«مصطفى مراد الدباغ»: الفرق بين المراجعتين

من دائرة المعارف الفلسطينية
اذهب إلى: تصفح، ابحث
(أعماله)
سطر ٦٣: سطر ٦٣:
  
 
* كثرة الكتب والمراجع التي وقعت عليها يده في حياته غير المستقرة في فلسطين وتركية والحجاز ‏والشام والأردن وقطر... الخ أثناء ‏قيامه بعمله، خاصة التربوي، في مختلف أنحاء هذه البلاد، ‏وإلى المساعدات التي قدمها له رجال التربية والتعليم وغيرهم. والحياة ‏الأسرية المستقرة ومساعدة ‏الزوجة والأولاد والأهل له في عمله.
 
* كثرة الكتب والمراجع التي وقعت عليها يده في حياته غير المستقرة في فلسطين وتركية والحجاز ‏والشام والأردن وقطر... الخ أثناء ‏قيامه بعمله، خاصة التربوي، في مختلف أنحاء هذه البلاد، ‏وإلى المساعدات التي قدمها له رجال التربية والتعليم وغيرهم. والحياة ‏الأسرية المستقرة ومساعدة ‏الزوجة والأولاد والأهل له في عمله.
  ‏
+
 
 
* إتقانه للغة العربية والتركية والانجليزية مما ساعده على كثرة الإطلاع على المصادر والمراجع في ‏هذه اللغات والاستفادة منها ‏بسهولة.
 
* إتقانه للغة العربية والتركية والانجليزية مما ساعده على كثرة الإطلاع على المصادر والمراجع في ‏هذه اللغات والاستفادة منها ‏بسهولة.
  

مراجعة ٠٨:٢٥، ١٠ أبريل ٢٠١٨

مقدمة

كتاب التاريخ الموسوعيون في زمننا قلة، أولئك الذين يتحلون بصفات المؤرخين الأكفاء، ‏كالدقة والنزاهة والصدق والصراحة ‏والإنصاف والذكاء والجدة مع المثابرة والمنهجية الحقة، لأن ‏المعول عليه في التأليف التاريخي في الغالب يقوم على إبراز الأسباب ‏والنتائج وعلى تنسيق ‏الخصائص. أما جمع مفردات المعلومات بشكل تراكمي فأمر قليل الجدوى اذا لم يصحبه شهادة ‏واستشهاد من ‏المصادر الأصلية الموثوقة، لا مجرد قيل عن قال.

وعلم التاريخ بأوسع معانيه كما جاء في الموسوعة العربية الميسرة هو "قصة ماضي الإنسان" ‏أو هو "عرض منظم مكتوب ‏للأحداث"، وهو لا يسجلها بل يسعى إلى إيضاح أسبابها ودلالتها، ‏ويعرضها على نحو يدل على تشابكها معا في قصة واحدة. وهو ‏بهذا المفهوم لا بد أن يحتاج متناوله ‏لتلك الصفات. ومهما يكن من أمر التاريخ وموضوعاته وكتبته وصفاتهم، فإننا بصدد الحديث عن ‏‏مؤرخ ومرب وباحث مدقق هو الأستاذ مصطفى مراد الدباغ صاحب أكبر موسوعتين فلسطينيتين في ‏تاريخ وجغرافية وحضارة بلده. ‏هذا العالم الذي ولد في أواخر القرن الماضي في مدينة يافا، ونشأ ‏وترعرع فيها، وتنقل بحكم دراسته وعمله في جل ربوع فلسطين ‏مدنها وقراها، ولبنان وسوريا وتركيا ‏والحجاز وقطر والأردن. وقد ساعده على التأليف التاريخي كثرة تنقله وترحاله بسبب طبيعة ‏عمله ‏التربوي من ناحية، ومن ناحية ثانية، وهي أكثر أهمية، دراساته ومطالعاته لكتب التاريخ العربي ‏والإسلامية لكتب التاريخ ‏العربي والإسلامي خاصة تاريخ بلاد الشام، وقراءاته الواسعة لكتب الرحالة ‏العرب القدماء، والرحالة الفرنجة والمستشرقين ‏المحدثين في جل ما كتبوه عن هذه الديار من معلومات ‏وبمختلف اللغات. وناحية ثالثة لا تقل أهمية عن سابقتيها هي ما منحه الله ‏سبحانه وتعالى له من ‏صفات خلقية وخلقية: من إرادة وعزيمة وإيمان وإخلاص وغيرها، تضافرت جميعها حقا وعملت على ‏صقل ‏عقلية هذا العالم الباحث وموهبته، ومنحته قدرة على إنتاج آثاره القيمة التي جاء فيها بالطريف ‏والتالد.

سيرته

مولده ونسبه وعشيرته

في مدينة يافا عروس الشاطئ الفلسطيني، كانت فلسطين تتطلع لتستقبل مولد مرب ‏كبير ومؤرخ عظيم، كتب له عشق بلده وشعبه، ‏وكانت سنة 1897(1) أو سنة 1897(2) هي ‏السنة التي حملت إلى شعبه نبأ بزوغ نجمه، الذي لم يكن أحد ليعلم أنه سيحتل مكانة ‏مرموقة ‏لدى أبناء شعبه وغيرهم من أبناء العروبة ممن عرفوه أو خيروه، ذلك النجم هو: مصطفى مراد ‏الدباغ. المنحدر من عائلة ‏الدباغ(3) اليافية التي تعود بنسبها إلى الأدارسة(4) عن طريق عبد ‏العزيز الدباغ بن مسعود الإدريسي الحسني المعري، رأس ‏الطريقة الخضرية، ومن كبار ‏المتصوفين والأولياء(5). ‏ عرف من رجال هذه العائلة العريقة كثير من الشخصيات اللامعة في عالم الفكر(6). ‏كما تعددت أسماء من سموا مصطفى منهم، اذكر ‏على سبيل المثال لا الحصر بعضهم: ‏مصطفى فهمي الدباغ، مصطفى درويش الدباغ، مصطفى ناظم الدباغ وغيرهم(7). وعليه فلا ‏‏يكفي أن يقال مصطفى الدباغ دون ذكر اسم الوالد، وإلا ضاع القارئ بين متاهات هذه الأسماء ‏خاصة إذا عرفنا أنهم جميعا من رجال ‏الفكر والأدب والفن والكتابة.

ثقافته

تلقى دراسته الابتدائية في المدرسة الأميرية بيافا، ثم أكمل دراسته الثانوية في ‏المكتب السلطاني ببيروت(8). ويبدو أنه حذق اللغتين ‏التركية والانجليزية إضافة إلى العربية. ‏ واستطاع الاطلاع على الثقافتين من مطالعاته الذاتية في أمات المصادر والمراجع ‏العربية والأجنبية. وعليه فقد حاز ثقافة واسعة ‏اكتسبها من مطالعاته وخيراته الحياتية؛ نتيجة ‏لتنقلاته من مكان لآخر ومن منصب إلى غيره أرفع من سابقه عن جدارة واستحقاق، ‏لجده ‏واجتهاده وكفاءته، سواء في ذلك ما كان بين أرجاء فلسطين أو خارجه.

أسرته

تزوج مصطفى مراد الدباغ من السيدة وداد المحمصاني(9) التي وقفت إلى جانبه ‏بمساعدتها المتعددة والمختلفة كما يعترف بذلك. ‏ أنجب الدباغ ولدين هما (عمر) و (صلاح الدين)(10)، ولذا يكنى (أبا عمر). وعرف ‏من أحفاده: خالد ومية وباسل الذين أهداهم كتابه: ‏‏"القبائل العربية وسلائلها في بلادنا ‏فلسطين"(11). كما عرف من سيرته أن له شقيقا يدعى بشيرا، ذكر مصطفى أنه كان يقف إلى ‏‏جانبه، يساعده في الملمات، وقد توفي قبلة بمدة (12). كما عرف ابن عم له (لم يذكر اسمه) إنما ‏يذكر أنه قد جاءه مستأجرا مركبا ‏صغيرا من مصر إلى يافا لينقل أخوته في أواخر نيسان عام ‏‏1948م بعد حصار يافا وسقوط الكثير من أحيائها في قبضة اليهود، ‏وأقنعه بمرافقته في النزوح، ‏فنول على رأيه، وسافر بمعيته بعد أن كان قد أرسل زوجه وولديه قبل ذلك بأيام إلى أهلهم في ‏‏بيروت(13). ‏


الإبداع والعطاء في حياته

ومن حق هذا الرجل علينا، وقد رحل قبل عشرة أعوام بعد حياة حافلة بالبحث والإبداع ‏والعطاء، أن نعرف سيرته وآثاره التي تركها ‏ذخيرة للأجيال. ومن هنا بادرت لإعداد هذه الدراسة ‏المتواضعة على وجه السرعة، تناولت من خلالها وبقدر ما أسعفتني المصادر ‏المتوفرة الجوانب ‏التالية:

أولا: سيرته من ناحية مولده، ونسبه، وآله، وثقافته، وأسرته، وأعماله في مختلف الميادين الحياتية، ‏وأخلاقه وصفاته ووفاته.‏ ثانيا: آثاره، تتبعتها أثرا إثر أثر، معرفا بها شكلا ومضمونا، ثم ختمت الدراسة بمقتطفات من كتاباته ‏في مقدمات كتبه. راجيا أن أتمكن ‏مستقبلا من عمل دراسة واسعة لحياة وآثار هذا المؤرخ والمربي ‏المرموق. والله من وراء القصد.

أعماله

عمل في حياته في ثلاثة ميادين بعد تخرجه وبلوغه سن الشباب وهي:-‏

‏الميدان العسكري من سنة (1915-1918)

فقد التحق بخدمة الجيش التركي برتبة مرشح ضابط عام 1915، وأرسل إلى معسكرات ‏الجيش في مدينة (استانبول). ‏وسرعان ما انضم إلى الحملة التي قصدت الحجاز بقيادة فخري ‏‏(باشا). وبوصفه عربيا لم يرسله المسئولون الأتراك مع رفاقه ‏الضباط الذين اتجهوا للجبهة، بل ‏عهدوا إليه بعمل كتابي في المدينة المنورة، حيث حوصر فيها عندما أعلن الحسين بن علي ثورته ‏‏على الأتراك. ولما استسلم القائد التركي فخري (باشا) للجيش العربي سنة 1918م(14). التحق ‏مصطفى مراد الدباغ بالجيش العربي ‏بقيادة الأمير عبد الله بن الحسين، وبعده شقيقه الأمير ‏علي(15) وقيل بل بقيادة الأمير (الملك) فيصل الأول(16).

وظل مصطفى في الحجاز حتى إعلان الهدنة، بعد أن وضعت الحرب العالمية الأولى أوزارها، ‏واندحرت تركيا، وقسمت أملاكها ‏من قبل الحلفاء، حيث احتل الجيش البريطاني بقيادة (اللنبي) ‏فلسطين. فعاد الدباغ إلى بلده فلسطين في ظل عهد جديد هو "الانتداب ‏البريطاني" البغيض. ‏حيث انتقل إلى ميدان عملي آخر. ‏

‏===الميدان التربوي التعليمي من سنة (1919-1961)=== قضى مصطفى مراد الدباغ معظم سنين حياته في خدمة التربية والتعليم في فلسطين وبعض ‏الأقطار العربية الأخرى بعد الهجرة. فقد ‏بدأ حياته التربوية والتعليمية الطويلة بأن تم تعينه مدرسا ‏في إدارة المعارف، ثم مديراً، ثم مساعدا لوكيل وزارة المعارف، ثم وكيلا لها ‏على ما سنفصله. ‏وخلال فترة عمله في هذا الميدان تمكن الدباغ من أن يلعب دورا بارزا في مجال التربية والتعليم، ‏فقد استطاع أن ‏يدخل التقنيات الحديثة للمدارس، كالفانوس السحري والوسائل المعينة الأخرى في ‏الشرح(17).

ونظرا لنشاطاته المختلفة، ولكفاءته العالية، فقد تم نقله من وظيفة إلى أخرى، ومن خلال موقعه ‏المرموق في هذا الميدان تمكن من ‏الاطلاع على حقائق الأمور التعليمية في المداري العربية، ‏وكشف عن هشاشة التعليم في الوسط العربي في فلسطين آنذاك في (عهد ‏الانتداب البريطاني)، ‏إذ قام بنفسه بامتحان الطلاب القرويين، مما أثار ضجة كبيرة في دائرة المعارف ، وأوقع خلافات ‏بينه وبين ‏الإدارة الرسمية البريطانية، إلا أن محصلة الخلافات كانت لمصلحته، فعين مفتشا ‏لمعارف اللواء الجنوبي من فلسطين لمدة سبع ‏سنين(18) . وقد عرف أثناء عمله التربوي بأنه ‏مثال الرجل المخلص الملتزم بأهداب دينه، المنتمي إلى وطنه، الغيور على مصلحة ‏أبنائه، فقد ‏حدثني الصدوق الأمين أمين عاصي محمود الذي عرفه عن قرب، قال: "زارنا في إحدى المدارس ‏في جولة تفتيشية، ‏فوجد المدرسين يهتمون بالتاريخ الميلادي ويهملون التاريخ الهجري، فجمع ‏الهيئة التدريسية وحدثها بحديث مقنع عن القصور ‏المترتب على هذا الإهمال للتاريخ الهجري ‏فالتزموه بعد ذلك عن قناعة وطيب خاطر". كما كان يكثر من جمع المدرسين في لوائه ‏ويحدثهم ‏عن الواجب الملقى على عاتقهم في تعليم وتربية النشء، مما زاد في احترامه وتقديره ومحبته من ‏الجميع خاصة عندما ‏عرفوا أنه مثال الاستقامة والخلق والدين والتفاني في العمل(19).‏

ونظرا لأهمية دوره في هذا الميدان ارتأيت أن أذكر المناصب التي شغلها وهي:- ‏

  • ‏عين مديرا لمدرسة المنشية الأميرية في يافا سنة (1919م-1922م).‏

‏* نقل مديرا لثانوية الخليل من سنة (1922م- 1925م). ‏

  • ‏نقل مدرسا للمواد الاجتماعية في دار المعلمين بالقدس سنة 1926م.‏
  • ‏رقي لدرجة مساعد مفتش المعارف بلواء نابلس في العام الدراسي (1927م- 1928م).‏

‏* نقل مساعدا لمفتش المعارف في غزة من سنة (1928م- 1933م).‏ ‏* رقي لدرجة مفتش المعارف في يافا أو ما اصطلح على تسميته في حينه باللواء الجنوبي من ‏فلسطين، الذي كان يشمل يافا بما فيها بئر ‏السبع وغزة واللد والرملة وتوابعها من سنة ‏‏(1933م- 1940م).

  • ‏ثم نقل مفتشا في نابلس من سنة (1940م-1945م). ‏
  • ‏ثم أعيد مفتشاً للمعارف في يافا من سنة (1945م- 1948م)(20).‏

هذا هو سلم تسلسله الوظيفي في فلسطين في عهد الانتداب وقبل الهجرة، والمناصب التي تقلدها.

أما بعد الهجرة، فقد هاجر من مدينته يافا سنة 1948م بحرا إلى بيروت، وخلال تلك الهجرة ‏فقد جزءا هاما من أوراقه ومذكراته. ‏وبعد وصوله إلى بيروت سافر إلى مدينة حلب الشهباء في ‏سوريا، حيث عمل مدرسا للمواد الاجتماعية في مدرستها الثانوية ثم اختير ‏مفتشا لمدارس المقاصد ‏الخيرية في بيروت عام 1949م(21). بيد أنه لم يطل به المقام بعيداً عن الديار والوطن، فسرعان ‏ما حن ‏إليهما، وعاد إلى الضفة الغربية بعد اتحادها مع المعارف الأردنية عام 1950م،ثم رقي ‏لدرجة وكيل لوزارة المعارف سنة ‏‏1954م(22). وفي سنة 1958م، وبناء على طلب رئيس وزراء ‏الأردن آنذاك، السيد سمير الرفاعي، أنهيت خدماته بعدما ألف كتابه ‏‏"الموجز في تاريخ فلسطين" ‏إذ اعتبرته الأوساط البريطانية في الأردن منشورا سياسيا وليس كتابا مدرسيا(23). ‏ وفي عام 1958م اختارته دولة قطر مديرا لمعارفها، حيث بقي في هذا المنصب حتى عام ‏‏1961م، ثم استقال وتفرغ للتأليف والكتابة ‏كلية (24). وقيل أنه تولى مديرية المعارف في قطر ‏زهاء عام ونصف، خلال عامي 1960-1961م وبعدها استقال(25).‏

‏==التفرغ للتأليف والكتابة (1961م- 1989م)== بدأ حياته الكتابية مبكرا، فمنذ بداية حياته العملية في الجيش العثماني سنة 1915 م، كان يقوم ‏بتدوين مذكراته ومشاهداته، ويجمع ‏الأخيار ويصنف المعلومات. وبعد عمله في مجال التربية ‏والتعليم بدأ يتحسس ما يتهدده بلاده من مخاطر جدية، فأخذ يجمع المعلومات ‏حول القرى والمدن ‏والمواقع والقبائل، وذلك حرصا منه على جمع ما أمكنه جمعه ورصده من معلومات عن جغرافية ‏وتاريخ ‏فلسطين، وبذلك توفرت لديه عنها معلومات ميدانية ومصدرية ومرجعية. وكان التاريخ ‏والجغرافية الميدانية – إن صح التعبير- ‏بالنسبة إليه عملا وطنيا، وجهادا قوميا ودينيا، قبل أي ‏اعتبار آخر(46). ‏

ووفقا لما توفر له من مادة حصبة قام مصطفى بتأليف أبرز كتبه وأهمها وأوسعها وهو "بلادنا ‏فلسطين" والذي يعتبر بحق موسوعة ‏جغرافية تاريخية شاملة، ولولا هذا الكتاب الموسوعي لضاعت ‏بعض الحقائق عن الجغرافية الفلسطينية والتاريخ الفلسطيني وطواها ‏النسيان، ذلك لأن الكتاب ‏تمكن من جمع الحقائق الجغرافية والتاريخية والحضارية في فلسطين –منذ أقدم الأزمنة والعصور ‏حتى ‏أيامنا هذه –بين صفحاته التي تربو على سبعة آلاف صفحة، استطاع رصدها من خلال ‏جولاته الميدانية في مختلف ألوية فلسطين ‏وأقضيتها، ومن خلال مطالعاته في المصادر والمراجع ‏العربية والأجنبية التي عثر عليها خلال ترحاله وتنقلاته في حياته العملية، ‏وبعد تقاعده، حيث ‏أكمل هذا الكتاب في مجلداته الأحد عشر. وإذا عرفنا أنه قد ضاعت مسودته يوم هجرته –كما ‏جاء في مقدمة ‏الجزل الأول من القسم الأول للكتاب بعد إعادة طبعه في بيروت سنة 1965م- ‏لرأينا كم تحمل مؤلفه من العناء في جمعه ثانية!‏ وقد عالج مصطفى مراد الدباغ الكتابة في ميدان الدراسات التربوية إلى جانب ‏الدراسات التاريخية في الفترة الواقعة بين عامي ‏‏(1933م- 1940م) فنشر طائفة من الأبحاث ‏والمقالات في الصحف والمجلات التي كانت تصدر في فلسطين يومئذ (27). ولكن من ‏الملاحظ ‏أن أهم كتبه وأرفعها شأنا قد ألفها أو أتم تأليفها في فترة تقاعده من عناء العمل الرسمي وتفرغه ‏للتأليف كلية. كما سيظهر ‏ذلك تاليا عند حديثنا عن آثاره.

ولعل من أبرز العوامل ‏التي ساعدته على التأليف ‏في هذه الفترة: ‏

  • رغبته في هذا النوع من العمل، وقدرته عليه، وممارسته في الفترات السابقة، ومطالعاته الواسعة ‏لكتب التاريخ العربي والإسلامي، ‏والكتب الرحالة العرب والفرنجة من المستشرقين.
  • كثرة الكتب والمراجع التي وقعت عليها يده في حياته غير المستقرة في فلسطين وتركية والحجاز ‏والشام والأردن وقطر... الخ أثناء ‏قيامه بعمله، خاصة التربوي، في مختلف أنحاء هذه البلاد، ‏وإلى المساعدات التي قدمها له رجال التربية والتعليم وغيرهم. والحياة ‏الأسرية المستقرة ومساعدة ‏الزوجة والأولاد والأهل له في عمله.
  • إتقانه للغة العربية والتركية والانجليزية مما ساعده على كثرة الإطلاع على المصادر والمراجع في ‏هذه اللغات والاستفادة منها ‏بسهولة.

حياته في التيه والشتات، ومحبته لفلسطين التي ملكت عليه مشاعره، وأمله في العودة إليها ‏وذكرياته العزيزة فيها، كل ذلك كان من ‏أهم الدوافع التي عمقت شعوره بالانتماء إليها ، فقدم لها ‏نتاج جهده القلمي في موسوعتيه: "بلادنا فلسطين وفلسطينيات" وغيرها" كما ‏اشترك أبو عمر في ‏حياته في العديد من المحاضرات والندوات والتوجيهات وذكرياته العزيزة فيها. كل ذلك كان من أهم ‏الدوافع التي ‏عمقت شعوره بالانتماء إليها، فقدم لها نتاج جهده القلمي في موسوعتيه: "بلادنا ‏فلسطين وفلسطينيات" وغيرها. كما اشترك أبو عمر ‏في حياته في العديد من المحاضرات والندوات ‏والتوجيهات في التربية والتعليم يظهر منها أن اهتمامه بها لا يقل أهمية عن اهتمامه ‏بالتاريخ ‏‏(28)، وفي خريف عام 1966م منحته "جمعية أصدقاء الكتاب" في لبنان نصف جائزة فلسطين ‏التي قدمها السيد توفيق ‏عساف، وقيمتها ثلاثة آلاف ليرة لبنانية، تقديرا لكتابه الجامع "بلادنا ‏فلسطين"(29). ‏

إعداد

إعداد: الدكتور عمر شكارنة