أحمد الأشقر: كفرثلث
 +
 
ـ سلامة بكر: عزون
 
ـ سلامة بكر: عزون
ـ عبدالحافظ موسى عرار: جلجولية
+
 
 +
ـ عبدالحافظ موسى عرار: جلجولية
 +
 
 
ـ عبدالخالق يحي سويدان:عزون
 
ـ عبدالخالق يحي سويدان:عزون
 +
 
ـ عبدالعزيز إسماعيل عوده:كفرثلث
 
ـ عبدالعزيز إسماعيل عوده:كفرثلث
 +
 
ـ عبدالعزيز جوده:عزون
 
ـ عبدالعزيز جوده:عزون
ـ عبدالله عبدالعزيز جودة:عزون
+
 
 +
ـ عبدالله عبدالعزيز جودة:عزون
 +
 
 
ـ عثمان مقبل:كفرثلث
 
ـ عثمان مقبل:كفرثلث
 +
 
ـ عيشة جوده:عزون
 
ـ عيشة جوده:عزون
 +
 
ـ فاطمة خاصكية زوجة ( محمد أبو دية):عِسلة
 
ـ فاطمة خاصكية زوجة ( محمد أبو دية):عِسلة
 +
 
ـ فضل حواري: عزون  
 
ـ فضل حواري: عزون  
 +
 
ـ محمد كايد سويدان:عزون
 
ـ محمد كايد سويدان:عزون
 +
 
ـ محمود أسعد خطيب:كفرثلث
 
ـ محمود أسعد خطيب:كفرثلث
 +
 
ـ مصطفى عبدالوهاب:كفرثلث
 
ـ مصطفى عبدالوهاب:كفرثلث
 +
 
ـ نعمه داود شقليه: كفرثلث
 
ـ نعمه داود شقليه: كفرثلث
 +
 
ـ يحي سويدان:عزون
 
ـ يحي سويدان:عزون
 +
 
[[تصنيف: خزانة فلسطين التاريخية]]
 
[[تصنيف: خزانة فلسطين التاريخية]]

المراجعة الحالية بتاريخ ١٢:٤٨، ٣ أكتوبر ٢٠١٨

لمحة في جغرافية وتاريخ عزون

نشأ الثائر “فارس” محمد الحواري في قرية عزون، وهي تقع على المرتفعات الجبلية القريبة من الساحل الفلسطيني وترتفع عن سطح البحر في بعض مواقعها 176مترا، وتمتاز بكونها نقطة اتصال مهمة على خطوط المواصلات بين نابلس وقلقيلية وطولكرم ورام الله، و تتوسط مجموعة قرى.

تعددت الآراء حول تسميتها بهذاالاسم ففي رأي البعض أنها سميت لكثرة الأشجار المحيطة بها، وعرفت بعز ثم عزين وحرفت لعزون، ومن قائل إن عزون كلمة آرامية وتعني الصلب والشجاع، وقد ثبت من خلال الحفريات أنها قديمة، ولها جذور ضاربة في العهد الكنعاني (2).

(قلت بل هي فعلون كخلدون وزيدون من الصل اللغوي ع ز ز لدلالة تقع على معنى الصلابة والصالة، ومن ذلك عِز الشجرة؛ اصلها. يحيى جبر)

امتدت أراضي عزون حتى السهل الساحلي وهي لصيقة بأراضي مدينة قلقيلية وكانت لها خربة تتبعها دعيت غابة عزون أو تبصر ورويسون (3).

بلغ عدد سكأنها (994)نسمة في عام 1934، ومنهم عائلة مسيحية بلغ عددها 14 نسمة (4).

تم فتح أول مدرسة في العهد العثماني عام 1912 (5).

تعرضت عزون لمحاولة احتلال من قبل الفرنسيين الذين ساروا في حملة متجهين نحو مدينة عكا في عام 1998 وقد توجهت كتيبة من الجيش يقودها دوماس لغرض احتلال القرية ولكن جموع قرى بني صعب والتي تضم( كفرجمال، كفرزيباد، كفرعبوش، كفرصور، الرأس، فرعون، الطيبة، الطيرة، قلنسوة، جيوس ) بقيادة شيخ قرى الصعبيات الشيخ محمود الجيوسي ومركزه قرية كور، وقتل القائد الفرنسي دوماس على يد فلاح من عزون يدعى عابد مريحة العدوان، والذي اغتنم فرصة احتساء دوماس لكأس من القهوة وعندها صوب بندقيته واقتنصه، مما بعث الذعر في صفوف الجيش الفرنسي، كما أن الهزيمة دبت في نفوسهم بعد أن أشعل أبناء الجبل النار في الأحراج فأحاطت بهم ألسنة اللهب ودخأنها من كل جانب. ففروا مذعورين إلى يافا حيث صب نابليون جام غضبه عليها، وكانت معركة فاصلة ردت الجيش الفرنسي عن جبل نابلس الذي أطلق عليه من يومها لقب: جبل النار وهي معركة خلدها الشاعر الفلسطيني إبراهيم طوقان:

سائل بها عزون كيف تخضبت بدم الفرنجة عند بطن الواد (6).

شارك أبناء عزون في معظم الثورات الفلسطينية وكان لهم السبق فيها. ففي ثورة 1921 هاجموا مستعمرة ملبس إلى جانب قرى أخرى، وبرز دورهم في ثورة 1936 وقدموا الشهداء وحدثت معركة وادي عزون في 26/6/ 1936، واستشهد من أبنائها:

1ـ فاطمة خليل غزال وهي أول فلسطيينية تستتشهد في الثورة وكانت تنقل الماء والخبز.

2ـ أحمد عبدالله القدومي.

3ـ محمد مصطفى عنايا (أبو حمدة ).

4ـ عبد همشري عدوان.

وبعد أن فك الإضراب في تشرين أول 1936 وبعد أن حضرت لجنة بيل في العام اللاحق وصل إلى عزون رئيس اللجنة، والذي استمع لرأي السكان فرد عليه مختار البلدة الشيخ مصطفى سرور قائلاً ( من جرب المجرب عقله مخرب. لقد جربنا بريطانيا ولم تصدق في وعودها وتعهداتها ) وعندما تجددت الثورة في عام 1937 قام الشاب يونس الشايب بإطلاقالنار على سمسار عربي عمل على تسريب الأراضي العربية لليهود، ولكنه قبض عليه بعد أن فر باتجاه البحر وقامت حكومة الانتداب بشنقه وقد دفن في قريته عزون وكتب على قبره.

سقى الله رمساً حل فيه مجاهد شهيد غدت أعماله خير مؤنس فدا وطن غال يقهر العدا شكو إلى القهار متجسس (7)

طفولة “فارس” العزوني

ولد “فارس” في "خربة تُبصُر " من أعمال عزون، وهي أحدى الخِرَب التي نزلها أهالي عزون بعد عام1810، ودعيت أيضاً "غابة عزون " والتي أقيمت على أراضيها مستعمرة رعنانيا وبجوارها مستعمرة كفار سابا، و قد دمرت خربة تبصر وأجبر أهاليها على الرحيل في الثالث من نيسان عام 1948 (8).

عاش “فارس” يتيماً، وتلقى تعليمه في مدرسة عزون، ودرس فيها حتى الصف الرابع، وقد تعهدته والدته بالعناية، وقد عمل في الزراعة والفلاحة وكانت والدته وإخوأنه يديرون بيارة زرعت بالبرتقال.

عرف عنه ولعه المبكر بالسلاح، وقد اعتقل مرات عديدة قبل بلوغه سن الرشد،، وحينما بلغ سن السادسة عشرة من عمره، توجه إلى قرية المزيرعة من قرى قضاء اللد مع صديقه مصطفى غزال سويدان، الذي يكبره سنا بهدف شراء بندقية، حيث وجد شخصا تعّود بيع بندقيته للباحثين عن سلاح.

وكان يبيعها ومعها طلقات مغشوشة، ثم يفاجئ من يشتريها بعمل كمين، وتحت تهديد السلاح يقوم باستردادها، ويسلبه ما لديه من مال وتكرر هذا الأسلوب مع عدة أشخاص(9). سمع “فارس” الحواري وصديقه مصطفى غزال بقصة هذا الرجل، وحكاية سلاحه فخططا للحصول عليها فتجهزا بطلقات احتياطية وذهبا إلى المزيرعة وحدث معهما كما يحدث مع الآخرين، واعترضهما خارج القرية فحّذراه من مغبة صنيعه، ولكنه لم يتراجع عندها أردياه قتيلا (10).

بعد التحاق “فارس” بالثورة عاد إلى قرية المزيرعة، وقبل دخوله القرية أرسل مندوبين يستأذنون له بالدخول كزائر وضيف، وأذن له أهلها بالدخول وأكل بها وشرب، وقاموا بإجراء مصالحة، وتفهم أهل القرية حادثة القتل التي كان سببها ابن قريتهم.

حدثتني أرملة “فارس” السيدة عيشه جودة نقلا عنه:

" سجنت عدة مرات وخرجت من السجن، توجهت إلى قرية المزيرعة ومعي صديقي مصطفى غزال، واشترينا بندقية ورجعنا لقريتنا، واقتربنا من بئر ماء يقع في مدخل القرية، وعليه يقف أحد الرعاة الذي كان يسقي دوابه، وحدق بي وطلب مني خلع بارودتي وقد طمع فيها واستهتر بي وظن أني صغير، واتجه نحوي وحذرته أن يقترب مني لكنه لم يرتدع، فأطلقت عليه النار مضطراً وسقط المهاجم على الأرض، وهربت ومعي مصطفى غزال" ( 11).

و حدثنا عبدالله جوده من بلدة عزون نقلاً عن أبو علي ناصر أحد مواطني قرية المزيرعة أن “فارس” اشترى بندقية من قرية المزيرعة، ولكنه تعرض لمحاولة تقشيط (سلب) من نفس الشخص الذي باعها له، ورغم أن “فارس” حذره من الاقتراب منه إلا أنه اندفع باتجاهه مما حمل “فارس” على إطلاق النار عليه فأرداه قتيلاً، وقد تسبب نزيف الدم الذي أصاب جسمه في موته( 12).

بعد مقتل الرمحي من المزيرعة أصبح “فارس” وصديقه مصطفى فارين تبحث عنهما سلطات الاحتلال البريطاني، وتقتفي آثارهما للقبض عليهما ، حيث بقيت خلفهما بعض آثار العملية، ومنها عثورهما على قطعة من أهداب الكوفية.

حضرت قوات الشرطة إلى قرية كفرثلث المجاورة لقرية عزون، ظناً منها أن القاتل منها، وقامت السلطات بعمليات تحقيق مع بعض الأشخاص، وقد اتهمت سليم عيسى بأنه وراء حادثة قتله، حيث كان يلبس كوفية وعقالاً تشبه لباس “فارس”، وقد نفى التهمة المنسوبة إليه وانتهى علم المخابرات البريطانية ورجال الشرطة أن القاتل من قرية عزون ويدعى “فارس” محمد الحواري، الذي يقطن خربة تبصر (غابة عزون ) ويرتدي نفس اللباس فأسرعوا بالتوجه إليها، وطلبوا من مختار خربة عزون أن يصطحبهم إلى بيت “فارس”، حيث تم اعتقاله.

أجرت السلطات البريطانية تحقيقا مع “فارس” وصديقه مصطفى، ووجدت بعد التشخيص أن أهداباً قد مزقت من كوفيته، واعترف بالتهمة المنسوبة إليه، وأنه هو القاتل ؛ لكن السلطات البريطانية أعدمت صديقه مصطفى غزال، وحكم “فارس” الحواري بالحكم مدى الحياة بسبب عدم بلوغه السن القانوني.

حدثني محمد كايد عواد سويدان ـ صديق “فارس” في طفولته ـ فقال :ـ

"هو من أجيالي تعلق بحمل السلاح، وسجن لفترات عديدة، وفي أحدى فترات سجنه سمع عن شخص في المزيرعة يبيع السلاح. وبعد ها ذهب مع مصطفى غزال، وكان أكبر منه سنا، حيث قاموا بشراء قطعة السلاح المطلوبة، وبداخلها رصاص مغشوش، وقب لذهابهم لشرائها أحضرا رصاصا حيا واشتروا البندقية،، وعادا إلى بلدتهم ، وفي طريق عودتهم فاجأهم المحتال (بائع البندقية ) بمحاولته تجريده البندقية ولكن “فارس” لم يمهله طويلا حيث أطلق النار عليه من الرصاص الحي فأرداه قتيلا. أخذ أهل القرية قتيلهم وأحضرو البوليس البريطاني، وأخبروهم أن القاتل من عزون. ودافع عنهم المحامي الإنجليزي أبو كاريو، وأعدم مصطفى لكبر سنه، وحكم “فارس” بالمؤبد لأنه لم يبلغ سن الرشد " (13)

هوامش الفصل الأول 1) الدباغ، مراد مصطفى، بلبادنا فلسطين، إصدار دار الهدى كفرقرع، 1991، ص 617. 2) مقابلة أجريت مع عبدالخالق سويدان، معلم متقاعد في قرية عزون بتاريخ 1/ 5/ 2003. 3) المصدر السابق. 4) المصدر نفسه. 5) المصدر نفسه. 6) النمر، إحسان، تاريخ جبل نابلس والبلقاء، ج1، مطبعة جمعية العمال التعاونية، 1975، ص 219. 7) رواية عبدالخالق سويدان، تاريخ سبق ذكره. 8)المصدر نفسه. 9)المصدرنفسه، وهي رواية تترددعلى ألسنة الكثيرين في كفرثلث وعزون. 10) المصدر نفسه. 11) مقابلة أجريت معها في 10/ 5/ 2000. 12) مقابلة مع عبدالله جودة من قرية عزون بتاريخ 6/5/ 2003. 13) مقابلة أجريت معه بتاريخ 2/1/2000


التحاق “فارس” بالثورة وقيادته "فصيل الموت "

فرار “فارس” من سجن عكا:

سُجن “فارس” في معتقل المسكوبية في مدينة القدس، وانتقل إلى سجن عكا، وبعد أن قضى بضعة أعوام في المعتقلات والسجون، سمع أخبار الثورة الفلسطينية التي اندلعت في عام 1936، فقرر الهرب من سجنه في صيف عام 1938.

فكر في طريقة ملائمة للهرب فهداه تفكيره بالتعاون مع رفاق السجن وأقام علاقات وطيدة مع السجّانين العرب، وبفضل هذه العلاقة نجح في الهرب. حدثتنا أرملة الثائر “فارس”: "بعد إعدام صديقه مصطفى وقضائه مدة في المعتقل، طلب نقوداً من أمه لشراء أسلاك ومنشارة حديد، وقام برشوة السّجانين

وكانوا عرباً، وفي الليل قطع قضبان الشباك، وتدلى بحبل من الأسلاك الشائكة، وشاركه بعض المسجونين من العرب، ونجح “فارس” بالقفز خارج الخندق المحيط بالسجن لكن يديه انسلخت من الأسلاك أثناء الهبوط بينما وقع أحد أصدقائه في الخندق وكسر ظهره، و وقع آخر وكسرت يده، أما “فارس” فقد وصل لأقرب منزل إلى السجن، حيث قام أهل البيت بعلاجه بعدها بقليل طرق الجيش باب البيت، وقامت ست البيت ولفّت “فارس” بالحصيرة، وأوقفته في زاوية الدار كأنه جزء من أثاث البيت. بحثوا عنه في جميع أنحاء الدار ولكن لم يجدوه، بعد يوم أو يومين توجه “فارس” إلى منطقة طولكرم واختبأ عند صديقه الثائر عبد الله الأسعد من عتيل، الذي كان مسجوناً معه وبقي عنده قرابة عشرة أيام. وفي الليل اتجه “فارس” لغابة عزون وانتظر في موقع سيل الماء عند بيارتهم حتى حضر أخوه حامد وأعمامه يوسف وعبد الجليل "(1).

وتتفق رواية الحاج محمد كايد مع رواية أرملة الشهيد لكنه يذكر تفاصيل أخرى حدثنا:ـ "أودع في سجن عكا في الطابق العلوي، قام برشوة البوليس الذين أحضروا أسلاكا ومنشارا، وأخبرهم بنيته للهرب وكان معه عبدالله الأسعد من عتيل، و”فارس” الطوباسي. نجح عبدالله الأسعد في الهرب، بينما فشل “فارس” الطوباسي الذي وقع على ظهره في الخندق وتكسرت أضلاعه وباغت “فارس” مدير السجن ولبس ملابس غسيل وهرب إلى غابة عزون ووصلها ليلاً ، وأخذه أخوه حامد، وصديقه أسعد القاسم إلى القائد عارف عبدالرازق كي يلتحق بالثورة" (2).

تأسيس "فصيل الموت " في جنوب طولكرم:

نجح “فارس” في الهرب من سجنه في أوائل صيف عام 1938، حيث ساعده الشرطي أحمد شطارة من قلقيلية والذي عمل في الشرطة البريطانية.

وبعد نجاحه في الهرب من سجن عكا، لمعت في ذهنه فكرة تشكيل فصيل ثوري، وقد سماه باسم فصيل الموت، بينما كان الآخرون يسمون فصائلهم باسماء القادة و الصحابة المسلمون أو معارك الفتح الأولى أو باسم فصيل محمد صلى الله عليه وسلم.عمل “فارس” على تجنيد أبناء عزون وكفر ثلث وغيرهم من منطقة قلقيلية ومعهم عرب سعوديين ويمنيين وسوريين، وفي غضون فترة قصيرة بلغ عددهم ما لا يقل عن خمسة وسبعين إلى مائتي ثائرً (3).

ويظهر أن عدد عناصر الفصيل كانت في تغير من وقت إلى آخر، ويرتبط ذلك بالمناسبات والمعارك؛ ففي مؤتمر ديرغسانة الذي عقد في منتصف أيلول 1938 كان عدد عناصر الفصيل 200 عنصر حسبما يذكر أحد الباحثين (4).

أجمع الرواة الذين قابلتهم على أن الرقم تجاوز سبعين شخصا، حدثني أسعد القاسم أن عدد فصيل “فارس” بلغ خمسة وسبعين رجلا،، وأتفق مع هذا الرأي لأن هذا الشخص كان أحد مرافقيه والمقربين منه. وحول عدد عناصر فصيل الموت حدثني عبدالعزيز إسماعيل الأعرج أنه بلغ في أحد المرات سبعين رجلا والدليل على ذلك أن “فارس” طلب إحضار سبعين دجاجة لإطعامهم، وأخرجت له كفرثلث هذا العدد . ضم فصيل الموت عناصر عديدة من قرى طولكرم، و دخلت إليه عناصر أخرى من الأقطار العربية المجاورة، وبعضهم عمل مع عارف وتركه لينضم إلى فصيل الموت، وهذه هي بعض الأسماء التي شاركت فيه: 1) قرية عزون: التحق كل من محمود أبو غزال ابن الشهيدة فاطمة غزال التي استشهدت في معركة عزون في 26/ 6/ 1936، وعبدالله القنبر، ونمر القنبر وكامل الحواري، وزعل بدران، وابراهيم الكيوي، وسعيد أبو حلاوة، وعبد الرحيم الرياشي، وعبد العزيز الجودة، وأحمد البدوان، وقاسم الشايب الطحلة من عزون واّخرين .

2) قرية عِسلة: أسعد القاسم، وجاسر سليمان، وابراهيم البم راضي.

3) قرية سنيريا: عمر أبو طبنجة، وسليمان فرح .

4) كفرثلث: إسماعيل أبو هنية، ورشيد أبو هنية، وموسى مقبل، وحسين شقير، ويونس أبو خالد.

5) دير بلوط: محمود قرعوش.

6) كفر الديك: الأخوين حافظ عبد المجيد علي الأحمد، ومحفوظ عبد المجيد علي الأحمد، وأحمد عودة علي الأحمد.

7) كفر قاسم: علي بدير وآخرين، وتعاون المختار وديع أبو دية مع الفصيل.

8) كفر قدوم: فهمي صوفان، وكان بمثابة سكرتير الثورة وكاتبها ، وأحمد القدومي.

9) مسكة:المعلم إبراهيم عبدالحفيظ الذي كان يتولى مهمة الكتابة على الآلة الطابعة الخاصة بالثورة.

10) خريش: حسن أبو عمر، ومهمته تصنيع الكبسولات.

11 ) قلقيلية: انضم إلى الفصيل: عبد الرحيم الدكة، وقام بالتنسيق مع الفصيل مسؤول اللجنة القومية حسين جميل هلال، والذي لعب دورا هاما في إحضار الذخائر والتمويل للفصيل وتوجيههم نحو أهداف محددة في محطات سكة الحديد، والمستعمرات القريبة، ومنها: كلمانيا، وهاكوفيش ومحطة رأس العين وغيرها، وقد لاقى “فارس” الترحاب والحفاوة من آ ل زيد في ديوأنهم بمدينة قلقيلية(5). التحق به من البلدان العربية سوريون، ويمنيون، وسعوديون، ومنهم:ـ جميل السوري وعبدالرحيم السوري والحاج عبده والحاج محمد مسلم، والحاج محمد اليمني، والجدير بالذكر أن هؤلاء الثلاثة الأخيرون كانوا مدعاة للشك في أن يكونوا عربا، وقد قابلت أشخاصاً شاركوا في الثورة من جبل الخليل و قلقيلية، وطولكرم، ورام الله وفي رواياتهم اتهام للحاج محمد مسلم، والحاج محمد اليمني، والحاج عبده كانوا مدسوسين في الثورة ويعملون لحساب الحركة الصهيونية (6 ).

توزعت مهمات أعضاء الفصيل بين مهمات قتالية، وعمليات مختلفة مثل: الاغتيالات، وشراء الأسلحة والذخائر والمناظير، ومن الأمثلة على ذلك تكليفه موسى مقبل عودة من كفر ثلث بشراء منظار من مدينة نابلس، بينما قام فهمي صوفان بتسجيل أحداث الثورة بصورة يومية، وكلف عدد كبير من الناس بتنظيف الرصاص القديم الذي بقي من الحرب العالمية الأولى .

حدثني توفيق أبو صفية: كنا صبيانا، وتوظفنا قي تنظيف الرصاص ومسحه (7).

اهتم “فارس” باتخاذ لباس عسكري موحد لفصيله حيث لبس المقاتلون اللباس الخاكي (الكاكي ) والحذاء البني الطويل والشروال الواسع مقلدين الثوار السوريين فيه، وحمل “فارس” مسدسين، ومما قام به تكليف البعض بتأدية مهمات عسكرية كالاغتيالات وأجرى تحريات عن بعض الأشخاص، وقام أحيانا بالتخفي وملاحقة بعض أبناء بلده وأقربائه للتأكد بنفسه إذا كانوا جواسيس أم لا ؟.

كان “فارس” يشعر بالتقدير والامتنان للدروز السوريين، الذين ضمهم" فصيل الموت "، وعرف منهم جميل السوري، وعبدالرحيم السوري، وعبر عن إعجابه وتقديره لهم بأن لقب نفسه ب "أبي معروف ".

أبرز الأعمال الثورية لفصيل الموت

قام فصيل “فارس” بالعديد من العمليات العسكرية إلى جانب قتل عملاء وجواسيس يعملون لحساب الاحتلال البريطاني كانت أولى العمليات التي قام بها فصيل الموت هي زرع ألغام على الطريق الترابي الواصل بين نابلس ومدينة قلقيلية، الذي كانت تمر منه مركبات الجنود والسيارات الفلسطينية وهي قليلة ونادرة. حدثني عبد الخالق سويدان، و محمد كايد سويدان في مقابلتين منفصلتين أنه كلف عبدالله القنبر بوضع لغم على الجسر القريب من قريته عزون ووقف الثوار من الجانبين ودمرت دبابة مرت من هذا المكان وبها ثمانية أشخاص وغنموا منها أسلحة وذخيرة (8).

أما أرملة الشهيد “فارس” فقد روت للباحث أن أولى العمليات التي قام بها فصيل “فارس” ومن معه كانت في تعرضهم لسيارات ودوريات إنجليزية عند كفرلاقف في موضع "القرنين "، الذي تقوم عليه الآن مستعمرة قرني شومرون. حيث أقام الثوار حاجزاً من الحجارة في وجه الدوريات الإنجليزية المارة من المكان، وقد راح فيها العديد من القتلى والجرحى وربح فيها الثوار الأشخاص والأسلحة والمناظير، التي استخدمها “فارس” فيما بعد، وقد شارك فيها فصيل حمد زواتا (9 ).

ويرى راوٍ آخرـ والذي عمل تاجرا متجولاـ أن أولى العمليات التي قام بها “فارس” كانت في عملية اختبار وجهها له القائد عارف عبدالرازق، الذي كلفه للقيام بعملية مستقلة ليختبر فيها شجاعته، وليكون مؤهلا لقيادة فصيل حيث سبق ل”فارس” أن طلب منه ذلك.

فتوجه “فارس” إلى نقطة حراسة أقامها اليهود حول مستعمرة مجدييل اليهودية القريبة من بيار عدس ومدينة قلقيلية، وكمن خلف أرض مرتفعة من الرمال، وانتظر حتى تم تبديل حراسها من شرطة اليهود الإضافية وأطمئن إلى سكون الليل، وقد جلسوا على غير عادتهم خارج تحصيناتهم، فأطلق عليهم النار وقتل منهم ثلاثة، وجرح اثنان، وأسرع إلى مدينة قلقيلية . وكانت هذه الشجاعة كافية لأن يسلمه عارف قيادة فصيل (10).

كتب أحد الباحثين: واقتحم المجاهدون مراكز البوليس الإضافي في مجدييل (قلقيلية ) بعد أن قتلوا بوليسا اضافيا يهوديا وجرحوا غيره، وعلى أثر ذلك دخلت قوة كبيرة من البوليس البريطاني قرية بيارعدس القريبة من المستعمرة، ونكلوا بأهلها مما اضطرهم للفرار تاركين ورائهم بيوتهم (11). لم يقتصر العمل الثوري على هذا الكمين فقد جرت اشتباكات أخرى كان منها اشتباك جرى عام 1938 على جانبي وادي عزون الجنوبي حيث وقف الإنجليز شرقي قرية عِسلة في شمال وادي عزون، في حين رابط الثوار إلى الجنوب بجوار "خربة الخراب"من أراضي كفر ثلث، وجرت اشتباكات سقط خلالها الثائر يوسف عوده من قرية بديا شهيدا.

حدثنا توفيق أبو صفية: " كنت إصغير يوم استشهاد يوسف عودة من بديا، وقد جاء أهله وحملوه على جمل وتحمست نساء القرية وقلن في الأفراح:ـ يوم معركة الخراب انقتل يوسف شيخ الشباب " ومن أعمال " فصيل الموت " القيام بوضع ألغام في خط سكة حديد حيفا ـ رأس العين بالقرب من جلجولية التي أدت إلى انحراف القطار عن مساره وانقلابه. وقد تخصص فرح عوده من سنيريا في وضع الألغام، حيث استفاد مما تبقى من أسلحة وقنابل العثمانيين، التي كانت مخبأة في مغارة قريبة من خربة خريش، وظل عودة يضع الألغام حتى جاءت قوة بريطانية إلى خريش وتوجهت إلى مغارة قريبة منها، وجمعت القنابل المخبأة بها منذ عهد الأتراك والتي اعتاد الثوار استخدامها كلما دعت الحاجة لوضع الألغام (12).

كما اعترض “فارس” وعدد من رفاقه إلى دورية إنجليزية مرت بالقرب من رأس العين، التي قتل فيها 8ـ12 إنجليزيا، ومما قام به الثوار الهجوم على بنك باركليز البريطاني في مدينة يافا وحرقه، وقام “فارس” بمهمات سرية واستطلاعية وتكليف أشخاص باغتيال سماسرة في مدينة يافا، حيث أرسل قاسم الشايب لاغتيال أحد السماسرة فيها و قام فصيل “فارس” بتصفية عدد من العملاء والجواسيس وسماسرة الاحتلال البريطاني في منطقة رام الله ( 13).

لم يقتصر نضال فصيل “فارس” العزوني على العمليات المذكورة بل شارك في معركة الهجوم على القدس لتحريرها برفقة الثوار وقادتهم، ومنهم: عارف عبد الرازق" أبو فيصل "، ومحمد عبدالكريم النوباني "ابو شوكت"، وحمد داود زواتا " أبو فؤاد "، وآخرين كانوا داخل المدينة المقدسة.

كتب فيصل عبدالرازق نقلاً عن الثائر حمد زواتا والثائر سعيد الناشف أن عارف أعد خطة لتحرير القدس، وبناءَ على ذلك طلب من فصيل حمد، وفصيل “فارس”، وفصيل محمد عمر النوباني، وفصيل عارف عبدالرازق العمل على تحرير القدس و نظمها عارف وجهزها لاحتلال القدس القديمة، وأمر كلا من “فارس” الحواري وحافظ عبدالمجيد أن يدخلا سراً إلى المدينة لترتيب الفصائل الثائرة تحت إمرتهم، ووضع فصائل على مقربة من الطرق المؤدية للخارج لتقف في وجه أي قوات تجلب لداخل الأسوار، وتم ترتيب الإعداد للمعركة مع ضابط الشرطة العربي جميل العسلي، ومع بهجت أبو غربية، وفوزي القطب، وشكيب القطب، وقد ساعد هؤلاء في نجاح المعركة لمعرفتهم بأسرار المدينة. نجح الثوار في تحرير المدينة لمدة ثلاثة أيام وسيطروا فيها على مركز الشرطة وحرقوا مستنداته، وقد استخدم الجنرال هايننغ السلالم لإرسال قوة للنجدة ، وقد قوبل دخول الثوار بالفرح والتهليل والزغاريد، وأخيراً اضطر الثوار للانسحاب من المدينة (7).

وكان لفصيل “فارس” حضوراً في اجتماع عقده رؤساء مجموعة كبيرة من الفصائل الفلسطينية في قرية ديرغسانة في 15 ـ 18 أيلول 1938، الذي جرى فيه بحث أمور الثورة وتنظيم عملها بانتخاب " مجلس قيادة الثورة " وعن اجتماع دير غسأنه، والتحضير له حدثنا حسن حسين:ـ

"جاء إلى كفر ثلث عدد من قواد الفصائل كان منهم: عبد الرحيم الحاج محمد، وكان لباسه يشبه لباس الشاميين، جاكيت طويل، وسروال واسع، وحطة وعقال، وجاء عارف عبدالرازق، و”فارس” العزوني، وعبدالرحيم المرداوي، واستراحوا في كفرثلث، عند حيط دار سعيد عبدالسلام، وأحضر الناس كراسي من بيت المختار سلامة عودة، والثوار رايحة جاية داخل البلد كأنهم في عرس، وبعدها توجهوا للجنوب، وهناك أطلق “فارس” وجماعته طلقات على طياره إنجليزية، ويقال أنهم أسقطوها في مطار اللد، ثم حدثت معركة استشهد فيها الثائر محمد صالح " أبو خالد" (15). غمرت القرى التي مر منها الثوار مظاهر البهجة والسرور بعد قدوم الثائر عبدالرحيم الحاج محمد، وحسن سلامة وعارف عبدالرازق وعبدالحميد المرداوي، وعبدالقادر الحسيني، حيث أقيمت الدبكات الشعبية.

حدثنا محمود أسعد خطيب، فقال: جاء عبدالر حيم الحاج محمد (أبو كمال ) إلى كفرثلث. ومعه ثوار يحملون العلم الفلسطيني وهم يغنون : حطوا البيارق على الجبل وتباشري يا بلادنا ويا كافر والله ما نطيح حتى تشوف فعالنا عاداتنا حمل السيوف وذبح العساكر كارنا (16).

أظهر “فارس” ميلاً وحماساً ظاهرا نحو أسلوب التصفيات الجسدية للمعارضين والعملاء، وبعث عمله الذعر والخوف في نفوس المخاتير خاصةً في قرى رام الله الغربية والشمالية وقرى قلقيلية.وقد سببت هذه الأحداث لجوء البعض للقوات البريطانية ورافقوهم في عمليات مطاردة للثوار وتعقبوا قادة الفصائل، حيث عملوا جنباً لجنب مع قوات الجيش البريطاني، وركبوا دباباتهم. حدثنا أسعد القاسم أن “فارس” أعطى أوامره بتصفية طاهر عبد سعيد من قرية بديا، والذي شعر بأنه مستهدف من قبل الثوار فهرب وسلم نفسه للإنجليز، وشارك فيما بعد في مرافقة قوة إنجليزية اشتبكت مع ثورة “فارس” في معركة الوادات، ويقال إن هذا الشخص كان مسؤولاً عن قتل كامل البعنة في هذه المعركة التي جرت بالقرب من عزون، حتى أن هذا الشخص كان يفخر بقوله:"ما أحلى قتل الثوار على ظهر الشجر "، وقد راح مقتولاً في أواخر عام 1948 (17).

وقام “فارس” بالتخطيط وسعى جاهداً لاغتيال قائد الجيش الأردني البريطاني كلوب باشا، الذي أشرف على الجيش الأردني بتكليف من بريطانيا، وكان يتعارض وجوده مع الطموحات القومية العربية، ولا بد أن “فارس” أدرك الدور الذي يلعبه هذا القائد البريطاني المسيطر على الجيش الأردني، والذي كان يعيق حركة الثوار والمجاهدين الذين عبروا إلى فلسطين.

حدثنا الثائر أسعد القاسم: " ذهبنا إلى قرية قريبة من طوباس، وكنا قرابة عشرين وكان قائد المجموعة من قرية جلبون من أصدقاء “فارس”، واستضافنا شيخ قبيلة الزيناتي لمدة يومين، وأراد “فارس” القضاء على كلوب باشا، وكان يساعده رجل من الأردن، عمل كدليل له، واستطلعوا المنطقة فوجدوها ملغومة ويستحيل الوصول إليه، حيث يحيط به حراسه، ووجدنا من الصعوبة بمكان قتله، وقوتنا لا تعادل قوته، ورجعنا من هناك ووجدنا عارف عبدا الرازق، وحمد زواتا قد قاموا بقتل حسن أبو نجيم، ربما بسبب تفوقه عليهم، وقد شعر “فارس” بالانقباض وتأثر تأثراً شديداً " (18).

هوامش الفصل الثالث: 1) مقابلة أجريت بتاريخ سابق ذكره. 2) مقابلة أجريت بتاريخ سابق ذكره. 3)مقابلة أجريت مع عبدالعزيز إسماعيل الأعرج في كفرثلث بتاريخ 7/5/2002 4) عبدالرازق، فيصل، أمجاد ثورية فلسطينية، مطبعة ابن خلدون، 19995. ص 135 5) مقابلات أجريت مع عبدالخالق سويدان بتاريخ سابق. وأسعد حسن القاسم من قرية عِسلة بتاريخ 1/5/2000 6) مقابلة أجريت مع إسماعيل القيسي من بيت جبرين في منزله بمخيم عايدة بتاريخ 1/10/ 1993. 7) مقابلة أجريت بتاريخ 3/4/ 1995. 8) مقابلات أجريت بتاريخ سابق ذكره. 9) مقابلة أجريت بتاريخ سابق ذكره. 10) مقابلة أجريت مع داود أحمد الأشقر بتاريخ 12/6/ 2003 11) زعيتر، اكرم، الحركة الوطنية الفلسطينية 1930ـ 1939، ص425. 12) مقابلة أجريت مع توفيق أبو صفية بتاريخ سابق ذكره. 13) مقابلات أجريت مع عبد الخالق، وكايد سويان، وتوفيق أبوصفية في تواريخ سبق ذكرها. 14)عبدالرازق، فيصل، أمجاد ثورية فلسطينية، ص177ـ 178. 15) مقابلة أجريت مع حسن حسين خالد بتاريخ 7/5/1999 16) مقابلة أجريت معه عام 1985 17) مقابلة أجريت مع أسعد القاسم بتاريخ سابق ذكره. 18) المرجع السابق نفسه.

محاكمة “فارس” وإعدامه

الفصل الثالث

معركة الوادات ونهاية "فصيل الموت": جرت معركة الوادات في موقع غير بعيد عن قرية عزون، و يقع على بعد 2كم إلى الغبرب من القرية ويطلق عليه أيضا واد اسحق، تعد هذه المعركة الأخيرة بين فصيل “فارس” والإنجليز، قبل أن يقرر”فارس” الرحيل مرةً ثانية إلى سوريا، وينتهي دور فصيله، وقد جاءت في ظل غياب القائد عارف عبدالرازق عن ساحة فلسطين، ومعه عدد من الثوار الذين توجهوا إلى سوريا واستشهاد القائد العام للثورة الفلسطينية الشهيد عبدالرحيم الحاج محمد، ووصول الثورة الفلسطينية إلى حالة من الاختناق إضافة إلى سوء الأوضاع العربية والدولية.

حدثنا أسعد القاسم عن ظروف المعركة: " كنت في لبنان ومعي “فارس” العزوني، ونمر القنبر أوائل عام 1939 و زرنا القائد عبد الرحيم الحاج محمد في مكتب اللجنة المركزية للجهاد، والتقينا من أعضاءها محمد عزة دروزة، وداود الحسيني، و سليم أبو لبن.

وكان “فارس” يقيم في بيت خاص به وزوجته، وذهبنا إلى بيت داود الحسيني ورحب بنا وسلم الواحد منا أكثر من مائة دينار. بعدها فكرنا بالرجوع مع الشهيد عبد الرحيم الحاج محمد إلى البلاد، إلا أن داود الحسيني عارض ذهابنا معه، فسألته عن السبب فقال: إنك من رجالي وأخشى عليك أن تقتل إذا رافقت عبد الرحيم الحاج محمد وسأؤمن وصولك إلى كور أقرب بلد إليك. وحّملني رسائل لعدة أشخاص ودعمنا برسائله وتوصياته في هذه البلاد، حيث رتب لنا في القرى من نتوجه إليه، وملأ الُخرجين بما يلزم من الأكل، و وصلنا إلى بلدنا عِسلة ونمنا خارج القرية تحسبا من عملاء الإنجليز وحدث ما توقعنا حيث جاء الإنجليز يبحثون عنا.

نام الإنجليز ليلتهم على سطوح الدور بانتظار رجوعنا للبيت. بعدها سمعنا أن “فارس” رجع إلى البلاد، ولم التحق به مرةً أخرى ، حيث عملت بحصاد الأرض غربي حبلة.

توجه “فارس” إلى رأس العين ورابط قرب شجرة صبار قريبة من سكة الحديد بانتظار مرور دورية إنجليزية لينقض عليها ومعه مجموعة من فصيله، ومرت سيارة تنقل عربا حكم عليهم بالعمل الشاق في كسارات قرية المجدل، ومن خلفهم كانت تحرسهم سيارة عسكرية بريطانية تحمل ثمانية جنود أو أكثر قام “فارس” بإطلاق النار على الجنود وتبعه رفاقه، وصعد “فارس” إلى الدورية وأكمل على من بقي حياً .

وقال “فارس”: دعوني فأنا من سيقضي على الناجين منهم ومن مسدسه أطلق النار على سائقها الذي كان أمامه مدفع رشاش، و قفز بداخلها وقضى على الباقين منهم. لكنه أصيب بطلقة في فخذه، وقد شعر بها بعد وصوله إلى خريش، وأسعفه مختار كفر ثلث أحمد الخطيب، وجاء به رفاقه إلى أرض الوادات من أراضي عزون القريبة من جيوس، لحقه الإنجليز يبحثون عنه ويريدون القضاء عليه بأي ثمن، وقاموا بتعذيب بعض أقاربه حتى يعرفوهم عن مكأنه، وقد اعترف أحدهم عن مخبأه من شدة القتل والتعذيب، وأشار إلى أنه في "أرض الزايدة" من أراضي عزون.

جرت هذه العملية حينما كان عارف عبد الرازق خارج البلاد، في حين أستشهد عبد الرحيم الحاج محمد في صانور، وظل “فارس” وحيدا في الميدان ربما جرى هذا الحادث في أول أيار صيف عام 1939("1).

حدثني جدي عبدالهادي عرار:" "جرح “فارس” في معركة رأس العين ونقل على نقالة إسعاف وسار به رفاقه إلى قرية سلمان ومنها توجه إلى مغارة تقع في أرض "حريقة أبو فارة " من أراضي كفرثلث، و حضر لمعالجته طبيب العيون الدكتور رفعت عودة من بلدة بديا " (2).

وتذكر زوجته نقلاً عنه أنه: نقل بعد العملية إلى أرض "حريقة السيد " شمال كفرثلث، واعتنى به مختار كفرثلث وخربها، وصارت معركة الزايدة و اعتنى به مختار جيوس محمد عمر الذي وضعه في مغارة بأرض محمد النوفل، وقمت مع والدته بزيارته في خربة نوفل من أراضي جيوس، و رفض الكشف عنه حتى تأكد أنها أمه وأني زوجته. مرت أيام وحصلت المعركة وبعدها قرر التوجه إلى لبنان وسوريا (3) أما كيف حدثت معركة الزايدة، وكيف انتهى مصير فصيل “فارس” العزوني، فقد أجمع الرواة الذين قابلتهم على أن مجموعة من الثوار يقارب عددها عشرون ثائراَ كانوا يجتمعون بين قريتي عزون وجيوس في وادي عزون، بمكان يدعى " الزايدة " ـ كما يعرفها أبناء عزون ـ ، وبينما كانوا يجتمعون كانت الطائرات الإنجليزية تحلق بعلو منخفض، وقد رصدت تجمع الثوار ومعهم خيولهم، وقد اختاروا الاشتباك مع الإنجليز فأطلق أحدهم طلقة على الطائرة التي تحلق في سماء المنطقة، مما سهل انكشافهم، وأمطرت الطائرات الثوار بقذائفها الملتهبة ، وجوبهت بسلاح ناري بسيط، يمتلكه الثوار، وكانت المنطقة مكشوفة بشكل جيد للطائرات البريطانية، مما أدى إلى استشهاد ثماني أشخاص، ولم يخسر البريطانيون أحداً منهم.

حول هذه المعركة حدثنا محمد كايد سويدان: بعد ستة شهور من اعتقالنا في مزرعة عكا التي كان بها حوالي ألفين شخص معتقلين عند شط البحر.روحَّنا وسَّلمنا على “فارس” في البلد من شامى، وثاني يوم جابوا خيل، ونزلوا على خربة خريش من شامى وربطوا الخيل في البيارات القريبة منها، ومرت دورية إنجليزية وبها ما لا يقل عن ثمانية أشخاص، باغتهم الثوار ونجحوا في قتلهم وأخذ سلاحهم وركبوا الخيل وهربوا، وفيها جرح “فارس” بطلقة في فخذه، ويقال أنها أطلقت من أحد مرافقيه، وبعد وصولهم خريش قال لهم “فارس”: أصبت.

حّطوه في "واد اسحق " شمال عزون، وأخذ الإنجليز يبحثون عنه، وكشف الجواسيس مكأنه ، وحلقت طائرة حول عزون فكشفت من معه في " أرض الوادات "، وكان بعضهم يشكو من الجوع، مثل نمر القنبر، وقذفت الطائرة على عزون المناشير التي كتبت باللغة الإنجليزية لغرض فرض منع التجول، وهجم الجيش الإنجليزي بدباباته وطائراته على الثوار.بينما كان أبناء عزون يتعرضون للتعذيب. بعد استشهاد رفاقه وجرح عدد منهم اختار “فارس” الإنسحاب من الجهة الغربية لا من الجهة الشرقية، حيث يتوقع الإنجليز ذلك، وتسلل من بين الدبابات البريطانية، وفعل مثله عبد الرحيم عثمان زيد، حيث رجع إلى بلده قلقيلية. وقف “فارس” في "أرض العابد" قرب النبي الياس وهو منهك، وقد أعياه التعب والعطش ونادى على قريب له بأعلى صوته وطلب ماءً للشرب، وتأسف “فارس” لاستشهاد رفاقه. حضر أبناء جيوس لرفع الشهداء، ونقلوهم ودفنوهم في مقبرة القرية وبعدها نقلوا لعزون وخسرت عزون ثمانية شهداء منهم: ـ نمر القنبر، كامل البعنة، أحمد أبو خديجة، وشهيدين من سوريا أحدهما جميل السوري (4).

وعن المعركة يتحدث أسعد القاسم الذي يقيم في قرية عِسلة المجاورة لقرية عزون والمطلة على موقع المعركة حدثنا أسعد : يوم المعركة كنت غير بعيد عنها، ولكنني لم أشارك فيها. قام الإنجليز بتطويق عزون، وشًددوا الخناق عليها بدهم يعرفوا وين راح “فارس”، وقد اعترف عن مكان وجوده بعض أقاربه من القتل والتعذيب وقالوا أنه بين عزون وجيوس، أخذت الطيارات تحلق وتحوم على طيران منخفض، و كشفت الثوار مجتمعين في الزايدة.و أطلق أحدهم طلقة على الطيارة و صارت معركة من الظهر حتى المساء، واستشهد فيها مجموعة من رفاقه، وبعد انتهاء المعركة وقد قارب الوقت على المغيب قرر “فارس” ترك المكان واتجه غربا جنوب ً الطريق العام في الاتجاه الذي وقفت فيه الدبابات، وقيل أنه تخبى في عرق بلوطة وأن ضابط إنجليزي كان بالقرب منه، و “فارس” متخبي فيها، ولم يراه الضابط، وبعدها توجه إلى جهة النبي الياس وصار ينادي على عبد البري حتى يسقيه ويطعمه، و فيما بعد توجه إلى مختار حبلة محمد القدورة ( 5).

وحول عملية رأس العين، التي حدثت أواخر ربيع عام 1939، التي أثارت سخط المسؤولين الإنجليز واليهود معاً.

يسود الاعتقاد أن بعض الأشخاص اغتنموا فرصة حدوث المعركة المكشوفة مع البريطانين في معركة الوادات وراحوا ينتهزون الفرصة في معاونة الجيش البريطاني. ووجد المعارضون للثورة فرصتهم فيها، واتخذوها وسيلة لتصفية الحساب والقضاء على مجموعة من أعضاء الفصيل، وقام بعضهم بملاحقة الثوار ودلوا البريطانيين عليهم و كانت حصيلة المعركة استشهاد كوكبة من الثوار المرافقين ل”فارس” خاصةً من أقاربه والقوة الثورية التي اعتمد عليها مما قلل من حماسه لتجديد العمل الثوري، وأخذ يعد العدة للرحيل عن البلاد ريثما تتغير الأحوال وتنجلي الأمور.

بعد ان شفي “فارس” من جرحه بمدة تقارب الشهر قرر الرجوع إلى لبنان، وقد رتب خروج زوجته معه، وقد أصابه اليأس، وذلك للأسباب الأتية:

أولا: بعد أن أستشهد الأهل والأصحاب وتفرق عنه رفاق الثورة والسلاح.

ثانيا:ـ سوء الأوضاع العربية الداخلية والخارجية والدولية المحيطة، حيث تحالفت قوى الردة الداخلية "عصابات السلام " العميلة مع الاحتلال البريطاني، كما تحالف الفرنسيون مع البريطانيين نمع اقتراب الحرب العالمية الثانية.

إجراءات الاحتلال البريطاني للقضاء على الثورة

تضايق الاحتلال من أعمال الثوار، وقرر القضاء عليهم بأي ثمن، فماذا فعل لتحقيق هذه الغاية ؟

قام الإنجليز بسلسلة من المضايقات للسكان والأعمال التعسفية، فتارةً يقذفون المناشير من الطائرات، التي كانت تحرض الأهالي ضد الثورة، وتارةً يقومون بفرض منع التجوال على السكان ولمرات عديدة خاصةً في قريتي عزون وكفرثلث اللتين اعتبرتا حاضنتين لفصيل الموت ثم سائر القرى التي تؤويه مثل قرى: حبلة، وصير، وقلقيلية والزاوية من قرى جبل نابلس وقد فرض حظر التجوال ثماني مرات على قرية كفرثلث لوحدها، وقد رافقتها حملة قمع وممارسات تعسفية راح ضحيتها عدد من الشهداء والجرحى .

كانت سلطات الاحتلال البريطاني حريصةً كل الحرص على القضاء على فصيل “فارس”، وقد أتخذت سبلاً للضغط عليه وكلفت أشخاصاً للتوسط بينه وبين سلطات الاحتلال البريطاني حتى من أقرب الناس إليه ولكن الثائر “فارس” رفض هذه الوساطات أو أن يخدم أغراضها، أوأن يكون طوع إرادتها، ورفض التساهل أو التجاوب مع السلطات الاستعمارية والتخلي عن مواصلة أسلوبه في الكفاح المسلح. حدثنا فضل عبدالجليل نقلاًعن أبيه أن أحد أخوته ُطلب للحاكم العسكري البريطاني، وأن الحاكم عرض عليه أن تقوم بريطانيا بدعم الفصيل بالمال على أن لا يتعرض للإنجليز بالقتل وأن يسير وفق ما تمليه السياسة البريطانية، ولكن “فارس” طلب من أخيه أن لا يعود للحديث معه بمثل هذا، وطلب منه أن لا يلبي طلبهم إذا أرسلوا مرة ثانية في طلبه وإذا فاتحه بهذا الحديث مرة أخرى سيقتله بمسدسه ( 6).

وعن الإجراءات التعسفية مع أبناء القرى التي تؤويه قام الجيش البريطاني في يوم الثالث من آذار عام 1939 بفرض منع التجوال على كفرثلث، حيث منع فيه السكان من الخروج، وجمعوا في جامع القرية رجالاً ونساءً وأطفالا، وأعلن المحتلون في مناشير قذفوها من طائراتهم أن على السكان أن يلتزموا بقرار منع التجوال. وأخذت طائراتهم تحلق في سماء القرية ومحيطها، في حين كانت مجموعة من رجال القرية ونساؤها يعملون في الحقول.أخذت طائرات الإنجليز تسقط المناشير، التي تحذرهم وتطلب منهم العودة إلى القرية، وعدم خرق حظر التجوال.

سمع أبناء القرية بمنع التجوال، فعاد بعضهم إلى القرية، ومنهم: عبدالله القصاص، وأحمد حامد شواهنة، وفاطمة حامد عوده، وصديقه إبراهيم موسى شواهنة، وكان هؤلاء قد رجعوا للقرية عند سماعهم خبر منع التجوال فعادوا عبر وادي العجمي (وادي حامد) عند ظاهرها الشمالي، لكن طائراتالعدو حلقت فوق رؤوسهم استعداداً لإطلاق قذائفها عليهم. لقد إختبأوا في جذوع "الزيتون الرومي "، وقام طيار بريطاني بتصويب قذائفه باتجاههم، فاستشهد عبدالله قصاص، بعد أن احترق جذع الزيتون الذي اختبأ فيه فخر شهيداً.استشهد عبد الله بينما كان في طريقه إلى مدينة يافا، وقد توجه لإحضار ملابس الزفاف لعروسه وكان خروجه من السجن قبل فترة وجيزة من استشهاده، حيث اعتقل في معتقل عتليت مع آخرين من كفر ثلث وعزون وجرح يومها عدد من أبناء القرية الذين كانوا يعملون في حقولهم. ومن الإجراءات التعسفية المتبعة في هذا العهد سن قانون الاعتقال الإداري، الذي يجيز لسلطات الاحتلال البريطاني اعتقال وحجز وسجن أي شخص تتهمه بالخطر على أمن الدولة دون محاكمة، وقد طبقت السلطات هذا القرار وراحت تعتقل من تشاء في منطقة قلقيلية، وقد اقتيد عدد كبير منهم إلى سجن عتليت، بهدف عزل الثوار عن الفلاحين، وفي عام 1938 قام الإنجليز بهدم بيت الثائر “فارس” العزوني، وقد صادف يوم عيد الأضحى المبارك، وقاموا باعتقال زوجته ووالدته في محاولة واضحة للانتقاص من معنوياته القتالية (7).

وتعرضت أسرة الشهيد لمختلف الضغوط للانتقاص من عزيمته التي لا تلين ومن قوته الفولاذية، وقد صمم على مواصلة الكفاح مهما كانت الصعاب.

حدثتنا عيشة جودة أرملة الشهيد:ـ تزوجت قبل العيد الصغير، وبعد العيد بثلاثة شهور نسفوا الدار، أي بعد العيد الكبير، وهي دار اشتراها من حسن حمد الشبيطة ب600 دينار. حضر الجيش البريطاني الساعة العاشرة ليلا، وقد جاءه مكتوب من الثوار وهو في البيت معنا، وقد أوعز له شخص بالخروج قبل تطويق المكان، عندها أرسل “فارس” شخصا لأحد أفراد المجموعة في واد أبو شعر شرقي عزون، طالبا اللحاق به غرب عزون، قام الجنود بطرق الباب وركلوه بأرجلهم وقد طوقت المنزل قوة كبيرة من جنود الإنجليز وفتحوه بالقوة وفاجأني القائد بتسليط المسدس علي، ولم يجد أحد. سألني أين زوجك ؟

قلت:ـ ليس لي زوج، وسألني من معك ؟

قلت:ـ هي أمى .

أخذونا غصبا عنا إلى قلقيلية ومعي حماتي التي أصيبت بالاغماء وقبضوا على أشخاص كانوا قرب المنزل ومنهم كامل القنبر من عزون وأحمد عبدالرحمن من نابلس واتجهوا بنا غربا. قام “فارس” بوضع بعض حراسه عند النبي الياس، و في هذه الأثناء نادى أحد الثوار وقال: سر الليل. سمع الجنود البريطانيون هذا الصوت، فانبطحوا أرضا واشتبك الثوار معهم ، وأخذ الإنجليز يجرون اتصالاتهم حتى تأتيهم قوة أكبر ولحقوا الثوار إلى عِسلة دون القبض عليهم، وواصلوا المسير فينا حتى وصلنا مركز بوليس قلقيلية وقد وصلنا عند أذان الصبح، ولم يحصلوا منا على إفادة، وأخذونا على مستعمرة نتانيا.وجاءت شرطية تطلب منا الإمضاء أنه لم يحدث للدار شيْ فرفضت فادخلوا حماتي ووقعوها على الإمضاء وأفرج عنا وروحنا إلى عزون(8).

القبض على “فارس”، وتسليمه للسلطات البريطانية

دفعت الخسائر الفادحة التي حلت في عناصر " فصيل الموت " واستشهاد الأهل والأصحاب ، ومنهم أقربائه وأخلص الناس إليه ومريديه والذين يشكلون الحلقة المركزية في نضاله إلى قناعة “فارس” العزوني بضرورة الهجرة للخارج، وأن الظروف لم تعود مهيئة للاستمرار في الثورة، وكان قد سبقه رحيل القائد العام عارف عبد الرازق وتسلله إلى الحدود السورية ومعه اثنا عشر شخصا، وهذا أدى إلى تشجيعه على الهجرة خارج البلاد، ويظهر أنه بات يدرك الصعوبات البالغة والظروف القاسية التي مرت بها فلسطين قبيل الحرب العالمية الثانية واللقاء الذي تم بين الحليفتين بريطانيا وفرنسا، كما دفعت مشاعر العزلة والكراهية لقادة الثورة المسلحة التي انتشرت بين أبناء المنطقة إلى الترتيب لهذه الهجرة القسرية. تمت الترتيبات مع عبد الرحيم الشنطي من مدينة قلقيلية الذي أحضر وثيقة السفر لوالدته وزوجته، وأخيه من أمه أحمد الزماري. في حين توجه “فارس” عبر الحدود ووصل إلى مدينة طرابلس اللبنانية، وسمى نفسه باسم مستعار وكانت هذه المرة الثانية التي يتوجه فيها إلى سورية ولبنان.

وإذا كان “فارس” قد نجا في المرة الأولى من العملاء والجواسيس؛ حيث كان قد رحل إلى لبنان وسوريا، إلا أن قدر الشهادة رافقه هذه المرة. فقد قامت مجموعة من العملاء والحاقدين بمتابعته إلى لبنان ورصد حركاته فيها، وكانوا ككلاب الصيد يقتفون آثاره، ويراقبون تحركاته، وقد عرفوا بالحقد على الثورة والثوار، حيث اندفعوا يطالبون بثأرهم أو لارتباطهم بحزب المعارضة العميل لبريطانيا.

حدثنا فضل حواري نقلا عن محمد مصطفى شريم الذي يقيم في عمان أن “فارس” العزوني أرسل شخصين إلى مدينة قلقيلية لاغتيال محمد قاسم أحد أبناء القرية، وقد شعر محمد قاسم بقدوم الثائرين الذين وجها له رصاصةً فرمى بنفسه في حضن نمر السبع فسقط مضرجاً بدمه، وراح المرحوم نمر ضحية الحادث، بينما نجا محمد من القتل وتشافى بعد فترة من الزمن، وقد أرسل “فارس” لآل شريم يعتذر لهم عما جرى، وأعرب عن استعداد فصيله لدفع دية مقابل ما حدث، ولكن طرأ ما هو جديد، فقد ُقتل أحمد الشطارة ـ أحد أبناء العائلة ـ الذي ساعد “فارس” في الخروج من سجن عكا، وعرفت سلطات الاحتلال أنه وراء هروبه من السجن، فضغطت عليه، وخّيرته بين السجن والإعدام أو اغتيال “فارس”، فخضع لابتزازهم، والتحق ب”فارس” وفصيله وحاول أن يتصيده ويطلق النار عليه من الخلف، وتذرع أنها بالغلط، وشجع هذا العمل “فارس” على تصفيته، وأرسل “فارس” إلى آل شريم يطلب مالاً للثورة، فاجتمعوا في ديوان العائلة، وكان رأي شيوخ العشيرة وبحضور محمد مصطفى شريم أن يشتروا سلاحاً بهذا المال على أن لا ينصاعوا لفصيل “فارس” مستهزئين بهذا الدور الذي يقوم به ، وقد تعمقت الخلافات وشعر الإنجليز بهذه الحركة وغذوها من طرفهم حتى عرف بعضهم بمكان “فارس” في طرابلس ـ لبنان راحوا يجرون اتصالاتهم مع شيف وهو ضابط يهودي في البوليس البريطاني، وضغطوا على إبراهيم النصار المرافق ل”فارس” حيث أعلمهم بمكأنه وكان ذلك مقابل الوعد بالإفراج عنه، واتصلت السلطات البريطانية مع الفرنسيين وطالبتهم بتسليمه باعتباره (مجرماً فاراً) من فلسطين، وقد أراد الضابط اليهودي شيف الانتقام من مقتل "الشرطة الإضافية" من اليهود الذين قتلوا عند رأس العين، وقبض الفرنسيون على “فارس” وسلموه للسلطات البريطانية (9 ).

لقد تبسم الحظ للثائر “فارس” أكثر من مرة، وقد نجح في الإنسحاب أو التخفي ولم تنجح أعمال منع التجول في القبض عليه، الا أنه في هذه المرة قبض عليه كمغنم كبير. جاء قبض السلطات الفرنسية على “فارس” ليشكل النهاية المحتمة لكفاحه. لقد اقتيد في أغلاله إلى سجن عكا ومعه عدد من الثوار الذين قبض عليهم في فلسطين، ومنهم إسماعيل أبو هنية (كفرثلث)، ومحمود قرعوش (ديربلوط) وعمر طبنجة (سنيريا) وآخرين من كفرالديك وقرى رام الله. وحول الطريقة التي اتبعتها بريطانيا للقبض عليه، ثم إعدامه حدثنا الحاج محمد عواد: " هرب إلى سوريا ومعه إبراهيم النصار قبض الفرنسيون على إبراهيم حطوه في السجن، وضغطوا عليه، ثم قبضوا على “فارس” ثم هرب إبراهيم إلى فلسطين وضغط عليه بعض الأشخاص في قلقيلية كي يعرفهم بمكان “فارس” مقابل العفو عنه من قبل سلطات الاحتلال البريطاني، وعرف بمكأنه الضابط اليهودي شيف رئيس قسم المباحث الجنائية، وسلمه الفرنسيون للإنجليز، جاءوا به إلى عكا، واتهم إسماعيل أبو هنية بمساعدته وذهب صالح عبدالهادي عيسى لحضور جلسة المحكمة، وقال: " والله يا “فارس” لو أن الرجال تفدى بالمال لفديتك الآن " (10).

وحول محاكمته، وموقف “فارس” من جلاوزة الاحتلال البريطاني، حدثنا الراوي السابق عن محاكمته

" سألوه يا”فارس” من قتل الإنجليز في رأس العين ؟ قال:أنا من قتلهم.

ـ أين ذهب الذين كانوا معك ؟

ـ غادروا إلى بلادهم أو انتقلوا للرفيق الأعلى.

ـ ماهي علاقتك بإسماعيل أبو هنية، ومحمد قرعوش وعمر طبنجة ؟

“فارس”: هؤلاء أولاد، وانا لم أتخذ غير السوريين أصحاب.

وسأله المدعي العام البريطاني : الا تطلب الاسترحام ؟

ضحك “فارس” وقهقه: لا لن أطلب الاسترحام .

القاضي: وهل تفضل الموت على الحياة ؟

ـ “فارس”: نعم وسأبقى أحارب الاستعمار من داخل قبري، ولوكان معي مسدس لأفرغته في رأسك الاّن.

وردد “فارس” قول الخالق عز وجل "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل احياء عند ربهم يرزقون " ( 11).

أعدم “فارس” بعد أسبوع، بقرار فاجأ الأهل والأحباب حتى أن زوجته لم تتوقع إعدامه، وحكم على رفاقه بأحكام مختلفة، حيث حكم على إسماعيل أبو هنية بالسجن سبع سنوات، وسجن عمر طبنجة من سنيريا بالحكم المؤبد، واستأنف قرار المحكمة، فجاء إعدامه في المرة الثانية، وحكم على محمود قرعوش بالسجن عشرة أعوام وأفرج عنه، وخرج للعمل في الولايات المتحدة الأميركية. وأعدم الأخوين حافظ، ومحفوظ عبدالمجيد من كفر الديك، وبإعدام هؤلاء الثوار انتهت الثورة في جنوب طولكرم(12 ) وبقي بعض الثوار يتنقلون من مكان لآخر، ولكن دون فعاليات تذكر، وقد لاذوا بالتخفي عن العيون . كان الثائر حمد زواتا أوفرهم حظا ولكن سلطات الاحتلال البريطاني قبضت عليه صيف عام 1941، حيث أنهكه الجوع والتعب ونام في بيادر قرية حجة، وبعد سنوات أفرج عنه بوساطة مجموعة من الشخصيات الفلسطينية.

وقام الإنجليز بحملة قمع شرسة استخدموا فيها سلاح الطيران، وقبض على الأخوين الثائرين حافظ ومحفوظ بعد أن غدر البعض بهما وقبض عليهما بخيانة، ونقلوا إلى سلفيت، وسجنوا في بيت أحد المعارضين للثورة، وجاءت نسائهم يولولن، ويصحن، وأعربن عن استعدادهن لإعطاء حليهن وأساورهن مقابل الإفراج عنهما، لكن مجموعة المعارضة كانوا يشددون الخناق عليهما وقيدوهما، وحضرت دوريات الإنجليز التي نقلتهما إلى سجن عكا، وتحركت "عصابات السلام " العميلة للاحتلال البريطاني لمضايقة السكان، والبحث عن الثوار، وقادها في المنطقة عزيز بلاطة، ولم يبق في منطقة غربي نابلس مشردا وثائراً غير الثائر أحمد عوده (كفرالديك)، الذي اختبأ في الكهوف، والمغارات المهجورة، وبين الصخور العالية، وقد حفّته الرعاية الإلهية، وساعدته خفة حركاته ونشاطه ويقظته وسهره الدائم، ومساعدة الفلاحين على النجاة، وكان ذكياً لايقيم في مكان واحد.

وفاء أرملة الشهيد “فارس”: رحل “فارس”، وقذف الإنجليز جثته في وسط القرية دون بلاغ مسبق، وأخذ أهله الجثة، وقبل أن يدفن ودعته زوجته الوداع الأخير قبل أن يوارى جثمأنه ويدفن في ساحة بيته، وتقدم العديد لخطبة أرملته بعد بضعة شهور من استشهاده لكنها رفضت الزواج منهم، وأخلصت لزوجها في حياته وأصاب والدته مس من الجنون، حيث مات ابنها الذي كان يحظى بنصيب وافر من محبتها وتقديرها ولقد انفعل الناس بهذا الحادث الجلل وعز على نساء عزون وكفرثلث وخريش وسائر قرى قلقيلية، استشهاده بعد إعدامه، فبكت النساء وقلن هذه البكائية: قلن انكسر ريح المراكب وانكسر مركب نحاسي اخسارة يا أبو معروف يا قايد كل الناس قلن انكسر ريح المراكب وانكسر مركب ذهب يا خسارة يابومعروف يا قايد كل العرب قلن إنكسر ريح المراكب وانكسر مركب حديد يا خساره يابو معروف يا قايد كل الاجاويد (13). وقال فيه إبن بلدته محمد سليم ناصر مرثية قال فيها: تبا للدهر لايوافً زماما أجرى مداد المقلات سجاما حزنا على شهم توافى دّمه جسما ولكن المنايا سهاما ا”فارس” ما صار مثلك “فارس”اً كلا لاصار مثلك حساما كم محفل عقدته ارباب النهى من اجلك قلقت بك الحكاما عزون فابكي بعد عزك واندبي بطلاً “فارس”ا مقداما كم من شجاع اتاك خائفا متذ لل يمشي على الاقداما ذكرى لنا قد تسامت في الورى ان انكر تشهد لنا الاياما لو كنت تفدى بالنفوس فديتك بالمال والبنين والانعاما ما ربت الدادات مثلك ضيغم وان حلّ ذكرك ذل كل هماما صادوك ارباب السياسة عندما نفذ القدر كان ذاك لزاما حّدت فلسطين عليك واظلمت بلدأنها مع نجدها والشاما يا اهل سورية خنتم نزيلكم يبليكم الله بلاءً جزاما وطرابلس ان شئت ميز اسمها تلقاها ابليس اللعين تماما خنتم وعبتم في نزيل بلادكم ماعندكم شرف ولا زماما سلمتموه إلى الساسة عنوةً حتى حكم عليه بالإعداما اسفى عليك تاسف حزن الى يوم القيامة حسرة وانداما (14).

هوامش الفصل الرابع: 1) مقابلة أجريت بتاريخ سابق ذكره. 2) رواي عبدالهادي عرار عام 1974 3) مقابلة أجريت معها بتاريخ سابق ذكره. 4) مقابلة مع محمد كايد سويدان بتاريخ سابق ذكره. 5) مقابلة أجريت بتاريخ سابق ذكره مع أسعد القاسم. 6) مقابلة أجريت معه في قرية عزون بتاريخ 2/10/ 2001. 7) مقابلات أجريت مع عدة أشخاص في عزون وكفرثلث ومنهم: توفيق أبو صفية، وأرملة الشهيد عيشة جودة وآخرين. 8) مقابلة أجريت مع أرملة الشهيد بتاريخ سابق ذكره. 9) المرجع نفسه. 10) مقابلة أجريت معه بتاريخ سابق ذكره. 11) المرجع السابق نفسه.وترددت على ألسن غالبية الذين قابلتهم. 12) مقابلة أجريت مع أسعد القاسم، ومحمود أسعد خطيب وآخرين. 13) مقابلة أجريت مع نعمة داود في كفرثلث في سنة 1984. 14) نقلها لنا عبدالخالق سويدان.


تقييم التجربة الثورية

الفصل الخامس

مسيرة فصيل الموت تحت المجهر:

سُجلت على هذا الفصيل عدد من المآخذ مما حمل البعض للقول أن “فارس” يمثل سلوك "مجرم " أكثر منه ثائراً، وقد وصفه الكاتب الصهيوني سمسار الأراضي عزرا دنين والحاقد على الثورة الفلسطينية 1936ـ 1939 بهذا الوصف ويظهر أن العديد من الفلاحين تأثروا بهذه الرواية، كما أن المتضررين أشاعوا بين الناس هذا القول رغم بطولته النادرة ومقارعته لقوات الاحتلال.

وقد وجد الباحث أن الانتقادات تتمحور حوله في المسائل الآتية:

1) لم يكن فصيل “فارس” يمتلك وعياً ثورياً كافياً أو نظرية ثورية تحدد توجيه بوصلة الثورة، وتكشف الطريق المناسب للعمل. كان عمله عفوياً وفردياً يقوم على ردة الفعل المباشرة مصحوباً بهاجس أمني كبير، وذلك بسبب كثرة العملاء والجواسيس الذين لاحقوة وفصيله، كما أن “فارس” كان صغير السن قياساً بغيره من الثوار، ومنهم: عبدالرحيم الحاج محمد وحمد زواتا، وعارف عبدالرازق. 2) يظهر أن بعض العملاء والممشبوهين استطاعوا التسلل في الفصيل، ويشاع أنهم من اليهود ومنهم: محمد الحاج مسلم الحجازي الذي التحق بفصيل عارف عبدالرازق ثم انضم إلى فصيل “فارس” لاحقاً، وكان هذا الشخص قاسياً في ردة فعله تجاه أي مشكلة تعترض الفصيل أو تُهم توجه للبعض وضد رجال المعارضة الموالين للبريطانيين، ووصفت ممارساته بالابتزاز والقسوة بذريعة العمل لمصلحة الثورة. وكأنه كان يُسعر نار الخلافات العائلية و كان حضوره قوياً في اغتيال عدد من قادة حزب المعارضة والمخاتير، وحوله دارت شبهات عديدة، وهو يقوم بتعذيب الأشخاص وابتزازهم إذا ما تأخروا عن دفع المال، ويجلدهم بسوطه بطول مترين وبه رصاصة في مقدمته وله قصص عديدة رواها لنا أشخاص في حبلة وكفرثلث ورأس عطية وطيرة بني صعب وخريش وغيرها، ويبدو أنه على علاقة باغتيال حسن صدقي الدجاني وربما اخترق فصيل “فارس” ومن قبله فصيل عارف عبدالرازق واستغل تكليفه ببعض المهمات وراح يعمق الشرخ بين العائلات الفلسطينية لمصلحة الاستعمار البريطاني والصهيونية وقد تصرف محمد الحاج مسلم بتصرفات قاسية أوحت للكثيرين على أن يده غير نظيفة، بل اتهموه بأن يهودي مندس في الثورة، ولقد كان عنواناً للاستياء العام، ومثالاً صارخاً للقسوة في تعامله مع الجماهير التي كرهت الثورة لوجود أمثاله في صفوفها.

وهذه بعض الأعمال التي شارك فيه الحاج مسلم وأثارت الاستياء الشعبي:

أولاً: تجريد وتصفية حسن أبو نجيم قائد فصيل قلقيلية:

نسب إلى “فارس” تصفية أبو نجيم، فهل كانت له علاقة بهذه التصفية ؟

كانت البداية الأولى للخلاف بين قادة فصائل الثورة في منطقة قلقيلية قد ظهرت في الخلاف الذي حدث بين حسن علي ابونجيم قائد فصيل في مدينة قلقيلية، والقائد العام عارف عبدالرازق في صيف عام 1938. ضم فصيل أبو نجيم عددا من شباب قلقيلية وشباب كفر ثلث كان منهم:بركات يوسف عودة، وسلامة عودة، و يونس عبدالله أبو خالد وغيرهم. وقد تحدث عن هذا الخلاف وأسبابه رواه عديدون.

وتذكر هذه الروايات أن حسن اتهم بسلب فرس من قرية مجدل الصادق، وأن الناس فيها اشتكوا لقائد الثورة العام عارف عبدالرازق، وبناءً عليه تقرر الاجتماع به في كفرثلث، لبحث الشكاوى الموجهة ضده (1 ).

عندما شعر حسن أبو نجيم أنه سيحاسب من قبل القائد العام عارف عبدالرازق ومن معه من قادة الثورة أمثال: حمد زواتا و”فارس” العزوني. بيَّت خطة للانقضاض عليهم، بحسب المثل الشعبي القائل: " بتغدى فيهم قبل ما يتعشوا فيي "، ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن.

كتب فيصل عبدالرازق نقلاً عن القائد حمد داود زواتا وآخرين حول الأحداث التي أوصلت لتجريد قائد الفصيل أبو نجيم " إن حسن من قلقيلية عين وسلح من قبل عارف وفصيله، وصلت إلى عارف تعديات قام بها في منطقة قلقيلية لأسباب شخصية ليس لها علاقة بالثورة.

ثم جمع أموالاً وتصرف بها لحسابه الخاص، شكاه الناس لعارف فأرسل في طلبه ولكنه بدلا من الحضور أرسل من يتوسط له فوسط سيف أبو كشك، حضر سيف ومعه وجهاء آخرون إلى القيادة، قبل عارف الوساطة على أن يمتنع أبو نجيم عن القيام بأعمال مماثلة... عاد يتصرف كالسابق فاستدعاه عارف. عند ذلك تآمر أبو نجيم مع فصيله لاغيتال عارف... ففي أثناء وجود عارف وقسم من مساعديه في قرية كفرثلث وكان حمد زواتا أحدهم. توجه أبو نجيم إلى كفرثلث ومعه فصيله المكون من ستين ثائراً، ولكن قبل أن يدخل القرية أمر فصيله بالاختفاء في بقعة أرض مغطاة بالزيتون تابعة للقرية، وقد أمر ثوار الفصيل أنه عند سماعهم ثلاث طلقات عليهم التقدم نحو البيت الذي يتواجد فيه عارف ومن معه، وعند وصولهم للبيت عليهم تطويق البيت ثم القضاء على كل من بداخله من جماعة عارف... جلس أبو نجيم مقابل عارف وكان عارف في تلك الأثناء مشغولاً بأمور تتعلق بالثورة. كان بالغرفة حمد... و”فارس” العزوني...أخذ الثلاثة بالحديث، ولكن الشكوك جعلت حمد يهتم بمراقبة أبو نجيم بدقة، لاحظ حمد أن أبو نجيم يحاول فك أزرار سرواله العسكري فارتاب بالأمر وامسك بكلتا يديه خلف ظهره بينما شق حمد سروال أبو نجيم وأمسك “فارس” باليد الأخرى...(2 )

ويحفظ عدد كبير من الرواة الذين قابلتهم قصة أبو نجيم ويتفق سردها، مع اختلافات وتلاوين بسيطة من شخص إلى آخر.

حدثني عدد من الرواة، ومنهم: الثائر أسعد قاسم الذي كان مرافقاً ل”فارس” العزوني يومذاك حدثنا: صعد حسن أبو نجيم إلى الطابق الثاني في دار داود حسين شواهنة في كفرثلث، أحد أقارب “فارس”، وترك أعضاء الفصيل خارج الدار وقال لهم: إذا سمعتم إطلاق نار قوموا بتجريد الفصائل الأخرى من السلاح واستعد لمقابلتهم، و قد عقد العزم على تصفيتهم، وخبأ مسدسه بين لباسه وحذائه الطويل .

جرى نقاش بين القادة الثلاثة وهم:عارف عبدالرازق وحمد زواتا، وحسن أبو نجيم، بينما كان “فارس” العزوني مختبئًا في شباك الغرفة، والمغطى بقماش رقيق وأثناء نقاشهما معه وتوجيه بعض الأسئلة له، وقد اتهموه بسرقة فرس في قرية مجدل يابا والإساءة للثورة، واتهمه عارف بالتقصير تجاهه حينما طوقه الجيش البريطاني ومن معه في أحد المعارك ولم يحاول تخليصهم. حاول حسن أن يلتقط مسدسه في محاولة منه لتصفية عارف وحمد، فأسرع “فارس” بتحذيرعارف عبدالرازق الذي اصفر لون وجهه و تعارك معه، وقبضوا على يديه وجردوه من سلاحه وأخذوه خارج البيت، وأمروا أعضاء فصيله بالتخلي عنه وترك بعضهم الثورة منذ ذلك اليوم وانضم الباقون ل”فارس” وطلب عارف من “فارس” أن يتولى مهمة تصفيته ، لكن “فارس” همس في أذن أسعد القاسم، ونمر القنبر أن يتظاهروا بأنه هرب ويطلقوا عليه رصا صات طائشة في الهواء، ونجح حسن أبو نجيم بالهرب و ُقبض عليه مرة ثانية في قرية سمسم من قرى غزة، وسلم مرة أخرى إلى عارف عبدالرازق الذي أمر فضيل حمد زواتا بتصفيته بعد أن جلدوه وعروه وعذبوه ثم أطلقوا النارعليه حيث وصلوا به إلى كفر لاقف، وبقيت جثته في العراء المكشوف أياما وليال، وبعدها حضر أهله ودفنوه في أحدى المغارات الأثرية ( 3) . أثار قتل حسن في أهله مشاعر التذمر والتقزز من هذا العمل ؛ خاصة وأن حسن أبو نجيم سبق له أن شارك في أعمال جهادية ومنها:عملية قتل بضعة أشخاص من الشرطة الإضافية البريطانية في قرية عزون وهي عملية راح فيها ما لا يقل عن 6 أشخاص، وكان ثائرا تطارده القوات البريطانية للقبض عليه بعد أن قام بعمليات جريئة في السهل الساحلي الفلسطيني وهاجم فصيله عددا من المستعمرات القريبة من مدينة قلقيلية مثل كلمانيا وهكوفيش، ورعنانيا، وسكة حيفا ـ رأس العين.

عن هذه العملية التي حدثت في عزون يروي الحاج محمد عواد " تمركزت الشرطة الإضافية في دواوين عزون منها: ديوان رضوان، و ديوان عدوان، ودار سليم، وكان مطلوب من الناس خدمتهم، واطعام خيولهم عندها قرر الثوار وعلى راسهم عارف عبد الرازق الهجوم بغتة وهجمة رجل واحد، ووزعهم في مجموعات منها: مجموعة حسن أبو نجيم تتوجه لديوان رضوان، ومجموعة علي الهنطش (من صير ) تهاجم ديوان دار سليم، وتوجه حمد داوود زواتا إلى ديوان العدوان ومجموعهم ثلاثون ثائرا موزعين في ثلاث مجموعات، ولكن حسن أبو نجيم عاجلهم بإطلاق النار قبل الباقين وطوقهم، وأخذ الثوار سلاحهم وقتلوا من الشرطة البريطانية بضعة أفراد مع خيولهم وهرب الباقون.

وبعد ذلك قام الجيش الإنجليزي بضرب الناس وتعذيبهم حتى جاء شوقي عبد الهادي أحد ضباط الشرطة، وقال: " اللي بمد يده على عزون بورية، ويا فواز الهواش كفى " ويضيف الراوي بأنهم حملوا القتلى الذين كان عددهم ثمانية، وصادر الثوار سلاحهم وانسحبوا بعد مقاومة وعلى أثر الحادثة نسف الإنجليز محلات شطارة، ودار “فارس”، وعددا من الدور ومجموعها 10 دور (4).

كانت هذه العملية الثورية الجريئة عنواناً رئيساً لصحيفة الدفاع التي كان يحررها ابراهيم الشنطي، وجاء في صدر صفحتها الأولى "مقتل 6 من البوليس الإضافي وأخذ 11 بندقية ومسدسين. مسلحون يطوقون قرية كفرثلث لمدة طويلة " وأشارت الصحيفة إلى ان تطويق قرية عزون تم في الساعة الثانية صباحاُ حيث طوقت عزون بما يقرب من مئة مسلح، ثم دخل فريق منهم إلى القرية، حيث طوقوا ديوان اّل رضوان الذي كان فيه أحد عشر نفرا من البوليس الإضافي، ودخل المضافة ثلاثة مسلحين وطلبوا من البوليس الذي كان جالسا مع أهل المضافة الخروج خارج المضافة ثم أخذوا يطلقون النار عليهم وعلمنا أنه قتل منهم ستة انفار، وجرح اثنان وأخذ المسلحون أحدى عشرة بندقية، كما جاء في إخبارية وكيل المختار للبوليس، وعلمنا ان المسلحين قتلوا ثلاثة رؤوس خيل للبوليس الإضافي واستمر إطلاق النار بين الطرفين مدة ثلاث ساعات(5 ).

حول مصير حسن أبو نجيم حدثني كايد عواد حدثنا:هرب أول مرة من قبل عبد الله القنبر، وجاسر سليمان وتظاهروا بأنه فر منهم، وقد أطلقوا النار عليه في الهواء وفي يوم من الايام قام شخص من قرية سمسم من قرى غزة بتقييده وأحضاره للثائر حمد زواتا الذي أعدمه على طريق عزون كفر لاقف(6).

أدى قتل حسن إلى كراهية بعض أقاربه ومؤيديهم للثوار، وافتراق عدد كبير من أعضاء فصيله عن الثورة، وقد نسب إلى “فارس” مسؤوليته عن قتل حسن أبو نجيم وهي رواية ثبت للباحث عدم صحتها.

ثانياً: قتل أحمد شطارة من مدينة قلقيلية: ومما نسب إلى “فارس” العزوني من ممارسات وأخطاء قيامه بقتل أحمد أبو شطارة من عائلة شريم في مدينة قلقيلية، وهو شخص ساعد “فارس” في هربه من سجن عكا، وتم تصوير “فارس” على أنه شخص ناكر للجميل ومجرم بحق أصحابه.

حدثنا أسعد القاسم: " التحق أحمد الشطارة مع الثورة وقالوا ل”فارس” إنه يريد اغتيالك قال: هذا صاحبي.

ولكنهم في أحدى الليالي كانوا سائرين، وأحمد شطارة معهم وأخذ أحمد شطارة يطلق النار على “فارس”، وتظاهر “فارس” بعدم الاهتمام بما حدث، وقال لجماعته: إنسحبوا وتوجهوا لمروج عِسلة.

وقال له أحمد شطارة: لا تؤاخذني يمكن جاء الرصاص بالخطأ تجاهك.

“فارس” لم يحتمل الموقف أخذه لعيون كفرقرع شرقي كفر ثلث وأطلق عليه النار فأرداه قتيلا، وأوصى بعد فترة من قتله بقدوم أخيه وابن عمه، وقام لطفي محمد عبد الرحمن عيسى وخليل أبو هنية من كفرثلث بنقله على جمل مقابل الحصول على خمسة دنانير بعد أن تركه “فارس” في العراء المكشوف ( 7).

ثالثاً: إعدام أربعة نساء وقتل مختار من قرية عزون: يرى الباحث أن إعدام بضعة نساء من قرية عزون يعد من الأخطاء الجسيمة، التي ارتكبت وأساءت للثورة برغم المسوغات والمبررات التي ساقها البعض ممن تحدثوا عن إعدامهن، حيث تم إعدامهن رمياً بالرصاص بتهمة الإساءة للأخلاق والشرف أثناء حصار الإنجليز المتكرر لبلدة عزون، وقد طالت أربع نساء متزوجات.

وحول مسوغات قتل مجموعة النسوة توجهت بسؤال إلى المعلم المتقاعد والكاتب في تارخ عزون عبد الخالق يحيى، فأجابني: "أن مسوغات، ومبررات قتلهن لم تكن منطقية، وغير مقبولة خاصة وأن بعضهن طالبن بميراثهن من الأهل، فاشتكوا ل”فارس” واتهموهن بإساءة الأخلاق " ( 8).

حول الأسباب والطريقة التي تم فيها إعدامهن، حدثتني أرملة الشهيد “فارس” فقالت: " جاء “فارس” من قرية الزاوية على دار رضوان، وقد وقعت مجموعة كبيرة من رجال عزون ورقة بهذا الخصوص وفيها توقيع شيخ كبير من البلد ومعه مجموعة من أهالي البلد، وطالبوا بمحاكمتهن واتهمن بالعلاقة مع الإنجليز وطلب إحضارهن وأخذ أبنائهن من بين أيديهن وأمر بإحضار أزواجهن، الذين شهدوا على سوء أخلاقهن، وقام “فارس” وصفّهن في صف واحد، وأعطاهن طلقا واحدا، وأغلق عليهن الباب وخرج وكانت أمه قد نصحته بأن لا يقتلهن.

وقالت: هذا حرام يا بني.

رد عليها هذا في رقبة الشيخ (...) والذين شهدوا ضدهن (9).

كانت عمليات القتل والتصفية التي طالت أيضاً أشخاصاً من قرى بيتلو وديرنظام قرب رام الله واغتيال حسن صدقي الدجاني و تعذيب آخرين سببا في نشرالرعب الذي طال أفئدة المخاتير والمعارضين والموالين لبريطانيا ويظهر أن المعارضين في منطقة رام الله نالهم قسط وافر من التصفيات والبطش، وما من شك أن قرارات التصفية التي قام بها فصيل “فارس” كانت تقف خلفها قيادة عليا توجه له التعليمات ولأوامر، وليس من المعقول أن تكون جميعها وليدة قرارات يتخذها “فارس” في غضون شهور من حياته الكفاحية.

و يميل الباحث للرأي القائل أن اللجنة المركزية للجهاد كانت تعطي تعليمات للثوار للقيام بهذه الاغتيالات وكان الحاج أمين الحسيني على علم بها.

ومما يجدر ذكره أن أعمال الاغتيال والدس والتخريب جرت في مناطق أخرى وقد اتفق سلوك يوسف أبو درة الذي اغتال أكثر من 42 مختاراً اتهموا بالعمالة، وكان أبو درة يحبسهم في أحد الآبار، واذا أشار بإيماءة وقال: "ريحوه " فمعنى ذلك أنه قتل وراح في غيابة الجب، كذلك الحال غرق عبدالله الأسعد في قرى الشعراوية في عمليات قتل نساء وتصفية أشخاص اتهموا بالعمالة والجاسوسية ، وقد انتقدت الصحافة المقربة من المعارضة سياسةالاغتيالات والقتل لأكثر من سبعين رجلاً وامرأة قتلوا بمبررات ومسوغات شتى وهاجمت عارف عبدالرازق باعتباره اليد اليمنى للذراع المتطرف الذي يقوده مفتي فلسطين الحاج أمين الحسيني ( 10).

كانت حادثة قتل مختار عزون وهو أحد أقربائه مدعاةً للتساؤل وفيها قيل وسمع الباحث قول كثير، وقد تراوحت بين اتهام “فارس” له بالعمالة للبريطانيين وبعضهم اعتبره دسا وافتراء راح “فارس” ضحيته، ومنهم من نسب قرار تصفيته للحاج مسلم المتهم بيهوديته ، وآخرون قالوا إن “فارس” قام بإعدامه عن سابق تصميم ولم تنجح شفاعة أمه فيه، وأجال الباحث النظر في مصادر عديدة فلم يجد أية وثيقة عربية أو إنجليزية تنفي أو تثبت صحة هذا الموضوع.

ويظهر أن “فارس” أخذ بالشبهة ودون التحقق الكافي من خبر الوشاة. ففي كفرثلث أخذ قرارا بتصفية عشرة أشخاص من حامولة عودة بتهمة الخيانة وبيع الأراضي ولولا توسط الثائر حمد زوتا وتصديه ومجيئه إلى كفر ثلث في اللحظة المناسبة ومنعه لعملية التصفية؛ لوقعت عملية سفك دماء غير محمودة العواقب وكانت التهمة من دس أشخاص منافسون من عائلات أخرى، وقال حمد: "بهذه الطريقة ستخرب الثورة يا “فارس”، وتجلب الأعداء " ( 11).

أثارعمل “فارس” الغضب لدى عائلة عودة في خريش، ومنهم: عضو الفصيل حسن أبو عمر، الذي أبدى امتعاضه مما حدث من قتل وسواه من تعذيب لعدد من الأشخاص من أقاربه فقرر أن لا يعمل تحت لوائه. حضر “فارس” إلى خريش وطلب من حسن أبو عمر تصنيع كبسولات للثورة فاعتذر بأنه مشغول في بعض الأعمال الخاصة به .عندها استشاط “فارس” غضبا وهدده بالموت، وتعارك الاثنان أمام جمع من الناس. حدثنا حسن أبو عمر: " كنا في دار رشيد عبد حسن وحضر “فارس” ومعه سليم عيسى حط فيه جلد، وتوسط له رشيد ويعقوب إسماعيل، فطلب منهم أن يدفع مالاً للثورة، وقد طلب خمسين جنيهاً، توسطوا حتى نزلها إلى عشرة، ثم طلب مني “فارس” أن أصنع كبسولات فأعتذرت، لكنه حاول أن يغصبني فرفضت واسودت الدنيا في ناظري وتخانقنا وتعاركنا، وحاول الحاج محمد مسلم أن يقتلني، لكنني دفعت “فارس” أمامه، والناس تحاول الفصل بيننا، وقلت أعطيني الأمان وأعطاني، وأصلحونا وعاد يطلب أن أعمل كبسولات.

قلت:سأعمل خمسين كبسولة، ولكن بعدين. فقال “فارس”: إسمعوا يا الحاضرين لو أنكم جميعا بجرأة هذا الرجل لانتصرنا على العدو " (12).

وعن الأسلوب الفظ الذي عومل به الناس من قبل فصيل الموت، حدثني حسن حسين فقال: " أحضر فصيل “فارس” إلى بلدنا ثلاثة أشخاص من كفر قاسم اتهموا بالعمالة، واقتادهم في وسط القرية قرب المدرسة القديمة عند ساحة التوته، وجاء الطلاب من المدرسة لمشاهدتهم وكانت آثار التعذيب بادية ًفي وجوههم ، وراح يجلدهم في سوطه " ( 13).

رغم ذلك كانت للثائر “فارس” مواقف صارمة تجاه الذين يحاولون التلاعب بالثورة، ومن النوادر التي نسبت لرفاقه في السلاح أن أحدهم يدعى مصطفى البدوي من شرق الأردن كان حراثا ًيعمل عند اّل قزمار من كفرثلث وقد انضم إلى عناصر فصيل “فارس” العزوني، وقد دعي هؤلاء إلى وجبة طعام في بيت داود عرار وعندما وضعت المائدة، اشترط البدوي الثائر إحضار ملعقة طعام ليتناول طعامه.

فصاح داود قائلاً: يا “فارس” من أين أحضرت هؤلاء الثوار ؟

نظر إليه “فارس” وسأله ما الأمر؟.

رد عليه: مصطفى لا يأكل دون ملعقة.


فجرده “فارس” من سلاحه وأرجعه، يرعى غنم سيده عبد الرحمن قزمار "( 14).

وعن تدخل الثورة في حياة الناس ومفرداتها، وتأليه الفرد القائد وأن من يسب القائد يعذب ويجلد أو يعاقب.


حدثنا مصطفى عبدالوهاب الحامد عن أبيه أنه قال " التقيت بابن خالة “فارس” حسين داود من كفرثلث.

فسأله عنه: فرد عليه، لقد أصبح قائد فصيل.

فقال عبدالوهاب مستهزئاً: والله يا فروستي صار قائد ثورة !.

وصل استهزاءه إلى “فارس” الذي غضب وهدده بسوطه وفرض عليه خمسون جلده، فتدخل الحاضرون، وقالوا لن يتحمل بهذا الجسم النحيل، وتوسطوا له أن يدفع خمس جنيهات للثورة وفعل ذلك " (15). كانت أحد الأخطاء التي ارتكبها قادة الفصيل هي التدخل في تفاصيل حياة الناس، واستخدام أسلوب التصفيات لأشخاص من حزب المعارضة مما أذكى روح التمرد والعصيان لديهم، وقد ارتمى هؤلاء في أحضان العدو وبدأت الثورة تخسر جماهيرها شيئاً فشيئا خاصةً أن الروح العصبوية والعائلية المستشرية بين الناس لا تقبل بالإساءة لأي من أبناء العائلة حتى وإن كان عميلاً لأن الشعب كان يعاني من التخلف ولم يرتق بعد لمستوى الوعي الوطني والقومي ولم يحاكم الأمور بهذا المعيار.

لقد بات قائد الفصيل يتدخل في مفردات كثيرة، وهو الحاكم في منطقته، وقد تم تخطي دور المحاكم البريطانية وصارت ترفع إليه عدة قضايا للحكم فيها سواءً في عزون أو كفرثلث أو كفرقاسم وغيرها، وقد شكل لجنة إصلاح في عزون كان رئيسها يحيى سويدان.

رغم ذلك كانت للثائر مآثر عبر فيها عن إنسانيته فحينما جرب أحد الأشخاص من عزون أن يأخذ على عاتقه عمل قاضي للثورة في قرية بديا ودون أن يكلف بذلك وقد انتحل تكليفا من “فارس”، وعلم “فارس” بأمره، قام بجلده ومعاقبته.

كما أن “فارس” وضع حدا لبعض أعضاء أحد الفصائل في رام الله، الذي ضايق أحد القساوسة المسيحيين في عابود، وسرق مالا باسم الثورة وادعى أنه “فارس” العزوني واشتكى له القسيس هذا العمل الذي جرى باسمه عندها قام “فارس” بعرض عدد من أعضاء الفصيل عليه، وتبين أنه شخص من فصيل آخر فقام بعاقبته.

رابعاً: اتهام فصيل “فارس” باغتيال حسن صدقي الدجاني.

حسن أحد الشخصيات الفلسطينية البارزة. كان سكرتيراً لحزب الدفاع، عرف كمعارض للحاج أمين الحسيني، عرف بدوره في إضراب سائقي السيارات. كان على صلة وثيقة مع القائد عارف عبدالرازق واجتمع معه مراراً، وتدارس معه شؤون الثورة، وقدم العون للثوار من ملابس ومال، و في يوم 12/ 10/ 1938 اجتمع مع عارف و أثناء عودته إلى القدس تعرض للاغتيال، وكان عارف أكثر الناس حزناً وتأسفاً على اغتياله خاصة أن مصرعه يرتبط بزيارته له، واعتبر أنه عمل جبان وغادر، وأنهم سيقولون إن عارف مسؤول عن اغتياله، ولم يكن هذا العمل بعيدا عن عملاء المخابرات البريطانية والصهيونية، وقد سبب هذا العمل فسادا في البلاد، ولقد أخذ فخري الننشاشيبي يوزع منشورات في فلسطين وخارجها وفيه يتهم "عارف" بأنه وراء حادثة قتله، وأخذ يثير أحقادا مختلفة في منشوراته (16 ).

كان اغتيال حسن من أكثر أعمال القتل سببا لحدوث الفتنة والفوضى في فلسطين، وتسعير الخلافات العائلية، والعصبيات الحزبية، و ثارت الاسئلة الكثيرة حول اغتياله وظل السر مجهولاً، وتضاربت الأقوال في هذا الاغتيال ومن المسؤول عنه، وقد ألصقها البعض بعارف عبدالرازق وأخرون قالوا إن داود الحسيني كان وراء الاغتيال، ونسبها البعض إلى عملاء دوائر بريطانية ويهودية.

بعد البحث والتقصي وسماع روايات من مصادر مختلفة رجح الباحث أن أعضاء من فصيل الموت بقيادة “فارس” العزوني كانوا على علاقة باغتياله ويظهر أنه كان من عمل الحاج محمد مسلم الحجازي، ومشاركه اثنين من أعضاء الفصيل، وشاع في منطقة قلقيلية أن أحدهما من قرية عِسلة والآخر من قرية عزون، ويرجح أن أوامر القتل جاءتهما من داود الحسيني، مع مباركة ضمنية من المفتي الحاج أمين الحسيني ومعرفة مسبقة من قائد الفصيل “فارس” العزوني، وكان خروج حسن بعد اجتماعه بعارف عبدالرازق مدعاةً للظن به واتهامه وأنه لا يوجد ما يبرىء عارف عبدالرازق منها إلا أن الخلق العربي المسلم يرفض الغدر بالضيف، حيث قتل بعد اجتماعه معه وإعرابه عن مد يد العون للثورة والثوار !.

لقد اتهم عارف بأنه وراء اغتياله رغم نفيه لهذه التهمة ولكن كيف اغتيل حسن ؟

تذكر بعض الروايات التي تناولها أحد الباحثين أن حسن صدقي الدجاني دعي إلى عارف عبدالرازق و بناءً على طلب القائد عارف للبحث في وضع الثورة والحاجة للمساعدة، وتقديم ملابس للثوار، وقد جرى اجتماع ودي بينهما، وفي الوقت الذي كان يجتمع فيه عارف مع حسن، كان يتواجد ثلاثة من الرجال يلبسون ألبسة شامية هم الدكتور داود الحسيني وسليم حسين الحسيني ومحمد سليم أبو لبن؛ كانوا في مهمة تتعلق بالثورة ومبعوثين من اللجنة المركزية للجهاد في دمشق وبيروت وعند وصول حسن صدقي دخلوا إلى غرفة أخرى، ولم يشاهدهم حسن وعارف عبدالرازق ، وغادر هؤلاء المكان قبل تناول حسن العشاء مع عارف.

كان محور السؤال أين ذهب هؤلاء ؟ ومع من اجتمعوا بعد ذلك وماذا فعلوا ، وهل كان لهم صلة بمصرع حسن صدقي ؟

وهل كان للصهاينة والاستعمار البريطاني ضلع في هذه المسألة؟ (17).

ما أن خرج حسن من اجتماعه مع عارف وقاربت الشمس على المغيب، واقترب من قرية رأس ابن سمحان (راس كركر) حتى التقى به ثلاثة أشخاص وقتلوه وفوجئ عارف عبد الرازق في اليوم التالي بالصحف وأقلام حزب المعارضة التي دقت طبولها في طول البلاد وعرضها، والتي اتهمته بقتله، وكان على رأس هذه الأقلام فخري النشاشيبي. أنكر عارف ما نسب إليه وراح فخري يغذي مشاعر الحقد والكراهية ضد الثورة ونشط في إقامة صلاته مع البريطانيين واليهود، وأصدر منشورات تهاجم عارف ونشرها في كتيب سماه (صوت من قبور فلسطين )، واعتبر الحاج أمين شخصا يغذي الأعمال الهدامة ويعتمد فيها على عارف الذي باع نصف أراضي طولكرم لليهود والذي انحصرت جهوده في الفتك بزعماء البلاد، وأنه كان وراء تشتتيت الفلاحين بعد أن سمسر وباع الأرض لليهود، وأن أوامر القتل جاءت من الشام، وقد رد عليه عارف بمنشور ثوري كذب ادعاءاته ووصفه بخائن الأمة والخارج عن دينها ووصفه " بالأدون فخريوش " تعبيرا عن يهوديته(18).

شاع بين الناس في منطقة قلقيلية أن ثلاثة أشخاص من فصيل “فارس” كان لهم دور في اغتيال حسن بناءً على أوامر جاءتهم من داود الحسيني، ومنهم: الشهيد نمر القنبر من قرية عزون، والثائر المرحوم أسعد القاسم، ومحمد الحاج مسلم، حتى أن السلطات البريطانية أرسلت في طلبهم وسجنوا وأنكروا ذلك. اهتم الباحث بسماع عدد من الروايات وقابل الأشخاص المتهمين وسواهم وهذه عدد من الروايات التي قيلت حول مصرع حسن:

حدثنا الثائر الشيخ عبدالفتاح المزعاوي قائد فصيل رام الله وغور الأردن في مقابلة جرت معه بمنزله عام 1993في قرية المزرعة الشرقية أن فصيل “فارس” ومعه الحاج محمد المسلم كان وراء اغتيال حسن صدقي الد جاني و بأوامر من الدكتور داود الحسيني، وأن عدد الذين نفذوا مهمة الاغتيال كانوا ثلاثة أشخاص وقد رجاهم أن يتركوه وشأنه ويدفع لهم مالاً لكنهم رفضوا. وتوجه الباحث ومعه عبدالخالق يحيى وولده جهاد بسؤال الثائر أسعد القاسم إن كانت له علاقة بمصرع حسن فأنكر ثم لم يقدم معلومات عن القاتل.

حدثنا أسعد أنه سجن ومعه نمر القنبر لمدة شهر في سجن طولكرم وعذبوا تعذيباً شديدا، حيث اتهموا باغتيال حسن صدقي الدجاني وأنكروا بعد تعذيب شديد، وأفرج عنهم دون اعتراف، وبسبب ذلك شاع بين الناس أنهما مسؤولان عن اغتياله (19).

حدثنا أحمد البدوان من قرية عزون الذي كان عضواً في فصيل “فارس”:" قام الحاج مسلم وأسعد القاسم، ونمر القنبر بقتل حسن الدجاني، وأخذت من أسعد القاسم القلم الذي أخذه من حسن بعد اغتياله، وكانوا قد أخذوا قلمه وساعته وخاتمه " (20).

حدثنا عبدالعزيز إسماعيل عودة عن مختار كفرثلث أحمد عبدالرحمن الخطيب صديق “فارس” في زمن الثورة أنه قال " لقد كلفني “فارس” ان أحمل خاتم حسن صدقي، وتوجهت به إلى لبنان إلى دار مفتي فلسطين، واجتمعت به بعد أن فوجىء حراسه بي، ومنعوني من الدخول ولكن حينما اطمأن المفتي وعرف سبب قدومي سمح لي بالدخول، وقلت له “فارس” يهديك السلام ويقول هذه علامة قتل حسن، وكان الخاتم هو العلامة "(21).

وحول هذا الموضوع أورد فيصل عارف تقارير لجواسيس عرب محفوظة في الأرشيف الصهيوني المركزي في القدس تحت رقم 10098/ 25 س وفيه: لقد كان حسن صدقي أكثر رجال المعارضة مقاومة للمفتي، لم يترك أي مناسبة بدون أن يتحداه سواء في داخل البلاد وخارجها. حاول المفتي عدة مرات مصالحته ولكن بدون جدوى... ومع ازدياد الإرهاب في القدس ومنطقتها طلب من عائلة الدجاني عدة مرات مساعدة العصابات ماليا فاستجابت لذلك الطلب. عائلة الدجاني طلبت من حسن أن يكون الوسيط بين العائلة والإرهابيين وبدأ حسن بالتقرب من عارف عبدالرازق وأقام صداقة معه وكان عارف يدعوا حسن لمقابلته كلما كان في منطقة القدس ويتشاور معه، هذه الأمور وصلت المفتي فأثارت غضبه فطلب المفتي من عارف أن يستغل زيارة حسن صدقي إليه ويقتله، ولكن عارف أجل الموضوع من يوم لآخر وفي النهاية ازداد ضغط المقتي عليه فرفض وطلب إيضاح الأسباب لقتله وتكرر طلب المفتي. بعث المفتي مواد كثيرة تتهم حسن صدقي ولكن ذلك لم يساعد في اقناع عارف، ونتيجة لذلك توجه المفتي لعبد الرحيم الحاج محمد... أصر عبد الرحيم على عارف فوافق عارف على اغتيال حسن صدقي ولكن بشرط ان لايتم تنفيذ ذلك على يده أو على يد أحد من الثوار التابعين له..."(22).

وفي تقرير آخر قدمه أحد الجواسيس العرب للصهاينة ويسمى حسن والمرقم برقم 150 / 281 الموجود في ارشيف الهجانا في تل أبيب "... كان في الاجتماع لجنة قضاة جرى تركيبها في سوريا، أعضاؤها كانوا الدكتور داوود الحسيني، عارف الجاعوني، عزالدين الشوا، أبو ابراهيم الكبير وكان رئيس اللجنة الكتور داود الحسيني ( قتلوا حسن صدقي الذي حكم عليه بالموت من قبل اللجنة المذكورة التي حضرت من سوريا، وكان ذلك في قرية رأس كركر، عندما حضر اليها حسن صدقي وأخوه داوود وابن عمه عزيز الداودي بناء على دعوة من عارف تتعلق بقضية شكوى قدموها على أحد الثوار، ارسلوا وراءهم شخص يدعى الحاج محمد المسلم ومعه بعض المسلحين وعندما لحق المسلحون بحسن صدقي ومرافقيه قرب الحرش قتلوا حسن صدقي... ثم ذهبوا إلى بديا، حيث قاموا بهدم بيت طاهر أبو حجلة وبيت رفيق أبو حجلة " (23).

توجه الباحث بسؤال للثائر عبدالفتاح المزرعاوي فككانت روايته أقرب للرواية الأخيرة حيث أكد أن اجتماعا جرى مع عارف وأن “فارس” والحاج مسلم وداود الحسيني كانوا قريبين من المكان وربما خططوا لاغتياله.

يبدو أن هناك مجموعة من الرعاع أو المستعربين نجحت في دخول الثورة ويمكن الاستدلال على دورها الواضح من خلال الدور الذي لعبه الحاج محمد المسلم، الذي قام بتعذيب العديد من الأشخاص، حيث طلب منهم تارةً المال لحساب الثورة أو سارع بقتل البعض بتهمة العمالة للاحتلال البريطاني، ومنها حادثة قتل حسن صدقي الدجاني، وقتل حسن علي أبو نجيم وقتل علي بدوان، وتعذيب أحمد صالح خروب من قرية حبلة، وإجباره على دفع مال لحساب الثورة رغم فقره المدقع إلى الحد الذي اضطر فيه أن يرسل ولده الشاعر الشعبي محمد خروب إلى كفر ثلث عند أخواله من آل عرار للاستدانة ودفع الضريبة للثورة ويظهر أن الشبهات راجت حول شخصية الحاج مسلم كيهودي تسلل لصفوف الثورة حدثني عبد الخالق سويدان: "ولقد أثارت اللكنة الغريبة عن اللغة العربية عند الحاج مسلم استهجان الفلاح أحمد خروب من حبلة الذي صاح بين الحاضرين، وقال: "بيقولوا حاج ومسلم والله ما هو مسلم هو من خور الواوي ( أي مستعمرة رعنانيا )" (24 ).

وحول شخصية الحاج محمد مسلم لم يؤيد أسعد القاسم أن يكون يهودياً مستعرباً، ولكنه أقر بأنه عمل لمصلحته الخاصة.

حدثنا أسعد القاسم:" كنا مع بعض نتمازح فوجدت أنه يلف حول وسطه زنار من الذهب المرصع داخل التمر سألته لمن يجمع هذا.

قال: لأهلي في السعودية، وقد غادر برفقة عارف عبد الرازق إلى العراق، ومنها توسط له عارف عند قنصل السعودية، وعاد إليها “ ( 25).

لقد أجمع رواة كثيرون على أن الثورة اخترقت من قبل مجموعة يهود كان أحدهم الحاج مسلم، وقد سمعت روايات شتى عن مصيره، فالبعض أشار أنه توجه للسعودية، وآخرين شاهدوه في مستعمرة رأس العين بعد حرب 1967.

يميل الباحث للقول أن الحاج محمد المسلم وأمثاله أساءوا للثورة، سواء أكان مندسا أو يعمل لحسابه الشخصي وليس من الغرابة في شيء أن يندسوا في الثورة التي كان ينقص أصحابها الوعي الكافي، ويظهر أن “فارس” استجاب لرغبة الحزب العربي في اغتيال وتصفية عدد من معارضيهم، خاصة وأن “فارس” كان معجبا إلى حد كبير بالمفتي ويضع صورة المفتي على صدره، وربما أعطى داود الحسيني تعليماته بالاغتيال بعد أن رافقهم بذريعة أنه مفتش ثورة وأحيانا كثائر سوري يلبس ملابس شامية بلحية كثيفة ويميل للتخفي حسبما روى أسعد القاسم، وقد يتطابق هذا مع اتهامات لمصادر عديدة من أن مفتي فلسطين الحاج أمين الحسيني كان على علاقة بالاغتيالات والقتل لمعارضيه أو بمحاولته شراء الذمم بالمال.

موقف القائد العام للثورة عارف عبدالرازق من تمرد “فارس” العزوني:

أصدر عارف أمراً باعتقال “فارس” العزوني بعد أن كثرت الشكاوى ضد فصيله وتمرده على القائد العام عارف عبدالرازق ورفضه تطبيق بعض أوامره، وقررعارف القبض عليه وتجريده سلاحه ومحاكمته ولكن كيف تمت هذه الخطوة؟

يذكر فيصل عارف عبدالرازق نقلاً عن الثائرين حمد زواتا وذياب المرجان في مقابلاته معهما أن عارف أرسل صديقه حمد ومعه ثلاثة ثوار إلى كفرثلث حيث كان يتواجد “فارس” وفصيله. وقد وصل حمد إلى كفرثلث وتحدث مع “فارس” وأظهر له تجاهله لخلافه مع عارف، وذكر له أن مكاتيب جاءت من دمشق.

مرت هذه الحيلة على “فارس” ووافق الذهاب معه. توجه “فارس” ومعه ما يقارب خمسة عشر ثائراً واتجهوا إلى سرطة وحينما وصلها “فارس” ومن معه كان متعباً فنزلوا في بيت. نام “فارس” في غرفة ونام حمد في الغرفة الأخرى، ونام الثوار المرافقين ل”فارس” في غرفة ثالثة وصل عارف إلى البيت الذي يقيم فيه “فارس” وكان يغط في نوم عميق. جلس حمد وعارف على جانبي “فارس” وبعد التحية أخرج عارف بعض الرسائل وقال إنها من دمشق، وقبل أن يتم عارف حديثه كانت أيدي عارف وحمد قد سبقت “فارس” على الأمساك به قبل أن يدخلها لجيبه حيث كان يحمل مسدسين، وحوكم “فارس” في محكمة الثورة وصدر بحقه حكم تلاه عبد المنان الجبالي حيث حكم عليه بالإعدام، ولكن رصيد أعماله الثورية غطت على أعماله وشفعت له (26)

هذه لائحة بالاتهامات الموجهة ل”فارس” كما جاءت في منشور وزعه عارف عبد الرازق.

مكتب الثورة الكبرى في فلسطين

بسم الله الرحمن الرحيم التاريخ 9/ 2/ 1939 قرار حكم صادر ضد “فارس” العزوني رقم 15/ 39. لائحة الاتهام: 1- أهداف شخصية، عدم إطاعة الأوامر الصادرة عن القيادة العليا. 2- تهديد السكان مما سبب انقلابهم إلى أعداء للثورة، نتج عن ذلك ازدياد عدد الجواسيس في البلاد. 3- قتل كثير من الناس الأبرياء بينهم أربعة نساء من عزون بدون أي سبب أو مبرر. 4- توجيه سلاح الأمة ضد الأمة من أجل المصالح الشخصية كما حدث في إطلاق الرصاص على عائلة شريم من قلقيلية عندما رفضت دفع مائتي جنيه، ونتيجة لهذا الحادث هرب أفرادها على سوريا من الظلم والاضطهاد. 5- اختلاس ممتلكات السكان دون سبب مقنع وبدون تفويض من القيادة. 6- إطلاق سراح الجاسوس الخائن فهمي صوفان بسبب أهداف شخصية. باسم الله والوطن: أنا القائد العام للثورة العربيةفي فلسطين آمر بإلقاء القبض على “فارس” العزوني وتجريده من سلاحه وإحضاره للمحاكمة أمام محكمة الثورة العسكرية بسبب الجرائم المذكورة التي نفذت على يده. محكمة الثورة العسكرية تعقد جلسة طارئة لمحاكمة هذا الرجل. وبصفتي رئيساً للمحكمة العسكرية بالدرجة الأولى وبدرجة محكمة استئناف فحصت الاتهامات، وحيث إنه وجد مذنباً بالاتهامات المذكورة التي تناقض وتلطخ اسم الثورة المقدسة، وتؤكد المسموعات السيئة المنتشرة ضدنا وضد الثورة العربية الكبرى. وبصفتي قائداً عاما للثورة ورئيسا للمحكمة العسكرية أحكم بما يلي: 1- المتهم المذكور “فارس” العزوني يحكم بالموت رميا بالرصاص وهذا الحكم تلي أمامه وهو غير قابل للاستئناف. 2- إرجاع الممتلكات التي اغتصبها من السكان. " الله مولانا وناصرنا... آمين "

التوقيع: رئيس محكمة العدل العليا للثورة في فلسطين

المتوكل على الله عارف عبدالرازق

ختم قيادة الثورة في سوريا الجنوبية "(27)

انظر: وثائق وشخصيات: عزرا دنين، ص 79ـ 80 )

وحول الطريقة التي استدرج بها القائد العام عارف عبدالرازق قائد فصيل الموت العزوني . حدثنا أسعد القاسم، فقال: " أرسل عارف ل”فارس” بواسطة رفيقه حمد زواتا كتابا يدعوه للقدوم إلى قراوة بني حسان للاطلاع على مكاتيب جاءت من سوريا وأمره بأن لا يأتي برجاله ومن الأفضل أن يجردهم من سلاحهم لأنهم سيغادرون إلى دمشق فانطلت الحيلة على “فارس” وخبأ السلاح شرق قرية عزون، وأبقى معه مسدسين.

رفضت ومعي نمر القنبر أن نخلع سلاحنا، وراودنا الشك فيما قاله حمد، وتوجهنا إلى قراوة بني حسان ووصلها “فارس” وهو متعبً واستلقى على الأرض ونام، عندها جاء إليه عارف عبدالرازق وحمد داود واشهروا عليه سلاحهما، وطلبا منه أن يمتثل لأوامر محكمة الثورة ووقف “فارس” أمام المحكمة الشعبية ليوجه له عبد المنان الجبالي بعض التهم، منها: التمرد على أوامر القائد العام عارف عبدالرازق وارتكاب أعمال جرائم وقتل وقبل بدء المحاكمة، قال عارف: إن من يحاكم أمام محكمة ثورية عليه أن يخلع لباسه العسكري، والبسوه بدلا منها ملابس ممزقة، وكانت حالته تثير الشفقة، ونحن نراقب الموقف وقد أحضروا طاولةَ لمحاكمته ومدعيا عاما وشهودا، بعد أن أخذوا مسدسه وسألوا “فارس” أن يسلم قيادة الفصيل وزعامته لنمر القنبر فوافق، لكن القنبر رفض، وبعدها أركبوه فرسه، وساروا به إلى سرطة، وحينما أبعدوا عن الطريق قذفوا به عنها، وأركبوه جحشاً خوفا من أن يراه الناس، وفي الطريق حاول ذيب المرجان من قرية بديا أن يأخذ سلاحي فاستحكمت، وهددت من يقترب مني فقال عارف يا أخي ليس لنا حاجة عند أسعد، ووصلوا سرطة، وهناك في وسط القرية جمعهم عارف، وخطب فيهم، وقال: أصبحت نمرودا يا “فارس” !و تقتل فلاناً وفلانا.

فرد “فارس”:هذا بأمرك، وهذا بأمرك.

وسأله عارف: من أمرك بقتل نساء عزون.

ـ هذا بأمري .

وبأمر من قتلت مختار عزون ؟

ـ قتلته بأمري.

وقد قرأ فيها لوائح الاتهام التي صاغتها محكمة الثورة وجاءت على لسان أحد مساعديه المدعو عبدالمنان الجبالي، الذي أدان “فارس” بالحكم شنقا.

وحكم عليه عارف عبدالرازق بصفته القائد العام المسؤول عن محكمة الثورة بالإعدام.

قابل الناس هذا الحكم بالهتاف والتهليل، وهتفوا بصوت مدو قائلين: الله أكبر ألله أكبر فليحيا العدل.

وسار عارف و رفاقه و “فارس”. وعبروا وادي قانا متجهين إلى ديراستيا، وحاول عارف أن يغير طريقه واتجاهه حتى لا نعرف وجهته، ولأني كنت أعرف أساليبه اتجهت نحو دير استيا، ونزلنا في بيت "أبو معروف " من دار منصور، وتسائل قائلاً: مالكم شو صار لكم.

ونزلو ا ب”فارس” في دار زعيم القرية مصطفى موسى أبو حجلة وتضايق عارف من وجودي وما هي سوى لحظات وإذا بالإنجليز قادمون.

فقال عارف: أنت أخبرت عنا، أنت جاسوس.

قلت: هذا ليس عملي، وأنا جئت بالصدفة.

ولما اقتربوا من البلد توجهنا إلى كفل حارس بناءً على أوامر عارف، وبعدها بساعات أرسل لنا مصطفى أبو حجلة تعالوا وأكلنا معه الحلوى حيث جاء الإنجليز اليه لتهنئته بالعيد عندها زالت عني الشبهة العاطلة، وفي اليوم الثاني حضر من عزون الشيخ رشيد عبدالسلام، ووجهاء البلد وأصدروا عريضة بتوقيع جميع أبناء عزون وهددوا عارف أنه اذا حصل ل”فارس” أي مكروه فستكون حرب بين قريتي عزون والطيبة الصعبية بلد عارف واتجهوا به ثاني يوم إلى قرية صير، وهناك تصالحوا، وأرجع له عارف مسدسه، فقال “فارس” هذا مسدس النجس حمد وليس مسدسي، وكان سلاح “فارس” جديد وبيلمع "(28). أبدى أبناء عزون أسفهم، وتعاطفهم معه حدثني عبدالخالق يحيى سويدان، أن أبيه قال بهذه المناسبة : " فخر الرجال سلاسل وقيود

وفخر النساء أساور وعقود " (29). يبدو أن وقفة أبناء عزون القوية كانت سبباً في العفو عنه وترجح على رأي فيصل عبدالرازق الذي ذهب إلى القول إن والده عفى عنه بسبب سِّجله وأعماله الثورية كما أن مصطفى الموسى زعيم ديراستيا لم يرض هو الآخر عن عمل عارف عبدالرازق وتخطيطه لتصفية الثائر “فارس” العزوني ، بينما كان حمد زواتا ميالاً للتخلص منه، كما حدث مع حسن أبو نجيم. ويظهرأن يقظة أبناء عزون ومنهم: نمر القنبر وأسعد القاسم وغيرهم حالت دون الاستفراد ب”فارس” وإعدامه. ويجدر الذكر أن “فارس” خرج إلى سوريا وتغيّب قرابة شهرين بناءً على أوامر من عارف عبدالرازق، وعاد إلى البلاد بعد أن رحل عارف عنها. كانت هذه المسلكيات تبرز طبيعة الشروخات العميقة في داخل الثورة وضعف سيطرة القيادة على رجالاتها، وأنها سلبية تضاف إلى سلبيات الثورة.

هوامش الفصل الخامس: 1) مقابلات أجريت مع أسعد القاسم، وبركات يوسف عوده، وتوفيق أبوصفية في تواريخ مختلفة.

2) مقابلة أجريت معه بتاريخ سابق ذكره.

3) المرجع السابق بتاريخ سابق.

4) مقابلة أجريت بتاريخ سابق ذكره.

5) جريدة الدفاع الصفحة الأولى صحيفة الدفاع، 12/5/ 1938ـ الجمعة، ع 11145

6) مقابلة أجريت معه بتاريخ سابق ذكره.

7) مفابلة أجريت مع أسعد القاسم بتاريخ سابق ذكره.

8) مقابلة أجريت مع عبدالخالق بتاريخ سابق ذكره.

9)مقابلة أجريت مع عيشة جودة بتاريخ سابق ذكره.

10) جريدة الجهاد ص3 ـ بدون عدد وتاريخ ـ

11) مقابلة أجريت مع عبدالهادي عرار 1978.

12) مقابلة أجريت معه في قرية جلجولية سنة 1993.

13) مقابلة أجريت معه ببتاريخ سابق ذكره.

14) مقابلة أجريت مع مصطفى عبدالوهاب عوده بتاريخ 10/ 11/ 2002

15) المرجع السابق نفسه، ورواية أمين الحاج موسى بتاريخ 5/6/ 2001

16) عزرا دنين، وثائق وشخصيات، مطبعة مغنيس 1944، ص 79ـ 80.

17) المرجع نفسه، ص79 ـ80.

18) عبدالرازق، عارف فيصل، أمجاد ثورية، ص

19) مقابلة أجريت مع أسعد القاسم بتاريخ سابق ذكره.

20) مقابلة أجريت معه في عام 1999.

21) مقابلة أجريت معه بتاريخ سابق ذكره.

22) عارف، فيصل، أمجاد ثورية، ص

23) المرجع نفسه.

24)مقابلة أجريت مع عبد الخالق سويدان بتاريخ سابق ذكره.

25) مقابلة أجريت معه بتاريخ سابق ذكره.

26) المرجع نفسه.

27) عزرا، دنين، شخصيات ووثائق، ص

28) مقابلة أجريت مع أسعد القاسم بتاريخ سابق ذكره.

29) مقابلة أجريت مع عبدالخالق سويدان بتاريخ سابق ذكره.

خاتـمة

كان “فارس” العزوني شجاعاً إلى أبعد حد، وجريئاً إلى درجة التهور، وكان صلباً لا يعرف المهادنة ولا المرونة في علاقاته مع الجماهير ، ولما كان شابا في قمة تطوره وعطائه، حيث كان عمره 27 عاماً يوم إعدامه، وفي هذا السن كان ينقصه الحكم الرصين الهادئ، ويظهر أنه تسرع في قبول الأحكام وتأثر بالمسموعات، وكانت دائرة المحيطين به ممن يستمرئون القتل ويأخذون بالشبهة.

كما أن ولاءه لقيادة وحزب الحاج أمين الحسيني أدى إلى قبوله تعليمات القيادة التي دفعته لاغتيال أشخاص معارضين، وهذا يفسر سبب مرافقة داود الحسيني للثوار والسير معهم، وربما يقدم أسباب إعدام “فارس” لعدة أشخاص من قرى رام الله ويافا ومنطقة رام الله وقلقيلية وطوباس.

ورغم أن بعضهم عرض عليه المال ليطلق سراحه إلا أن “فارس” كان يرفض الارتشاء ويحكم بإعدام البعض ممن شهدوا على صلاته بالبريطانيين أو دارت حولهم الشبهات. لقد اتهم العديد من قادة الثورة بأعمال الاغتيال والمنافية للعمل الثوري العقلاني ورغم أن بعضهم رفض التورط في قتل واغتيال أشخاص ومنهم المجاهد عبدالرحيم الحاج محمد لكنه اتهم باغتيال أخوين من آل ارشيد، ومثله عارف عبدالرازق، وكذلك رفيقه عبد الله الأسعد.

لقد توصل الباحث عبر الاستقراء والتقصي إلى أن عدداً من المشبوهين والمندسين وبعض المخاتير الموالين لبريطانيا حاولوا تخريب مسار الثورة وذلك بالتقرب من قادتها والتأثير عليهم. ومثل ذلك فعل يعض مخاتير القرى القريبة من عزون، وقد أثبتت الأيام أن بعضهم كان على اتصال مع بريطانيا وحزب المعارضة.

في رأي الباحث أن “فارس” كان ابن مرحلته، حيث لم تسلم الثورة من أعمال الاغتيال، وكان هذا التصرف دأب الكثيرين منهم. ومما يؤسف له أن شراع الثورة أخذ يغرق في الاغتيالات في عام 1939، بينما اتجهت المعارضة وجهة سافرة وشكلت "عصابات السلام" المتعاونة مع البريطانيين التي راحت تلاحق الثوار وتهاجم القرى التي تحتضن القادة مما استنزف القوى الثورية وأنهكها وقوى جبهة الأعداء من بريطانيين وصهاينة.

وفي ظل غياب الرؤية الثورية و النظرية الثورية الواضحة، كان لابد لقائد فصيل الموت الشاب “فارس” أن يمارس العمل الفردي الذي يهوى وأن يتورط في أعمال منافية للثورية، وهي أعمال كانت نتائجها سلبية ومخاطرها جسيمة على الثورة والثوار.

ورغم كل الأخطاء المذكورة إلا أن أبناء المنطقة لم ينسوا آن “فارس” كان شجاعا وجريئا ، ولم يتورط أثناء الثورة في قضايا تسيء للشرف والأخلاق ، كما أنه حاول جهده إحياء الثورة في ظل تراجع الآخرين من القادة، وهذا سر قيامه بعملية رأس العين بعد أن رجع من سوريا إلى فلسطين في أواخر شهر نيسان 1939 بينما كان قائده عارف عبد الرازق قد شد الرحال خارج فلسطين ووصلت أخبار عبوره إلى دمشق في 12/4/ 1939.

لقد تميز “فارس” برفضه الارتشاء ولم يتصالح مع البريطانيين وحزب المعارضة العميل للبريطانيين وما كانت بندقيته مأجورة لحسابهم في حين كانت بعض الفصائل مأجورة وتعمل لحساب البريطانيين. كان المأخذ عليه تسرعه في الأحكام وتنفيذه الأصم لما يأتيه من تعليمات من القيادة، ومما لا شك فيه أن لكل ثائر دائرة وعيه، وهذا هو الوعي الذي حكم سير وسلوك الثوار باستثناء القلائل منهم.

المصادر والمراجع

- الحنبلي، مجير الدين: الأنس الجليل في تاريخ القدس الجليل جزآن، مكتبة المحتسب، عمان الأردن، سنة1973

- الدباغ، مراد مصطفى، بلادنا فلسطين، الديار النابلسية، القسم الثالث، دار الهدى- ام الفحم، سنة 1990

- الساريسي، عمر عبد الرحمن: الحكاية الشعبية في المجتمع الفلسطيني دراسة ونصوص، مؤسسة الدراسات العربية والنشر، ط1، سنة 1980 - النمر، إحسان: قضية فلسطين في دورها البلدي، مطبعة جمعية العمال التعاونية، نابلس، سنة1975.

- حسين، أحمد خليل كايد، من سلسلة القرى الفلسطينية المدمرة ( رقم 22) قرية بيت نبالا، منششورات جامعة بيرزيت مركز دراسة وتوثيق المجتمع الفلسطيني، بيرزيت، سنة 1998 .

- دنين، عزرا: شخصيات ووثائق 1913666ـ 1939، ط11، مطبعة مغنيس ن الجامعة العبرية، سنة 1944.

- زعيتر، أكرم، الحركة الوطنية الفلسطينية 1930ـ 1939، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، ط1، بيروت، سنة 1980.

- عبد الرازق، فيصل عارف: أمجاد ثورية فلسطينية وحياة بطل من أبطالها، الطيبة، دار ابن خلدون، ط1، سنة 1995.

- عرار، عبد العزيز، ومقبل، زياد:الفرية الفلسطينية بين المتحول والثابت، منشورات دار الفلم رام الله، سنة 1985.

- سرحان، نمر وكبها، مصطفى: سلسلة دراسات التاريخ الشفوي لفلسطين، وعبد الرحيم الحاج محمد القائد العام لثورة 1936-1939، رام الله، ط1، عام 2000.

- الجمعية العلمية الفلسطينية، الشيخ رشيد عبد السلام 1907-1994، الموسوعة التربوية الفلسطينية، منشورات الدار الوطنية للترجمة والنشر والتوزيع، نابلس، سنة 1995.

  • - الصحف:

- صحيفة الدفاع- 12/5/1938-الجمعة-عدد1145-5

- جريدة الجهاد ـ 1939ـ بدون عدد ـ ص 3.

المقابلات الميدانية:

أجرى الباحث مقابلات شفوية مع الأشخاص التالية:

ـ أحمد بدوان: عزون

ـ أسعد القاسم:قرية عِسلة

ـ أمين موسى عرار:كفرثلث

ـ توفيق أبو صفية: كفرثلث

ـ حامد حسن عودة:كفرثلث

ـ حسن عبدالهادي عرار:كفرثلث

ـ حسن عمر مصطفى عوده:كفرثلث

ـ داود أحمد الأشقر: كفرثلث

ـ سلامة بكر: عزون

ـ عبدالحافظ موسى عرار: جلجولية

ـ عبدالخالق يحي سويدان:عزون

ـ عبدالعزيز إسماعيل عوده:كفرثلث

ـ عبدالعزيز جوده:عزون

ـ عبدالله عبدالعزيز جودة:عزون

ـ عثمان مقبل:كفرثلث

ـ عيشة جوده:عزون

ـ فاطمة خاصكية زوجة ( محمد أبو دية):عِسلة

ـ فضل حواري: عزون

ـ محمد كايد سويدان:عزون

ـ محمود أسعد خطيب:كفرثلث

ـ مصطفى عبدالوهاب:كفرثلث

ـ نعمه داود شقليه: كفرثلث

ـ يحي سويدان:عزون