«كنيسة القيامة»: الفرق بين المراجعتين

من دائرة المعارف الفلسطينية
اذهب إلى: تصفح، ابحث
(إعداد وتحرير)
 
(مراجعتان متوسطتان بواسطة نفس المستخدم غير معروضتين)
سطر ٩٥: سطر ٩٥:
  
 
قسم السياحة والآثار/كلية العلوم الإنسانية
 
قسم السياحة والآثار/كلية العلوم الإنسانية
 +
 
جامعة النجاح الوطنية
 
جامعة النجاح الوطنية
 +
[[تصنيف: بنك معلومات القدس]]

المراجعة الحالية بتاريخ ٠٨:٤٧، ٢٣ أبريل ٢٠١٨

الموقع وأهميته

تقع كنيسة القيامة في وسط البلدة القديمة في القدس، وبالتحديد في الجزء الشمالي الغربي ‏منها، في الحي المسيحي، ويحيط بمبنى ‏الكنيسة مجموعة من المباني التاريخية والأثرية والتي تعود ‏إلى فترات زمنية مختلفة بدءاً من العصر البيزنطي في القرن الرابع ‏ميلادي ومروراً بمراحل زمنية ‏لاحقة حتى الوقت الحاضر. ‏ وتعود أهمية وشهرة المبنى بسبب ذكره في كتاب العهد الجديد "الإنجيل" الذي يقدّم معلومات ‏مهمة عن مكان صلب المسيح (حسب ‏التقليد المسيحي)، إذ يروي بأنه المكان الذي كان يدعى ‏الجمجمة (بالآرامية‎ ‎جلجثة). ولهذا الاسم تفسيرات كثيرة، وهو أن بهذا الموقع ‏كان يتم إعدام‎ ‎للمجرمين، ‏أطلق عليه بالجمجمة بسبب جماجم القتلى، ولأنّ التلّ‎ ‎يشبه شكل الجمجمة أو الرأس البشري‎.‎‏ هذا ‏بالإضافة ‏إلى أنه المكان الذي صلب فيه المسيح وقتل ودفن هناك ثلاثة أيام قبل أن يصعد إلى ‏السماء حسب ما هو مذكور في الإنجيل. ‏ كما ويعتقد بأنه مكان قبر آدم عليه السلام في هذه الكنيسة، تحت الجلجلة في الجهة الشرقية ‏منها‎ ‎توجد مغارة يعتقد أنّها مكان قبر آدم.‏

تاريخ البحث الأثري

يعد الكابتن الانجليزي ويلسون ‏C.Wilson، أحد أوائل الذين كتبوا عن البلدة القديمة في ‏القدس في النصف الثاني من القرن التاسع ‏عشر، حيث قام بمعاينة ودراسة مبنى الكنيسة، بالإضافة ‏إلى اكتشاف مباني معمارية أخرى في البلدة القديمة من بينها قوس ويلسون. ‏إلا أن هذه الدراسة كانت ‏سطحية وغير كاملة.‏ وفي بداية القرن العشرين إبان الحرب العالمية الأولى قام بدارسة وتحليل عمارة مبنى الكنيسة ‏كل من الراهب الفرنسي أبل ‏A. Abel‏ ‏وفيسنت ‏L.H. Vicent‏ بهدف التوصل إلى معرفة الكنيسة ‏الأصلية التي تعود إلى كل من قسطنطين الأول ‏I‏ ‏Constantine‏ (272-‏‏337م) وفترة جستنيان ‏Justinian‏ (527-565م). ‏ ولاحقاً قام هارفي ‏W.Harvey‏ في السنوات بين 1933-1934 بإجراء مسح أثري مماثل ‏ودراسة عمارة مبنى الكنيسة. ‏ كما أجريت مسوحات أثرية مشابهة في السنوات ما بين 1960-1969 وفي السبعينيات من ‏القرن العشرين وذلك من أجل فهم بعض ‏العناصر المعمارية والأثرية للكنيسة وإجراء سلسلة من ‏المجسات الإختبارية تحت أساسات الكنيسة بإشراف كوربو ‏V. Corbo‏ ‏وكواسنون ‏C. Couäsnon‏ ‏وآخرون وذلك قبل انجاز عمليات الترميم والإصلاحات على مبنى الكنيسة من قبل الجالية ‏المسيحية.‏

هذا وقد كشفت الحفريات التي أجريت في موقع المبنى عن شتى الآثار التي كانت محتجبة ‏هنا وهناك ووفرت معرفة أفضل لتاريخ ‏المكان ومراحله المتعاقبة. وعمل الترميم على أن تكون مختلف ‏الأقسام أقرب ما تكون من صورتها الأصلية وأن تكون كنيسة القيامة ‏جديرة حقاً بأقدس مكان مسيحي ‏في العالم. ‏ التطور التاريخي للمبنى

تعود أولى المباني التي شيدت على نفس مكان كنيسة القيامة إلى فترة حكم الإمبراطور الروماني ‏هدريان ‏Hadrian‏ (117-136م)، ‏حيث أمر ببناء قبة على ستّة أعمدة فوق‎ ‎الجلجلة وكرسها لخدمة ‏الإله فينوس ‏Venus ‎‏ والآلهة عشتار (وهي الآلهة التي نزلت إلى ‏الجحيم للبحث عن الإله تموز‎ ‎لتحرره) في محاولة منه للقضاء على فكرة نزول المسيح إلى الجحيم في هذا الموضع‎ ‎بالذات. وبنى ‏‏هدريان فوق القبر هيكلاً آخراً للآلهة‎ ‎الوثنية‎.‎ ولم يبقى في القدس سوى جماعة مسيحيّة من أصل وثني يعرف منها اسم‎ ‎مطرانها مرقص ‏Marcus‏. رغم أنّ هذه الجماعة كانت ‏تكرم أماكن مقدسة كثيرة لكنها لم تفكر في‎ ‎تبديل موضع قبر ‏المسيح وذلك لأنها كانت تكرم تلك التي غطتها في ذلك الحين هياكل‎ ‎‏ ‏هدريان وبقيت تلك الذكرى ‏حتى فترة حكم قسطنطين (272-336م). ‏ وعندما عقد المجمع المسكوني الأول في مدينة نيقيا‎ ‎‏ ‏Nicaea‏ عام (325م) دعا أسقف ‏القدس مكاريوس ‏Macarius‏ قسطنطين إلى ‏تدمير الهيكل الوثني للبحث عن قبر المسيح. ‏ وهكذا فإن الهيكل الذي كان يهدف إلى القضاء‎ ‎على موقع القبر أدّى في حقيقة الأمر إلى ‏الحفاظ عليه. ولم يبن قسطنطين شيئاً فوق‎ ‎‎الجلجلة. أمّا القبر‎ ‎المقدس فنظف من الأتربة وشيد ‏قسطنطين فوقه بازيليكا ‏Basilica‏ ، وقد باشرت الأعمال أمه‎ ‎القديسة هيلانة‎ ‎Helena ‎‏ عام 325م ‏وانتهي العمل بها عام 336م، حيث استغرق العمل بها حوالي 11 سنة. ‏ ‏ وهنا لابد من الحديث عن خارطة مادبا الفسيفسائية التي تعود للقرن السادس ميلادي، حيث ‏يظهر على هذه الخارطة بالإضافة إلى ‏مباني أخرى للمدينة مخطط لكنيسة القيامة.

هذا وقد أضر الغزو الفارسي عام 614-‏‎6‎ه‎/‎‏ 628م كثيراً بالأماكن المقدسة في فلسطين، ‏حيث أعاد الراهب والبطريرك موديستوس ‏‏Modestus‏ 10ه/632-12ه/634م إصلاح كنيسة القيامة ‏وترميمها. ‏ ويذكر‎ ‎الحاج أركولفو ‏Pilgrim Arculf‏ الذي زار القدس عام 49ه/670م، أي بعد دخول ‏العرب إلى المدينة، كيف أن‎ ‎الحجر الذي ‏سدّ به باب القبر قد تحطمت أجزاء كثيرة منه إثر الغزو ‏الفارسي. وقد بنيت فوق‎ ‎الجلجلة كنيسة وكرست المغارة تحت الجلجلة لآدم. ‏ هذا ولم يمس الفتح العربي‎ ‎عام 16ه/638م القبر المقدس بسوء وتمتع المسيحيون بالحرية ‏الدينية التزاماً من قبل المسلمين بتطبيق ‏العهدة العمرية. ‏ ويرتبط التاريخ الإسلامي بالقدس عموماً وبأماكن العبادة المسيحية بتاريخ فتحها زمن عمر بن ‏الخطاب سنة 16ه/638م.‏ ‏ وقد أعطى الخليفة المسلم للنصارى أمانا لأنفسهم ولكنائسهم ولم يلحقها منه أي أذى ، بل ‏أنه رفض أن يصلي في كنيسة القيامة حيث ‏حضرت الصلاة وهو فيها لئلا يحذو حذوه المسلمون ‏ويصلون فيها، وشيد بالقرب منها مسجداً سمى مسجد عمر. ‏

وخلال الحكم العباسي، وعندما اندلعت ثورة المبرقع اليماني، حيث أشارت بعض المصادر ‏التاريخية إلى محاولات جرت لحرق ‏كنيسة القيامة، لكن بطريرك القدس يوحنا السادس (223ه-‏‏228ه/842-838م) استطاع دفع مبالغ مالية كي يمنع ذلك.

كما وشهدت المدينة اضطرابات بين المسيحيين واليهود عام 325ه/936م، أحرق اليهود في ‏أثنائها مبنى الكنيسة. وفي عهد الخليفة العباسي المأمون رمم بناء كنيسة القيامة عام 201ه/817م. ولاحقاً سمح ‏الخليفة هارون الرشيد للملك شارلمان ‏بإرسال بعثه إلى القدس للحصول على امتيازات معينة في ‏القدس. وهذا ما حصل حيث أرسل بطريرك القدس بمفتاح الكنيسة إلى ‏شارلمان وراية المدينة.

‏ وأحرقت الكنيسة وسقطت قبتها في عهد الإخشيد سلطان مصر عام 353ه/965م وجرت ‏محاولات كثيرة لإعادة بناء القبة حيث بنيت ‏في عام 369ه/980م. ‏

وأمر الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله بهدم كنيسة القيامة وذلك بكتاب وجهه إلى واليه ‏بالرملة باروخ التركي اليهودي الذي أسلم ‏وهدمت عام 399ه/1009م وهدمت كنائس أخرى. ولكن ‏بعد الضجة التي حدثت على اثر هذا العمل قام أمير العرب في فلسطين بن ‏الجراح بالاحتجاج ‏واعتراض طريق باروخ الذي كان متوجهاً من مصر إلى الشام لاستلام ولايتها وما أثاره ذلك في نفس ‏الحاكم ‏وأخافه وعاد وأمر ببناء الكنيسة من جديد وقامت الكنيسة على الصورة الحالية منذ ذلك التاريخ ‏‏410ه/1020م.

ويجب الإشارة إلى أن حالة الفقر التي عاشها أهل الذمة حالت دون إتمام بناء الكنيسة إلى أن ‏جاء الخليفة الفاطمي المستنصر بالله عام ‏‏426ه/1035م وسمح للنصارى ببناء الكنيسة من جديد، ‏حيث تم إنجاز البناء عام 439ه/1048م، وذلك بعد ما تعرضت القدس لهزة ‏أرضية عام ‏‏425ه/1033-1034م هدمت أساسات كنيسة القيامة.

وفي عام 492ه/1099م دخل الصليبيون مدينة القدس وقرروا إعادة بناء الكنائس القديمة‎ ‎المتهدمة (عام 543ه/1149م)، بل وإنشاء ‏مبنى ضخم يحوي داخله جميع الأبنية الأساسية، ‏وبخاصة مكان الجلجلة والقبر المقدس.

وعندما قام صلاح الدين بتحرير القدس عام 582ه/1187م شار عليه البعض ممن حوله في ‏قيادة الجيش بهدم الكنسية حتى لا يبقى ‏حجة للغرب الأوروبي لغزو البلاد وقتل العباد بحجة الكنيسة ‏إلا أنه رفض ذلك وآثر الإقتداء بعمر بن الخطاب رضي الله عنه بأن ‏أمن أهل الذمة، وأغلق الكنيسة ‏ريثما تهدأ الأوضاع ومن ثم أعاد فتحها.

وفي عهد قايتباي عام 884ه/1480م سمح للنصارى بإصلاح قبة كنيسة القبر المقدس كما ‏أن سلاطين المماليك لم يسمحوا بالتعدي ‏على دور العبادة الخاصة بالنصارى بل سمحوا لهم بممارسة ‏عباداتهم بحرية تامة إلا في بعض الأوقات التي كانت تتعرض فيها البلاد ‏الإسلامية لغزوات ‏الصليبية والتي كانت أساساً كنوع من الرد على هذه الغزوات وكضغط سياسي على البابوية والغرب ‏عموماً ‏لتحقيق هجماتهم على البلاد الإسلامية.

وكانت الدولة العثمانية قد أصدرت في 02/08/1852م ما يسمى بالوضع الراهن للأماكن ‏المقدسة وبه جددت ما كانت أعلنته سنة ‏‏1118ه/1707م بشأن ما لبعض الطوائف المسيحية من ‏الحقوق في الأماكن المقدسة-ومن جملتها كنيسة القيامة-وأداء العبادة فيها.

وفي كنيسة القيامة دير للرهبان الفرنسيسكان (اللاتين) ‏Franciscans‏ الذين يخدمون في ‏الكنيسة. ويقع الدير شمالاً حيث كانت قديماً ‏الدار البطريركية. وكان الرهبان حتى سنة ‏‏1286ه/1870م يعيشون في دير مظلم. فتوصل فرنسيس يوسف الأول إمبراطور النمسا ‏إلى ‏الحصول على إذن لهم ببناء دير صغير أضيفت إليه طبقة جديدة عام 1386ه/1967م.

وينتسب الرهبان الفرنسيسكان إلى القديس فرنسيس الأسيزي ‏St. Francis of Assisi‏ ‏‏(577ه/1182م-622ه/1226م) الذي نشأ ‏وعاش في أمبريا من إيطاليا. وكان قد جاء إلى القدس ‏سنة 615ه/1219م وبعث إلى هناك ببعض رهبانه وطلب من السلطان الملك ‏الكامل الأيوبي أن ‏يبقوا في الشرق ويزوروا القيامة. فظلوا بعض سقوط المملكة الصليبية يحرسون الأماكن المقدسة. ‏ وفي عام 733ه/1333م سمح لهم السلطان الملك الناصر بسكنى كنيسة القيامة. وبعد ذلك ‏بقليل، أي سنة 742ه/1342م، وافق البابا ‏كليمنتس السادس ‏Clement VI‏ على وجود الفرنسيسكان ‏في الكنيسة على أن يكونوا حراس الأراضي المقدسة باسم الكاثوليك.

وعندما دخلت فلسطين تحت الحكم العثماني عام 921ه/1516م، بقي الفرنسيسكان في ‏الكنيسة ورمموها مرتين، الأولى عام ‏‏962ه/1555م، والثانية عام 1131ه/1719م. ‏ وللرهبان الفرنسيسكان اليوم حصة كبيرة في كنيسة القيامة وهم المسئولون عن تنظيم القداديس ‏الكثيرة التي تقام فيها يومياً بحضور ‏أفواج الحجاج القادمين من جميع أنحاء الأرض.

وكان قد سمح لرجال الدين البيزنطيين بعد فتح العثمانيين للقسطنطينية على يد محمد الفاتح ‏عام 1453م زيارة فلسطين.‏ وبعد الفتح العثماني لبلاد الشام بقليل عين على القدس بطريرك يوناني يدعى جرمانوس ‏Germanus‏ (940ه/1534م-‏‏986ه/1579م)، وهو الذي أسس "أخوية القبر المقدس" التي يعد ‏أعضاؤها حراس الأراضي المقدسة باسم العالم الأرثوذكسي. كما ‏وعمل على التوسع في الكنيسة.‏

وبطريركية الروم الأرثوذكس في القدس والدير المجاور قريبان من كنيسة القيامة. وكان ‏الموضع مركز ملوك القدس أيام الصليبيين. ‏ويعود البناء إلى أزمنة مختلفة.‏ وللرهبان الذين يخدمون في الكنيسة مساكن في نفس القيامة. وإلى ذلك فعند ساحة القيامة ‏شرقاً دير هو دير القديس إبراهيم الذي ‏اشتروه سنة 1070ه/1660م من الأحباش وأكملوه نحو عام ‏‏1101ه/1690م على كنيسة قديمة تعرف بكنيسة الرسل.

ولما دب الحريق في الكنيسة سنة 1222ه/1808م توصل الروم الأرثوذكس إلى الانفراد ‏بترميم أكبر قسم من كنيسة القيامة بموجب ‏مخططاتهم. فبنيت بشكلها الذي عليه الآن. ولهم اليوم ‏حصة فيها. ومنها محور الكنيسة المعروف "بنصف الدنيا".‏ أما الأرمن الأرثوذكس ولهم بعض المساكن في كنيسة القيامة، وحصة ثالثة في كنيسة القيامة ‏ومنها قسم الرواق الذي يشرف على ‏القبر المقدس وكنيسة القديسة هيلانة. وقد بدأ توسعهم في كنيسة ‏القيامة منذ القرن السابع عشر الميلادي، وكانت آخر مرحلة منه عام ‏‏1244ه/1829م.

وتأتي بعد ذلك الطوائف التي لها مكانة ثانوية في كنيسة القيامة وأولها الأقباط الأرثوذكس ‏ولهم مسكن في الكنيسة. وأما ديرهم ‏وكنيستهم الكبرى المعروفان بدير وكنيسة القديس أنطونيوس ‏فيقومان خارج كنيسة القيامة بالقرب منها حيث ترى بقايا واجهة الكنيسة ‏التي شادتها هيلانة، وحيث ‏كان دير قانونيي القبر المقدس أيام الصليبيين. وقد بناهما الأسقف باسيليوس ‏Basilius‏ الحادي ‏عشر بعد ‏عام 1266ه/1850م. ‏ وللأقباط في كنيسة القيامة معبد صغير بنوه هناك ملاصقاً للقبر المقدس عام 946ه/1540م ‏ثم جدد بعد حريق سنة 1222ه/1808م. ‏ هذا وقد تصدعت الكنيسة سنة 1249ه/1834م اثر الزلزال الذي حدث في القدس في القرن ‏السابع عشر، ورممت الكنيسة أيضا آخر ‏مره 1285ه/1869م. ‏ إلا أن زلزال سنة 1345ه/1927م كان الأقوى. فقد هدد قبة الكنيسة الأرثوذكسية الكاثوليك ‏بالدمار ولما لم يستطع الحاكم الإنجليزي‎ ‎‎الحصول على موافقة الطوائف الثلاث التي ترعى الكنيسة ‏قام بإجراء بعض أعمال التقوية‎ ‎والدعم التي لم ترتكز على أساس جيد‎.‎‏

وأخيراً، يقيم السريان الأرثوذكس الصلاة كل أحد في معبد للأرمن يقوم في حنية القبر المقدس ‏الغربية. هذه هي أديار كنيسة القيامة. وقد أجمعت الأديار الثلاثة الكبرى (دير الفرنسيسيين (اللاتين)، ‏والروم الأرثوذكس، والأرمن) على ‏ترميم مبنى كنيسة القيامة سنة 1379ه/ 1960.‏

وفي كانون أول عام 1414ه/ 1994م اتفق‎ ‎رؤساء الطوائف الثلاث على القيام بأعمال ترميم ‏قبة القبر المقدس، حيث‎ ‎أعدّ التصاميم ‏الفنان الأمريكي آرا نورمارت‎ Ara Normart ‎‏. وقد تولّت ‏البعثة البابوية في فلسطين الإشراف على الأعمال، حيث حصلت على ثقة ‏الطوائف الثلاث بفضل ‏عدم محاباتها‎ ‎واحترامها للجميع‎.‎‏ وقد دشنت القبة في‎ ‎احتفال مهيب عام 1417ه/1997.

الوصف العام للمبنى

تتألف الكنيسة من بناء قديم ضخم يضم القبر وعدة كنائس ومصليات ومزارات وغيرها. ‏ومساحة الكنيسة تقدر بحوالي (130×60م)، ‏أي 7800م². ‏ في الجهة الجنوبية من الكنيسة توجد ساحة مبلطة يظهر من بقاياها أنها كانت كالرواق العريض القائم ‏على أعمدة، ضلعها الشمالي ‏واجهة الكنيسة وهو يقابل القادم إليها.‏ أما ضلعها الجنوبي فيلي الطريق وعليه بقايا أعمدة رخامية، وعلى يمين المقبل إلى الساحة ‏يقع ضلعها الشرقي وفيه دير إبراهيم ‏ومصلى الأرمن وكنيسة للقبط تدعى كنيسة القديس ميخائيل. ‏ويوجد في ضلعها الغربي كنائس القديس يعقوب، ومريم المجدلية ‏والأربعين شهيداً. ‏ أما الواجهة الشمالية للساحة ففيها باب يؤدي إلى الكنيسة نفسها، وعلى هذا الباب نقوش ‏رومانية وعربية. وبعد مدخل الباب وإلى ‏اليسار منه مقعد يجلس عليه حراس الكنيسة، ويقابل الداخل ‏من الباب حجر مستطيل أبعاده (2×0.60م²)، لونه أصفر محمر يدعى ‏حجر الدهن أو المسح. إذ ‏يعتقد أن جسد المسيح وضع عليه حيث حنطه نيقوديموس ‏Nicodemus‏. وأن النساء وقفن على ‏حجر آخر ‏يبعد 10م نحو الغرب وقت التحنيط. ‏ أما في جهة اليسار توجد هناك بقعة مستديرة في وسطها بناء عال فوق قبة قطرها (20م) ‏تحتوي على القبر المقدس. ‏ ومن الجدير ذكره أن بناء القبر المقدس قديم، غير أن الموجود منه تم في عام‎ ‎‏ 1224ه‎/‎‏ ‏‏1810م، وهو قائم على 18 عموداً متصلة ‏في أعلاها بأقواس متقنة الصنع. ‏ وللقبر المذكور باب في واجهته الشرقية. وبعد الدخول من الباب تصل إلى ساحة كالغرفة ‏أبعادها (8×5م) مثمنة الشكل جدرانها ‏رخامية بنيت عام‎ 1224 ‎ه‎/‎‏ 1810م وهي تنتهي إلى حجرة ‏تسمى مصلى الملائكة أبعادها (3×2.80م) مصفحة بالرخام، وفي وسط ‏هذا المصلى يعتقد أنه ‏الحجر الذي دحرجه الملاك عن القبر.‏ ويصل الداخل من باب ضيق في هذا المصلى إلى حجرة الضريح حيث القبر نفسه، والذي ‏يبلغ أبعاده (2×1)، وسطحه من رخام، ‏وسقف الضريح قائم على أعمدة، وعلى جدران تلك الحجرة ‏نقوش تمثل بعض حركات المسيح. وفي هذه الحجرة أيضاً تتلى الصلاة ‏كل يوم وهو أقدم مكان في ‏كنيسة القيامة. وحول البناء خلاء مرصوف بالرخام تحيط به أبنية الكنيسة اقتسمته الطوائف ‏النصرانية ‏بينها. ‏ هذا وفي كنيسة القيامة كنائس عديدة أهمها: كنيسة الروم الأرثوذكس والتي يقابل مدخلها واجهة قبة ‏القبر المقدس، وفيها عرشان ‏كبيران على أحدهما البطريرك الأنطاكي، وعلى الآخر البطريرك ‏الأورشليمي. وهناك حجرة للاثنين فيها أوان بينها تحف كنائسية ‏قديمة هذا غير المصليات للطوائف ‏الأخرى، وأماكن أثرية أهمها الجلجثة، فيها كنيسة ترتفع عن أرض كنيسة الروم 4م.

الاعتداءات الإسرائيلية على مبنى الكنيسة

لقد شهدت الاحتفالات الدينية المسيحية وبخاصة احتفالات عيد الفصح في السنوات الأخيرة ‏إجراءات احتلالية تصاعدية عكرت ومازالت تعكر أجواء العيد وممارسة الشعائر الدينية المسيحية في ‏مدينة القدس، ومن الإجراءات التي اتخذتها قوات الاحتلال الإسرائيلي ما يلي: ‏

  • إعاقة دخول رجال الدين المسيحيين والمصلين إلى كنيسة القيامة للاحتفال بأعياد الفصح ‏وأسبوع الآلام. ‏

‏*تدخل سلطات الاحتلال الإسرائيلي في شئون الكنيسة المسيحية، وافتعال الإشكاليات ‏والأحداث في كنيسة القيامة خلال فترة الأعياد. ‏

  • تعرض قلب مدينة القدس لحصار إسرائيلي، ومنع وصول المصلين إلى كنيسة القيامة يوم ‏الشعانين، وسبت النور المقدس. ‏
  • منع عشرات الآلاف من المصلين من الوصول إلى كنيسة القيامة عن طريق وضع الحواجز ‏وإغراق المناطق المحيطة بها بأفراد من الشرطة والقوات الخاصة. ‏
  • تهويد المدينة المقدسة وفرض وقائع جديدة على الأرض. ‏

وهذه الممارسات تعكس بوضوح تنكر الاحتلال الإسرائيلي لكافة الأعراف والقوانين والمواثيق ‏الدولية والإنسانية التي تكفل حرية العبادة لكل إنسان على وجه الأرض، والتأكيد على حق ‏الفلسطينيين المسيحيين في الاحتفال بأعيادهم في كنيستهم دون تدخل الاحتلال الظالم. ‏ ومن هنا ولابد من التأكيد على حرية الوصول للأماكن المقدسة والمشاركة في الطقوس والتقاليد ‏الدينية المتبعة تاريخياً لأبناء الطوائف المسيحية. وكما ولا بد من التأكيد على الحق الكامل والطبيعي ‏للوصول إلى كنيسة القيامة دون أي مضايقات، أو إغلاق من قبل الشرطة الإسرائيلية بحجج واهية ‏لمدخل كنيسة القيامة، أو سطح القيامة، أو ساحتها، أو المداخل والشوارع المحيطة بها.

إعداد وتحرير

د. لؤي محمد أبو السعود

قسم السياحة والآثار/كلية العلوم الإنسانية

جامعة النجاح الوطنية