فلسطين وأخبارها في الإسلام
محتويات
مكانة فلسطين وأخبارها في التصور الإسلامي
فلسطين أرض الرسالات السماوية التي بارك الله عز وجل فيها؛ بل جعلها مباركة ومطهرة؛ وأكرم أهلها بكرامات أهمها أنهم في رباط إلي يوم القيامة، من مات من أهلها وهو يحمل هذا الفكر في قلبهِ وعقلهِ فلهُ أجر الشهُداء؛ وفلسطين مفتاح الأرض إلي السماء؛ وسرة الأرض؛ وتتمتع أرض فلسطين بمكانة خاصة في التصور الإسلامي ، وهي المكانة التي جعلتها محط أنظار المسلمين ومهوى قلوبهم.
المبحث الأول: مكانة فلسطين والمسجد الأقصى المبارك على ضوء القرآن الكريم والسنة النبوية
تبوأت فلسطين مكانة عالية وغالية وعظيمة وكبيرة في الإسلام؛ فكانت فيها ثاني مسجدين وضع في الأرض بعد المسجد الحرام وضعت الملائكة الكرام أساساتهُ؛ وهو المسجد الأقصى المبارك ، وهو أول قبلة للمسلمين في صلاتهم ، كما يعتبر ثالث المساجد مكانة ومنزلة في الإسلام بعد المسجد الحرام والمسجد النبوي ، ويسن شد الرحال إليه وزيارته ، والصلاة فيه بخمسمائة صلاة عما سواه من المساجد .فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى" ، وقال صلى الله عليه وسلم : "الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة ، والصلاة في مسجدي بألف صلاة ، والصلاة في بيت المقدس بخمسمائة صلاة"( )، وعن البراء بن عازب رضي الله عنه "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أول ما قدم المدينة نزل على أخواله من الأنصار، وأنه صلى قبل بيت المقدس. وروى الطبري في تاريخه عن قتادة قال : "كانوا يصلون نحو بيت المقدس ورسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة قبل الهجرة ، وبعدما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى نحو بيت المقدس ستة عشر شهراً ، ثم وجّه بعد ذلك نحو الكعبة البيت الحرام". وعن أبي ذر رضي الله عنه قال "سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أول مسجد وضع في الأرض ؟ ، قال : المسجد الحرام ، قلت: ثم أي؟ ، قال : المسجد الأقصى". وعن ميمونة مولاة النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت : يا رسول الله ، أفتنا في بيت المقدس؟ ، فقال : "ائتوه فصلوا فيه ، فإن لم تأتوه وتصلوا فيه فابعثوا بزيت يسرج في قناديله"( ). وعن أم المؤمنين أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "من أهل بحجة أو عمرة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر" ، أو "وجبت له الجنة" ، ثم قال : يرحم الله وكيعاً أحرم من بيت المقدس (يعني إلى مكة)، ورواه البيهقي وابن حبان في صحيحه ولفظه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "من أهل من المسجد الأقصى بعمرة غفر له ما تقدم من ذنبه" ، قال: فركبت أم حكيم إلى بيت المقدس حتى أهلت منه بعمرة. - وأرض فلسطين أرض مباركة بنص القرآن الكريم؛ حيث يقول الله عز وجل في سورة الإسراء الجزء الخامس عشر:(سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله) ، وقال تعالى : (ونجيناه ولوطاً إلى الأرض التي باركنا فيها) ، قال ابن كثير : بلاد الشام ، وقوله تعالى : (ولسليمان الريح عاصفة تجري بأمره إلى الأرض التي باركنا فيها) ، قال ابن كثير : بلاد الشام ، وقال تعالى : (وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة) ، قال ابن عباس : القرى التي باركنا فيها هي بيت المقدس. والبركة هنا حسية ومعنوية لما فيها من ثمار وخيرات ، ولما خصت به من مكانة ، ولكونها مقر الأنبياء ومهبط الملائكة الأطهار.
- وهي أرض مقدسة بنص القرآن الكريم ، قال الله تعالى على لسان موسى عليه السلام : (يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم) ، قال الزجاج : المقدسة : الطاهرة ، وقيل سماها المقدسة ، لأنها طهرت من الشرك وجعلت مسكناً للأنبياء والمؤمنين، قال الكلبي : الأرض المقدسة هي دمشق وفلسطين وبعض الأردن ، وقال قتادة : هي الشام كلها( ). وفلسطين أرض الأنبياء ومبعثهم عليهم السلام ، فعلى أرضها عاش إبراهيم وإسماعيل ، وإسحاق ويعقوب ويوسف ولوط ، وداود وسليمان وصالح وزكريا ويحيى وعيسى عليهم السلام ممن ورد ذكرهم في القرآن الكريم ، كما زارها محمد صلى الله عليه وسلم. كما عاش على أرضها الكثير من أنبياء بني إسرائيل الذين كانوا تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي جاءهم نبي ، وممن ورد ذكرهم في الحديث الصحيح نبي الله يوشع عليه السلام. ولذلك فإن المسلمين عندما يقرؤون القرآن الكريم يشعرون بارتباط عظيم بينهم وبين هذه الأرض ، لأن ميدان الصراع بين الحق والباطل تركز على هذه الأرض ، ولأنهم يؤمنون بأنهم حاملو ميراث الأنبياء ورافعو رايتهم، وسيبقي الصراع بين الحق والباطل على أرض فلسطين إلي قيام الساعة بنص القرآن الكريم قال تعالي:( وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب إن ربك لسريع العقاب وإنه لغفور رحيم ) (سورة الأعراف - الآية 167) ( ) ( تأذن ) تفعل من الإذن أي : أعلم ، قاله مجاهد . وقال وفي قوة الكلام ما يفيد معنى القسم من هذه اللفظة ، ولهذا تلقيت باللام في قوله : ( ليبعثن عليهم ) أي : على اليهود ( إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب ) أي : بسبب عصيانهم ومخالفتهم أوامر الله وشرعه واحتيالهم على المحارم .
- وتكثر في فلسطين أضرحة ومقامات ومزارات الأنبياء ، وهي تخلد ذكرى استقرارهم أو مرورهم في هذه الأماكن ، فأبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام سميت باسمه إحدى أهم مدن فلسطين ، وهي مدينة الخليل ويقع ضريحه في هذه المدينة داخل الحرم الإبراهيمي. وللنبي صالح عليه السلام سبعة أماكن على الأقل تخلد ذكرى نزوله في فلسطين أحدها في الرملة ، وله فيها موسم زيارة سنوي مشهور، في شهر إبريل من كل عام ، وهناك قرية من قوى قضاء طولكرم اسمها "ارتاح" تناقل الناس جيلاً بعد جيل أن يعقوب عليه السلام قد ارتاح فيها. وفي فلسطين أكثر من مقام للنبي شعيب عليه السلام. وهناك مقام مشهور للنبي موسى عليه السلام قرب أريحا ، كما أن في القدس ضريح داود عليه السلام ، أما المسيح عيسى عليه السلام فهناك العديد من الأماكن التي تخلد ذكراه في القدس وبيت لحم والناصرة وغيرها.
- وفلسطين أرض الإسراء ، فقد اختار الله سبحانه المسجد الأقصى ليكون مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ، ومنه كان معراجه على السماء ، فشرف الله بذلك هذا المسجد وأرض فلسطين تشريفاً عظيماً ، وجعلت بيت المقدس بذلك بوابة الأرض إلى السماء ، وهناك في المسجد الأقصى جمع الله سبحانه لرسوله الأنبياء من قبله فأمهم في الصلاة ، دلالة على استمرار رسالة التوحيد التي جاء بها الأنبياء ، وعلى انتقال الإمامة والريادة وأعباء الرسالة إلى الأمة الإسلامية.
فعن أنس بن مالك رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أتيت بالبراق فركبته ، حتى أتيت بيت المقدس فربطته بالحلقة التي يربط بها الأنبياء ، ثم دخلت المسجد ، فصليت فيه ركعتين ، ثم عرج بنا إلى السماء.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "لقد رأيتني في الحجر وقريش تسألني عن مسراي ، فسألتني عن أشياء لم أثبتها فكربت كربة ما كربت مثلها قط ، فرفعه الله لي (أي بيت المقدس) أنظر إليه ما يسألونني عن شيء إلا أنبأتهم به. قد رأيتني في جماعة من الأنبياء (يعني في بيت المقدس) فإذا موسى قائم يصلي ، فإذا رجل ضرب جعد كأنه من رجال شنوءة. وإذا عيسى بن مريم عليه السلام قائم يصلي أقرب الناس به شبهاً عروة بن مسعود الثقفي ، وإذا إبراهيم عليه السلام قائم يصلي أشبه الناس به صاحبكم - يعني نفسه صلى الله عليه وسلم - فحانت الصلاة فأممتهم ، فلما فرغت من الصلاة قال قائل : يا محمد هذا مالك صاحب النار ، فسلم عليه ، فالتفت إليه ، فبدأني بالسلام.
- وتبسط الملائكة أجنحتها على أرض فلسطين ، التي هي جزء من بلاد الشام ، ففي الحديث الصحيح عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : :"يا طوبى للشام ، يا طوبى للشام ، قالوا : يا رسول الله وبم ذلك ؟ قال : تلك ملائكة الله باسطة أجنحتها على الشام". - وهي أرض المحشر والمنشر ، فقد روى الإمام أحمد بسنده عن ميمونة بنت سعد مولاة النبي صلى الله عليه وسلم قالت : يا نبي الله أفتنا في بيت المقدس ؟ ، فقال : "أرض المحشر والمنشر".
- وهي عقر دار الإسلام ، وقت اشتداد المحن والفتن ، فعن سلمة بن نفيل قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "عقر دار الإسلام بالشام" ، وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إني رأيت عمود الكتاب انتزع من تحت وسادتي ، فنظرت فإذا نور ساطع عمد به إلى الشام ، ألا إن الإيمان إذا وقعت الفتن بالشام".
- والمقيم المحتسب فيها كالمجاهد والمرابط في سبيل الله ، فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى اللهعليه وسلم : "أهل الشام وأزواجهم وذرياتهم وعبيدهم وإماؤهم إلى منتهى الجزيرة مرابطون في سبيل الله ، فمن احتل مدينة من المدائن فهو في رباط ، ومن احتل منها ثغراً فهو في جهاد".
- وفي أحاديث يفسر ويقوي بعضها بعضاً أن الطائفة المنصورة الثابتة على الحق تسكن الشام وخصوصاً بيت المقدس وأكنافها ، فعن أبي أمامه مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لعدوهم قاهرين ، حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك ، قيل : يا رسول الله أين هم ؟ قال: ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس". وفي نقاط محددة نبين أهمية فلسطين والمسجد الأقصى المبارك على ضوء القرآن والسنة:
أولا : هي أولى القبلتين التي توجه إليها المسلمون في صلاتهم نحو ما يزيد عن ستة عشر شهرا بإمامة النبي صلى الله عليه وسلم.
ثانيا : فيها ثالث الحرمين الشريفين الذي تشد إليه الرحال معهما ولا تشد لغيرها فقال عليه الصلاة والسلام : {لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى.
ثالثا : فيها مسرى الرسول صلى الله عليه وسلم ومن هنا يرتبط ذلك المكان بعقيدة كل مسلم وقد سجل الله تعالى هذا بكتابه العزيز فقال عز من قائل : { سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير.
رابعا : هي مهبط الأنبياء والرسل ومنها انطلاق الهداية للبشر لعبادة الله وحده وهذا نابع من احترام الإسلام والمسلمين للشرائع السماوية السابقة وأنبيائها ورسلها.
خامسا : في القدس أبرز معالم الحضارة الإسلامية وقد تركت تلك الحضارة بصمات لا تنسى فيها مازالت ماثلة أمام التاريخ كالحرم القدسي الشريف والمسجد الأقصى المبارك ومسجد قبة الصخرة والجامع العمري وحائط البراق الذي أوقف النبي صلى الله عليه وسلم براقه عنده ليلة الإسراء وفي القدس مقابر تضم في ثراها أعدادا كثيرة من الشهداء وأبطال المسلمين من عهد صلاح الدين الأيوبي ومن قبله ومن بعده وفيها من المدارس الإسلامية التاريخية التي اهتمت بشتى العلوم الإنسانية والفقهية والإسلامية وغيرها من العلوم.
ولقد حفل القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة بالقدس ما لم يحفلْ بمكانٍ آخر بعد المسجد الحرام. وسرّ ذلك أنّ الله سبحانه وتعالى خصّ أماكن معينة بالتقديس الخاص به.
فالبيت الحرام وكذلك المسجد الأقصى خاصّان لله سبحانه وتعالى. ليس لبشر حقّ الادّعاء بأنهما ملكه أو خاصيته، وقد اتضح ذلك في القرآن الكريم من خلال ربط المسجد الحرام بالمسجد الأقصى في بداية سورة الإسراء حيث يقول سبحانه وتعالى:" سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله".(سورة الإسراء الآية 1.( وطالما أنّ القرآن الكريم كلام الله الذي أنزل على رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم فإنّ ذلك يعني أنّ التقديس الإلهي للقدس يخص عقيدة التوحيد دون سواها وبشكل أخص فإنه يخص الأمة التي أنزل القرآن لها وهي أمة الإسلام. وكل مقدس إلهي اتضح أمره في القرآن الكريم هو مقدس إسلامي، يخص كل منْ أمن بأنْ لا إله إلا الله محمد رسول الله، ومن انتقص هذا التقديس فإنه ينتقص والعياذ بالله من قدسية الله وما من محب لله ورسوله إلا ويحذر أنْ يقع في هذه الحرمة الواضحة. فالقدس لله ولرسول الله ولأمة الله، فرض على المسلم أن يحافظ عليها ويدافع عنها؛ ولما أرسل رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم- منحه الله سبحانه نبوة متكاملة فكان خاتم الرسل والأنبياء وإمامهم. ولحرصه -صلى الله عليه وسلم- على توضيح مكانة بيت المقدس فقد جعل من سنته الشريفة زيارة بيت المقدس كسنة إسلامية ترتبط بالحج إلى بيت الله الحرام. وعدم زيارة الحاج إلى بيت المقدس قبل أو بعد حجه للبيت الحرام إخلال بسنن الحج بل إنّ الحج ذاته إلى بيت الله الحرام يعتبر قاصرة إذا لم يقم المسلم الحاج بزيارة بيت المقدس. وقد سار السلف الصالح على هذا النهج فكان التقديس أي زيارة بيت المقدس سنة يطبقها المسلمون إما قبل توجههم إلى مكة أو بعد انتهائهم من تأدية فريضة الحج.
وما آل إليه المسلمون من تقصير واضح تجاه المطلب الإلهي هو انتقاص من قدسية خاصة من خاصيات الله سبحانه وتعالى. ولو قرأ المسلمون ماذا يعني ربط المسجد الحرام بالمسجد الأقصى لما توانوا عن زيارة المسجد الأقصى. ولما رضوا أن يكون حجهم قاصراً.
ولو نظروا في أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الخاصة بالقدس لأدركوا أنّ حجّهم غير مكتمل وأنّ عليهم واجباً كبيراً تجاه القدس. يبدأ بالحفاظ عليها وتذليل كل العقبات المادية والحدود المصطنعة وينتهي بالجهاد المسلح لتحريرها من قتلة الأنبياء وأعداء دين التوحيد من يهود وصليبيين.
فهل نحن معاً في فهم النداء الإلهي الذي يناشدنا نحن أمة التوحيد أنْ نحافظ على مقدساتنا أن نرعاها ونظللها بنداء الله أكبر ونحن ندور في جنباتها ونسعي بين المسجد الأقصى ومسجد قبة الصخرة؟ هل نحن معاً في فهم مقاصد الحديث النبوي الشريف الذي قال إن القدس أرض الرباط وهي القبلة الأولى وثالث الحرمين الشريفين. هل ندرك أن زيارتها والجهاد من أجلها تلبية لنداء إلهي قرآني؟
المسجد الأقصى والأرض المباركة في القرآن الكريم
وردت في القرآن الكريم آيات عديدة، منها ما صرح بالمسجد الأقصى، ومنها ما صرح بالأرض المباركة أو المقدسة. يقول تعالى: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير) ومن المتفق عليه دون خلاف أو تأويل أنّ المسجد الأقصى في القدس من أرض فلسطين.
وقال تعالى في قصة إبراهيم ولوط عليهما السلام (ونجيناه ولوطاً إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين) (الأنبياء الآية 71 (وقال تعالى: (ولسليمان الريح عاصفة تجري بأمره إلى الأرض التي باركنا فيها وكنا بكل شيء عالمين) الأنبياء الآية 81. والأرض المباركة هي فلسطين أي ما حول المسجد الأقصى وذلك باتفاق الآراء.
وقال تعالى في قصة سبأ: (وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي وأياماً آمنين) سبأ 18.
وهو ما كان بين مساكن سبأ في اليمن وبين قرى الشام من العمارة القديمة فباركنا فيها أي الشام ومنها القدس مركز البركة. وقال تعالى: (والتين والزيتون وطور سينين وهذا البلد الأمين) التين، الآية - قال ابن عباس: التين بلاد الشام والزيتون بلاد فلسطين وطور سينين
وقال تعالى:(وجعلنا ابن مريم وأمه آية وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين) (المؤمنون: 50)
قال ابن عباس: هي بيت المقدس .وهناك آيات أخرى فسّرها المفسرون على أنّها تدل على بلاد الشام بعامة التي منها بيت المقدس. (انظر سورة الأنبياء 105، ق41، النور 36، النحل)(17-18، الحديد: 13)، فمكانة القدس والأرض المباركة في القرآن الكريم لا تقل أهمية عن مكانة القدس الحرام. ولهذا السبب كان المسجدان مرتبطين بالإسلام ارتباطاً وثيقاً. ولهذا السبب فهم المسلمون الأوائل مسؤولية الدفاع عنهما والجهاد لأجل الحفاظ على قدسيتها. حتى يرث الله الأرض وما عليها - فمتى تقدّس الجغرافيا؟ ومتى تقدّس الأمكنة؟ فالأوطان تقدس جغرافياً لأنها رمز الوجود الوطني الاجتماعي ورمز التاريخ والحاضر والمستقبل. وفي سبيل هذه الجغرافيا تضحي الشعوب بأبنائها وأموالها لتحافظ على كل ذرة من ترابها؛ ومن المعلوم أن كلمة مسجد وردت بصيغتها المفردة في القرآن الكريم سبع عشرة مرة ووردت في صيغة الجمع ست مرات. منها ما يخص المسجد الحرام، ومنها آية تربط المسجد الحرام بالمسجد الأقصى، ومنها ما يعود على المسجد الأقصى وذلك في الآية السابعة من سورة الإسراء بقوله تعالى: (وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا.
أما كلمة مساجد فقد وردت مرتبطة بستة مواقع بنسبتها إلى الله سبحانه- وردت في سورة الحج. وسورة البقرة مرتين وسورة التوبة مرتين وفي سورة الجن وردت مرة واحدة. ويقول تعالى: (ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه). سورة البقرة، الآية 114. ويقول تعالى: (ما كان للمشركين أنْ يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر) سورة التوبة، الآية 17- وقد أطلقت كلمة مسجد لتربط العبادة بالسجود لله وحده. والسجود فالآية التي افتتح الله بها سورة الإسراء (سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله....) نزلت بعد بدء الوحي بخمس سنوات وهذا يعني أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم كان ما يزال في بدء الدعوة. وهو مستضعف لا يستطيع مجابهة مشركي قريش ولا بأية وسيلة سوى وسيلة الصبر والثبات والدعاء إلى الله. ولو خضنا في معرفة المعاني التي طرحتها واقعة الإسراء وقفنا طويلاً متأملين لماذا اختار الله بيت المقدس ليكون المكان الذي يسرى برسول الله صلى الله عليه وسلم إليه.ويدهشنا منذ البداية هذا الرابط بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى- فقمة الإكرام الإلهي لنبيه تأتي بإسرائه إلى المسجد الأقصى. وهنا تكمن قدسية المسجد الأقصى وبيت المقدس. إنها قدسية تبلغ الذروة. فسيد الأنبياء وخاتمهم يسرى به إلى المسجد الأقصى. لأن الأقصى مثل الكعبة خاص لله وحده، وهو من المساجد التي العظيمة. والمسجد الأقصى حين نزول سورة الإسراء على قلب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو جغرافياً جزء من أرض مباركة تسمى فلسطين وما جاورها ظلّت من قبل الرومان منذ 70 ق.م وحتى ظهور الإسلام. وقبل هذا التاريخ كان فيها بعض اليهود وفي مرحلة من المراحل بلغ وجودهم فيها إقامة دويلة حكموا فيها بعض اليهود وفي مرحلة بلغ وجودهم فيها إقامة دويلة حكموا فيها من قبل النبي داود وابنه سليمان عليه السلام.
وفي الجانب العقيدي ارتبط بهذا المكان المقدس عدد من الأنبياء. وباعتبار أنّ مباركة هذه الأرض خاصة بالله، فإنّ حكمته اقتضت أنْ يكون للأرض المباركة شأن فريد من نوعه لدى الأنبياء منذ إبراهيم -عليه السلام-. وأكثر من ارتبط عقيدياً بها النبي إبراهيم أولاً ثم داود وسليمان وعيسى وزكريا ويحيى عليهم السلام. فهي إذاً موطن إشعاع توحيدي نبوي. فكما كان المسجد الحرام زمن إبراهيم وإسماعيل موطن إشعاع توحيدي، كذلك كانت الأرض المباركة وفيها المسجد الأقصى.
حقيقة الصراع على فلسطين والقدس
بعد ما يقارب القرن على الصراع بين الحق الفلسطيني والباطل الصهيوني؛ منذ وعد بلفور المشؤوم؛ ومرور مائة عام على اتفاقية سايكس بيكو التي قضت بتقسيم الوطن العربي غلي عدة دويلات عام 1916م إلي اليوم عام 2016م؛ بدأ الصراع في الحقبة الأخيرة ومنذ عدة سنوات ومع التغول الاستيطاني في فلسطين وازياد وثيرة المستوطنين الغاصبين والاستيطان وميل الحكومة اليمينة الإسرائيلية الى التطرف أقصي اليمين وهي حكومة المستوطنين وتغولهم بالدم الفلسطيني قتلاً وحرقًا وتعذيبًا ومحاولاتهم في الآونة الأخيرة هدم المسجد الأقصى المبارك وإقامة الهيكل المزعوم واستمرار الحفريات أسفل المسجد المبارك واتساعها ووصولها إلي مرحلة متقدمة تهدد بهدم المسجد؛ مما يؤكد أن الصراع سيتحول من صراح حدود إلي صراع ديني عقائدي وخاصة بعد مطالبة نتنياهو بيهودية الدولة؛ وسيتطرق الباحث من ناحية دينية لمكانة المسجد الأقصى وأن الصراع مع كونه صراع بين الحق والباطل وصراع حضاري ووجود أم لا سيتحول إلي صراع ديني كما سيأتي لاحقًا؛ وسنوضح ذلك من خلال نظرة إسلامية ومن خلال التصور الإسلامي على ضوء القرآن والسنة لفلسطين والقدس. القرآن الكريم لم يخصْ سوى مكانين مقدسين تقديساً إلهياً المسجد الحرام والمسجد الأقصى. وهما في ذلك رمزان وحيدان للتقديس الإلهي. وما يخص الله سبحانه، من المحتم أن يكون توحيدياً نظيفاً من أية علامة للشرك والوثنية واقتضت الحكمة الإلهية أن ينظف المسجد الحرام من كل مظاهر تلك الوثنية ويبقى كذلك إلى وقتنا الحاضر. إن المسجد الأقصى فقد دخله المسلمون أول مرة زمن الخليفة الثاني عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-. وأزيلت كل معالم الشرك والوثنية منه إلى حين. حيث إنّ مظاهر الفساد عادت مرة أخرى إلى الأرض المباركة على أيدي المتهوّدين الذين هم أشد عداوة من كل الأطراف لدين التوحيد والإسلام.
إنّ اليهود اليوم يدعون أنّ المسجد الأقصى أقيم فوق هيكل خاص بهم ويدّعون أن مدينة القدس هي عاصمة ملكهم الغابر. ويدعون أن هذا الهيكل بناه النبي سليمان عليه السلام. إذا عدنا إلى واقعة الإسراء نرى أنّ الله سبحانه وتعالى اختار الأرض المباركة دون سواها كي يسرى برسول الله -صلى الله عليه وسلم- إليها. لأنها أرض مباركة منذ ما قبل إبراهيم عليه السلام. وكان لأسرائه إليها معنى كبير من معاني اكتمال النبوة. فهذه الأرض شهدت نبوات توحيدية. وحتى ينصف دين التوحيد بشكله العام فقد أسري برسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى المسجد الأقصى.
وأسراؤه يعني أنّ الإسلام بوجهه القرآني جاء لينسخ ما قبله ويضمه في بوتقته.
فالنبي محمد -صلى الله عليهوسلم - بعث للناس كافة وعلى جميع الشعوب أنْ تنتمي لهذا الدين الشمولي. فهو دين الأنبياء جميعاً والنبي محمد -صلى الله عليه وسلم- أولى بأخوته من الأنبياء من سائر البشر حتى أقوامهم وأهلهم. ولذلك كان اختيار بيت المقدس للإسراء اختياراً ربانياً خاصاً ليؤكّد على وحدة الدين التي حاول اليهود والمشركون تدميرها. ولكن حكمت الله اقتضت أنْ يرد هؤلاء رداً عنيفاً بمبعث محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-. وقد اتفق العلماء أنّ من حكمة الإسراء تثبيت الديانة التوحيدية السماوية في القدس الشريف أو إيحاء بأنّ القدس ستبقى معقل التوحيد وإنْ حل فيه الفرس عبدة النار، وفيها إنذار وتحذير لليهود الذين غدروا بأتباع المسيح وكفروا بالإنجيل ولعل في أهل القدس الذين قتلهم اليهود قسيسين ورهباناً مؤمنين موحدين ينتظرون بعثة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- ليؤمنوا به كما أخبرهم عليه السلام في الإنجيل الصحيح. أقول هذا لأنّ الله تعالى ذكر قصة الإسراء في آية واحدة في سورة الإسراء –ثم أخذ بذكر فضائح اليهود وجرائمهم ثم نبههم بأن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم فربما ظن القارئ أنّ الآيتين ليس بينهما رابط والأمر ليس كذلك فإن الله تعالى يشير بهذا الأسلوب إلى أنّ الإسراء إنما وقع إلى بيت المقدس ليشير إلى أنّ اليهود الذين تسلطوا على بيت المقدس عند تعاونهم مع الفرس المجوس سوف يجلون عن القدس لأنه مكان مقدس ينزه عن أمثالهم لما ارتكبوا من الجرائم فيه. وأن المسجد الأقصى سوف يتولى حمايته أتباع محمد -صلى الله عليه وسلم-.
ومما يؤكد أن الصراع سيتحول إلي ديني عقائد بعد القرآن الكريم ما اوضح ذلك في سورة الاسراء، تأتي السنة النبوية الشريفة وسيرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيث اشتملت على كثير من الأحاديث الخاصة بالقدس والمسجد الأقصى.فتحدث بعضها عن قدم المسجد الأقصى وأصل بنائه، وبعضها عن فضائل بيت المقدس ومكانته. وبعضها الثالث تحدث عن نهاية أمره وصراع المسلمين مع اليهود -وإضافة لما ذكر من أحاديث نبوية شريفة فإن في سيرته الكثير من القضايا المرتبطة ببيت المقدس كرسالته إلى قيصر الروم هرقل. وكالحديث عن السرايا المجاهدة التي أرادها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن تتجه صوب الأرض المباركة فلسطين والمسجد الأقصى- فعن ميمونة مولاة النبي صلى الله عليه وسلم قالت يا نبي الله أفتنا في بيت المقدس فقال أرض المنشر والمحشر ائتوه فصلوا فيه فإن صلاة فيه كألف صلاة فيما سواه قالت أرأيت من لم يطقْ أن يتحمل إليه أو يأتيه؟ قال فليهد إليه زيتاً يسرج فيه فإن من أهدى له كان كمن صلى فيه (رواه أحمد 6/463 وابن ماجه 1/429).
وفي فضل العبادة والصلاة ببيت المقدس: روى الإمام أحمد عن معقل بن أبي معقل الأسدي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن نستقبل القبلتين ببول أو غائط4/210. والقبلتان هما الكعبة والمسجد الأقصى- وعن عبد الله بن الديلمي قال: دخلت على عبد الله بن عمرو وهو في حائط له بالطائف يقال له الوهط وهو مخاصر فتى من قريش يزن بشرب الخمر. فقلت بلغني عنك حديث. أنه من أتى بيت المقدس لا ينهزه إلا الصلاة فيه خرج من خطيئته مثل يوم ولدته أمه. ثم قال عبد الله بن عمرو إني لا أحل لأحد أن يقول عليّ ما لم أقل. سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ..... الحديث المسند 2/176, .(عن جابر أنّ رجلاً قال يا رسول الله أيّ الخلق أول دخولاً إلى الجنة؟ قال الأنبياء قال ثم من؟ قال الشهداء قال ثم من قال مؤذنو المسجد الحرام. قال ثم من قال مؤذنو بيت المقدس قال ثم من قال مؤذنو مسجدي هذا قال ثم من قال سائر المؤذنين على قدر أعمالهم. (الشفا في التعريف بحقوق المصطفى ص 148).
وروى البزار والطبراني من حديث أبي الدرداء رفعه (الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة والصلاة في مسجدي بألف صلاة والصلاة في بيت المقدس بخمسمائة صلاة) قال البزار إسناده حسن (الفتح 3/67). ,- قال صلى الله عليه وسلم: لا تُشدّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجد الرسول -صلى الله عليه وسلم- والمسجد الأقصى. وفي رواية أخرى: لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي والحديث الأول رواه البخاري عن الوهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه ج 1189 وهو في كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة– باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة. ولقد روى مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: أتيت بالبراق –وهو دابة أبيض طويل فوق الحمار ودون البغل يضع حافره عند منتهى طرفه، قال: فركبته حتى أتيت بيت المقدس فربطته بالحلقة التي يربط بها الأنبياء –أي عند باب المسجد. ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين ثم خرجت فجاءني جبريل بإناء من خمر وإناء من لبن فاخترت اللبن فقال جبريل اخترت الفطرة. الحديث في صحيح البخاري –من كتاب الإيمان– باب الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم وفرض الصلوات برقم 162.وفي الأحاديث الصحيحة في الإسراء ما رواه الإمام أحمد في المسند 5/387 و1/309 ففي حديث الإسراء معانٍ كثيرة تلفت النظر. أولهما: أنّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- أُسرِي به إلى مكان مقدس قدّسه الله قبل خلق البشر. ثانيهما: أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم لم يؤم الأنبياء بإرادته بل إنّه انتظر مثل بقية الناس ليأتي من يؤم بالصلاة وهذا دليل تواضع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من ناحية ودليل انتظاره لأوامر الله سبحانه وتعالى عن طريق جبريل.وقد أخذه جبريل وقدّمه ليصلّي إماماً بالناس. وهو لم يعرفْ بمن يؤم. فقال له جبريل إنهم الأنبياء الذين بعثهم الله. وفي هذا دلالة على مسألة هامة. وهي أنّ بيت المقدس الذي صلى فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إماماً للأنبياء هو مكان رباني يريد الله أنْ تتم فيه النبوات وتختتم بمحمد صلى الله عليه وسلم. وهذا هو التحدي الرباني لكل من بعث الله لهم بأنبياء وجحدوهم وقتلوا بعضهم وانحرفوا عن عقيدتهم. فبصلاة محمد -صلى الله عليه وسلم- إماماً بالأنبياء يعني أن ديانة التوحيد سيقودها هذا النبي وأن المسجد الأقصى الذي هو مقدس رباني أولى بمحمد -صلى الله عليه وسلم- وبمن آمن معه من المسلمين الموحدين الذين أناط الله بهم مسؤولية حماية بيته المقدس.
وروى البخاري عن البراء بن عازب أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- كان أول ما قدم المدينة نزل على أجداده أو أخواله من الأنصار وأنّه صلى قِبَلَ بيت المقدس ستة عشر شهراً أو سبعة عشر شهراً وكان يعجبه أن تكون قبلته قِبَلَ البيت الحرام. وأنه صلى عند وصوله المدينة أول صلاة فيها صلاة العصر. وصلى معه قوم. فخرج رجل ممّن صلى معه فمر على أهل مسجد وهم راكعون فقال أشهد بالله لقد صليت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قِبَلَ مكة فداروا كما هم قِبَلَ البيت وكان اليهود قد أعجبهم إذ كان يصلي قبل البيت المقدس. ولما ولى وجهه قبل البيت أنكروا ذلك. (كتاب الإيمان باب الصلاة من الإيمان). ومن أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت المقدس: عن عائشة -رضي الله عنها- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إنّ مكة بلد عظيم عظّمه الله وعظّم حرمته وحفّها بالملائكة قبل أنْ يخلق شيئاً من الأرض يومئذٍ كلها بألف عام ووصلها بالمدينة ووصل المدينة ببيت المقدس ثم خلق الأرض بعد ألف عام خلقاً واحداً.
وعن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال لصعصعة: نعم المسكن بيت المقدس. القائم فيه كالمجاهد في سبيل الله وليأتِيَنّ على الناس زمن يقول أحدهم ليتني لبنة من لبنات بيت المقدس؛ كل تلك الأحاديث والآيات تؤكد أن الصراع سيعود على فلسطين والقدس وسيتحول لصراع ديني عقائدي .
إعداد
د. جمال عبد الناصر محمد عبدالله أبو نحل